• 2263
  • أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَرْوَانُ . فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ ، فَقَالَ : الصَّلَاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ ، فَقَالَ : قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ : أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ " .

    حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ كِلَاهُمَا ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ - وَهَذَا حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ - قَالَ : أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَرْوَانُ . فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ ، فَقَالَ : الصَّلَاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ ، فَقَالَ : قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ : أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ . حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، وَعَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، فِي قِصَّةِ مَرْوَانَ ، وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ شُعْبَةَ ، وَسُفْيَانَ

    لا توجد بيانات
    " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
    حديث رقم: 3838 في سنن أبي داوود كِتَاب الْمَلَاحِمِ بَابُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ
    حديث رقم: 995 في سنن أبي داوود كِتَاب الصَّلَاةِ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الْجُمُعَةِ
    حديث رقم: 2192 في جامع الترمذي أبواب الفتن باب ما جاء في تغيير المنكر باليد أو باللسان أو بالقلب
    حديث رقم: 4968 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الإيمان وشرائعه تفاضل أهل الإيمان
    حديث رقم: 4969 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الإيمان وشرائعه تفاضل أهل الإيمان
    حديث رقم: 1270 في سنن ابن ماجة كِتَابُ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ ، وَالسُّنَّةُ فِيهَا بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ
    حديث رقم: 4010 في سنن ابن ماجة كِتَابُ الْفِتَنِ بَابُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ
    حديث رقم: 10934 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 11249 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 10861 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 11283 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 11305 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 11670 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 307 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ ذِكْرُ وَصْفِ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ إِذَا رَآهُ الْمَرْءُ أَوْ عَلِمَهُ
    حديث رقم: 308 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ
    حديث رقم: 5472 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ بَابُ أَوَّلِ مَنْ خَطَبَ ثُمَّ صَلَّى
    حديث رقم: 10770 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْغَصْبِ بَابُ نَصْرِ الْمَظْلُومِ وَالْأَخْذِ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ
    حديث رقم: 5812 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ بَابٌ : يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ
    حديث رقم: 13616 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصَّدَاقِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْوَلِيمَةِ
    حديث رقم: 18797 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ آدَابِ الْقَاضِي بَابُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ وَسَائِرَ أَعْمَالِ الْوُلَاةِ مِمَّا
    حديث رقم: 2298 في مسند الطيالسي مَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَفْرَادُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
    حديث رقم: 909 في المنتخب من مسند عبد بن حميد المنتخب من مسند عبد بن حميد مِنْ مُسْنَدِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
    حديث رقم: 29 في جزء المؤمل جزء المؤمل المُقَدِّمة
    حديث رقم: 1168 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مِنْ مُسْنَدِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
    حديث رقم: 973 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مِنْ مُسْنَدِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
    حديث رقم: 10650 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء وَرَوَى مِسْعَرٌ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ ،
    حديث رقم: 80 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْإِيمَانِ بَيَانُ نَفْيِ الْإِيمَانِ عَنِ الَّذِي يُحَرِّمُ هَذِهِ الْأَخْلَاقَ الْمُثْبَتَةَ فِي هَذَا
    حديث رقم: 14853 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ

    [49].
    قَوْلُهُ (أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَرْوَانُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ اخْتُلِفَ فِي هَذَا فَوَقَعَ هُنَا مَا نَرَاهُ وَقِيلَ أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقِيلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا رَأَى النَّاسَ يَذْهَبُونَ عِنْدَ تَمَامِ الصَّلَاةِ وَلَا يَنْتَظِرُونَ الْخُطْبَةَ وَقِيلَ بَلْ لِيُدْرِكَ الصَّلَاةَ مَنْ تَأَخَّرَ وَبَعُدَ مَنْزِلُهُ وَقِيلَ أَوَّلُ مَنْ فَعَلَهُ مُعَاوِيَةُ وقيل فعله بن الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالَّذِي ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَقَدْ عَدَّهُ بَعْضُهُمْ إِجْمَاعًا يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ بَعْدَ الْخِلَافِ أولم يَلْتَفِتْ إِلَى خِلَافِ بَنِي أُمَيَّةَ بَعْدَ إِجْمَاعِ الْخُلَفَاءِ وَالصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَفِي قَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ ذَلِكَ الْجَمْعِ الْعَظِيمِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِقْرَارِ السُّنَّةِ عِنْدَهُمْ عَلَى خِلَافِ مَا فَعَلَهُ مَرْوَانُ وَبَيَّنَهُ أَيْضًا احْتِجَاجُهُ بِقَوْلِهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ وَلَا يُسَمَّى مُنْكَرًا لَوِ اعتقده ومن حضر أوسبق بِهِ عَمَلٌ أَوْ مَضَتْ بِهِ سُنَّةٌ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ خَلِيفَةٌ قَبْلَ مَرْوَانَ وَأَنَّ مَا حُكِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَمُعَاوِيَةَ لَا يَصِحُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ الصَّلَاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَقَالَ قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَمَّا هَذَا)
    فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ الْحَدِيثَ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ تَأَخَّرَ أَبُو سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ إِنْكَارِ هَذَا الْمُنْكَرِ حَتَّى سَبَقَهُ إِلَيْهِ هَذَا الرَّجُلُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا أَوَّلَ مَا شَرَعَ مَرْوَانُ فِي أَسْبَابِ تَقْدِيمِ الْخُطْبَةِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ ثُمَّ دَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ وَهُمَا فِي الْكَلَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ كَانَ حَاضِرًا مِنَ الْأَوَّلِ وَلَكِنَّهُ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ حُصُولَ فِتْنَةٍ بِسَبَبِ إِنْكَارِهِ فَسَقَطَ عَنْهُ الْإِنْكَارُ وَلَمْ يَخَفْ ذَلِكَ الرَّجُلُ شَيْئًا لِاعْتِضَادِهِ بِظُهُورِ عَشِيرَتِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ خَافَ وَخَاطَرَ بِنَفْسِهِ وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي مِثْلِ هَذَا بَلْ مُسْتَحَبٌّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ هَمَّ بِالْإِنْكَارِ فَبَدَرَهُ الرَّجُلُ فَعَضَّدَهُ أَبُو سَعِيدٍ والله أعلم ثم أنه جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الَّذِي اتَّفَقَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَى إِخْرَاجِهِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ هُوَ الَّذِي جَذَبَ بِيَدِ مَرْوَانَ حِينَ رَآهُ يَصْعَدُ الْمِنْبَرَ وَكَانَا جَاءَا مَعًا فَرَدَّ عَلَيْهِ مَرْوَانُ بِمِثْلِ مَا رَدَّ هُنَا عَلَى الرَّجُلِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ إِحْدَاهُمَا لِأَبِي سَعِيدٍ وَالْأُخْرَى لِلرَّجُلِ بِحَضْرَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا.
    قَوْلُهُ فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ فَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِالْإِنْكَارِ أَيْضًا مِنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَمَّا.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيُغَيِّرْهُ فَهُوَ أَمْرُ إِيجَابٍ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَقَدْ تَطَابَقَ عَلَى وُجُوبِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَهُوَ أَيْضًا مِنَ النَّصِيحَةِ الَّتِي هِيَ الدِّينُ وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إِلَّا بَعْضُ الرَّافِضَةِ وَلَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِمْ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْمَعَالِي إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَا يُكْتَرَثُ بِخِلَافِهِمْ فِي هَذَا فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَنْبُغَ هَؤُلَاءِ وَوُجُوبُهُ بِالشَّرْعِ لَا بِالْعَقْلِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهتديتم فَلَيْسَ مُخَالِفًا لِمَا ذَكَرْنَاهُ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ فِي مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ مَا كُلِّفْتُمْ بِهِ فَلَا يَضُرُّكُمْ تَقْصِيرُ غَيْرِكُمْ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزر أخرى وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمِمَّا كُلِّفَ بِهِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَإِذَا فَعَلَهُ وَلَمْ يَمْتَثِلِ الْمُخَاطَبُ فَلَا عَتْبَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْفَاعِلِ لِكَوْنِهِ أَدَّى مَا عَلَيْهِ فَإِنَّمَاعَلَيْهِ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ لَا الْقَبُولُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ إِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَرْضُ كِفَايَةٍ إِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنِ الْبَاقِينَ وَإِذَا تَرَكَهُ الْجَمِيعُ أَثِمَ كُلُّ مَنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ بِلَا عُذْرٍ وَلَا خَوْفٍ ثُمَّ إِنَّهُ قَدْ يَتَعَيَّنُ كَمَا إِذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ الا هو أولا يَتَمَكَّنُ مِنْ إِزَالَتِهِ إِلَّا هُوَ وَكَمَنْ يَرَى زَوْجَتَهُ أَوْ وَلَدَهُ أَوْ غُلَامَهُ عَلَى مُنْكَرٍ أَوْ تَقْصِيرٍ فِي الْمَعْرُوفِ قَالَ الْعُلَمَاءُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَا يَسْقُطُ عَنِ الْمُكَلَّفِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ لِكَوْنِهِ لَا يُفِيدُ فِي ظَنِّهِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ لَا الْقَبُولُ وَكَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا البلاغ وَمَثَّلَ الْعُلَمَاءُ هَذَا بِمَنْ يَرَى إِنْسَانًا فِي الْحَمَّامِ أَوْ غَيْرِهِ مَكْشُوفَ بَعْضِ الْعَوْرَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْآمِرِ وَالنَّاهِي أَنْ يَكُونَ كَامِلَ الْحَالِ مُمْتَثِلًا مَا يَأْمُرُ بِهِ مُجْتَنِبًا مَا يَنْهَى عَنْهُ بَلْ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَإِنْ كَانَ مُخِلًّا بِمَا يَأْمُرُ بِهِ وَالنَّهْيُ وَإِنْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِمَا يَنْهَى عَنْهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْئَانِ أَنْ يَأْمُرَ نَفْسَهُ وَيَنْهَاهَا وَيَأْمُرَ غَيْرَهُ وَيَنْهَاهُ فَإِذَا أَخَلَّ بِأَحَدِهِمَا كَيْفَ يُبَاحُ لَهُ الْإِخْلَالُ بِالْآخَرِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَا