• 1553
  • عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : " نُهِيَ عَنْ لِبْسَتَيْنِ : أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ ، ثُمَّ يَرْفَعَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ : اللِّمَاسِ وَالنِّبَاذِ "

    حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : نُهِيَ عَنْ لِبْسَتَيْنِ : أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ ، ثُمَّ يَرْفَعَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ : اللِّمَاسِ وَالنِّبَاذِ

    يحتبي: الاحْتبَاء : هو أن يَضُّمّ الإنسان رجْلَيْه إلى بَطْنه بثَوْب يَجْمَعَهُما به مع ظَهْره، ويَشُدُّه عليها. وقد يكون الاحتباء باليَدَيْن عوَض الثَّوب
    منكبه: المنكب : مُجْتَمَع رأس الكتف والعضد
    اللماس: اللماس : نوع من بيوع الجاهلية يقع فيه البيع بمجرد لمس السلعة
    والنباذ: النباذ والمنابذة : وجوب بيع السلعة إذا ما ألقى بها صاحبها إلى المشتري دون أن ينظر إليها
    نُهِيَ عَنْ لِبْسَتَيْنِ : أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ
    حديث رقم: 364 في صحيح البخاري كتاب الصلاة باب ما يستر من العورة
    حديث رقم: 568 في صحيح البخاري كتاب مواقيت الصلاة باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس
    حديث رقم: 572 في صحيح البخاري كتاب مواقيت الصلاة باب: لا تتحرى الصلاة قبل غروب الشمس
    حديث رقم: 2062 في صحيح البخاري كتاب البيوع باب بيع المنابذة
    حديث رقم: 5505 في صحيح البخاري كتاب اللباس باب اشتمال الصماء
    حديث رقم: 5507 في صحيح البخاري كتاب اللباس باب الاحتباء في ثوب واحد
    حديث رقم: 1408 في صحيح مسلم كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا بَابُ الْأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا
    حديث رقم: 1986 في صحيح مسلم كِتَاب الصِّيَامِ بَابُ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الْأَضْحَى
    حديث رقم: 2860 في صحيح مسلم كِتَابُ الْبُيُوعِ بَابُ إِبْطَالِ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ
    حديث رقم: 2859 في صحيح مسلم كِتَابُ الْبُيُوعِ بَابُ إِبْطَالِ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ
    حديث رقم: 3614 في سنن أبي داوود كِتَاب اللِّبَاسِ بَابٌ فِي لِبْسَةِ الصَّمَّاءِ
    حديث رقم: 1294 في جامع الترمذي أبواب البيوع باب ما جاء في الملامسة والمنابذة
    حديث رقم: 1758 في جامع الترمذي أبواب اللباس باب ما جاء في النهي عن اشتمال الصماء، والاحتباء في الثوب الواحد
    حديث رقم: 562 في السنن الصغرى للنسائي كتاب المواقيت النهي عن الصلاة بعد الصبح
    حديث رقم: 4478 في السنن الصغرى للنسائي كتاب البيوع بيع الملامسة
    حديث رقم: 4482 في السنن الصغرى للنسائي كتاب البيوع تفسير ذلك
    حديث رقم: 4486 في السنن الصغرى للنسائي كتاب البيوع تفسير ذلك
    حديث رقم: 1243 في سنن ابن ماجة كِتَابُ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ ، وَالسُّنَّةُ فِيهَا بَابُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ
    حديث رقم: 2165 في سنن ابن ماجة كِتَابُ التِّجَارَاتِ بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْمُنَابَذَةِ وَالْمُلَامَسَةِ
    حديث رقم: 1247 في سنن ابن ماجة كِتَابُ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ ، وَالسُّنَّةُ فِيهَا بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّاعَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ
    حديث رقم: 3557 في سنن ابن ماجة كِتَابُ اللِّبَاسِ بَابُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنَ اللِّبَاسِ
    حديث رقم: 525 في موطأ مالك كِتَابُ الْقُرْآنِ بَابُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ
    حديث رقم: 675 في موطأ مالك كِتَابُ الصِّيَامِ بَابُ صِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَالدَّهْرِ
    حديث رقم: 848 في موطأ مالك كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ أَيَّامِ مِنًى
    حديث رقم: 1373 في موطأ مالك كِتَابُ الْبُيُوعِ بَابُ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ
    حديث رقم: 1667 في موطأ مالك كِتَابُ اللِّبَاسِ بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ
    حديث رقم: 1211 في صحيح ابن خزيمة جُمَّاعُ أَبْوَابِ ذِكْرِ الْوِتْرِ وَمَا فِيهِ مِنَ السُّنَنِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي يُنْهَى عَنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فِيهِنَّ
    حديث رقم: 8754 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 8768 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 9395 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 9761 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 9952 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 9971 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 9992 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 10033 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 10171 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 10233 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 10413 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 10533 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 10631 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 1567 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الصَّلَاةِ فَصَلٌ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا
    حديث رقم: 1568 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الصَّلَاةِ فَصَلٌ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا
    حديث رقم: 1569 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الصَّلَاةِ فَصَلٌ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا
    حديث رقم: 2331 في صحيح ابن حبان بَابُ الْإِمَامَةِ وَالْجَمَاعَةِ بَابُ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 1575 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الصَّلَاةِ فَصَلٌ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا
    حديث رقم: 3667 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الصَّوْمِ فَصْلٌ فِي صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ
    حديث رقم: 5517 في صحيح ابن حبان كِتَابُ اللِّبَاسِ وَآدَابِهِ ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَعَنِ الِاحْتِبَاءِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ
    حديث رقم: 1528 في السنن الكبرى للنسائي مَوَاقِيتِ الصَّلَوَاتِ ذِكْرُ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ
    حديث رقم: 2748 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الصِّيَامِ سَرْدُ الصِّيَامِ
    حديث رقم: 5918 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الْبُيُوعِ بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ
    حديث رقم: 5922 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الْبُيُوعِ تَفْسِيرُ ذَلِكَ
    حديث رقم: 5926 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الْبُيُوعِ تَفْسِيرُ ذَلِكَ
    حديث رقم: 9420 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الزِّينَةِ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ وَذِكْرُ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ النَّاقِلِينَ لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي
    حديث رقم: 9423 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الزِّينَةِ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ وَذِكْرُ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ النَّاقِلِينَ لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي
    حديث رقم: 20993 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْبُيُوعِ وَالْأَقْضِيَةِ فِي تَلَقِّي الْبُيُوعِ
    حديث رقم: 21808 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْبُيُوعِ وَالْأَقْضِيَةِ مَنْ كَانَ يَنْهَى عَنِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ
    حديث رقم: 24697 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ اللِّبَاسِ وَالزِّينَةِ مَا كُرِهَ مِنَ اللِّبَاسِ
    حديث رقم: 960 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْأَلِفِ مَنِ اسْمُهُ أَحْمَدُ
    حديث رقم: 1764 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْأَلِفِ مَنِ اسْمُهُ أَحْمَدُ
    حديث رقم: 4354 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْعَيْنِ مَنِ اسْمُهُ الْعَبَّاسُ
    حديث رقم: 4752 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْعَيْنِ مَنِ اسْمُهُ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ
    حديث رقم: 9125 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْمِيمِ
    حديث رقم: 116 في المعجم الصغير للطبراني بَابُ الْأَلِفِ
    حديث رقم: 7084 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الصِّيَامِ بَابُ فَصْلِ مَا بَيْنَ رَمَضَانَ وَشَعْبَانَ
    حديث رقم: 7628 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الصِّيَامِ بَابُ مَا يَكْرَهُ الصَّائِمُ
    حديث رقم: 7623 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الصِّيَامِ بَابُ مَا يَكْرَهُ الصَّائِمُ
    حديث رقم: 14493 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الْبُيُوعِ بَابٌ : بَيْعُ الْمُنَابَذَةِ ، وَالْمُلَامَسَةِ