يَخْتَصُّ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ بِأَصْحَابِ الْوِلَايَاتِ بَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ لِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ غَيْرَ الْوُلَاةِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَالْعَصْرِ الَّذِي يَلِيهِ كَانُوا يَأْمُرُونَ الْوُلَاةَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ مَعَ تَقْرِيرِ الْمُسْلِمِينَ إِيَّاهُمْ وَتَرْكِ تَوْبِيخِهِمْ عَلَى التَّشَاغُلِ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ مِنْ غَيْرِ وِلَايَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ إِنَّهُ إِنَّمَا يَأْمُرُ وَيَنْهَى مَنْ كَانَ عَالِمًا بِمَا يَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الشَّيْءِ فَإِنْ كَانَ مِنَ الْوَاجِبَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْمُحَرَّمَاتِ الْمَشْهُورَةِ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالزِّنَا وَالْخَمْرِ وَنَحْوِهَا فَكُلُّ الْمُسْلِمِينَ عُلَمَاءُ بِهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ دَقَائِقِ الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالِاجْتِهَادِ لَمْ يَكُنْ لِلْعَوَامِّ مَدْخَلٌ فِيهِ وَلَا لَهُمْ إِنْكَارُهُ بَلْ ذَلِكَ لِلْعُلَمَاءِ ثُمَّ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا يُنْكِرُونَ مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ أَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَلَا إِنْكَارَ فِيهِ لِأَنَّ عَلَى أَحَدِ الْمَذْهَبَيْنِ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ كَثِيرِينَ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ أَوْ أَكْثَرِهِمْ وعلى المذهب الآخر المصيب واحد والمخطىء غَيْرُ مُتَعَيَّنٌ لَنَا وَالْإِثْمُ مَرْفُوعٌ عَنْهُ لَكِنْ إِنْ نَدَبَهُ عَلَى جِهَةِ النَّصِيحَةِ إِلَى الْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ فَهُوَ حَسَنٌ مَحْبُوبٌ مَنْدُوبٌ إِلَى فِعْلِهِ بِرِفْقٍ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ مُتَّفِقُونَ عَلَى الْحَثِّ عَلَى الْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ إِذَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ إِخْلَالٌ بِسُنَّةٍ أَوْ وُقُوعٍ فِي خِلَافٍ آخَرَ وَذَكَرَ أَقْضَى الْقُضَاةِ أَبُو الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيُّ الْبَصْرِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَحْكَامُ السُّلْطَانِيَّةُ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ مَنْ قَلَّدَهُالسُّلْطَانُ الْحِسْبَةَ هَلْ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى مَذْهَبِهِ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ إِذَا كَانَ الْمُحْتَسِبُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ أَمْ لَا يُغَيِّرُ مَا كَانَ عَلَى مَذْهَبِ غَيْرِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُغَيِّرُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَلَمْ يَزَلِ الْخِلَافُ فِي الْفُرُوعِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَلَا يُنْكِرُ مُحْتَسِبٌ وَلَا غَيْرُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ قَالُوا لَيْسَ لِلْمُفْتِي وَلَا لِلْقَاضِي أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ إِذَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا أَوْ اجماعا أوقياسا جَلِيًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْبَابَ أَعْنِي بَابَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ قَدْ ضُيِّعَ أَكْثَرُهُ مِنْ أَزْمَانٍ مُتَطَاوِلَةٍ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ إِلَّا رُسُومٌ قَلِيلَةٌ جِدًّا وَهُوَ بَابٌ عَظِيمٌ بِهِ قِوَامُ الأمر وملاكه واذا كثر الخبث عَمَّ الْعِقَابُ الصَّالِحَ وَالطَّالِحَ وَإِذَا لَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدِ الظَّالِمِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِعِقَابِهِ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فَيَنْبَغِي لِطَالِبِ الْآخِرَةِ وَالسَّاعِي فِي تَحْصِيلِ رِضَا اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَعْتَنِيَ بِهَذَا الْبَابِ فَإِنَّ نَفْعَهُ عَظِيمٌ لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذَهَبَ معظمه ويخلص نيته ولا يهابن مَنْ يُنْكِرُ عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِ مَرْتَبَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تعالى قال ولينصرن الله من ينصره وَقَالَ تَعَالَى وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إلى صراط مستقيم وَقَالَ تَعَالَى وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَقَالَ تَعَالَى أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وليعلمن الكاذبين وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَجْرَ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ وَلَا يُتَارِكُهُ أَيْضًا لِصَدَاقَتِهِ وَمَوَدَّتِهِ وَمُدَاهَنَتِهِ وَطَلَبِ الْوَجَاهَةِ عِنْدَهُ وَدَوَامِ الْمَنْزِلَةِ لَدَيْهِ فَإِنَّ صَدَاقَتَهُ وَمَوَدَّتَهُ تُوجِبُ لَهُ حُرْمَةً وَحَقًّا وَمَنْ حَقِّهِ أَنْ يَنْصَحَهُ وَيَهْدِيَهُ إِلَى مَصَالِحِ آخِرَتِهِ وَيُنْقِذهُ مِنْ مَضَارِّهَا وَصَدِيقُ الْإِنْسَانِ وَمُحِبُّهُ هُوَ مَنْ سَعَى فِي عِمَارَةِ آخِرَتِهِ وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى نَقْصٍ فِي دُنْيَاهُ وَعَدُوُّهُ مَنْ يَسْعَى فِي ذَهَابِ أَوْ نَقْصِ آخِرَتِهِ وَإِنْ حَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ صُورَةُ نَفْعٍ فِي دُنْيَاهُ وَإِنَّمَا كَانَ إِبْلِيسُ عَدُوًّا لَنَا لِهَذَا وَكَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ أَوْلِيَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ لِسَعْيِهِمْ فِي مَصَالِحِ آخِرَتِهِمْ وَهِدَايَتِهِمْ إِلَيْهَا وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْكَرِيمَ تَوْفِيقَنَا وَأَحْبَابَنَا وَسَائِرَ الْمُسْلِمِينَ لِمَرْضَاتِهِ وَأَنْ يَعُمَّنَا بِجُودِهِ وَرَحْمَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيَنْبَغِي لِلْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِي عَنِ الْمُنْكَرِ أَنْ يَرْفُقَ لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى تَحْصِيلِ الْمَطْلُوبِ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ وَعَظَ أَخَاهُ سِرًّا فَقَدْ نَصَحَهُ وَزَانَهُ وَمَنْ وَعَظَهُ عَلَانِيَةً فَقَدْ فَضَحَهُ وَشَانَهُ وَمِمَّا يَتَسَاهَلُ أَكْثَرُ النَّاسِ فِيهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا إِذَا رَأَى إِنْسَانًا يَبِيعُ مَتَاعًا مَعِيبًا أَوْ نَحْوَهُ فَإِنَّهُمْ لَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَلَا يُعَرِّفُونَ الْمُشْتَرِيَ بِعَيْبِهِ وَهَذَا خَطَأٌ ظَاهِرٌ وَقَدْنَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ ذَلِكَ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى الْبَائِعِ وَأَنْ يُعْلِمَ الْمُشْتَرِيَ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا صِفَةُ النَّهْيِ وَمَرَاتِبُهُ فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِقَلْبِهِ مَعْنَاهُ فَلْيَكْرَهْهُ بِقَلْبِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِإِزَالَةٍ وَتَغْيِيرٍ مِنْهُ لِلْمُنْكَرِ وَلَكِنَّهُ هُوَ الَّذِي فِي وُسْعِهِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَقَلُّهُ ثَمَرَةً قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي صِفَةِ التَّغْيِيرِ فَحَقُّ الْمُغَيِّرِ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِكُلِّ وَجْهٍ أَمْكَنَهُ زَوَالُهُ بِهِ قَوْلًا كَانَ أَوْ فِعْلًا فَيَكْسِرَ آلَاتِ الْبَاطِلِ وَيُرِيقَ الْمُسْكِرَ بِنَفْسِهِ أَوْ يَأْمُرَ مَنْ يَفْعَلُهُ وَيَنْزِعَ الْغُصُوبَ وَيَرُدَّهَا إِلَى أَصْحَابِهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَمْرِهِ إِذَا أَمْكَنَهُ وَيَرْفُقَ فِي التَّغْيِيرِ جُهْدَهُ بِالْجَاهِلِ وَبِذِي الْعِزَّةِ الظَّالِمِ الْمَخُوفِ شَرُّهُ إِذْ ذَلِكَ أَدْعَى إِلَى قَبُولِ قَوْلِهِ كَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مُتَوَلِّيَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْفَضْلِ لِهَذَا الْمَعْنَى وَيُغْلِظَ عَلَى الْمُتَمَادِي فِي غَيِّهِ وَالْمُسْرِفِ فِي بَطَالَتِهِ إِذَا أَمِنَ أَنْ يُؤَثِّرَ إِغْلَاظُهُ مُنْكَرًا أَشَدَّ مِمَّا غَيَّرَهُ لِكَوْنِ جَانِبِهِ مَحْمِيًّا عَنْ سَطْوَةِ الظَّالِمِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ تَغْيِيرَهُ بِيَدِهِ يُسَبِّبُ مُنْكَرًا أَشَدَّ مِنْهُ مِنْ قَتْلِهِ أَوْ قَتْلِ غَيْرِهِ بِسَبَبِ كَفِّ يَدَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَالْوَعْظِ وَالتَّخْوِيفِ فَإِنْ خَافَ أَنْ يُسَبِّبَ.
    قَوْلُهُ مِثْلَ ذَلِكَ غَيَّرَ بِقَلْبِهِ وَكَانَ فِي سَعَةٍ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ اسْتَعَانَ مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى إِظْهَارِ سِلَاحٍ وَحَرْبٍ وَلْيَرْفَعْ ذَلِكَ إِلَى مَنْ لَهُ الْأَمْرُ إِنْ كَانَ الْمُنْكَرُ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ يَقْتَصِرَ عَلَى تَغْيِيرِهِ بِقَلْبِهِ هَذَا هُوَ فِقْهُ الْمَسْأَلَةِ وَصَوَابُ الْعَمَلِ فِيهَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَالْمُحَقِّقِينَ خِلَافًا لِمَنْ رَأَى الْإِنْكَارَ بِالتَّصْرِيحِ بِكُلِّ حَالٍ وَإِنْ قُتِلَ وَنِيلَ مِنْهُ كُلُّ أَذًى هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَسُوغُ لِآحَادِ الرَّعِيَّةِ أَنْ يصد مرتكب الكبيرة ان لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهَا بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَنْتَهِ الْأَمْرُ إِلَى نَصْبِ قِتَالٍ وَشَهْرِ سِلَاحٍ فَإِنِ انْتَهَى الْأَمْرُ إِلَى ذَلِكَ رَبَطَ الْأَمْرَ بِالسُّلْطَانِ قَالَ وَإِذَا جَارَ وَالِي الْوَقْتِ وَظَهَرَ ظُلْمُهُ وَغَشْمُهُ وَلَمْ يَنْزَجِرْ حِينَ زُجِرَ عَنْ سُوءِ صَنِيعِهِ بِالْقَوْلِ فَلِأَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ التَّوَاطُؤُ عَلَى خَلْعِهِ وَلَوْ بِشَهْرِ الْأَسْلِحَةِ وَنَصْبِ الْحُرُوبِ هَذَا كَلَامُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ خَلْعِهِ غَرِيبٌ وَمَعَ هَذَا فَهُوَ مَحْمُولٌفَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ الْحَدِيثَ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ تَأَخَّرَ أَبُو سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ إِنْكَارِ هَذَا الْمُنْكَرِ حَتَّى سَبَقَهُ إِلَيْهِ هَذَا الرَّجُلُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا أَوَّلَ مَا شَرَعَ مَرْوَانُ فِي أَسْبَابِ تَقْدِيمِ الْخُطْبَةِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ ثُمَّ دَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ وَهُمَا فِي الْكَلَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ كَانَ حَاضِرًا مِنَ الْأَوَّلِ وَلَكِنَّهُ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ حُصُولَ فِتْنَةٍ بِسَبَبِ إِنْكَارِهِ فَسَقَطَ عَنْهُ الْإِنْكَارُ وَلَمْ يَخَفْ ذَلِكَ الرَّجُلُ شَيْئًا لِاعْتِضَادِهِ بِظُهُورِ عَشِيرَتِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ خَافَ وَخَاطَرَ بِنَفْسِهِ وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي مِثْلِ هَذَا بَلْ مُسْتَحَبٌّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ هَمَّ بِالْإِنْكَارِ فَبَدَرَهُ الرَّجُلُ فَعَضَّدَهُ أَبُو سَعِيدٍ والله أعلم ثم أنه جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الَّذِي اتَّفَقَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَى إِخْرَاجِهِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ هُوَ الَّذِي جَذَبَ بِيَدِ مَرْوَانَ حِينَ رَآهُ يَصْعَدُ الْمِنْبَرَ وَكَانَا جَاءَا مَعًا فَرَدَّ عَلَيْهِ مَرْوَانُ بِمِثْلِ مَا رَدَّ هُنَا عَلَى الرَّجُلِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ إِحْدَاهُمَا لِأَبِي سَعِيدٍ وَالْأُخْرَى لِلرَّجُلِ بِحَضْرَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا.