    حديث رقم: 14495 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الْبُيُوعِ بَابٌ : بَيْعُ الْمُنَابَذَةِ ، وَالْمُلَامَسَةِ
    حديث رقم: 2985 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 4069 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 4070 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 4084 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 4114 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 4128 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 4129 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 5534 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْجُمُعَةِ 13 جُمَّاعُ أَبْوَابِ التَّبْكِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
    حديث رقم: 5533 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْجُمُعَةِ 13 جُمَّاعُ أَبْوَابِ التَّبْكِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
    حديث رقم: 5761 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ بَابُ الْغُدُوِّ إِلَى الْعِيدَيْنِ
    حديث رقم: 5839 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ بَابُ الْمَأْمُومِ يَتَنَقَّلُ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا فِي بَيْتِهِ ، وَالْمَسْجِدِ
    حديث رقم: 7956 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصِّيَامِ بَابُ الْأَيَّامِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ صَوْمِهَا
    حديث رقم: 10186 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْبُيُوعِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ وَالرَّدِ بِالْعُيُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
    حديث رقم: 10187 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْبُيُوعِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ وَالرَّدِ بِالْعُيُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
    حديث رقم: 583 في المنتقى لابن جارود كِتَابُ الْبُيُوعِ وَالتِّجَارَاتِ بَابُ الْمُبَايِعَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا مِنَ الْغَرَرِ وَغَيْرِهِ
    حديث رقم: 1533 في السنن الصغير للبيهقي كِتَابُ الْبُيُوعِ بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنَ الْبُيُوعِ الَّتِي فِيهَا غَرَرٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ
    حديث رقم: 2576 في مسند الطيالسي مَا أَسْنَدَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَحَفْصُ بْنُ عَاصِمٍ
    حديث رقم: 1154 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 3665 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ الْبُيُوعِ بَابُ الْعَرَايَا
    حديث رقم: 4864 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ الزِّيَادَاتِ بَابُ شِرَاءِ الشَّيْءِ الْغَائِبِ
    حديث رقم: 167 في السنن المأثورة للشافعي السنن المأثورة للشافعي بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ
    حديث رقم: 3376 في معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني الأسمَاء صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو : هُوَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ بْنِ رَحَضَةَ بْنِ الْمُؤَمَّلِ بْنِ خُزَاعِيِّ بْنِ هِلَالِ بْنِ ذَكْوَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ بَهْثَةَ بْنِ سُلَيْمٍ ، يُكْنَى : أَبَا عَمْرٍو الذَّكْوَانِيَّ ، مَاتَ بِشَمْشَاطَ ، وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَسِتِّينَ ، قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا عَلِمْتُ مِنْهُ إِلَّا خَيْرًا وَقَالَ : إِنَّهُ طَيِّبُ الْقَلْبِ خَبِيثُ اللِّسَانِ ، لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ غَزْوَةٍ مِنْ غَزَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ضَرَبَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ بِسَيْفِهِ لَمَّا هَجَاهُ فَلَمْ يَقُصَّهُ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَى عَنْهُ : أَبُو هُرَيْرَةَ ، وَالْمَقْبُرِيُّ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ ، اسْتَوْهَبَ مِنْ حَسَّانَ جِنَايَتَهُ ، فَوَهَبَهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَوَّضَهُ مِنْهَا بَيْرَحَاءَ ، وَسِيرِينَ أَمَةً قِبْطِيَّةً ، فَوَلَدَتْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حَسَّانَ
    حديث رقم: 660 في مسند الشافعي وَمِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ
    حديث رقم: 747 في مسند الشافعي مِنَ الْجُزْءِ الثَّانِي مِنَ اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ مِنَ الْأَصْلِ الْعَتِيقِ
    حديث رقم: 996 في مسند الشافعي وَمِنْ كِتَابِ اخْتِلَافِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 57 في اختلاف الحديث للشافعي اختلاف الحديث بَابُ السَّاعَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ
    حديث رقم: 60 في اختلاف الحديث للشافعي اختلاف الحديث بَابُ السَّاعَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ
    حديث رقم: 985 في الجعديات لأبي القاسم البغوي الجدعيات لأبي القاسم البغوي شُعْبَةُ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ
    حديث رقم: 321 في المطالب العالية للحافظ بن حجر كِتَابُ الصَّلَاةِ بَابُ الْأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا
    حديث رقم: 1145 في المطالب العالية للحافظ بن حجر كِتَابُ السَّحُورِ بَابُ الزَّجْرِ عَنْ صَوْمِ يَوْمَيِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى
    حديث رقم: 5990 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ
    حديث رقم: 6446 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
    حديث رقم: 871 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ أَبْوَابِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ بَيَانُ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ , فِيهَا النَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 1154 في مستخرج أبي عوانة بَابٌ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهِ بَيَانُ حَظْرِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى عَاتِقِهِ
    حديث رقم: 2332 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الصِّيَامِ بَابُ بَيَانِ الْأَيَّامِ الَّتِي نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ
    حديث رقم: 3949 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْبُيُوعِ بَابُ حَظْرِ بَيْعَتَانِ ، الْمُسَمَّاتَانِ الْمُلَامَسَةَ وَالْمُنَابَذَةَ ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُمَا
    حديث رقم: 3954 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْبُيُوعِ بَابُ حَظْرِ بَيْعَتَانِ ، الْمُسَمَّاتَانِ الْمُلَامَسَةَ وَالْمُنَابَذَةَ ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُمَا
    حديث رقم: 217 في معجم ابن الأعرابي بَابُ المُحمدين بَابُ المُحمدين
    حديث رقم: 9153 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ
    حديث رقم: 638 في معجم ابن المقرئ بَابُ الْأَلْفِ بَابُ مَنِ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ
    حديث رقم: 259 في نَاسِخُ الْحَدِيثِ وَمَنْسُوخُهُ لِابْنِ شَاهِينَ كِتَابُ الصَّلَاةِ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ
    حديث رقم: 49 في الإرشاد في معرفة علماء الحديث للخليلي الإرشاد في معرفة علماء الحديث للخليلي عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ أَخُو حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَدَنِيِّ : عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ ؛ لِأَنَّهُمْ ضَعَّفُوهُ , قَالَ عَلِيُّ ابْنُ الْمَدِينِيِّ : ذَكَرَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ حُمَيْدًا الْأَعْرَجَ فَوَثَّقَهُ , ثُمَّ قَالَ : أَخُوهُ أَخُوهُ وَضَعَّفَهُ
    حديث رقم: 1043 في الأوسط لابن المنذر كِتَابُ الصَّلَاةِ كِتَابُ الْمَوَاقِيتِ
    حديث رقم: 202 في بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث كِتَابُ الصَّلَاةِ بَابُ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الزَّوَالِ
    حديث رقم: 4773 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 3345 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