    قَوْلُهُ فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ فَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِالْإِنْكَارِ أَيْضًا مِنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَمَّا.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيُغَيِّرْهُ فَهُوَ أَمْرُ إِيجَابٍ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَقَدْ تَطَابَقَ عَلَى وُجُوبِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَهُوَ أَيْضًا مِنَ النَّصِيحَةِ الَّتِي هِيَ الدِّينُ وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إِلَّا بَعْضُ الرَّافِضَةِ وَلَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِمْ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْمَعَالِي إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَا يُكْتَرَثُ بِخِلَافِهِمْ فِي هَذَا فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَنْبُغَ هَؤُلَاءِ وَوُجُوبُهُ بِالشَّرْعِ لَا بِالْعَقْلِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهتديتم فَلَيْسَ مُخَالِفًا لِمَا ذَكَرْنَاهُ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ فِي مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ مَا كُلِّفْتُمْ بِهِ فَلَا يَضُرُّكُمْ تَقْصِيرُ غَيْرِكُمْ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزر أخرى وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمِمَّا كُلِّفَ بِهِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَإِذَا فَعَلَهُ وَلَمْ يَمْتَثِلِ الْمُخَاطَبُ فَلَا عَتْبَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْفَاعِلِ لِكَوْنِهِ أَدَّى مَا عَلَيْهِ فَإِنَّمَاعَلَيْهِ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ لَا الْقَبُولُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ إِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَرْضُ كِفَايَةٍ إِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنِ الْبَاقِينَ وَإِذَا تَرَكَهُ الْجَمِيعُ أَثِمَ كُلُّ مَنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ بِلَا عُذْرٍ وَلَا خَوْفٍ ثُمَّ إِنَّهُ قَدْ يَتَعَيَّنُ كَمَا إِذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ الا هو أولا يَتَمَكَّنُ مِنْ إِزَالَتِهِ إِلَّا هُوَ وَكَمَنْ يَرَى زَوْجَتَهُ أَوْ وَلَدَهُ أَوْ غُلَامَهُ عَلَى مُنْكَرٍ أَوْ تَقْصِيرٍ فِي الْمَعْرُوفِ قَالَ الْعُلَمَاءُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَا يَسْقُطُ عَنِ الْمُكَلَّفِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ لِكَوْنِهِ لَا يُفِيدُ فِي ظَنِّهِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ لَا الْقَبُولُ وَكَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا البلاغ وَمَثَّلَ الْعُلَمَاءُ هَذَا بِمَنْ يَرَى إِنْسَانًا فِي الْحَمَّامِ أَوْ غَيْرِهِ مَكْشُوفَ بَعْضِ الْعَوْرَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْآمِرِ وَالنَّاهِي أَنْ يَكُونَ كَامِلَ الْحَالِ مُمْتَثِلًا مَا يَأْمُرُ بِهِ مُجْتَنِبًا مَا يَنْهَى عَنْهُ بَلْ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَإِنْ كَانَ مُخِلًّا بِمَا يَأْمُرُ بِهِ وَالنَّهْيُ وَإِنْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِمَا يَنْهَى عَنْهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْئَانِ أَنْ يَأْمُرَ نَفْسَهُ وَيَنْهَاهَا وَيَأْمُرَ غَيْرَهُ وَيَنْهَاهُ فَإِذَا أَخَلَّ بِأَحَدِهِمَا كَيْفَ يُبَاحُ لَهُ الْإِخْلَالُ بِالْآخَرِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَا يَخْتَصُّ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ بِأَصْحَابِ الْوِلَايَاتِ بَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ لِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ غَيْرَ الْوُلَاةِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَالْعَصْرِ الَّذِي يَلِيهِ كَانُوا يَأْمُرُونَ الْوُلَاةَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ مَعَ تَقْرِيرِ الْمُسْلِمِينَ إِيَّاهُمْ وَتَرْكِ تَوْبِيخِهِمْ عَلَى التَّشَاغُلِ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ مِنْ غَيْرِ وِلَايَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ إِنَّهُ إِنَّمَا يَأْمُرُ وَيَنْهَى مَنْ كَانَ عَالِمًا بِمَا يَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الشَّيْءِ فَإِنْ كَانَ مِنَ الْوَاجِبَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْمُحَرَّمَاتِ الْمَشْهُورَةِ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالزِّنَا وَالْخَمْرِ وَنَحْوِهَا فَكُلُّ الْمُسْلِمِينَ عُلَمَاءُ بِهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ دَقَائِقِ الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالِاجْتِهَادِ لَمْ يَكُنْ لِلْعَوَامِّ مَدْخَلٌ فِيهِ وَلَا لَهُمْ إِنْكَارُهُ بَلْ ذَلِكَ لِلْعُلَمَاءِ ثُمَّ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا يُنْكِرُونَ مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ أَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَلَا إِنْكَارَ فِيهِ لِأَنَّ عَلَى أَحَدِ الْمَذْهَبَيْنِ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ كَثِيرِينَ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ أَوْ أَكْثَرِهِمْ وعلى المذهب الآخر المصيب واحد والمخطىء غَيْرُ مُتَعَيَّنٌ لَنَا وَالْإِثْمُ مَرْفُوعٌ عَنْهُ لَكِنْ إِنْ نَدَبَهُ عَلَى جِهَةِ النَّصِيحَةِ إِلَى الْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ فَهُوَ حَسَنٌ مَحْبُوبٌ مَنْدُوبٌ إِلَى فِعْلِهِ بِرِفْقٍ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ مُتَّفِقُونَ عَلَى الْحَثِّ عَلَى الْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ إِذَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ إِخْلَالٌ بِسُنَّةٍ أَوْ وُقُوعٍ فِي خِلَافٍ آخَرَ وَذَكَرَ أَقْضَى الْقُضَاةِ أَبُو الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيُّ الْبَصْرِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَحْكَامُ السُّلْطَانِيَّةُ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ مَنْ قَلَّدَهُالسُّلْطَانُ الْحِسْبَةَ هَلْ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى مَذْهَبِهِ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ إِذَا كَانَ الْمُحْتَسِبُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ أَمْ لَا يُغَيِّرُ مَا كَانَ عَلَى مَذْهَبِ غَيْرِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُغَيِّرُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَلَمْ يَزَلِ الْخِلَافُ فِي الْفُرُوعِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَلَا يُنْكِرُ مُحْتَسِبٌ وَلَا غَيْرُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ قَالُوا لَيْسَ لِلْمُفْتِي وَلَا لِلْقَاضِي أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ إِذَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا أَوْ اجماعا أوقياسا جَلِيًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْبَابَ أَعْنِي بَابَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ قَدْ ضُيِّعَ أَكْثَرُهُ مِنْ أَزْمَانٍ مُتَطَاوِلَةٍ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ إِلَّا رُسُومٌ قَلِيلَةٌ جِدًّا وَهُوَ بَابٌ عَظِيمٌ بِهِ قِوَامُ الأمر وملاكه واذا كثر الخبث عَمَّ الْعِقَابُ الصَّالِحَ وَالطَّالِحَ وَإِذَا لَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدِ الظَّالِمِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِعِقَابِهِ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فَيَنْبَغِي لِطَالِبِ الْآخِرَةِ وَالسَّاعِي فِي تَحْصِيلِ رِضَا اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَعْتَنِيَ بِهَذَا الْبَابِ فَإِنَّ نَفْعَهُ عَظِيمٌ لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذَهَبَ معظمه ويخلص نيته ولا يهابن مَنْ يُنْكِرُ عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِ مَرْتَبَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تعالى قال ولينصرن الله من ينصره وَقَالَ تَعَالَى وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إلى صراط مستقيم وَقَالَ تَعَالَى وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَقَالَ تَعَالَى أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وليعلمن الكاذبين وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَجْرَ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ وَلَا يُتَارِكُهُ أَيْضًا لِصَدَاقَتِهِ وَمَوَدَّتِهِ وَمُدَاهَنَتِهِ وَطَلَبِ الْوَجَاهَةِ عِنْدَهُ وَدَوَامِ الْمَنْزِلَةِ لَدَيْهِ فَإِنَّ صَدَاقَتَهُ وَمَوَدَّتَهُ تُوجِبُ لَهُ حُرْمَةً وَحَقًّا وَمَنْ حَقِّهِ أَنْ يَنْصَحَهُ وَيَهْدِيَهُ إِلَى مَصَالِحِ آخِرَتِهِ وَيُنْقِذهُ مِنْ مَضَارِّهَا وَصَدِيقُ الْإِنْسَانِ وَمُحِبُّهُ هُوَ مَنْ سَعَى فِي عِمَارَةِ آخِرَتِهِ وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى نَقْصٍ فِي دُنْيَاهُ وَعَدُوُّهُ مَنْ يَسْعَى فِي ذَهَابِ أَوْ نَقْصِ آخِرَتِهِ وَإِنْ حَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ صُورَةُ نَفْعٍ فِي دُنْيَاهُ وَإِنَّمَا كَانَ إِبْلِيسُ عَدُوًّا لَنَا لِهَذَا وَكَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ أَوْلِيَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ لِسَعْيِهِمْ فِي مَصَالِحِ آخِرَتِهِمْ وَهِدَايَتِهِمْ إِلَيْهَا وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْكَرِيمَ تَوْفِيقَنَا وَأَحْبَابَنَا وَسَائِرَ الْمُسْلِمِينَ لِمَرْضَاتِهِ وَأَنْ يَعُمَّنَا بِجُودِهِ وَرَحْمَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيَنْبَغِي لِلْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِي عَنِ الْمُنْكَرِ أَنْ يَرْفُقَ لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى تَحْصِيلِ الْمَطْلُوبِ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ وَعَظَ أَخَاهُ سِرًّا فَقَدْ نَصَحَهُ وَزَانَهُ وَمَنْ وَعَظَهُ عَلَانِيَةً فَقَدْ فَضَحَهُ وَشَانَهُ وَمِمَّا يَتَسَاهَلُ أَكْثَرُ النَّاسِ فِيهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا إِذَا رَأَى إِنْسَانًا يَبِيعُ مَتَاعًا مَعِيبًا أَوْ نَحْوَهُ فَإِنَّهُمْ لَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَلَا يُعَرِّفُونَ الْمُشْتَرِيَ بِعَيْبِهِ وَهَذَا خَطَأٌ ظَاهِرٌ وَقَدْنَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ ذَلِكَ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى الْبَائِعِ وَأَنْ يُعْلِمَ الْمُشْتَرِيَ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا صِفَةُ النَّهْيِ وَمَرَاتِبُهُ فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِقَلْبِهِ مَعْنَاهُ فَلْيَكْرَهْهُ بِقَلْبِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِإِزَالَةٍ وَتَغْيِيرٍ مِنْهُ لِلْمُنْكَرِ وَلَكِنَّهُ هُوَ الَّذِي فِي وُسْعِهِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَقَلُّهُ ثَمَرَةً قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي صِفَةِ التَّغْيِيرِ فَحَقُّ الْمُغَيِّرِ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِكُلِّ وَجْهٍ أَمْكَنَهُ زَوَالُهُ بِهِ قَوْلًا كَانَ أَوْ فِعْلًا فَيَكْسِرَ آلَاتِ الْبَاطِلِ وَيُرِيقَ الْمُسْكِرَ بِنَفْسِهِ أَوْ يَأْمُرَ مَنْ يَفْعَلُهُ وَيَنْزِعَ الْغُصُوبَ وَيَرُدَّهَا إِلَى أَصْحَابِهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَمْرِهِ إِذَا أَمْكَنَهُ وَيَرْفُقَ فِي التَّغْيِيرِ جُهْدَهُ بِالْجَاهِلِ وَبِذِي الْعِزَّةِ الظَّالِمِ الْمَخُوفِ شَرُّهُ إِذْ ذَلِكَ أَدْعَى إِلَى قَبُولِ قَوْلِهِ كَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مُتَوَلِّيَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْفَضْلِ لِهَذَا الْمَعْنَى وَيُغْلِظَ عَلَى الْمُتَمَادِي فِي غَيِّهِ وَالْمُسْرِفِ فِي بَطَالَتِهِ إِذَا أَمِنَ أَنْ يُؤَثِّرَ إِغْلَاظُهُ مُنْكَرًا أَشَدَّ مِمَّا غَيَّرَهُ لِكَوْنِ جَانِبِهِ مَحْمِيًّا عَنْ سَطْوَةِ الظَّالِمِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ تَغْيِيرَهُ بِيَدِهِ يُسَبِّبُ مُنْكَرًا أَشَدَّ مِنْهُ مِنْ قَتْلِهِ أَوْ قَتْلِ غَيْرِهِ بِسَبَبِ كَفِّ يَدَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَالْوَعْظِ وَالتَّخْوِيفِ فَإِنْ خَافَ أَنْ يُسَبِّبَ.
    قَوْلُهُ مِثْلَ ذَلِكَ غَيَّرَ بِقَلْبِهِ وَكَانَ فِي سَعَةٍ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ اسْتَعَانَ مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى إِظْهَارِ سِلَاحٍ وَحَرْبٍ وَلْيَرْفَعْ ذَلِكَ إِلَى مَنْ لَهُ الْأَمْرُ إِنْ كَانَ الْمُنْكَرُ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ يَقْتَصِرَ عَلَى تَغْيِيرِهِ بِقَلْبِهِ هَذَا هُوَ فِقْهُ الْمَسْأَلَةِ وَصَوَابُ الْعَمَلِ فِيهَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَالْمُحَقِّقِينَ خِلَافًا لِمَنْ رَأَى الْإِنْكَارَ بِالتَّصْرِيحِ بِكُلِّ حَالٍ وَإِنْ قُتِلَ وَنِيلَ مِنْهُ كُلُّ أَذًى هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَسُوغُ لِآحَادِ الرَّعِيَّةِ أَنْ يصد مرتكب الكبيرة ان لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهَا بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَنْتَهِ الْأَمْرُ إِلَى نَصْبِ قِتَالٍ وَشَهْرِ سِلَاحٍ فَإِنِ انْتَهَى الْأَمْرُ إِلَى ذَلِكَ رَبَطَ الْأَمْرَ بِالسُّلْطَانِ قَالَ وَإِذَا جَارَ وَالِي الْوَقْتِ وَظَهَرَ ظُلْمُهُ وَغَشْمُهُ وَلَمْ يَنْزَجِرْ حِينَ زُجِرَ عَنْ سُوءِ صَنِيعِهِ بِالْقَوْلِ فَلِأَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ التَّوَاطُؤُ عَلَى خَلْعِهِ وَلَوْ بِشَهْرِ الْأَسْلِحَةِ وَنَصْبِ الْحُرُوبِ هَذَا كَلَامُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ خَلْعِهِ غَرِيبٌ وَمَعَ هَذَا فَهُوَ مَحْمُولٌعَلَى مَا إِذَا لَمْ يُخَفْ مِنْهُ إِثَارَةُ مَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ مِنْهُ قَالَ وَلَيْسَ لِلْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ الْبَحْثُ وَالتَّنْقِيرُ وَالتَّجَسُّسُ وَاقْتِحَامُ الدُّورِ بِالظُّنُونِ بَلْ إِنْ عَثَرَ عَلَى مُنْكَرٍ غَيَّرَهُ جَهْدَهُ هَذَا كَلَامُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَقَالَ أَقْضَى الْقُضَاةِ الْمَاوَرْدِيُّ لَيْسَ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَبْحَثَ عَمَّا لَمْ يَظْهَرْ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ اسْتِسْرَارُ قَوْمٍ بِهَا لِأَمَارَةٍ وَآثَارٍ ظَهَرَتْ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي انْتَهَاكِ حُرْمَةٍ يَفُوتُ اسْتِدْرَاكُهَا مِثْلُ أَنْ يُخْبِرَهُ مَنْ يَثِقَ بِصِدْقِهِ أَنَّ رَجُلًا خَلَا بِرَجُلٍ لِيَقْتُلَهُ أَوْ بِامْرَأَةٍ لِيَزْنِيَ بِهَا فَيَجُوزُ لَهُ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَالِ أَنْ يَتَجَسَّسَ وَيُقْدِمَ عَلَى الْكَشْفِ والبحث حذرا من فوات مالا يستدرك وكذا لوعرف ذلك غير المحتسب من المتطوعة جازلهم الْإِقْدَامُ عَلَى الْكَشْفِ وَالْإِنْكَارِ الضَّرْبُ الثَّانِي مَا قَصُرَ عَنْ هَذِهِ الرُّتْبَةِ فَلَا يَجُوزُ التَّجَسُّسُ عَلَيْهِ وَلَا كَشْفُ الْأَسْتَارِ عَنْهُ فَإِنْ سَمِعَ أَصْوَاتَ الْمَلَاهِي الْمُنْكَرَةِ مِنْ دَارٍ أَنْكَرَهَا خَارِجَ الدَّارِ لَمْ يَهْجُمْ عَلَيْهَا بِالدُّخُولِ لِأَنَّ الْمُنْكَرَ ظَاهِرٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْشِفَ عَنِ الْبَاطِنِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي آخَرِ الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ بَابًا حَسَنًا فِي الْحِسْبَةِ مُشْتَمِلًا عَلَى جُمَلٍ مِنْ قَوَاعِدِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَقَدْ أَشَرْنَا هُنَا إِلَى مَقَاصِدِهَا وَبَسَطْتُ الْكَلَامَ فِي هَذَا الْبَابِ لِعِظَمِ فَائِدَتِهِ وَكَثْرَةِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَكَوْنِهِ مِنْ أَعْظَمِ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ (وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَعَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) فَقَوْلُهُ وَعَنْ قَيْسٍ مَعْطُوفٌ عَلَى إِسْمَاعِيلَ مَعْنَاهُ رَوَاهُ الْأَعْمَشُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

    [49] أول من بَدَأَ بِالْخطْبَةِ يَوْم الْعِيد قبل الصَّلَاة مَرْوَان يرد بِهِ على من قَالَ أول من فعله عمر أَو عُثْمَان أَو مُعَاوِيَة حَكَاهَا عِيَاض فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ الصَّلَاة قبل الْخطْبَة فَقَالَ أَبُو سعيد أما هَذَا فقد قضى مَا عَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيّ قد يُقَال كَيفَ يتَأَخَّر أَبُو سعيد عَن إِنْكَار هَذَا الْمُنكر حَتَّى سبقه إِلَيْهِ هَذَا الرجل وَجَوَابه أَنه يحْتَمل أَن أَبَا سعيد لم يكن حَاضرا أول مَا شرع مَرْوَان فَأنْكر عَلَيْهِ الرجل ثمَّ دخل أَبُو سعيد وهما فِي الْكَلَام وَيحْتَمل أَنه كَانَ حَاضرا وَلكنه خَافَ حُصُول فتْنَة بإنكاره أَو أَنه هم بالإنكار فبدره الرجل فعضده أَبُو سعيد قَالَ مَعَ أَن فِي رِوَايَة تَأتي فِي الْعِيد أَن أَبَا سعيد هُوَ الَّذِي جبذ يَد مَرْوَان حِين رَآهُ يصعد الْمِنْبَر فَرد عَلَيْهِ مَرْوَان بِمثل مَا رد على الرجل فَيحْتَمل أَنَّهُمَا قضيتان إِحْدَاهمَا لأبي سعيد وَالْأُخْرَى للرجل بِحَضْرَتِهِ انْتهى وَبِه جزم بن حجر لِأَن فِي أول هَذَا الحَدِيث عِنْد أبي دَاوُد وَابْن ماجة أَن مَرْوَان أخرج الْمِنْبَر يَوْم الْعِيد وَأَن الرجل أنكرهُ أَيْضا وَفِي حَدِيث إِنْكَار أبي سعيد أَن مَرْوَان خطب على مِنْبَر بني بالمصلى وَلِأَن بِنَاء الْمِنْبَر بالمصلى بعد قصَّة إِخْرَاج الْمِنْبَر وإنكاره من رأى مِنْكُم مُنْكرا فليغيره هُوَ أَمر إِيجَاب على الْأمة قَالَ النَّوَوِيّ وَلَا مُخَالفَة بَينه وَبَين قَوْله تَعَالَى عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ لِأَن الصَّحِيح عِنْد الْمُحَقِّقين فِي معنى الْآيَة أَنكُمْ إِذا فَعلْتُمْ مَا كلفتم بِهِ لَا يضركم تَقْصِير غَيْركُمْ مثل قَوْله وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى فَإِذا فعل مَا كلف بِهِ من الْأَمر وَالنَّهْي وَلم يمتثل الْمُخَاطب فَلَا عتب بعد ذَلِك على الْآمِر والناهي لِأَنَّهُ أدّى مَا عَلَيْهِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَمر وَالنَّهْي لَا الْقبُول انْتهى فبقلبه أَي فليكرهه بِقَلْبِه على حد علفتها تبنا وَمَاء وَذَلِكَ أَضْعَف الْإِيمَان أَي أَقَله ثَمَرَة وَعَن قيس عطف على إِسْمَاعِيل

    عن طارق بن شهاب. وهذا حديث أبي بكر. قال: أول من بدأ بالخطبة، يوم العيد قبل الصلاة، مروان. فقام إليه رجل. فقال: الصلاة قبل الخطبة. فقال: قد ترك ما هنالك، فقال: أبو سعيد: أما هذا فقد قضى ما عليه. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده. فإن لم يستطع فبلسانه. فإن لم يستطع فبقلبه. وذلك أضعف الإيمان.
    المعنى العام:
    كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم عيد الفطر ويوم عيد الأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به صلاة العيد، ثم يقوم فيتوجه إلى الناس، والناس جلوس على صفوفهم، فيخطبهم ويعظهم ويوصيهم ويأمرهم، فإن كان يريد أن يخرج طائفة من الجيش إلى جهة من الجهات أخرج، أو يأمر بشيء أمر به، ثم ينصرف. واستمر العمل على هذه السنة في عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، فلما كان معاوية، وكان مروان أمير المدينة من جهته، بدأ بالخطبة قبل صلاة العيد، ورأى الغيورون على الإسلام أن عليهم واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم واجب الاتباع، وأن عليهم أن ينبهوا الأمير ليعود إلى السنة. من هؤلاء الغيورين أبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري، قام إلى مروان وهو يتهيأ للصعود على المنبر، فقال له: عليك بالصلاة قبل الخطبة. سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يعبأ به مروان، وقال له: قد ترك هذا الوضع، فجذب أبو سعيد الخدري مروان من ثوبه ليمنعه من ارتقاء المنبر، فجذبه مروان، فارتقى، فقال أبو سعيد: غيرتم والله سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له مروان: قد ذهب ما تعلم، قال أبو سعيد: ما أعلم والله خير مما لا أعلم، وخطب مروان، ثم صلى، ثم قال لأبي سعيد: إن الناس لم يعودوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فجعلت الخطبة قبل الصلاة للحفاظ على سماعها. قال أبو سعيد: أما أبو مسعود فقد أدى ما عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد أديت ما علي، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رأى أو علم منكم منكرا فليغيره ويزيله بيده، فإن لم يستطع الإزالة باليد فليطلب إزالته، وليهاجمه بلسانه، فإن لم يستطع استخدام لسانه فلينكره بقلبه، ومن لم يكره المنكر ويغضب له في نفسه، ويمقته في دخيلته، ويغار على أمور إيمانه، من لم يفعل ذلك فليس بمؤمن. لأن ذلك أضعف الإيمان. المباحث العربية (أول من بدأ بالخطبة) أل في الخطبة للعهد أي خطبة العيد، وكذلك أل في الصلاة. (مروان) خبر أول وكان أمير المدينة من قبل معاوية. (فقام إليه رجل) قال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن يكون هو أبو مسعود الذي ذكر اسمه في بعض الروايات، ويحتمل أنه غيره، وأن قصة الإنكار قد تعددت. (الصلاة قبل الخطبة) مبتدأ وخبر، أي الصلاة حقها أن تكون قبل الخطبة. (قد ترك ما هنالك) ترك بالبناء للمجهول، وما موصول في محل رفع نائب فاعل، واسم الإشارة ظرف متعلق بمحذوف صلة ما والتقدير: ترك الذي تشير إليه، أي تركنا العمل بتقديم الصلاة على الخطبة الذي كان هنالك في الزمن الماضي. (أما هذا فقد قضى ما عليه) المشار إليه هو الرجل الذي نبه مروان إلى جعل الصلاة قبل الخطبة، وأما حرف شرط وتفصيل، والمعنى مهما يكن من شيء فهذا الرجل قد أدى واجبه وما عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد ترك تكرار أما استغناء بالكلام الذي ذكر بعدها وهو موضع القسم الثاني، والتقدير: وأما أنا فأنكر كما أنكر، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من رأى منكم منكرا) إلخ، من اسم شرط جازم مبتدأ، والمراد من الرؤية العلم عن طريق أي حاسة من الحواس، فقد يشم الخمر، ويلمس الأعمى آلات اللهو، ويسمع الغيبة والنميمة إلخ. (فليغيره بيده) جواب الشرط، دخلت عليه الفاء لأنه طلب، والمراد من تغيير المنكر إبطاله ومنعه، والمراد من اليد الجوارح، ويعبر عن الجوارح باليد كثيرا، لأنها أكثر الجوارح استعمالا وأشدها أثرا، ومن ذلك قوله تعالى: {ذلك بما قدمت يداك} [الحج: 10]. (فإن لم يستطع فبلسانه) مفعول يستطع محذوف، والفاء داخلة على المتعلق بالجواب المحذوف، والتقدير: فإن لم يستطع تغيير المنكر بيده فليغيره بلسانه، والمراد من اللسان النطق والكلام. (فإن لم يستطع فبقلبه) أي فليغيره بقلبه، وفي إطلاق التغيير على إنكار القلب توسع، لأن كراهية المنكر بالقلب لا يغير من الواقع، ولا يمنع صاحبه منه. (وذلك أضعف الإيمان) الإشارة إلى التغيير بالقلب، والمراد من ضعف الإيمان ضعف أثره. فقه الحديث مذهب العلماء كافة أن خطبة العيد بعد الصلاة. قال القاضي عياض: هذا هو المتفق عليه من مذاهب علماء الأمصار وأئمة الفتوى، ولا خلاف بين أئمتهم فيه، وهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده. اهـ. والجمهور على أن مروان أول من قدم الخطبة على صلاة العيد، والحديث الذي معنا نص في هذا. وقيل: إن عثمان في شطر خلافته الأخير قدم الخطبة، لأنه رأى من الناس من تفوته الصلاة، فحرصا منه رضي الله عنه على إدراك الناس الصلاة قدم الخطبة. وقيل: إن عمر رضي الله عنه قدم الخطبة، قال النووي بعد أن ساق القولين المذكورين: وليس ما روي عنهما بصحيح. فالمعتمد في أول من قدم الخطبة هو قول الجمهور، وأنه مروان حين كان أمير المدينة. والسر في عمله هذا أن الناس كانوا ينصرفون عن سماع خطبته، ولم يكن يجلس لها بعد الصلاة إلا عدد قليل، وكان الكثير منهم يتعمدون ترك سماع خطبته، لما فيها من سب من لا يستحق السب، والإفراط في مدح من لا يستحق، فقصد إسماع الناس خطبته بهذا الأسلوب. وهل كان دافعه إحراج الناس، وإلزامهم سماعه فحسب؟ أو كان يهدف إلى تحصيل ثواب أكثر لهم بسماعهم خطبة العيد، فسماع الخطبة سنة يثاب عليها؟ نميل إلى الثاني والله أعلم بالسرائر. هذا، وبعد أن اشترط العلماء تقديم صلاة العيد على خطبته، اختلفوا فيمن خالف ذلك وقدم الخطبة على الصلاة، فذهب الحنفية إلى أنه يسن تأخير الخطبة عن الصلاة، لكن يعتد بها إن قدمت وإن كانت على خلاف السنة، ولا يعيدها بعد الصلاة. وجمهور الفقهاء على أنه لا يعتد بالخطبة إذا قدمت، ويندب إعادتها بعد الصلاة، وقيد المالكية ندب إعادتها بقرب الزمن عرفا، فإن طال الزمن بعد الصلاة فلا تعاد. ومن هذا العرض يتضح أن موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذا الحديث هو مخالفة سنة، ومنه ندرك مدى غيرة الصحابة على الدين ومدى قيامهم واهتمامهم بهذا الواجب حتى مع حكامهم، نعم أنكر الرجل بلسانه واكتفى منه أبو سعيد بهذا الإنكار، وقد أثار الإمام النووي هنا إشكالا وجوابه فقال: قد يقال: كيف تأخر أبو سعيد رضي الله عنه عن إنكار هذا المنكر حتى سبقه إليه هذا الرجل؟ وجوابه: أنه يحتمل أن أبا سعيد لم يكن حاضرا أول ما شرع مروان في أسباب تقديم الخطبة، فأنكر عليه الرجل ثم دخل أبو سعيد وهما في الكلام، ويحتمل أن أبا سعيد كان حاضرا من الأول، ولكنه خاف على نفسه أو غيره حصول فتنة بسبب إنكاره، فسقط عنده الإنكار، ولم يخف ذلك الرجل شيئا، لاعتضاده بظهور عشيرته أو غير ذلك، أو أنه خاف وخاطر بنفسه، وذلك جائز في مثل هذا، بل مستحب، ويحتمل أن أبا سعيد هم بالإنكار فبدره الرجل فعضده أبو سعيد. والله أعلم. اهـ. وهذه الاحتمالات التي ساقها النووي جوابا عن الإشكال لا تتفق وما رواه مسلم في باب العيدين، فقد روي عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الأضحى ويوم الفطر، فيبدأ بالصلاة، فإذا صلى صلاته وسلم قام فأقبل على الناس، وهم جلوس في مصلاهم، فإن كانت له حاجة ببعث ذكره للناس، أو كانت له حاجة بغير ذلك أمرهم بها وكان يقول: تصدقوا. تصدقوا. تصدقوا. وكان أكثر من يتصدق النساء. ثم ينصرف، فلم يزل كذلك حتى كان مروان بن الحكم، فخرجت مخاصرا مروان [أي يده في يده] حتى أتينا المصلى، فإذا كثير بن الصامت قد بنى منبرا من طين ولبن، فإذا مروان ينازعني يده، كأنه يجرني نحو المنبر وأنا أجره نحو الصلاة، فلما رأيت ذلك منه قلت: أين الابتداء بالصلاة؟ فقال: لا. يا أبا سعيد قد ترك ما تعلم. قلت: كلا. والذي نفسي بيده لا تأتون بخير مما أعلم. ثلاث مرار ثم انصرف. فهذا الحديث يبعد تأخر أبي سعيد في الإنكار عن الرجل، ويبعد أن يكون قد سكت خوفا على نفسه، في الوقت الذي لم يخف فيه الرجل أو خاف وخاطر، بل هذا الحديث يثبت أن أبا سعيد أنكر المنكر بيده ثم بلسانه بصورة أشد من صورة إنكار الرجل، والجمع بين الحديثين سهل دون حاجة إلى هذه الاحتمالات، فأبو سعيد حاول منع مروان بيده، كما أنكر بلسانه، فلما صعد مروان المنبر أنكر الرجل فأيده أبو سعيد، ولا إشكال، ولا حاجة إلى القول بأنهما قضيتان. وقد أفاد الكتاب والسنة وإجماع الأمة أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب فالقرآن يقول: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} [آل عمران: 104]. فهذه الآية صريحة في أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفاية، وهو محل اتفاق بين من يعتد بهم من العلماء، ولا يضر هذا الاتفاق ما ذهب إليه الشيخ أبو جعفر من الإمامية من أنه فرض عين، ولا ما ذهب إليه الرافضة من أنه لا يجوز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بإذن الإمام المعصوم وهو الإمام الحق عندهم، وهو لم يخرج بعد حسب عقيدتهم. قال الغزالي: وهؤلاء أخس رتبة من أن يكلموا. بل جوابهم أن يقال لهم إذا جاءوا إلى القضاء طالبين لحقوقهم في دمائهم وأموالهم: إن نصرتكم أمر بالمعروف، واستخراج حقوقكم من أيدي من ظلمكم نهي عن المنكر، وطلبكم لحقكم من جملة المعروف، وما هذا زمان النهي عن الظلم وطلب الحقوق، لأن الإمام الحق لم يخرج بعد. اهـ. ولا يضر في هذا الاتفاق أيضا ما ذهب إليه المعتزلة من أن وجوبه بالعقل لا بالشرع. لكن هؤلاء المتفقين اختلفوا في الواجب على الكفاية، هل هو واجب على جميع المكلفين، ويسقط عنهم بفعل بعضهم؟ أم هو واجب على البعض؟ ذهب الإمام الرازي وأتباعه إلى أنه واجب على البعض، للاكتفاء بحصوله من البعض ولو وجب على الكل لم يكتف بفعل البعض، إذ يستبعد سقوط الواجب على المكلف بفعل غيره. وذهب الجمهور إلى أنه واجب على جميع المكلفين، وهو ظاهر نص الإمام الشافعي في الأم، واستدلوا على ذلك بإثم الجميع بتركه، ولو لم يكن واجبا عليهم كلهم لما أثموا بالترك. وفي المسألة بحث طويل يطلب من محله. ومعنى كونه فرض كفاية أنه إذا قام به البعض سقط الحرج عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف، وقد يكون الأمر بالمعروف فرض عين، كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو، كمن يرى زوجته أو ابنه على منكر. وقد أوضح الحديث أن إنكار المنكر على درجات مرتبة، على معنى أنه تجب الدرجة الأولى وهي التغيير بالجوارح لمن قدر عليها، ولا يغني عنه الاكتفاء بالدرجة الثانية والاقتصار على اللسان الذي لا يغير المنكر مع القدرة على الدرجة الأولى. وليس معنى ذلك أن المكلفين مطالبون باستعمال جوارحهم قبل استعمال ألسنتهم، بل الواجب استعمال الأخف أولا، فإذا لم ينجح في تغيير المنكر استعمل ما فوقه شدة، فيبدأ مثلا بالتعريف وتنبيه المرتكب إلى أن ما يرتكبه منكر، فقد يقدم على المنكر الجاهل بأنه منكر، فإذا عرف أنه منكر تركه، كمن لا يحسن الصلاة. فإذا لم ينفع التعريف في تغيير المنكر انتقل إلى النهي والوعظ والنصح والتخويف، فإذا لم تنجح هذه الوسيلة في تغيير المنكر مع القدرة على منعه بالجوارح وجب استعمال الجوارح. فالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ينبغي أن يكون كالطبيب مع المريض، كل همه العلاج من أسهل الطرق، فإذا كان لا بد من الكي والبتر من أجل صلاح باقي الجسم وجب الكي والبتر. وفي حد الاستطاعة التي يتعرض لها الحديث بقوله: فإن لم يستطع خلاف بين العلماء فمنهم من يذهب إلى وجوب تحمل الأذى في سبيل الأمر بالمعروف إلا أن يصل إلى الخوف على النفس، بل منهم من يرى الإنكار بكل حال وإن قتل ونيل منه كل أذى، وبعضهم يرى أن خوف المكروه يحقق عدم الاستطاعة. والتحقيق أن الأمر يختلف باختلاف نوع الأذى، ومدى احتماله، ونوع المنكر، ومدى خطورته، والأثر الحسن أو القبيح المترتب على هذا الإنكار. وللإمام الغزالي في هذا المقام كلام نفيس نلتقط منه بعضه، قال -رحمه الله- واعلم أنه لا يقف سقوط الواجب على العجز الحسي، بل يلتحق به ما يخاف عليه مكروها يناله فذلك في معنى العجز، وكذلك إذا علم أن إنكاره لا ينفع، فإن اجتمع المعنيان، بأن علم أن كلامه لا ينفع، وخاف أن يضرب إن تكلم فلا يجب عليه الأمر بالمعروف، فإن علم أن إنكاره لا يفيد لكنه لا يخاف مكروها فلا تجب عليه الحسبة لعدم فائدتها، ولكن تستحب لإظهار شعائر الإسلام وتذكير الناس بأمر الدين، وذهب بعضهم إلى وجوبها بناء على أن الواجب الأمر بالمعروف لا القبول، قال تعالى: {ما على الرسول إلا البلاغ} [المائدة: 99]. فإن علم أنه يصاب بمكروه، ولكن يبطل المنكر بفعله، فهذا ليس بواجب وليس بحرام بل هو مستحب. ثم قال: ويستحب له أن يعرض نفسه للضرب والقتل إذا كان لحسبته تأثير في رفع المنكر، أو في كسر جاه الفاسق، أو في تقوية قلوب أهل الدين، وأما إذا رأى فاسقا متغلبا وعنده سيف، وبيده قدح، وعلم أنه لو أنكر عليه لشرب القدح، وضرب رقبته، فهذا مما لا أرى للحسبة فيه وجها، وهو عين الهلاك، وتعريض النفس للهلاك من غير أثر لا وجه له، بل ينبغي أن يكون حراما، وإنما يستحب له الإنكار إذا قدر على إبطال المنكر، أو ظهر لفعله فائدة، وذلك بشرط أن يقتصر المكروه عليه، فإن علم أنه يضرب معه غيره من أصحابه أو أقاربه فلا تجوز له الحسبة، بل تحرم. ثم قال: والظن الغالب في هذه الأبواب في معنى العلم. اهـ بتصرف. والمقصود من تغيير المنكر بالقلب كراهيته ومقته وبغضه، إذ كل من أحب الله يكره معاصيه وينكرها، ومظاهر هذا الإنكار اكفهرار في الوجه أمامه، وعدم حضور موضعه، قال تعالى: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين} [الأنعام: 68]. وظاهر الحديث أن إنكار المنكر باليد عام حيث قدر عليه الآمر، فيشمل إنكار الابن على أبيه، والزوجة على زوجها، والعبد على سيده، لكن هذا العموم يتعارض مع قوله في حق الولد مع والديه، {فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما} [الإسراء: 23] وقوله: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا} [لقمان: 15]. وفي هذا يقول الغزالي: والذي نراه أن للولد الحسبة بالتعريف، ثم بالوعظ والنصح باللطف، وليس له الحسبة بالسب والتعنيف والتهديد ولا بمباشرة الضرب. ثم قال: وهذا ينبغي أن يجري في العبد مع سيده، وفي الزوجة مع زوجها. اهـ. وعموم الحديث في قوله من رأى منكم منكرا يشمل العالم والجاهل، فكل من يعلم أنه منكر يجب عليه أن ينكره، ولا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالعلماء وأصحاب الولايات. كل ما في الأمر أن الذي يأمر وينهي هو العالم بما يأمر به وينهي عنه، وذلك يختلف باختلاف الآمر والمأمور به، فإن كان المأمور به من الواجبات الظاهرة كالصلاة والصيام، أو كان المنهي عنه من المحرمات الواضحة كالزنا والخمر، فكل المسلمين علماء بها، واجب على آحادهم كما هو واجب على علمائهم وإن كان وجوبه على العلماء بصفة أشد، إذ فيهم قوة الإنكار، ولهم تزيد الاستجابة، ومنهم تؤخذ أحكام الشريعة. وإن كان المأمور به أو المنهي عنه من دقائق الأفعال والأقوال، كان الأمر بالمعروف واجب العلماء. ثم إنهم ينبغي لهم ألا ينكروا أمرا مختلفا فيه، وهو محل للاجتهاد، فليس للحنفي أن ينكر على الشافعي أكله للضب مثلا، لأن كل مجتهد مصيب عند كثير من المحققين، وعلى الرأي الآخر المصيب واحد، والمخطئ غير متعين لنا، والإثم مرفوع عنه، نعم إن ندبه على جهة النصيحة -إلى الخروج من الخلاف فهو حسن مندوب إليه برفق، فإن العلماء متفقون على الحث على الخروج من الخلاف، إذا لم يلزم منه إخلال بسنة، أو وقوع على خلاف آخر. ولا يشترط في الآمر والناهي أن يكون كامل الحال، متمثلا لما يأمر به مجتنبا ما ينهى عنه، بل عليه الأمر وإن كان مخلا بما يأمر به، والنهي وإن كان متلبسا بما ينهى عنه، فإنه يجب على المسلم شيئان: 1 - أن يأمر نفسه وينهاها، أي يمتثل حكم الشرع. 2 - وأن يأمر غيره وينهاه، فإذا أخل بأحدهما فإنه لا يباح له الإخلال بالآخر، وأما قوله تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم} [البقرة: 44] فهو توبيخ على نسيان النفس، لا على الأمر بالبر، وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} [الصف: 2]. فهو في قوم قالوا: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله لعملناه، فالتوبيخ مداره في الحقيقة عدم فعلهم، لا قولهم، فالمعنى: لم لا تفعلون؟ وليس في الآيتين ما يمنع الأمر بالمعروف للمخل به. ولا يتعارض وجوب الأمر بالمعروف مع قوله {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} [المائدة: 105] إذ الاهتداء لا يتم إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن تركه مع القدرة عليه ضلال، فالمعنى: إذا استقمتم في أنفسكم وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر لا يضركم ضلال من يضل، فهو قريب من قوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [فاطر: 18]. وقد روي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إنكم لتتلون آية من كتاب الله وتعدونها رخصة {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم} الآية. والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليعمنكم الله تعالى منه بعقاب . هذا. وليس من حق الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يتجسس للبحث عن المنكرات وتتبعها. فإن كل من ستر معصيته في داره، وأغلق عليه بابه لا يجوز أن يتجسس عليه، لأن الله نهى عن التجسس، وقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه تسلق دار رجل، فرآه على حالة مكروهة، فأنكر عليه. فقال: يا أمير المؤمنين. إن كنت أنا قد عصيت الله من وجه واحد فأنت قد عصيته من ثلاثة أوجه. فقال: وما هي؟ فقال: قد قال الله تعالى: {ولا تجسسوا} [الحجرات: 12] وقد تجسست، وقال تعالى: {وأتوا البيوت من أبوابها} [البقرة: 189] وقد تسورت من السطح. وقال {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} [النور: 27] وما سلمت. فتركه عمر، وشرط عليه التوبة. نعم إن علم منكرا يجب إدراك خطره وهو قادر على دفعه، جاز له التجسس ثم اقتحام الدار، وفي هذا يقول الماوردي: ليس للمحتسب أن يبحث عما لم يظهر من المحرمات، فإن غلب على الظن استسرار قوم بها، لأمارة وآثار ظهرت، فذلك ضربان: أحدهما أن يكون ذلك في انتهاك حرمة يفوت استدراكها مثل أن يخبره من يثق بصدقه أن رجلا خلا برجل ليقتله، أو بامرأة ليزني بها، فيجوز له في مثل هذا الحال أن يتجسس، ويقدم على الكشف والبحث، حذرا من فوات ما لا يستدرك. الضرب الثاني: ما قصر عن هذه الرتبة، فلا يجوز التجسس عليه، ولا كشف الأستار عنه، فإن سمع أصوات الملاهي المنكرة من دار أنكرها خارج الدار، ولم يهجم عليها بالدخول لأن المنكر ظاهر، وليس عليه أن يكشف عن الباطن. وعلى الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أمور منها: 1 - أن يكون رفيقا في دعوته ليكون أدعى إلى القبول، فقد قيل: إن المأمون وعظه واعظ، فعنف في القول، فقال له: يا رجل. ارفق، فقد بعث الله من هو خير منك إلى من هو شر مني، وأمر بالرفق فقال: {فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى} [طه: 44]. 2 - وأن يكون مسرا بإنكاره، فقد قال الشافعي: من وعظ أخاه سرا نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه. 3 - وألا يسرف في الكلام والوعظ لئلا ينفر المرتكب. 4 - وأن يكون حليما صبورا يتحمل جهل الجاهل وسفهه، ولذلك قرن الله الصبر بالأمر بالمعروف، فقال حاكيا عن لقمان: {يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور} [لقمان: 17]. 5 - وأن يكون على جانب طيب من حسن الخلق، فإن فاقد الشيء لا يعطيه، وهداية الغير فرع هداية النفس، ولا يستقيم الظل والعود أعوج. هذا وباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باب عظيم القدر، جليل الشأن، بالغ النفع، شديد الخطر، به كانت الأمة الإسلامية خير أمة، قال تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} [آل عمران: 110] وبسبب التقصير غضب الله على اليهود وجعل منهم القردة والخنازير قال تعالى: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} [المائدة: 78، 79]. وقد قلت عناية المسلمين به في هذا العصر، حتى ندر منهم الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، جبنا من السطوة حينا، وحرصا على الدنيا أحيانا، تركوه خوفا على الصداقة والمودة، ونسوا أن المودة توجب حقا وحرمة، وحقها النصح والهداية إلى سواء السبيل، وحرمتها الإنقاذ من النار. تركوه مداهنة للرؤساء، وطلبا للمنزلة عندهم، وابتغاء رضاهم، للوصول إلى عرض زائل حقير، ونسوا أن الأمر كله لله، وأنه لو اجتمع أهل السماء والأرض على أن ينفعوا لم ينفعوا إلا بشيء قد كتبه الله. نرى في المساجد المسيئين في صلاتهم ثم لا نكترث بنصحهم، ونسمع الغيبة والنميمة عشرات المرات في اليوم الواحد ونبتسم لقائلها، ونرى المتسكعين في الطرقات من الشباب يعاكسون الفتيات، فنهز أكتافنا ثم نمضي كأنه لا يعنينا، وأصبح عري النساء، وكشفهن العورات ومواطن إثارة الغرائز وضعا مألوفا، والاحتشام والتستر أمرا غريبا، بل أصبحت القوانين المدنية تدعو إلى عدم التعرض للمنكر الذي حصل بتراضي الطرفين، ولا شك أن عدم التعرض للمنكر منكر، فهي صراحة تأمرنا بالمنكر وتنهانا عن المعروف. وتلك سمة اختلال الزمان وتغير الحال، وقرب الانتقام من الحليم المتعال. وقد أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بما نحن عليه اليوم، إذ قال لأصحابه: كيف أنتم إذا طغى نساؤكم، وفسق شبابكم، وتركتم جهادكم؟ قالوا: وإن ذلك لكائن يا رسول الله؟ قال: نعم. والذي نفسي بيده وأشد منه سيكون . قالوا: وما أشد منه يا رسول الله؟ قال: كيف أنتم إذا لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر؟ قالوا: وكائن ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم والذي نفسي بيده وأشد منه سيكون. قالوا: وما أشد منه يا رسول الله؟ قال: كيف أنتم إذا رأيتم المعروف منكرا، والمنكر معروفا؟ قالوا: وكائن ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم. والذي نفسي بيده. وأشد منه سيكون. قالوا: وما أشد منه يا رسول الله؟ قال: كيف أنتم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟ قالوا: وكائن ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم. وقد تحققت كل هذه المساوئ في زماننا فاستنصرنا ولم ينصرنا الله، ودعا خيارنا فلم يستجب لهم، وسلط الله علينا من لا يوقر كبيرنا، ولا يرحم صغيرنا، ولا يصون أعراضنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولا سلامة إلا بالرجوع إلى دين الله، وكلنا راع وكلنا مسئول. فاللهم اكشف عنا الغمة، واهدنا سواء السبيل، إنك رءوف رحيم. والله أعلم

    حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، كِلاَهُمَا عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، - وَهَذَا حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ - قَالَ أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلاَةِ مَرْوَانُ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ الصَّلاَةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ ‏.‏ فَقَالَ قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ ‏.‏ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ ‏ "‏ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ‏"‏ ‏.‏

    It is narrated on the authority of Tariq b. Shihab:It was Marwan who initiated (the practice) of delivering khutbah (address) before the prayer on the 'Id day. A man stood up and said: Prayer should precede khutbah. He (Marwan) remarked, This (practice) has been done away with. Upon this Abu Sa'id remarked: This man has performed (his duty) laid on him. I heard the Messenger of Allah as saying: He who amongst you sees something abominable should modify it with the help of his hand; and if he has not strength enough to do it, then he should do it with his tongue, and if he has not strength enough to do it, (even) then he should (abhor it) from his heart, and that is the least of faith

    D'après Abou Sa'îd Al-Khoudri (que Dieu l'agrée) : Târiq Ibn Chihâb transmet que Marwân fut le premier à faire devancer la prière au jour de la fête par le prône. Un homme intervint à l'instant et lui dit : "La prière doit se faire avant le prône (selon la pratique du Prophète)!". - "Ceci n'est plus", répondit Marwân. Abou Sa'îd dit alors : Cet homme a ainsi rempli son devoir. J'ai entendu le Prophète (paix et bénédiction de Dieu sur lui) dire : "Celui d'entre vous qui assiste à quelque action blâmable, qu'il intervienne pour la changer de sa main; sinon, de sa langue; sinon, de son cœur, et c'est là la plus faible manifestation de la foi". Superposition des degrés des Croyants. Les gens du Yémen sont les plus voués à la foi

    Telah menceritakan kepada kami [Abu Bakar bin Abu Syaibah] telah menceritakan kepada kami [Waki'] dari [Sufyan]. (dalam riwayat lain disebutkan) Dan telah menceritakan kepada kami [Muhammad bin al-Mutsanna] telah menceritakan kepada kami [Muhammad bin Ja'far] telah menceritakan kepada kami [Syu'bah] keduanya dari [Qais bin Muslim] dari [Thariq bin Syihab] dan ini adalah hadits Abu Bakar, "Orang pertama yang berkhutbah pada Hari Raya sebelum shalat Hari Raya didirikan ialah Marwan. Lalu seorang lelaki berdiri dan berkata kepadanya, "Shalat Hari Raya hendaklah dilakukan sebelum membaca khutbah." Marwan menjawab, "Sungguh, apa yang ada dalam khutbah sudah banyak ditinggalkan." Kemudian [Abu Said] berkata, "Sungguh, orang ini telah memutuskan (melakukan) sebagaimana yang pernah aku dengar dari Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam, bersabda: "Barangsiapa di antara kamu melihat kemungkaran hendaklah ia mencegah kemungkaran itu dengan tangannya. jika tidak mampu, hendaklah mencegahnya dengan lisan, jika tidak mampu juga, hendaklah ia mencegahnya dengan hatinya. Itulah selemah-lemah iman." Telah menceritakan kepada kami [Abu Kuraib Muhammad bin al-Ala'] telah menceritakan kepada kami [Abu Mua'wiyah] telah menceritakan kepada kami [al-A'masy] dari [Ismail bin Raja'] dari [bapaknya] dari [Abu Sa'id al-Khudri] dari [Qais bin Muslim] dari [Thariq bin Syihab] dari [Abu Sa'id al-Khudri] dalam kisah Marwan, dan hadits Abu Sa'id dari Nabi shallallahu 'alaihi wasallam, seperti hadits Syu'bah dan Sufyan

    Bize Ebu Bekr b. Ebi Şeybe tahdis edip dedi ki: Bize Veki', Süfyan'dan tahdis etti (H) Bize Muhammed b. el-Müsenna da tahdis edip dedi ki: Bize Muhammed b. Cafer tahdis edip dedi ki: Bize Şu'be tahdis etti. (Süfyan ile birlikte) ikisi Kays b. Müslim'den, o Tarık b. Şihab'dan -bu Ebu Bekr'in rivayet ettiği hadistir- dedi ki: Bayram günü namazdan önce hutbe okumayı ilk başlatan kişi Mervan'dır. Bir adam ona kalkıp: Namaz hutbeden öncedir, dedi. Mervan ortada terkedilmiş (daha başka) şeyler de vardır, dedi. Ebu Said bunun üzerine: Bu adam üzerine düşeni yerine getirdi. Ben Rasulullah (Sallallahu aleyhi ve Sellem)'i şöyle buyururken dinledim, dedi: "Sizden kim bir kötülük görürse onu eliyle değiştirsin eğer gücü yetmezse diliyle yine gücü yetmezse (l/69a) kalbiyle (değiştirsin). Bu ise imanın en zayıf halidir. " Diğer tahric: Ebu Davud, 1040, 4340; Tirmizi, 2272 bu hasen, sahihtir diyerek; Nesai, 5023 -muhtasar olarak-, 5024 -olayı zikretmeksizin-; İbn Mace, 1275, 4013; Tuhfetu'l-Eşraf, 4085, 4032 A.DAVUDOĞLU AÇIKLAMASI İÇİN BURAYA TIKLA NEVEVİ ŞERHİ: Hadisteki "bayram günü namazdan önce hutbe okumayı ilk başlatan kişi Mervan' dır" ifadeleri hakkında Kadı Iyaz (rahimehulIah) şöyle diyor: Bu hususta ihtilaf vardır. Burada bizim gördüğümüz gibi rivayet edilmiştir. Namazdan önce hutbeyi ilk okuyan kişinin Osman (radıyalIahu anh) olduğu söylendiği gibi, Ömer b. el-Hattab (radıyalIahu anh) olduğu da söylenmiştir. O insanların namazın tamamlanmasından sonra gidip hutbeyi beklemediklerini görünce böyle yapmıştı. Hayır, bunun için değil de evi uzaklarda olan ve bundan dolayı geciken kimselerin namaza yetişmeleri için böyle yapmışlardır diye de açıklamışlardır. Bu uygulamayı ilk başlatanın Muaviye olduğu İbn ez-Zubeyr (radıyalIahu anh)'ın da bunu yaptığı söylenmiştir ama Nebi (Sallallahu aleyhi ve Sellem)'den, Ebu Bekr, Ömer, Osman ve Ali (radıyalIahu anhum)'dansabit olan, önce namazın kılınmasıdır. İslam aleminin değişik yerlerindeki fukaha topluluğu da bu kanaattedir. Hatta bazıları bunun icma olduğunu dahi kabul etmiştir. Bununla -Allahu a'lem- bu ihtilaftan sonra ihtilafın gerçekleştiğini kastetmekte yahut raşid halifelerin ve birinci asrın icmaından sonra Umeyye oğullarının muhalefetine iltifat etmediği için böyle söylemiş olmalıdır. Bundan sonra Ebu Said'in: Bu üzerine düşeni yaptı sözlerini o pek büyük kalabalık huzurunda söylemesi ise onlar nezdinde sünnetin Mervan'ın yaptığının aksine yerleşmiş olduğunun delilidir. Bunun böyle olduğunu Ebu Said'in şu sözlerini delil göstermesi de açıkça ortaya koymaktadır: RasuluIlah (Sallallahu aleyhi ve Sellem)'i şöyle buyururken dinledim: "Sizden kim bir kötülük görürse onu ... değiştirsin." Eğer kendisi ve hazır bulunanlar bunun böyle olduğuna inanmış olsaydı yahut daha önce bu uygulama görülmüş ya da böyle bir sünnet geçmiş olsaydı ona kesinlikle münker (kötülük) demezdi. Bunda da Mervan' dan önce herhangi bir halifenin böyle bir uygulama yapmadığına ve Ömer, Osman ve Muaviye' den onların bu uygulamayı yaptıklarına dair gelen naklin sahih olmadığına delildir. Allah en iyi bilendir. "Bir adam ayağa kalkarak ona: Namaz hutbeden öncedir dedi. .. Onu eliyle değiştirsin" hadisiyle ilgili olarak şöyle bir soru sorulabilir: Ebu Said (r.a.) nasıloldu da böyle bir münkere/kötülüğe karşı çıkmakta gecikti de bu adam ondan önce bu işi yaptı. Cevabı şudur: Mervan'ın hutbeyi öne almayı gösteren sebeplere ilk başladığı sırada Ebu Said'in orada bulunmaması ihtimali vardır. Bundan dolayı bu adam ona karşı çıktı sonra onlar konuşmakta iken Ebu Said içeri girdi. Ebu Said'in ta baştan itibaren arda bulunmakla birlikte kendisi ya da başkası aleyhine tepki göstermesi sebebiyle bir fitnenin ortaya çıkacağından korkmuş olma ihtimali de vardır. Başkasının tepki göstermesiyle onun münkeri değiştirme yükümlülüğü de üzerinden düşmüş oldu fakat diğer adam -mesela- aşireti güçlü olup, kendisi de ona dayandığından hiçbir şeyden korkmadı ya da başka bir sebep dolayısıyla bunu yaptı ya da korkmuş olmakla birlikte kendisini tehlikeye atmış olabilir. Bu gibi durumlarda ise böyle bir şey caizdir hatta müstehaptır. Bir diğer ihtimal de şudur: Ebu Said karşı çıkmak isterken o adam ondan erken harekete geçmiş, Ebu Said de onu desteklemiş olabilir. Allah en iyi bilendir. Diğertaraftan Buhari ve Müslim'in -Allah ikisinden de razı olsun- bayram namazı babında ittifakla tahriç ettikleri bir hadiste belirtildiği üzere minbere çıktığını görünce Mervan' i elinden çeken Ebu Said idi. Her ikisi de birlikte gelmişti. Mervan da ona bu adama verdiği şekilde cevap vermişti. Bunların iki ayrı olayalma ihtimali vardır. Birisi Ebu Said'in başından geçen olay, diğeri ise Ebu Said'in huzurunda adamın başından geçen olay. Allah en iyi bilendir. "Bu adam üzerine düşeni yaptı" ifadesinde ise Ebu Said'in de aynı şekilde bu kötülüğe karşı çıktığı açıkça ifade edilmektedir. EMR-İ Bİ’L-MA’RUF NEHİY ANİ’L-MÜNKER (İyiliği Emretmek ve MünkerilKötülüğü Değiştirmek ) Nebi (Sallallahu aleyhi ve Sellem)'in: "Onu değiştirsin" emri ümmetin icmaı ile icap (farz) bildiren bir emirdir. İyiliği emredip, kötülükten alıkoymanın vücubunu kitap, sünnet ve ümmetin İcmaı ortaya koymuştur. Aynı zamanda bu, dinin kendisi olan nasihat türündendir. Bu hususta bazı Rafızller dışında muhalefet eden olmamıştır, onların muhalefetlerinin de bir değeri yoktur. Nitekim İmamu'l-Harameyn İmam Ebu'I-Meal1 de böyle demiştir. Onların bu husustaki muhalefetleri önemsenmez çünkü Müslümanlar onlar ortaya çıkmadan önce bunun üzerinde icma etmişlerdir. Bu amelin farziyeti -Mutezile'nin kanaatinin aksine- akıl ile değil, şeriat iledir. Aziz ve celil Allah'ın: "Siz kendinize bakınız eğer siz hidayet bulursanız sapıtanıarın size zararı olmaz" (Maide, 105) buyruğu da bizim sözünü ettiğimiz hükme aykırı değildir çünkü ayetin anlamı ile ilgili olarak muhakkikler tarafından kabul edilmiş doğru açıklama şekli şudur: Eğer sizler yükümlü tutulduğunuz işleri yerine getirecek olursanız başkalarının kusurlu hareket etmesinin size zararı olmaz. Yüce Allah'ın: "Hiçbir nefis bir diğerinin günah yükünü yüklenmez." (İsra, 15) buyruğu gibidir. Durum böyle olduğuna göre kişinin yükümlü kılındığı hususlardan birisi de iyiliği emredip, kötülükten alıkoymaktır. (2/22) O bunu yerine getirmekle birlikte muhatap olduğu kişi onun dediğini yapmayacak olursa artık bundan sonra emrolunduğunu yerine getiren kimsenin kınanması sözkonusu olmaz çünkü o görevini yerine getirmiş olur. Ona düşen emretmek ve yasaklamaktır, kabul edilmesini sağlamak değildir. Allah en iyi bilendir. Diğer taraftan iyiliği emredip, münkerden alıkoymak farz-ı kifayedir. İnsanların bir kısmı gereğini yerine getirecek olurlarsa diğerlerinden vebal düşer. Fakat herkes onu terk edecek olursa mazeretsiz ve korkusuz olarak onu yapabilecek durumda olan herkes günahkar olur. Bazı hallerde farz-ı ayn olarak muayyen kimseler hakkında sözkonusu olabilir. Bir işin hükmünü kendisinden başka kimsenin bilemediği bir yerde bulunması yahut onu ancak kendisi ortadan kaldırabilecek durumda olması hali gibi. Eşini, çocuğunu ya da kölesini bir münkeri işlerken gören ya da bir marufta kusurlu hareket ettiğini tespit eden kimsenin durumu gibi. İlim adamları {Allah onlardan razı olsun} şöyle demişlerdir: Kendi zannınca fayda vermediğini düşündüğü için iyiliği emredip, münkerden alıkoymak yükümlülüğü mükellefin üzerinden kalkmaz. Aksine (bu düşünceye sahip olsa dahi) bu görevi yerine getirmesi gerekir çünkü hatırlatmak müminlere fayda verir. Daha önce de ona düşenin iyiliği emredip, kötülüğü yasaklamak olduğu, kabul edilmesini sağlamak olmadığını da belirtmiş idik. Nitekim aziz ve celi! Allah da: "Resule düşen tebliğden başkası değildir." (Maide, 99) buyurmaktadır. İlim adamları buna hamamda ya da başka bir yerde avretini kısmen açmış bir kimseyi göreni ve buna benzer durumu örnek vermişlerdir. Allah en iyi bilendir. İlim adamları der ki: iyiliği emredip, kötülükten alıkoyan kimsenin verdiği emri ya da yasakladığı hususu gereğince yerine getiren, halinde eksiklik bulunmayan bir kişi olması şart değildir. Aksine yerine getirilmesini emrettiği hususu kendisi ihlal etse dahi emretmekle yükümlüdür, vazgeçilmesini söylediği yasağı kendisi işleyen birisi olsa dahi yine yasaklamalıdır çünkü böyle bir kimseye iki görev düşer. Kendisine iyiliği emredip, kötülükten alıkoymak, bir de başkasına iyiliği emredip, kötülükten alıkoymak. Bunlardan herhangi birisini gereği gibi yerine getirmeyecek olursa diğerini ihlal edip, yerine getirmemesi onun için nasıl mubah görülebilir? ilim adamları der ki: iyiliği emredip, kötülükten alıkoymak bu hususta resmi yetkililere ait özel bir görev değildir. Aksine diğer Müslüman fertler için de bunu yapmak caizdir. imamu'l-Harameyn dedi ki: Buna delil Müslümanların kmaıdır çünkü birinci asırda ve ondan sonraki asırda yöneticilerin dışındakiler de bizzat yöneticilere iyiliği emrediyor, onları kötülükten vazgeçirmeye çalışıyorlardı. Müslümanlar da onların bu yaptıklarını takrir ediyorlar (reddetmiyarlar}dı. Resmi yetki ve görevleri olmadığı halde iyiliği emredip, kötülükten alıkoymakla uğraştıkları için de onları azarlamıyar, onlara çıkışmıyorlardı. Allah en iyi bilendir. Emredip, alıkoyma işini ancak emrettiği ve yasakladığı hususu bilen bir kişi yapar. Bu da emredilen ya da yasaklanan konunun farklılığına göre değişir. Eğer bu iş açık farzlardan ve herkes tarafından bilinen haramlardan ise -namaz, oruç, zina, şarap içmek ve benzeri işler gibi- bütün Müslümanlar bunları bilir. Şayet ince fiil ve sözlerden olup, içtihad ile ilgili hususlardan ise avamın (alim olmayanların) bununla bir ilgileri yoktur, böyle bir şeye tepki göstermek hakları da yoktur. Aksine bu alimlerin görevi ve yetkisindedir. Ayrıca ilim adamları kma ile kabul edilmiş hususlara karşı çıkarlar. Hakkında görüş ayrılığı bulunan hususlarda ise karşı çıkmak sözkonusu değildir çünkü her iki mezhep hakkında da her müçtehid isabet eder hükmü sözkonusudur. Muhakkiklerin pek çoğu ya da çoğunluğuna göre tercih edilen kanaat budur. Bu husustaki diğer görüşe göre ise isabet eden tek kişidir, hata eden ise bizim için muayyen olarak bilinmemektedir. Hata eden hakkında da günah sözkonusu değildir fakat böyle bir kimseye ihtilafın dışına çıkmak için nasihat olmak üzere teşvikte bulunacak olursa bu yapılan iş güzeldir, sevilen ve ayrıca yumuşaklıkla yapılması teşvik edilen bir uygulamadır çünkü ilim adamları eğer bir sünneti ihlal etmeyi yahut başka bir görüş ayrılığı içine düşmeyi gerektirmiyorsa ihtilafın dışınaçıkmayı ittifakla teşvik etmiş bulunuyorlar. Kadıların en kadısı Ebu'l-Hasan el-Maverdi el-Basri eş-Şafii, el-Ahkamu's-Sultaniyye adlı eserinde (2/23) devlet yetkilisinin hisbe görevini verdiği kimse eğer içtihad ehlinden ise insanları fukahanın ihtilaf ettiği konularda kendi mezhebine uygun hareket etmeye zorlamak yetkisi var mıdır yoksa başkasının mezhebine uygun olan hususları değiştirmeye kalkışmamalı mıdır hususunda ilim adamları arasında görüş aynlığı bulunduğunu nakletmektedir. Ona göre daha sahih olan sözünü ettiğimiz sebepler dolayısıyla başkasının mezhebine uygun olan hali değiştirmeye kalkışmayacağıdır çünkü fer'i meselelerde ashab-ı kiram, tabiin ve onlardan sonra gelenler arasında (Allah hepsinden razı olsun) ihtilaf hep görülegelmiş ve ne hisbe görevlisi, ne de bir başkası başkasının yapbğına karşı çıkmamışbr. Aynı şekilde ilim adamları der ki: Müftinin de, hakimin de eğer herhangi bir nassa, bir icmaa yahut açık bir kıyasa muhalif değilse kendisine muhalif kanaatte olanlara itiraz edemez. Allah en iyi bilendir. Şunu bil ki, bu konu yani iyiliği emredip, münkerden alıkoymak ameli uzun zamanlardan bu yana çoğunlukla ihmal edilmiş, bu zamanlarda geriye ondan oldukça az birtakım şekli uygulamalar dışında bir şey kalmamışbr. Halbuki bu husus işi ayakta tutan ve işin en önemli noktasını teşkil eden pek büyük bir husustur. Kötülük çoğalacak olursa ceza iyi olanı da, kötü olanı da kapsamına alır. Eğer ilgili kimseler zalimin elini zulümden alıkoymayacak olurlarsa şanı yüce Allah'ın hepsini cezalandırması uzak değildir. Bu sebeple onun emrine aykırı hareket edenler kendilerine bir fitnenin gelip çatmasından yahut pek büyük bir azabın isabet etmesinden sakınmalıdırlar. O halde ahireti isteyen aziz ve celil Allah'ın rızasını elde etmek için uğraşan bir kimsenin bu konuya gereken itinayı göstermesi gerekir çünkü bunun faydası pek büyüktür. Özellikle de bu önemli görevin büyük bir kısmı ihmal edilmiş bulunmaktadır. Bu işe kalkışan kimse niyetini halis kılmalı, mertebesinin yüksekliğinden ötürü herhangi bir kimsenin kendisine göstereceği tepkiden de çekinmemelidir çünkü yüce Allah: 'Y dolsun Allah kendi (dini)ne yardım edene yardım edecektir." (Hac, 40); "Kim Allah'a sımsıkı bağlanırsa dosdoğru yola ileti/miş olur." (Al-i İmran, 101); "Bizim yolumuzda mücahede edenlere elbette yollarımızı gösteririz." (Ankebut, 69); "İnsanlar "iman ettik" demeleri ile bırakılıverileceklerini ve imtihan edilmeyeceklerini mi sandılar? Andolsun onlardan önce geçenleri biz imtihan etmişizdir. Allah elbette doğru olanları da bilir, yalancı olanları da bilir. " (Ankebut, 2-3) buyurmaktadır. Bilmeli ki mükMat yorgunluğa göredir. Aradaki arkadaşlık, sevgi, müdahale, nezdinde güzel bir konum sahibi olmak, onun yanındaki güzel konumunu sürdürmek gibi bir sebep dolayısıyla da gerekeni emredip yasaklamayı terk etmez çünkü şüphesiz