    [2145] قَوْلِهِ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ الرَّابِعُ وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الطَّرِيقِ الْأُولَى هُنَا نَهَى عَنْ لُبْسَتَيْنِ وَاقْتَصَرَ عَلَى لُبْسَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَقَدْ وَقَعَ بَيَانُ الثَّانِيَةِ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَلَفْظُهُ أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَأَنْ يَرْتَدِيَ فِي ثَوْبٍ يرفع طَرفَيْهِ على عَاتِقيهِ(قَوْلُهُ بَابُ النَّهْيِ لِلْبَائِعِ أَنْ لَا يُحَفِّلَ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ) كَذَا فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ وَلَا زَائِدَةٌ وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو نُعَيْمٍ بِدُونٍ لَا وَيحْتَمل أَن تكون أَن مفسرة وَلَا يحفل بَيَان لِلنَّهْيِ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ نَهَى الْبَائِعَ أَنْ يُحَفِّلَ الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ وَقَيَّدَ النَّهْيَ بِالْبَائِعِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْمَالِكَ لَوْ حَفَّلَ فَجَمَعَ اللَّبَنَ لِلْوَلَدِ أَوْ لِعِيَالِهِ أَوْ لِضَيْفِهِ لَمْ يَحْرُمْ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا سَيَأْتِي وَذُكِرَ الْبَقَرُ فِي التَّرْجَمَةِ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهَا فِي مَعْنَى الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ فِي الْحُكْمِ خِلَافًا لِدَاوُدَ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا لِغَلَبَتِهِمَا عِنْدَهُمْ وَالتَّحْفِيلُ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ التَّجْمِيعُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ اللَّبَنَ يَكْثُرُ فِي ضَرْعِهَا وَكُلُّ شَيْءٍ كَثَّرْتَهُ فَقَدْ حَفَّلْتَهُ تَقُولُ ضَرْعٌ حَافِلٌ أَيْ عَظِيمٌ وَاحْتَفَلَ الْقَوْمُ إِذَا كَثُرَ جَمْعُهُمْ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْمَحْفِلُ قَوْلُهُ وَكُلَّ مُحَفَّلَةٍ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الْمَفْعُولِ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ إِلْحَاقَ غَيْرِ النَّعَمِ مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ بِالنَّعَمِ لِلْجَامِعِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ تَغْرِيرُ الْمُشْتَرِي وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالنَّعَمِ وَاخْتَلَفُوا فِي غَيْرِ الْمَأْكُولِ كَالْأَتَانِ وَالْجَارِيَةِ فَالْأَصَحُّ لَا يَرُدُّ لِلَبَنٍ عِوَضًا وَبِهِ قَالَ الْحَنَابِلَةُ فِي الأتان دونيَحْيَى أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَهَكَذَا هُوَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ وَأَكْثَرُهَا عَنْ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ وَكَذَا ذَكَرَهُ خَلَفُ الْوَاسِطِيُّ فِي الْأَطْرَافِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَسَقَطَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ ذِكْرُ الزُّهْرِيِّ فِي الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ فَقَالَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ وَهَذَا غَلَطٌ مِنْ بَعْضِ النَّاقِلِينَ عَنْ مُسْلِمٍ قَطْعًا لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ فِي الْإِسْنَادِ الثَّانِي عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَهُ فِي الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ فَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهُ قَوْلُهُ (كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ وَمَا بَقِيَ جَعَلَهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَمَّا الْكُرَاعُ فَهُوَ الْخَيْلُ وَقَوْلُهُ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ أَيْ يَعْزِلُ لَهُمْ نَفَقَةَ سَنَةٍ وَلَكِنَّهُ كَانَ يُنْفِقُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ فَلَا تَتِمُّ عَلَيْهِ السَّنَةُ وَلِهَذَا تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عَلَى شَعِيرٍ اسْتَدَانَهُ لِأَهْلِهِ وَلَمْ يَشْبَعْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِكَثْرَةِ جُوعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجُوعِ عِيَالِهِ وَقَوْلُهُ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً هَذَا يُؤَيِّدُ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا خُمُسَ فِي الْفَيْءِ كَمَا سَبَقَ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَوْجَبَهُ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ مِنَ الْفَيْءِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ وَخُمُسُ خُمُسِ الْبَاقِي فَكَانَ لَهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ لِذَوِي الْقُرْبَى واليتامى والمساكين وبن السَّبِيلِ وَيُتَأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا فَنَقُولُ قَوْلُهُ كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ أَيْ مُعْظَمُهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ ادِّخَارِ قُوتِ سَنَةٍ وَجَوَازُ الِادِّخَارِ لِلْعِيَالِ وَأَنَّ هَذَا لَا يَقْدَحُ فِي التَّوَكُّلِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الِادِّخَارِ فِيمَا يَسْتَغِلُّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ قَرْيَتِهِ كَمَاجَرَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنَ السُّوقِ وَيَدَّخِرُهُ لقوت عياله فإن كان في وقت ضيق الطعام لم يجز بل يشتري مالا يَضِيقُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَقُوتِ أَيَّامٍ أَوْ شَهْرٍ وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ سَعَةٍ اشْتَرَى قُوتَ سَنَةٍ وَأَكْثَرَ هَكَذَا نَقَلَ الْقَاضِي هَذَا التَّفْصِيلَ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَعَنْ قَوْمٍ إِبَاحَتُهُ مُطْلَقًا وأما مالم يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ فَالْإِيجَافُ الْإِسْرَاعُ قَوْلُهُ (فَجِئْتُهُ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ) أَيْ ارْتَفَعَ وَهُوَ بِمَعْنَى مَتَعَ النَّهَارُ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ (فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِهِ جَالِسًا عَلَى سَرِيرٍ مُفْضِيًا إِلَى رُمَالِهِ) هُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ مَا يُنْسَجُ مِنْ سَعَفِ النَّخْلِ وَنَحْوِهِ لِيُضْطَجَعَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ مُفْضِيًا إِلَى رُمَالِهِ يَعْنِي لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُمَالِهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ الرُّمَالِ فِرَاشٌ أَوْ غَيْرُهُ قَوْلُهُ (فَقَالَ لِي يَا مَالِ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ يَا مَالِ وَهُوَ تَرْخِيمُ مَالِكٍ بِحَذْفِ الْكَافِ وَيَجُوزُ كَسْرُ اللَّامِ وَضَمُّهَا وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ لِأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فَمَنْ كَسَرَهَا تَرَكَهَا عَلَى مَا كَانَتْ وَمَنْ ضَمَّهَا جَعَلَهُ اسْمًا مُسْتَقِلًّا قَوْلُهُ (دَفُّ أَهْلِ أَبْيَاتٍ من قومك) الدف المشي بسرعة كأنهم جاؤوا مُسْرِعِينَ لِلضُّرِّ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ وَقِيلَ السَّيْرُ الْيَسِيرُ قَوْلُهُ (وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ) هُوَ بإسكان الضاد بالخاء الْمُعْجَمَتَيْنِ وَهِيَ الْعَطِيَّةُ الْقَلِيلَةُ قَوْلُهُ (فَجَاءَ يَرْفَا) هُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْفَاءِ غَيْرُ مَهْمُوزٍ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمْ مَنْ هَمَزَهُ وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيِّ فِي بَابِ الْفَيْءِ تُسَمِّيهِ الْيَرْفَا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَهُوَ حَاجِبُعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَوْلُهُ (اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الْكَاذِبِ إِلَى آخِرِهِ) قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَعْنَاهُ هَذَا الْكَاذِبُ إِنْ لَمْ يُنْصِفْ فَحَذَفَ الْجَوَابَ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا اللَّفْظُ الَّذِي وَقَعَ لَا يَلِيقُ ظَاهِرُهُ بِالْعَبَّاسِ وَحَاشَ لِعَلِيٍّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ بَعْضُ هَذِهِ الْأَوْصَافِ فَضْلًا عَنْ كُلِّهَا وَلَسْنَا نَقْطَعُ بِالْعِصْمَةِ إِلَّا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَنْ شَهِدَ لَهُ بِهَا لَكِنَّا مَأْمُورُونَ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِالصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَنَفْيِ كُلِّ رَذِيلَةٍ عَنْهُمْ وَإِذَا انْسَدَّتْ طُرُقُ تَأْوِيلِهَا نَسَبْنَا الْكَذِبَ إِلَى رُوَاتِهَا قَالَ وَقَدْ حَمَلَ هَذَا الْمَعْنَى بَعْضَ النَّاسِ عَلَى أَنْ أَزَالَ هَذَا اللَّفْظَ مِنْ نُسْخَتِهِ تَوَرُّعًا عَنْ إِثْبَاتِ مِثْلِ هَذَا وَلَعَلَّهُ حَمَلَ الْوَهْمَ عَلَى رُوَاتِهِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَإِذَا كَانَ هَذَا اللَّفْظُ لَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِهِ وَلَمْ نُضِفِ الْوَهْمَ إِلَى رُوَاتِهِ فَأَجْوَدُ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَدَرَ مِنَ الْعَبَّاسِ عَلَى جِهَةِ الادلال على بن أخيه لأنه بمنزلة ابنه وقال مالا يعتقده وما يعلم براءة ذمة بن أَخِيهِ مِنْهُ وَلَعَلَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ رَدْعَهُ عَمَّا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُخْطِئٌ فِيهِ وَأَنَّ هَذِهِ الْأَوْصَافَ يَتَّصِفُ بِهَا لَوْ كَانَ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ عن قصد وأن عليا كان لا يراها إِلَّا مُوجِبَةً لِذَلِكَ فِي اعْتِقَادِهِ وَهَذَا كَمَا يَقُولُ الْمَالِكِيُّ شَارِبُ النَّبِيذِ نَاقِصُ الدِّينِ وَالْحَنَفِيُّ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَاقِصٍ فَكُلُّ وَاحِدٍ مُحِقٌّ فِي اعْتِقَادِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِأَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ جَرَتْ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ الْخَلِيفَةُ وَعُثْمَانُ وَسَعْدٌ وَزُبَيْرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ هَذَا الْكَلَامَ مَعَ تَشَدُّدِهِمْ فِي إِنْكَارِ الْمُنْكَرِ وَمَا ذَلِكَ إِلَّا لِأَنَّهُمْ فَهِمُوا بِقَرِينَةِ الْحَالِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِمَا لَا يَعْتَقِدُ ظَاهِرَهُ مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَكَذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّكُمَا جِئْتُمَا أَبَا بَكْرٍ فَرَأَيْتُمَاهُ كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا وَكَذَلِكَ ذَكَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ كَذَلِكَ وَتَأْوِيلُ هَذَا عَلَى نَحْوِ مَا سَبَقَ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّكُمَا تَعْتَقِدَانِ أَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ نَفْعَلَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ خِلَافَ مَا فَعَلْتُهُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ فَنَحْنُ عَلَى مُقْتَضَى رَأْيِكُمَا لَوْ أَتَيْنَا مَا أَتَيْنَا وَنَحْنُ مُعْتَقِدَانِ مَا تَعْتَقِدَانِهِ لَكُنَّا بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِمَامَ إِنَّمَا يُخَالَفُ إِذَا كَانَ عَلَى هَذِهِ الْأَوْصَافِوَيُتَّهَمُ فِي قَضَايَاهُ فَكَانَ مُخَالَفَتُكُمَا لَنَا تُشْعِرُ مَنْ رَآهَا أَنَّكُمْ تَعْتَقِدَانِ ذَلِكَ فِينَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْمَازِرِيُّ وَأَمَّا الِاعْتِذَارُ عَنْ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي أَنَّهُمَا تَرَدَّدَا إِلَى الْخَلِيفَتَيْنِ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَتَقْرِيرُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُمَا يَعْلَمَانِ ذَلِكَ فَأَمْثَلُ مَا فِيهِ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمَا طَلَبَا أَنْ يَقْسِمَاهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ينفقان بها على حسب ما ينفعهما الْإِمَامُ بِهَا لَوْ وَلِيَهَا بِنَفْسِهِ فَكَرِهَ عُمَرُ أَنْ يُوقِعَ عَلَيْهَا اسْمَ الْقِسْمَةِ لِئَلَّا يُظَنَّ لِذَلِكَ مَعَ تَطَاوُلِ الْأَزْمَانِ أَنَّهَا مِيرَاثٌ وَأَنَّهُمَا وَرِثَاهُ لَا سِيَّمَا وَقِسْمَةُ الْمِيرَاثِ بَيْنَ الْبِنْتِ وَالْعَمِّ نِصْفَانِ فَيَلْتَبِسُ ذَلِكَ وَيُظَنُّ أَنَّهُمْ تَمَلَّكُوا ذَلِكَ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَا قَالَهُ أَبُو دَاوُدَ أَنَّهُ لَمَّا صَارَتِ الْخِلَافَةُ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُغَيِّرْهَا عَنْ كَوْنِهَا صَدَقَةً وَبِنَحْوِ هَذَا احْتَجَّ السَّفَّاحُ فَإِنَّهُ لَمَّا خَطَبَ أَوَّلَ خُطْبَةٍ قَامَ بِهَا قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مُعَلِّقٌ فِي عُنُقِهِ الْمُصْحَفَ فَقَالَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا مَا حَكَمْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ خَصْمِي بِهَذَا الْمُصْحَفِ فَقَالَ مَنْ هُوَ خَصْمُكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي مَنْعِهِ فَدَكٍ قَالَ أَظَلَمَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَنْ بَعْدَهُ قَالَ عُمَرُ قَالَ أَظَلَمَكَ قَالَ نَعَمْ وَقَالَ فِي عُثْمَانَ كَذَلِكَ قَالَ فَعَلِيٌّ ظَلَمَكَ فَسَكَتَ الرَّجُلُ فَأَغْلَظَ لَهُ السَّفَّاحُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْمٌ طَلَبَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِيرَاثَهَا مِنْ أَبِيهَا عَلَى أَنَّهَا تَأَوَّلَتِ الْحَدِيثَ إِنْ كَانَ بَلَغَهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ عَلَى الْأَمْوَالِ الَّتِي لَهَا بَالٌ فَهِيَ الَّتِي لَا تُورَثُ لَا مَا يَتْرُكُونَ مِنْ طَعَامٍ وَأَثَاثٍ وَسِلَاحٍ وَهَذَا التَّأْوِيلُ خِلَافُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَلَيْسَ مَعْنَاهُ إِرْثُهُنَّ مِنْهُ بَلْ لِكَوْنِهِنَّ مَحْبُوسَاتٍ عَنِ الْأَزْوَاجِ بِسَبَبِهِ أَوْ لِعِظَمِ حَقِّهِنَّ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِفَضْلِهِنَّ وَقِدَمِ هِجْرَتِهِنَّ وَكَوْنِهِنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَكَذَلِكَ اخْتُصِصْنَ بِمَسَاكِنِهِنَّ لَمْ يَرِثْهَا وَرَثَتُهُنَّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَفِي تَرْكِ فَاطِمَةَ مُنَازَعَةَ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ احْتِجَاجِهِ عَلَيْهَا بِالْحَدِيثِ التَّسْلِيمُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى قَضِيَّةِ وأنها لَمَّا بَلَّغَهَا الْحَدِيثَ وَبَيَّنَ لَهَا التَّأْوِيلَ تَرَكَتْ رَأْيَهَا ثُمَّ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا وَلَا مِنْ ذُرِّيَّتِهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَبُ مِيرَاثٍ ثُمَّ وَلِيَ عَلِيٌّ الْخِلَافَةَ فَلَمْ يَعْدِلْ بِهَا عَمَّا فَعَلَهُ أبو بكر وعمر رضي الله عنه فَدَلَّ عَلَى أَنَّ طَلَبَ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ إِنَّمَا كَانَ طَلَبَ تَوَلِّي الْقِيَامِ بِهَا بِأَنْفُسِهِمَا وَقِسْمَتِهَا بَيْنَهُمَا كَمَا سَبَقَ قَالَ وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ هِجْرَانِ فَاطِمَةَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَمَعْنَاهُ انْقِبَاضُهَا عَنْ لِقَائِهِ وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْهِجْرَانِ الْمُحَرَّمِ الَّذِي هُوَ تَرْكُ السَّلَامِ وَالْإِعْرَاضُ عِنْدَ اللِّقَاءِ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (فَلَمْ تُكَلِّمْهُ) يَعْنِي فِي هَذَا الْأَمْرِ أَوْ لِانْقِبَاضِهَا لَمْ تَطْلُبْ مِنْهُ حَاجَةً وَلَا اضْطُرَّتْ إلى لقائه فتكلمه ولم ينقل قط أنهما الْتَقَيَا فَلَمْ تُسَلِّمْ عَلَيْهِوَلَا كَلَّمَتْهُ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ جِئْتُمَانِي تُكَلِّمَانِي وَكَلَّمْتُكُمَا فِي وَاحِدَةٍ جِئْتَ يَا عَبَّاسُ تسألني نصيبك من بن أَخِيكَ وَجَاءَنِي هَذَا يَسْأَلُنِي نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا فِيهِ إِشْكَالٌ مَعَ إِعْلَامِ أَبِي بَكْرٍ لَهُمْ قَبْلَ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ وَجَوَابُهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إِنَّمَا طَلَبَ الْقِيَامَ وَحْدَهُ عَلَى ذَلِكَ وَيَحْتَجُّ هَذَا بِقُرْبِهِ بِالْعُمُومَةِ وَذَلِكَ بِقُرْبِ امْرَأَتِهِ بِالْبُنُوَّةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا طَلَبَا مَا عَلِمَا مَنْعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنَعَهُمَا مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ وَبَيَّنَ لَهُمَا دَلِيلَ الْمَنْعِ وَاعْتَرَفَا لَهُ بِذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُوَلَّى أَمْرَ كُلِّ قَبِيلَةٍ سَيِّدُهُمْ وَتُفَوَّضُ إِلَيْهِ مَصْلَحَتُهُمْ لأنه أعرف بهم وَأَرْفَقُ بِهِمْ وَأَبْعَدُ مِنْ أَنْ يَأْنَفُوا مِنَ الِانْقِيَادِ لَهُ ولِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَابْعَثُوا حكما من أهله وحكما من أهلها وَفِيهِ جَوَازُ نِدَاءِ الرَّجُلِ بِاسْمِهِ مِنْ غَيْرِ كنية وفِيهِ جَوَازُ احْتِجَابِ الْمُتَوَلِّي فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ لِطَعَامِهِ أَوْ وُضُوئِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَفِيهِ جَوَازُ قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَفِيهِ اسْتِشْهَادُ الْإِمَامِ عَلَى مَا يَقُولُهُ بِحَضْرَةِ الْخَصْمَيْنِ الْعُدُولِ لِتَقْوَى حُجَّتُهُ فِي إِقَامَةِ الْحَقِّ وَقَمْعِ الْخَصْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ (فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنه عنه اتَّئِدَا) أَيْ اصْبِرَا وَأَمْهِلَا قَوْلُهُ (أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ) أَيْ أَسْأَلُكُمْ بِاللَّهِ مَأْخُوذٌ مِنَ النَّشِيدِ وَهُوَ رفع الصوت يقال أنشدتك ونشدتك بالله قوله صلى الله عليه وسلم (لا نورث ما تركناه صدقة) هو برفع صدقة وما بِمَعْنَى الَّذِي أَيْ الَّذِي تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ بَعْدَ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَفَعَتْهُ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَى هَذَا لِأَنَّ بَعْضَ جَهَلَةِ الشِّيعَةِ يُصَحِّفُهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَا يُورَثُونَ أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَرَثَةِ مَنْ يَتَمَنَّى مَوْتَهُ فَيَهْلِكُ وَلِئَلَّا يُظَنَّ بِهِمُ الرَّغْبَةُ فِي الدُّنْيَا لِوَارِثِهمِ فَيَهْلِكَ الظَّانُّ وَيَنْفِرَ النَّاسُ عَنْهُمْقَوْلُهُ (إِنَّ اللَّهَ كَانَ خَصَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَاصَّةٍ لَمْ يَخْصُصْ بِهَا أَحَدًا غَيْرَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مَا أفاء الله على رسوله الْآيَةُ) ذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَعْنَى هَذَا احْتِمَالَيْنِ أَحَدُهُمَا تَحْلِيلُ الْغَنِيمَةِ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ وَالثَّانِي تَخْصِيصُهُ بِالْفَيْءِ إِمَّا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ كَمَا سَبَقَ مِنَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ قَالَ وَهَذَا الثَّانِييَحْيَى أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَهَكَذَا هُوَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ وَأَكْثَرُهَا عَنْ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ وَكَذَا ذَكَرَهُ خَلَفُ الْوَاسِطِيُّ فِي الْأَطْرَافِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَسَقَطَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ ذِكْرُ الزُّهْرِيِّ فِي الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ فَقَالَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ وَهَذَا غَلَطٌ مِنْ بَعْضِ النَّاقِلِينَ عَنْ مُسْلِمٍ قَطْعًا لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ فِي الْإِسْنَادِ الثَّانِي عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَهُ فِي الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ فَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهُ قَوْلُهُ (كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ وَمَا بَقِيَ جَعَلَهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَمَّا الْكُرَاعُ فَهُوَ الْخَيْلُ وَقَوْلُهُ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ أَيْ يَعْزِلُ لَهُمْ نَفَقَةَ سَنَةٍ وَلَكِنَّهُ كَانَ يُنْفِقُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ فَلَا تَتِمُّ عَلَيْهِ السَّنَةُ وَلِهَذَا تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عَلَى شَعِيرٍ اسْتَدَانَهُ لِأَهْلِهِ وَلَمْ يَشْبَعْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِكَثْرَةِ جُوعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجُوعِ عِيَالِهِ وَقَوْلُهُ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً هَذَا يُؤَيِّدُ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا خُمُسَ فِي الْفَيْءِ كَمَا سَبَقَ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَوْجَبَهُ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ مِنَ الْفَيْءِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ وَخُمُسُ خُمُسِ الْبَاقِي فَكَانَ لَهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ لِذَوِي الْقُرْبَى واليتامى والمساكين وبن السَّبِيلِ وَيُتَأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا فَنَقُولُ قَوْلُهُ كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ أَيْ مُعْظَمُهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ ادِّخَارِ قُوتِ سَنَةٍ وَجَوَازُ الِادِّخَارِ لِلْعِيَالِ وَأَنَّ هَذَا لَا يَقْدَحُ فِي التَّوَكُّلِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الِادِّخَارِ فِيمَا يَسْتَغِلُّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ قَرْيَتِهِ كَمَاجَرَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنَ السُّوقِ وَيَدَّخِرُهُ لقوت عياله فإن كان في وقت ضيق الطعام لم يجز بل يشتري مالا يَضِيقُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَقُوتِ أَيَّامٍ أَوْ شَهْرٍ وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ سَعَةٍ اشْتَرَى قُوتَ سَنَةٍ وَأَكْثَرَ هَكَذَا نَقَلَ الْقَاضِي هَذَا التَّفْصِيلَ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَعَنْ قَوْمٍ إِبَاحَتُهُ مُطْلَقًا وأما مالم يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ فَالْإِيجَافُ الْإِسْرَاعُ قَوْلُهُ (فَجِئْتُهُ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ) أَيْ ارْتَفَعَ وَهُوَ بِمَعْنَى مَتَعَ النَّهَارُ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ (فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِهِ جَالِسًا عَلَى سَرِيرٍ مُفْضِيًا إِلَى رُمَالِهِ) هُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ مَا يُنْسَجُ مِنْ سَعَفِ النَّخْلِ وَنَحْوِهِ لِيُضْطَجَعَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ مُفْضِيًا إِلَى رُمَالِهِ يَعْنِي لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُمَالِهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ الرُّمَالِ فِرَاشٌ أَوْ غَيْرُهُ قَوْلُهُ (فَقَالَ لِي يَا مَالِ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ يَا مَالِ وَهُوَ تَرْخِيمُ مَالِكٍ بِحَذْفِ الْكَافِ وَيَجُوزُ كَسْرُ اللَّامِ وَضَمُّهَا وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ لِأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فَمَنْ كَسَرَهَا تَرَكَهَا عَلَى مَا كَانَتْ وَمَنْ ضَمَّهَا جَعَلَهُ اسْمًا مُسْتَقِلًّا قَوْلُهُ (دَفُّ أَهْلِ أَبْيَاتٍ من قومك) الدف المشي بسرعة كأنهم جاؤوا مُسْرِعِينَ لِلضُّرِّ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ وَقِيلَ السَّيْرُ الْيَسِيرُ قَوْلُهُ (وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ) هُوَ بإسكان الضاد بالخاء الْمُعْجَمَتَيْنِ وَهِيَ الْعَطِيَّةُ الْقَلِيلَةُ قَوْلُهُ (فَجَاءَ يَرْفَا) هُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْفَاءِ غَيْرُ مَهْمُوزٍ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمْ مَنْ هَمَزَهُ وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيِّ فِي بَابِ الْفَيْءِ تُسَمِّيهِ الْيَرْفَا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَهُوَ حَاجِبُعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَوْلُهُ (اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الْكَاذِبِ إِلَى آخِرِهِ) قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَعْنَاهُ هَذَا الْكَاذِبُ إِنْ لَمْ يُنْصِفْ فَحَذَفَ الْجَوَابَ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا اللَّفْظُ الَّذِي وَقَعَ لَا يَلِيقُ ظَاهِرُهُ بِالْعَبَّاسِ وَحَاشَ لِعَلِيٍّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ بَعْضُ هَذِهِ الْأَوْصَافِ فَضْلًا عَنْ كُلِّهَا وَلَسْنَا نَقْطَعُ بِالْعِصْمَةِ إِلَّا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَنْ شَهِدَ لَهُ بِهَا لَكِنَّا مَأْمُورُونَ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِالصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَنَفْيِ كُلِّ رَذِيلَةٍ عَنْهُمْ وَإِذَا انْسَدَّتْ طُرُقُ تَأْوِيلِهَا نَسَبْنَا الْكَذِبَ إِلَى رُوَاتِهَا قَالَ وَقَدْ حَمَلَ هَذَا الْمَعْنَى بَعْضَ النَّاسِ عَلَى أَنْ أَزَالَ هَذَا اللَّفْظَ مِنْ نُسْخَتِهِ تَوَرُّعًا عَنْ إِثْبَاتِ مِثْلِ هَذَا وَلَعَلَّهُ حَمَلَ الْوَهْمَ عَلَى رُوَاتِهِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَإِذَا كَانَ هَذَا اللَّفْظُ لَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِهِ وَلَمْ نُضِفِ الْوَهْمَ إِلَى رُوَاتِهِ فَأَجْوَدُ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَدَرَ مِنَ الْعَبَّاسِ عَلَى جِهَةِ الادلال على بن أخيه لأنه بمنزلة ابنه وقال مالا يعتقده وما يعلم براءة ذمة بن أَخِيهِ مِنْهُ وَلَعَلَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ رَدْعَهُ عَمَّا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُخْطِئٌ فِيهِ وَأَنَّ هَذِهِ الْأَوْصَافَ يَتَّصِفُ بِهَا لَوْ كَانَ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ عن قصد وأن عليا كان لا يراها إِلَّا مُوجِبَةً لِذَلِكَ فِي اعْتِقَادِهِ وَهَذَا كَمَا يَقُولُ الْمَالِكِيُّ شَارِبُ النَّبِيذِ نَاقِصُ الدِّينِ وَالْحَنَفِيُّ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَاقِصٍ فَكُلُّ وَاحِدٍ مُحِقٌّ فِي اعْتِقَادِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِأَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ جَرَتْ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ الْخَلِيفَةُ وَعُثْمَانُ وَسَعْدٌ وَزُبَيْرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ هَذَا الْكَلَامَ مَعَ تَشَدُّدِهِمْ فِي إِنْكَارِ الْمُنْكَرِ وَمَا ذَلِكَ إِلَّا لِأَنَّهُمْ فَهِمُوا بِقَرِينَةِ الْحَالِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِمَا لَا يَعْتَقِدُ ظَاهِرَهُ مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَكَذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّكُمَا جِئْتُمَا أَبَا بَكْرٍ فَرَأَيْتُمَاهُ كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا وَكَذَلِكَ ذَكَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ كَذَلِكَ وَتَأْوِيلُ هَذَا عَلَى نَحْوِ مَا سَبَقَ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّكُمَا تَعْتَقِدَانِ أَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ نَفْعَلَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ خِلَافَ مَا فَعَلْتُهُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ فَنَحْنُ عَلَى مُقْتَضَى رَأْيِكُمَا لَوْ أَتَيْنَا مَا أَتَيْنَا وَنَحْنُ مُعْتَقِدَانِ مَا تَعْتَقِدَانِهِ لَكُنَّا بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِمَامَ إِنَّمَا يُخَالَفُ إِذَا كَانَ عَلَى هَذِهِ الْأَوْصَافِوَيُتَّهَمُ فِي قَضَايَاهُ فَكَانَ مُخَالَفَتُكُمَا لَنَا تُشْعِرُ مَنْ رَآهَا أَنَّكُمْ تَعْتَقِدَانِ ذَلِكَ فِينَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْمَازِرِيُّ وَأَمَّا الِاعْتِذَارُ عَنْ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي أَنَّهُمَا تَرَدَّدَا إِلَى الْخَلِيفَتَيْنِ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَتَقْرِيرُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُمَا يَعْلَمَانِ ذَلِكَ فَأَمْثَلُ مَا فِيهِ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمَا طَلَبَا أَنْ يَقْسِمَاهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ينفقان بها على حسب ما ينفعهما الْإِمَامُ بِهَا لَوْ وَلِيَهَا بِنَفْسِهِ فَكَرِهَ عُمَرُ أَنْ يُوقِعَ عَلَيْهَا اسْمَ الْقِسْمَةِ لِئَلَّا يُظَنَّ لِذَلِكَ مَعَ تَطَاوُلِ الْأَزْمَانِ أَنَّهَا مِيرَاثٌ وَأَنَّهُمَا وَرِثَاهُ لَا سِيَّمَا وَقِسْمَةُ الْمِيرَاثِ بَيْنَ الْبِنْتِ وَالْعَمِّ نِصْفَانِ فَيَلْتَبِسُ ذَلِكَ وَيُظَنُّ أَنَّهُمْ تَمَلَّكُوا ذَلِكَ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَا قَالَهُ أَبُو دَاوُدَ أَنَّهُ لَمَّا صَارَتِ الْخِلَافَةُ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُغَيِّرْهَا عَنْ كَوْنِهَا صَدَقَةً وَبِنَحْوِ هَذَا احْتَجَّ السَّفَّاحُ فَإِنَّهُ لَمَّا خَطَبَ أَوَّلَ خُطْبَةٍ قَامَ بِهَا قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مُعَلِّقٌ فِي عُنُقِهِ الْمُصْحَفَ فَقَالَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا مَا حَكَمْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ خَصْمِي بِهَذَا الْمُصْحَفِ فَقَالَ مَنْ هُوَ خَصْمُكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي مَنْعِهِ فَدَكٍ قَالَ أَظَلَمَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَنْ بَعْدَهُ قَالَ عُمَرُ قَالَ أَظَلَمَكَ قَالَ نَعَمْ وَقَالَ فِي عُثْمَانَ كَذَلِكَ قَالَ فَعَلِيٌّ ظَلَمَكَ فَسَكَتَ الرَّجُلُ فَأَغْلَظَ لَهُ السَّفَّاحُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْمٌ طَلَبَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِيرَاثَهَا مِنْ أَبِيهَا عَلَى أَنَّهَا تَأَوَّلَتِ الْحَدِيثَ إِنْ كَانَ بَلَغَهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ عَلَى الْأَمْوَالِ الَّتِي لَهَا بَالٌ فَهِيَ الَّتِي لَا تُورَثُ لَا مَا يَتْرُكُونَ مِنْ طَعَامٍ وَأَثَاثٍ وَسِلَاحٍ وَهَذَا التَّأْوِيلُ خِلَافُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَلَيْسَ مَعْنَاهُ إِرْثُهُنَّ مِنْهُ بَلْ لِكَوْنِهِنَّ مَحْبُوسَاتٍ عَنِ الْأَزْوَاجِ بِسَبَبِهِ أَوْ لِعِظَمِ حَقِّهِنَّ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِفَضْلِهِنَّ وَقِدَمِ هِجْرَتِهِنَّ وَكَوْنِهِنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَكَذَلِكَ اخْتُصِصْنَ بِمَسَاكِنِهِنَّ لَمْ يَرِثْهَا وَرَثَتُهُنَّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَفِي تَرْكِ فَاطِمَةَ مُنَازَعَةَ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ احْتِجَاجِهِ عَلَيْهَا بِالْحَدِيثِ التَّسْلِيمُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى قَضِيَّةِ وأنها لَمَّا بَلَّغَهَا الْحَدِيثَ وَبَيَّنَ لَهَا التَّأْوِيلَ تَرَكَتْ رَأْيَهَا ثُمَّ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا وَلَا مِنْ ذُرِّيَّتِهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَبُ مِيرَاثٍ ثُمَّ وَلِيَ عَلِيٌّ الْخِلَافَةَ فَلَمْ يَعْدِلْ بِهَا عَمَّا فَعَلَهُ أبو بكر وعمر رضي الله عنه فَدَلَّ عَلَى أَنَّ طَلَبَ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ إِنَّمَا كَانَ طَلَبَ تَوَلِّي الْقِيَامِ بِهَا بِأَنْفُسِهِمَا وَقِسْمَتِهَا بَيْنَهُمَا كَمَا سَبَقَ قَالَ وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ هِجْرَانِ فَاطِمَةَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَمَعْنَاهُ انْقِبَاضُهَا عَنْ لِقَائِهِ وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْهِجْرَانِ الْمُحَرَّمِ الَّذِي هُوَ تَرْكُ السَّلَامِ وَالْإِعْرَاضُ عِنْدَ اللِّقَاءِ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (فَلَمْ تُكَلِّمْهُ) يَعْنِي فِي هَذَا الْأَمْرِ أَوْ لِانْقِبَاضِهَا لَمْ تَطْلُبْ مِنْهُ حَاجَةً وَلَا اضْطُرَّتْ إلى لقائه فتكلمه ولم ينقل قط أنهما الْتَقَيَا فَلَمْ تُسَلِّمْ عَلَيْهِوَلَا كَلَّمَتْهُ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ جِئْتُمَانِي تُكَلِّمَانِي وَكَلَّمْتُكُمَا فِي وَاحِدَةٍ جِئْتَ يَا عَبَّاسُ تسألني نصيبك من بن أَخِيكَ وَجَاءَنِي هَذَا يَسْأَلُنِي نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا فِيهِ إِشْكَالٌ مَعَ إِعْلَامِ أَبِي بَكْرٍ لَهُمْ قَبْلَ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ وَجَوَابُهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إِنَّمَا طَلَبَ الْقِيَامَ وَحْدَهُ عَلَى ذَلِكَ وَيَحْتَجُّ هَذَا بِقُرْبِهِ بِالْعُمُومَةِ وَذَلِكَ بِقُرْبِ امْرَأَتِهِ بِالْبُنُوَّةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا طَلَبَا مَا عَلِمَا مَنْعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنَعَهُمَا مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ وَبَيَّنَ لَهُمَا دَلِيلَ الْمَنْعِ وَاعْتَرَفَا لَهُ بِذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُوَلَّى أَمْرَ كُلِّ قَبِيلَةٍ سَيِّدُهُمْ وَتُفَوَّضُ إِلَيْهِ مَصْلَحَتُهُمْ لأنه أعرف بهم وَأَرْفَقُ بِهِمْ وَأَبْعَدُ مِنْ أَنْ يَأْنَفُوا مِنَ الِانْقِيَادِ لَهُ ولِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَابْعَثُوا حكما من أهله وحكما من أهلها وَفِيهِ جَوَازُ نِدَاءِ الرَّجُلِ بِاسْمِهِ مِنْ غَيْرِ كنية وفِيهِ جَوَازُ احْتِجَابِ الْمُتَوَلِّي فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ لِطَعَامِهِ أَوْ وُضُوئِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَفِيهِ جَوَازُ قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَفِيهِ اسْتِشْهَادُ الْإِمَامِ عَلَى مَا يَقُولُهُ بِحَضْرَةِ الْخَصْمَيْنِ الْعُدُولِ لِتَقْوَى حُجَّتُهُ فِي إِقَامَةِ الْحَقِّ وَقَمْعِ الْخَصْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ (فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنه عنه اتَّئِدَا) أَيْ اصْبِرَا وَأَمْهِلَا قَوْلُهُ (أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ) أَيْ أَسْأَلُكُمْ بِاللَّهِ مَأْخُوذٌ مِنَ النَّشِيدِ وَهُوَ رفع الصوت يقال أنشدتك ونشدتك بالله قوله صلى الله عليه وسلم (لا نورث ما تركناه صدقة) هو برفع صدقة وما بِمَعْنَى الَّذِي أَيْ الَّذِي تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ بَعْدَ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَفَعَتْهُ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَى هَذَا لِأَنَّ بَعْضَ جَهَلَةِ الشِّيعَةِ يُصَحِّفُهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَا يُورَثُونَ أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَرَثَةِ مَنْ يَتَمَنَّى مَوْتَهُ فَيَهْلِكُ وَلِئَلَّا يُظَنَّ بِهِمُ الرَّغْبَةُ فِي الدُّنْيَا لِوَارِثِهمِ فَيَهْلِكَ الظَّانُّ وَيَنْفِرَ النَّاسُ عَنْهُمْقَوْلُهُ (إِنَّ اللَّهَ كَانَ خَصَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَاصَّةٍ لَمْ يَخْصُصْ بِهَا أَحَدًا غَيْرَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مَا أفاء الله على رسوله الْآيَةُ) ذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَعْنَى هَذَا احْتِمَالَيْنِ أَحَدُهُمَا تَحْلِيلُ الْغَنِيمَةِ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ وَالثَّانِي تَخْصِيصُهُ بِالْفَيْءِ إِمَّا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ كَمَا سَبَقَ مِنَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ قَالَ وَهَذَا الثَّانِييَحْيَى أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَهَكَذَا هُوَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ وَأَكْثَرُهَا عَنْ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ وَكَذَا ذَكَرَهُ خَلَفُ الْوَاسِطِيُّ فِي الْأَطْرَافِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَسَقَطَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ ذِكْرُ الزُّهْرِيِّ فِي الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ فَقَالَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ وَهَذَا غَلَطٌ مِنْ بَعْضِ النَّاقِلِينَ عَنْ مُسْلِمٍ قَطْعًا لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ فِي الْإِسْنَادِ الثَّانِي عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَهُ فِي الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ فَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهُ قَوْلُهُ (كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ وَمَا بَقِيَ جَعَلَهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَمَّا الْكُرَاعُ فَهُوَ الْخَيْلُ وَقَوْلُهُ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ أَيْ يَعْزِلُ لَهُمْ نَفَقَةَ سَنَةٍ وَلَكِنَّهُ كَانَ يُنْفِقُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ فَلَا تَتِمُّ عَلَيْهِ السَّنَةُ وَلِهَذَا تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عَلَى شَعِيرٍ اسْتَدَانَهُ لِأَهْلِهِ وَلَمْ يَشْبَعْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِكَثْرَةِ جُوعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجُوعِ عِيَالِهِ وَقَوْلُهُ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً هَذَا يُؤَيِّدُ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا خُمُسَ فِي الْفَيْءِ كَمَا سَبَقَ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَوْجَبَهُ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ مِنَ الْفَيْءِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ وَخُمُسُ خُمُسِ الْبَاقِي فَكَانَ لَهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ لِذَوِي الْقُرْبَى واليتامى والمساكين وبن السَّبِيلِ وَيُتَأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا فَنَقُولُ قَوْلُهُ كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ أَيْ مُعْظَمُهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ ادِّخَارِ قُوتِ سَنَةٍ وَجَوَازُ الِادِّخَارِ لِلْعِيَالِ وَأَنَّ هَذَا