bir kimsenin arkadaşlığı, ona sevgi beslemek, onun lehine bir saygı duymayı ve hak sahibi olmasını gerektirir. Ona nasihatta bulunması, ahirette faydasına olanları ona göstermesi, ahireti için zararlı olacak hallerden onu kurtarmaya çalışması da onun haklarının bir kısmıdır. insanın gerçek arkadaşı ve dostu ise ahiretini mamur etmesi için çalışan kimsedir. isterse bu çalışması sebebiyle dünyasında eksikliğe sebep olsun. Gerçek düşmanı da ahretinin kaybolması ya da eksilmesi için çalışan kimsedir. isterse bundan dolayı dünyasında şekle n bir fayda elde etsin. işte iblisin bize düşman olmasının sebebi de budur. Nebiler de -Allah'ın salat ve selamları hepsine- müminlerin gerçek velileri, dostları idiler. Çünkü nebiler müminlerin ahiret menfaatleri için ve onları bu menfaatlere iletmek için çalışıp çabalamışlardır. Kerim olan Allah'tan bizleri, sevdiklerimizi ve diğer Müslümanları rızasını elde etme muvaffakiyetini ihsan buyurmasını, cömertliğiyle, rahmetiyle hepimizi kuşatmasını dileriz. Allah en iyi bilendir. iyiliği emredip, kötülükten alıkoyan kimsenin istediğini elde edebilme ihtimalinin daha yükselmesi için olabildiği kadar yumuşak olması gerekir. imam Şafii (r.a.) şöyle demiştir: Gizlice kardeşine öğüt veren bir kimse ona samimi olarak nasihat etmiş ve ona güzel bir iyilikte bulunmuş olur. Açıkça öğüt veren bir kimse ise onu rezil etmiş ve onu kötüleştirmiş olur. Çoğu kimsenin bu hususta önemsemediği noktalardan birisi de şudur: Bir kimseyi kusurlu bir mal ya da buna benzer bir şey satarken görecek olursa buna karşı çıkmazlar ve müşteriye o malın kusurunu bildirmezler. (2/24) Halbuki bu apaçı!< bir yanlışlıktır. İlim adamları ise açıkça böyle bir işi bilen kimsenin satıcıya tepki göstermesinin, müşteriye de bunu bildirmesinin gerektiğini açıkça ifade etmişlerdir. Allah en iyi bilendir. iyiliği Emredip Kötülükten Alıkoymanın Mertebeleri Alıkoyup, yasaklamanın nitelik ve mertebelerine gelince, Nebi (Sallallahu aleyhi ve Sellem) bu sahih hadiste: "E;liyle değiştirsin, gücü yetmezse diliyle, gücü yetmezse kalbiyle (değiştirsin)" buyurmaktadır. Yüce Rasulün: "Kalbiyle" buyruğu ise, kalbinden o işten tiksinsin anlamındadır. Onun bu hali o kötülüğü ortadan kaldırmak ve onun münkeri değiştirmesi değildir. Ama onun yapabileceği bu kadardır. "Bu ise imanın en zayıfıdır" buyruğunun anlamı da -Allah en iyi bilendir- neticesi en az olandır, demektir. Kadı lyaz (rahimehullah) dedi ki: Bu hadis (şeriata uygun olmayanı) değiştirmenin niteliği hakkında önemli bir asıl dayanaktır. Buna göre değiştirmek isteyen kimsenin değiştireceği şeyi söz ya da fiil ile ortadan kaldırma imkanını bulabildiği her bir şekil ile değiştirmek hakkına sahiptir. Batılın aletlerini kırar, bizatihi sarhoşluk veren içkiyi döker ya da bu işi yapacak kimseye emir verir, gaspedilmiş malları gaspedenlerin elinden çekip alır, onları bizzat sahiplerine geri verir ya da imkanı olursa emir vererek bu işleri yaptırır. Değiştirme eylemini yaparken elinden geldiği kadar cahil kimseye ve şerrinden korkulan güçlü zalime yumuşak muamele eder çünkü böylesi onun sözünün kabul edilme ihtimalini daha da yükseltir. Aynı şekilde bu işi üstlenecek kimsenin bu anlamdan ötürü salih ve fazilet ehli kimselerden olması müstehabtır. Günahına dalıp giden ve batıl işlemekte aşırıya kaçan kimseye de -eğer sert davranmasının etkili olacağından emin olursa- başkalarına davrandığından daha sert bir şekilde ona tepki gösterir, münkerini değiştirmesini sağlar çünkü kendisi bu durumda zalim in tasallutuna karşı korunmuş haldedir. Eğer eliyle değiştirmesinin kendisinin öldürülmesi ya da bu sebeple başkasının öldürülmesi gibi daha ağır bir münkere sebep teşkil edeceğine dair kanaati ağır basarsa eliyle değiştirmeye kalkışmaktan uzak durur, dil ile değiştirmek, öğüt vermek ve korkutmakla yetinir. Eğer söz söylemesinin de benzeri bir zarar vereceğinden korkarsa kalbiyle değiştirir ve bu hususta onun için genişlik vardır. Yüce Allah'ın izniyle hadisten kasıt işte budur. Eğer bu husı!sta yardımını alacağı kimse bulacak olursa onun bu hali silah kullanmaya ya da çatışmaya götürmediği sürece başkasının yardımını alır. (Eğer böyle bir sonuç verecekse) o takdirde bu durumu -münker eğer başkaları tarafından işleniyorsa- yetkili kimseye bildirir yahut onu kalbiyle değiştirmekle yetinir. İşte -isterse öldürülmesine sebep olsa ve ona her türlü eziyet bundan dolayı yapılsa dahi- açıkça münkeri değiştirmenin gerekli olduğunu kabul edenlerin kanaatinin aksine bu meselenin fıkhi incelikleri ve bu hususta doğru uygulama şekli ilim adamlarına ve muhakkiklerine göre budur. Kadı {rahimehullah)'ın sözleri burada sona ermektedir. İmamu'l-Harameyn (rahimehullah) diyor ki: Büyük günah işleyen bir kimse -eğer sözlü olarak ondan vazgeçmiyor ise iş çarpışmaya ve silah çekmeye götürmeyecek ise- onu (fiilen) alıkoymak raiyenin fertleri için uygun görülen bir davranıştır ama iş o noktaya kadar varacaksa o takdirde konu sultanı (devletin yetkili otoritesini) ilgilendiren bir husustur. Zamanın valisi haksızlık yapıp, zulmü ve gaddarlığı açıkça ortaya çıkacak ve yaptığı kötü işlerden söylenen sözle geri kalmayacak olursa o takdirde hal ve akd ehli olan kimselerin -silah çekmek ve savaşmak yoluyla dahi olsa- onu görevinden almak üzere anlaşıp ittifak etmeleri gerekir. -İmamu'l-Harameyn'in sözleri burada sona ermektedir. - İmamu'l-Harameyn'in yöneticinin görevden alınması ile ilgili sözünü ettiği bu hüküm oldukça gariptir. Bununla birlikte onun bu açıklaması onun kötülüğünden daha büyük bir kötülüğü doğuracağından korkulmaması hali ile ilgili olarak yorumlanır. (2/25) (İmamu'l-Harameyn ayrıca) dedi ki: İyiliği emreden kimsenin araştırmaya, gizlilikleri ortaya çıkarmak için çalışmaya, tecessüs yapmaya, zan ile hareket ederek evlere baskın yapmaya hakkı yoktur. Aksine özel bir çaba harcamaksızın bir münkeri tespit ederse (onu değiştirmeye kalkar). -Bu İmamu'l-Harameyn'in sözüdür.- Kadıların en kadısı Maverdi de şöyle diyor: Hisbe görevlisinin açıkça işlenmeyen haramları (zandan hareketle) araştırmak hakkı yoktur. Herhangi bir emare yahut ortaya çıkmış izlerden hareketle bir topluluğun bu işi gizlice yaptıkları zannı ağır bir kanaat halini alması iki türlü sözkonusu olur. Birincisi böyle bir kanaatin telafi edilmesi imkanı ortadan kalkacak şekilde bir haramın çiğnenmesi suretiyle ortaya çıkabilir, doğru söylediğinden emin olduğu bir kişinin bir adamın bir başka adamı öldürmek maksadıyla yahut bir kadını onunla zina etmek amacıyla kıstırdığını haber vermesi halinde olduğu gibi telafi edilemeyecek bir halin ortaya çıkma korkusu ile tecessüs yapması, durumu açığa çıkarmaya kalkışıp araştırması aynı şekilde eğer bu hali görevi olmadığı halde nafile (ibadet olarak) yapan muhtesib dışındaki bir kimse de öğrenecek olursa durumu açığa çıkarmaya kalkışmaları ve bunu değiştirmek için uğraşmaları da caiz olur. İkinci tür ise bu halden daha geri ve daha hafif olan bir haldir. Bu takdirde ise kişi hakkında tecessüste bulunmak da caiz değildir, onun üzerindeki örtüleri açmak da caiz değildir. Eğer bir evden eğlence seslerini duyacak olursa, evin dışında bunu tepki ile karşılayıp, değiştirmeye çalışır, eve girip baskın yapmaz çünkü münker açıkça ortadadır. Onun gizli olanı açığa çıkarmak gibi bir yükümlülüğü yoktur. Maverdi, el-Ahkamu's-Sultaniyye adlı eserinin sonlarında hisbe ile alakalı güzel bir bab açmıştır. Bu babın kapsamında iyiliği emredip, münkerden alıkoymak ile ilgili birtakım kaideler yer almaktadır. Biz burada bunların ana maksatlarına işaret ettik ve bu hususta geniş açıklamalarda bulunduk. Buna sebep ise bu konunun faydasının büyüklüğü, ona çokça ihtiyaç duyulması ve İslam'ın kaidelerinin en büyüklerinden olmasıdır. Allah en iyi bilendir

    ابو بکر بن ابی شیبہ نے کہا : ہمیں وکیع نے سفیان سے حدیث سنائی ، نیز محمد بن مثنیٰ نے کہا : ہمیں محمد بن جعفر نے اورانہیں شعبہ نے حدیث سنائی ، ان دونوں ( سفیان اور شعبہ ) نے قیس بن مسلم سے اور انہوں نے طارق بن شہاب سے روایت کی ، الفاظ ابو بکر بن ابی شیبہ کے ہیں ۔ طارق بن شہاب نے کہا کہ پہلا شخص جس نے عید کے دن نماز سے پہلے خطبے کا آغاز کیا ، مروان تھا ۔ ایک آدمی اس کے سامنے کھڑا ہو گیا اور کہا : ’’نما ز خطبے سے پہلے ہے ؟ ‘ ‘ مروان نے جواب دیا : جو طریقہ ( یہاں پہلے ) تھا ، وہ ترک کر دیا گیا ہے ۔ اس پر ابو سعید ‌رضی ‌اللہ ‌عنہ ‌ ‌ نے کہا : اس انسان نے ( جس سے صحیح بات کہی تھی ) اپنی ذمہ داری پوری کر دی ہے ۔ میں نے رسول اللہ ﷺ سے سنا ، آپ فرما رہے تھے : ’’ تم میں سے جوشخص منکر ( ناقابل قبول کام ) دیکھے اس پر لازم ہے کہ اسے اپنے ہاتھ ( قوت ) سے بدل دے اوراگر اس کی طاقت نہ رکھتا ہو تو اپنے دل سے ( اسے برا سمجھے اور اس کے بدلنے کی مثبت تدبیر سوچے ) اور یہ سب سے کمزور ایمان ہے ۔ ‘ ‘

    আবূ বাকর ইবনু আবূ শাইবাহ্ (রহঃ) ..... তারিক ইবনু শিহাব (আবূ বাকর ইবনু আবী শাইবার হাদীসে) বলেনঃ মারওয়ান ঈদের দিন সালাতের পূর্বে খুতবাহ দেয়ার (বিদ'আতী) প্রথা প্রচলন করে। এ সময় এক ব্যক্তি দাঁড়িয়ে বললো, খুতবার আগে সালাত" (সম্পন্ন করুন)। মারওয়ান বললেন, এখন থেকে সে নিয়ম পরিত্যাগ করা হল। সাথে সাথে আবূ সাঈদ আল খুদরী (রাযিঃ) ওঠে বললেন, ঐ ব্যক্তি তার কর্তব্য পালন করেছে। আমি রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়া সাল্লাম কে বলতে শুনেছি, তোমাদের কেউ গৰ্হিত কাজ হতে দেখলে সে যেন স্বহস্তে (শক্তি প্রয়োগে) পরিবর্তন করে দেয়, যদি তার সে ক্ষমতা না থাকে, তবে মুখ (বাক্য) দ্বারা এর পরিবর্তন করবে। আর যদি সে সাধ্যও না থাকে, তখন অন্তর দ্বারা করবে, তবে এটা ঈমানের দুর্বলতম পরিচায়ক। (ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ ৮৩, ইসলামিক সেন্টারঃ)

    தாரிக் பின் ஷிஹாப் (ரஹ்) அவர்கள் கூறியதாவது: முதன்முதலில் பெருநாள் தினத்தில் தொழுகைக்கு முன் சொற்பொழிவு (குத்பா) நிகழ்த்தியவர் மர்வான் பின் ஹகம் ஆவார்.(அவ்வாறு அவர் சொற்பொழிவு நிகழ்த்திக் கொண்டிருந்தார்.)அப்போது அவரை நோக்கி ஒருவர் எழுந்து நின்று,” “சொற்பொழிவுக்கு முன்பே (பெருநாள் தொழுகை) தொழ வேண்டும் என்று கூறினார். அதற்கு மர்வான் “முன்பு நடைபெற்றது கைவிடப்பட்டுவிட்டது (இப்போது அது நடைமுறையில் இல்லை) “ என்று கூறினார்.(அப்போது அங்கிருந்த$) அபூசயீத் அல்குத்ரீ (ரலி) அவர்கள்,இதோ இந்த மனிதர் தமது கடமையை நிறைவேற்றிவிட்டார்.அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல) அவர்கள் (பின்வருமாறு) கூற நான் கேட்டுள்ளேன்: உங்களில் ஒருவர் ஒரு தீமையை (மார்க்கத்திற்கு முரணான ஒரு செயலை)க் கண்டால் அவர் அதைத் தமது கரத்தால் தடுக்கட்டும்,முடியாவிட்டால் தமது நாவால் (சொல்லித் தடுக்கட்டும்),அதுவும் முடியாவிட்டால் தமது உள்ளத்தால் (அதை வெறுத்து ஒதுக்கட்டும்). இந்த (இறுதி) நிலையானது இறைநம்பிக்கையின் பலகீனமா(ன நிலையா)கும். இந்த ஹதீஸ் இரு அறிவிப்பாளர் தொடர்களில் வந்துள்ளது. அத்தியாயம் :