لَا يَقْدَحُ فِي التَّوَكُّلِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الِادِّخَارِ فِيمَا يَسْتَغِلُّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ قَرْيَتِهِ كَمَاجَرَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنَ السُّوقِ وَيَدَّخِرُهُ لقوت عياله فإن كان في وقت ضيق الطعام لم يجز بل يشتري مالا يَضِيقُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَقُوتِ أَيَّامٍ أَوْ شَهْرٍ وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ سَعَةٍ اشْتَرَى قُوتَ سَنَةٍ وَأَكْثَرَ هَكَذَا نَقَلَ الْقَاضِي هَذَا التَّفْصِيلَ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَعَنْ قَوْمٍ إِبَاحَتُهُ مُطْلَقًا وأما مالم يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ فَالْإِيجَافُ الْإِسْرَاعُ قَوْلُهُ (فَجِئْتُهُ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ) أَيْ ارْتَفَعَ وَهُوَ بِمَعْنَى مَتَعَ النَّهَارُ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ (فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِهِ جَالِسًا عَلَى سَرِيرٍ مُفْضِيًا إِلَى رُمَالِهِ) هُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ مَا يُنْسَجُ مِنْ سَعَفِ النَّخْلِ وَنَحْوِهِ لِيُضْطَجَعَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ مُفْضِيًا إِلَى رُمَالِهِ يَعْنِي لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُمَالِهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ الرُّمَالِ فِرَاشٌ أَوْ غَيْرُهُ قَوْلُهُ (فَقَالَ لِي يَا مَالِ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ يَا مَالِ وَهُوَ تَرْخِيمُ مَالِكٍ بِحَذْفِ الْكَافِ وَيَجُوزُ كَسْرُ اللَّامِ وَضَمُّهَا وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ لِأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فَمَنْ كَسَرَهَا تَرَكَهَا عَلَى مَا كَانَتْ وَمَنْ ضَمَّهَا جَعَلَهُ اسْمًا مُسْتَقِلًّا قَوْلُهُ (دَفُّ أَهْلِ أَبْيَاتٍ من قومك) الدف المشي بسرعة كأنهم جاؤوا مُسْرِعِينَ لِلضُّرِّ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ وَقِيلَ السَّيْرُ الْيَسِيرُ قَوْلُهُ (وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ) هُوَ بإسكان الضاد بالخاء الْمُعْجَمَتَيْنِ وَهِيَ الْعَطِيَّةُ الْقَلِيلَةُ قَوْلُهُ (فَجَاءَ يَرْفَا) هُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْفَاءِ غَيْرُ مَهْمُوزٍ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمْ مَنْ هَمَزَهُ وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيِّ فِي بَابِ الْفَيْءِ تُسَمِّيهِ الْيَرْفَا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَهُوَ حَاجِبُعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَوْلُهُ (اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الْكَاذِبِ إِلَى آخِرِهِ) قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَعْنَاهُ هَذَا الْكَاذِبُ إِنْ لَمْ يُنْصِفْ فَحَذَفَ الْجَوَابَ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا اللَّفْظُ الَّذِي وَقَعَ لَا يَلِيقُ ظَاهِرُهُ بِالْعَبَّاسِ وَحَاشَ لِعَلِيٍّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ بَعْضُ هَذِهِ الْأَوْصَافِ فَضْلًا عَنْ كُلِّهَا وَلَسْنَا نَقْطَعُ بِالْعِصْمَةِ إِلَّا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَنْ شَهِدَ لَهُ بِهَا لَكِنَّا مَأْمُورُونَ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِالصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَنَفْيِ كُلِّ رَذِيلَةٍ عَنْهُمْ وَإِذَا انْسَدَّتْ طُرُقُ تَأْوِيلِهَا نَسَبْنَا الْكَذِبَ إِلَى رُوَاتِهَا قَالَ وَقَدْ حَمَلَ هَذَا الْمَعْنَى بَعْضَ النَّاسِ عَلَى أَنْ أَزَالَ هَذَا اللَّفْظَ مِنْ نُسْخَتِهِ تَوَرُّعًا عَنْ إِثْبَاتِ مِثْلِ هَذَا وَلَعَلَّهُ حَمَلَ الْوَهْمَ عَلَى رُوَاتِهِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَإِذَا كَانَ هَذَا اللَّفْظُ لَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِهِ وَلَمْ نُضِفِ الْوَهْمَ إِلَى رُوَاتِهِ فَأَجْوَدُ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَدَرَ مِنَ الْعَبَّاسِ عَلَى جِهَةِ الادلال على بن أخيه لأنه بمنزلة ابنه وقال مالا يعتقده وما يعلم براءة ذمة بن أَخِيهِ مِنْهُ وَلَعَلَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ رَدْعَهُ عَمَّا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُخْطِئٌ فِيهِ وَأَنَّ هَذِهِ الْأَوْصَافَ يَتَّصِفُ بِهَا لَوْ كَانَ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ عن قصد وأن عليا كان لا يراها إِلَّا مُوجِبَةً لِذَلِكَ فِي اعْتِقَادِهِ وَهَذَا كَمَا يَقُولُ الْمَالِكِيُّ شَارِبُ النَّبِيذِ نَاقِصُ الدِّينِ وَالْحَنَفِيُّ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَاقِصٍ فَكُلُّ وَاحِدٍ مُحِقٌّ فِي اعْتِقَادِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِأَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ جَرَتْ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ الْخَلِيفَةُ وَعُثْمَانُ وَسَعْدٌ وَزُبَيْرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ هَذَا الْكَلَامَ مَعَ تَشَدُّدِهِمْ فِي إِنْكَارِ الْمُنْكَرِ وَمَا ذَلِكَ إِلَّا لِأَنَّهُمْ فَهِمُوا بِقَرِينَةِ الْحَالِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِمَا لَا يَعْتَقِدُ ظَاهِرَهُ مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَكَذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّكُمَا جِئْتُمَا أَبَا بَكْرٍ فَرَأَيْتُمَاهُ كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا وَكَذَلِكَ ذَكَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ كَذَلِكَ وَتَأْوِيلُ هَذَا عَلَى نَحْوِ مَا سَبَقَ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّكُمَا تَعْتَقِدَانِ أَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ نَفْعَلَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ خِلَافَ مَا فَعَلْتُهُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ فَنَحْنُ عَلَى مُقْتَضَى رَأْيِكُمَا لَوْ أَتَيْنَا مَا أَتَيْنَا وَنَحْنُ مُعْتَقِدَانِ مَا تَعْتَقِدَانِهِ لَكُنَّا بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِمَامَ إِنَّمَا يُخَالَفُ إِذَا كَانَ عَلَى هَذِهِ الْأَوْصَافِوَيُتَّهَمُ فِي قَضَايَاهُ فَكَانَ مُخَالَفَتُكُمَا لَنَا تُشْعِرُ مَنْ رَآهَا أَنَّكُمْ تَعْتَقِدَانِ ذَلِكَ فِينَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْمَازِرِيُّ وَأَمَّا الِاعْتِذَارُ عَنْ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي أَنَّهُمَا تَرَدَّدَا إِلَى الْخَلِيفَتَيْنِ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَتَقْرِيرُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُمَا يَعْلَمَانِ ذَلِكَ فَأَمْثَلُ مَا فِيهِ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمَا طَلَبَا أَنْ يَقْسِمَاهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ينفقان بها على حسب ما ينفعهما الْإِمَامُ بِهَا لَوْ وَلِيَهَا بِنَفْسِهِ فَكَرِهَ عُمَرُ أَنْ يُوقِعَ عَلَيْهَا اسْمَ الْقِسْمَةِ لِئَلَّا يُظَنَّ لِذَلِكَ مَعَ تَطَاوُلِ الْأَزْمَانِ أَنَّهَا مِيرَاثٌ وَأَنَّهُمَا وَرِثَاهُ لَا سِيَّمَا وَقِسْمَةُ الْمِيرَاثِ بَيْنَ الْبِنْتِ وَالْعَمِّ نِصْفَانِ فَيَلْتَبِسُ ذَلِكَ وَيُظَنُّ أَنَّهُمْ تَمَلَّكُوا ذَلِكَ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَا قَالَهُ أَبُو دَاوُدَ أَنَّهُ لَمَّا صَارَتِ الْخِلَافَةُ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُغَيِّرْهَا عَنْ كَوْنِهَا صَدَقَةً وَبِنَحْوِ هَذَا احْتَجَّ السَّفَّاحُ فَإِنَّهُ لَمَّا خَطَبَ أَوَّلَ خُطْبَةٍ قَامَ بِهَا قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مُعَلِّقٌ فِي عُنُقِهِ الْمُصْحَفَ فَقَالَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا مَا حَكَمْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ خَصْمِي بِهَذَا الْمُصْحَفِ فَقَالَ مَنْ هُوَ خَصْمُكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي مَنْعِهِ فَدَكٍ قَالَ أَظَلَمَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَنْ بَعْدَهُ قَالَ عُمَرُ قَالَ أَظَلَمَكَ قَالَ نَعَمْ وَقَالَ فِي عُثْمَانَ كَذَلِكَ قَالَ فَعَلِيٌّ ظَلَمَكَ فَسَكَتَ الرَّجُلُ فَأَغْلَظَ لَهُ السَّفَّاحُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْمٌ طَلَبَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِيرَاثَهَا مِنْ أَبِيهَا عَلَى أَنَّهَا تَأَوَّلَتِ الْحَدِيثَ إِنْ كَانَ بَلَغَهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ عَلَى الْأَمْوَالِ الَّتِي لَهَا بَالٌ فَهِيَ الَّتِي لَا تُورَثُ لَا مَا يَتْرُكُونَ مِنْ طَعَامٍ وَأَثَاثٍ وَسِلَاحٍ وَهَذَا التَّأْوِيلُ خِلَافُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَلَيْسَ مَعْنَاهُ إِرْثُهُنَّ مِنْهُ بَلْ لِكَوْنِهِنَّ مَحْبُوسَاتٍ عَنِ الْأَزْوَاجِ بِسَبَبِهِ أَوْ لِعِظَمِ حَقِّهِنَّ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِفَضْلِهِنَّ وَقِدَمِ هِجْرَتِهِنَّ وَكَوْنِهِنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَكَذَلِكَ اخْتُصِصْنَ بِمَسَاكِنِهِنَّ لَمْ يَرِثْهَا وَرَثَتُهُنَّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَفِي تَرْكِ فَاطِمَةَ مُنَازَعَةَ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ احْتِجَاجِهِ عَلَيْهَا بِالْحَدِيثِ التَّسْلِيمُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى قَضِيَّةِ وأنها لَمَّا بَلَّغَهَا الْحَدِيثَ وَبَيَّنَ لَهَا التَّأْوِيلَ تَرَكَتْ رَأْيَهَا ثُمَّ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا وَلَا مِنْ ذُرِّيَّتِهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَبُ مِيرَاثٍ ثُمَّ وَلِيَ عَلِيٌّ الْخِلَافَةَ فَلَمْ يَعْدِلْ بِهَا عَمَّا فَعَلَهُ أبو بكر وعمر رضي الله عنه فَدَلَّ عَلَى أَنَّ طَلَبَ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ إِنَّمَا كَانَ طَلَبَ تَوَلِّي الْقِيَامِ بِهَا بِأَنْفُسِهِمَا وَقِسْمَتِهَا بَيْنَهُمَا كَمَا سَبَقَ قَالَ وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ هِجْرَانِ فَاطِمَةَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَمَعْنَاهُ انْقِبَاضُهَا عَنْ لِقَائِهِ وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْهِجْرَانِ الْمُحَرَّمِ الَّذِي هُوَ تَرْكُ السَّلَامِ وَالْإِعْرَاضُ عِنْدَ اللِّقَاءِ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (فَلَمْ تُكَلِّمْهُ) يَعْنِي فِي هَذَا الْأَمْرِ أَوْ لِانْقِبَاضِهَا لَمْ تَطْلُبْ مِنْهُ حَاجَةً وَلَا اضْطُرَّتْ إلى لقائه فتكلمه ولم ينقل قط أنهما الْتَقَيَا فَلَمْ تُسَلِّمْ عَلَيْهِوَلَا كَلَّمَتْهُ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ جِئْتُمَانِي تُكَلِّمَانِي وَكَلَّمْتُكُمَا فِي وَاحِدَةٍ جِئْتَ يَا عَبَّاسُ تسألني نصيبك من بن أَخِيكَ وَجَاءَنِي هَذَا يَسْأَلُنِي نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا فِيهِ إِشْكَالٌ مَعَ إِعْلَامِ أَبِي بَكْرٍ لَهُمْ قَبْلَ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ وَجَوَابُهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إِنَّمَا طَلَبَ الْقِيَامَ وَحْدَهُ عَلَى ذَلِكَ وَيَحْتَجُّ هَذَا بِقُرْبِهِ بِالْعُمُومَةِ وَذَلِكَ بِقُرْبِ امْرَأَتِهِ بِالْبُنُوَّةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا طَلَبَا مَا عَلِمَا مَنْعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنَعَهُمَا مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ وَبَيَّنَ لَهُمَا دَلِيلَ الْمَنْعِ وَاعْتَرَفَا لَهُ بِذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُوَلَّى أَمْرَ كُلِّ قَبِيلَةٍ سَيِّدُهُمْ وَتُفَوَّضُ إِلَيْهِ مَصْلَحَتُهُمْ لأنه أعرف بهم وَأَرْفَقُ بِهِمْ وَأَبْعَدُ مِنْ أَنْ يَأْنَفُوا مِنَ الِانْقِيَادِ لَهُ ولِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَابْعَثُوا حكما من أهله وحكما من أهلها وَفِيهِ جَوَازُ نِدَاءِ الرَّجُلِ بِاسْمِهِ مِنْ غَيْرِ كنية وفِيهِ جَوَازُ احْتِجَابِ الْمُتَوَلِّي فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ لِطَعَامِهِ أَوْ وُضُوئِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَفِيهِ جَوَازُ قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَفِيهِ اسْتِشْهَادُ الْإِمَامِ عَلَى مَا يَقُولُهُ بِحَضْرَةِ الْخَصْمَيْنِ الْعُدُولِ لِتَقْوَى حُجَّتُهُ فِي إِقَامَةِ الْحَقِّ وَقَمْعِ الْخَصْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ (فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنه عنه اتَّئِدَا) أَيْ اصْبِرَا وَأَمْهِلَا قَوْلُهُ (أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ) أَيْ أَسْأَلُكُمْ بِاللَّهِ مَأْخُوذٌ مِنَ النَّشِيدِ وَهُوَ رفع الصوت يقال أنشدتك ونشدتك بالله قوله صلى الله عليه وسلم (لا نورث ما تركناه صدقة) هو برفع صدقة وما بِمَعْنَى الَّذِي أَيْ الَّذِي تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ بَعْدَ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَفَعَتْهُ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَى هَذَا لِأَنَّ بَعْضَ جَهَلَةِ الشِّيعَةِ يُصَحِّفُهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَا يُورَثُونَ أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَرَثَةِ مَنْ يَتَمَنَّى مَوْتَهُ فَيَهْلِكُ وَلِئَلَّا يُظَنَّ بِهِمُ الرَّغْبَةُ فِي الدُّنْيَا لِوَارِثِهمِ فَيَهْلِكَ الظَّانُّ وَيَنْفِرَ النَّاسُ عَنْهُمْقَوْلُهُ (إِنَّ اللَّهَ كَانَ خَصَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَاصَّةٍ لَمْ يَخْصُصْ بِهَا أَحَدًا غَيْرَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مَا أفاء الله على رسوله الْآيَةُ) ذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَعْنَى هَذَا احْتِمَالَيْنِ أَحَدُهُمَا تَحْلِيلُ الْغَنِيمَةِ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ وَالثَّانِي تَخْصِيصُهُ بِالْفَيْءِ إِمَّا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ كَمَا سَبَقَ مِنَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ قَالَ وَهَذَا الثَّانِييَحْيَى أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَهَكَذَا هُوَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ وَأَكْثَرُهَا عَنْ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ وَكَذَا ذَكَرَهُ خَلَفُ الْوَاسِطِيُّ فِي الْأَطْرَافِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَسَقَطَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ ذِكْرُ الزُّهْرِيِّ فِي الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ فَقَالَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ وَهَذَا غَلَطٌ مِنْ بَعْضِ النَّاقِلِينَ عَنْ مُسْلِمٍ قَطْعًا لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ فِي الْإِسْنَادِ الثَّانِي عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَهُ فِي الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ فَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهُ قَوْلُهُ (كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ وَمَا بَقِيَ جَعَلَهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَمَّا الْكُرَاعُ فَهُوَ الْخَيْلُ وَقَوْلُهُ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ أَيْ يَعْزِلُ لَهُمْ نَفَقَةَ سَنَةٍ وَلَكِنَّهُ كَانَ يُنْفِقُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ فَلَا تَتِمُّ عَلَيْهِ السَّنَةُ وَلِهَذَا تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عَلَى شَعِيرٍ اسْتَدَانَهُ لِأَهْلِهِ وَلَمْ يَشْبَعْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِكَثْرَةِ جُوعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجُوعِ عِيَالِهِ وَقَوْلُهُ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً هَذَا يُؤَيِّدُ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا خُمُسَ فِي الْفَيْءِ كَمَا سَبَقَ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَوْجَبَهُ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ مِنَ الْفَيْءِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ وَخُمُسُ خُمُسِ الْبَاقِي فَكَانَ لَهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ لِذَوِي الْقُرْبَى واليتامى والمساكين وبن السَّبِيلِ وَيُتَأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا فَنَقُولُ قَوْلُهُ كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ أَيْ مُعْظَمُهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ ادِّخَارِ قُوتِ سَنَةٍ وَجَوَازُ الِادِّخَارِ لِلْعِيَالِ وَأَنَّ هَذَا لَا يَقْدَحُ فِي التَّوَكُّلِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الِادِّخَارِ فِيمَا يَسْتَغِلُّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ قَرْيَتِهِ كَمَاجَرَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنَ السُّوقِ وَيَدَّخِرُهُ لقوت عياله فإن كان في وقت ضيق الطعام لم يجز بل يشتري مالا يَضِيقُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَقُوتِ أَيَّامٍ أَوْ شَهْرٍ وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ سَعَةٍ اشْتَرَى قُوتَ سَنَةٍ وَأَكْثَرَ هَكَذَا نَقَلَ الْقَاضِي هَذَا التَّفْصِيلَ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَعَنْ قَوْمٍ إِبَاحَتُهُ مُطْلَقًا وأما مالم يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ فَالْإِيجَافُ الْإِسْرَاعُ قَوْلُهُ (فَجِئْتُهُ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ) أَيْ ارْتَفَعَ وَهُوَ بِمَعْنَى مَتَعَ النَّهَارُ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ (فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِهِ جَالِسًا عَلَى سَرِيرٍ مُفْضِيًا إِلَى رُمَالِهِ) هُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ مَا يُنْسَجُ مِنْ سَعَفِ النَّخْلِ وَنَحْوِهِ لِيُضْطَجَعَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ مُفْضِيًا إِلَى رُمَالِهِ يَعْنِي لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُمَالِهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ الرُّمَالِ فِرَاشٌ أَوْ غَيْرُهُ قَوْلُهُ (فَقَالَ لِي يَا مَالِ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ يَا مَالِ وَهُوَ تَرْخِيمُ مَالِكٍ بِحَذْفِ الْكَافِ وَيَجُوزُ كَسْرُ اللَّامِ وَضَمُّهَا وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ لِأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فَمَنْ كَسَرَهَا تَرَكَهَا عَلَى مَا كَانَتْ وَمَنْ ضَمَّهَا جَعَلَهُ اسْمًا مُسْتَقِلًّا قَوْلُهُ (دَفُّ أَهْلِ أَبْيَاتٍ من قومك) الدف المشي بسرعة كأنهم جاؤوا مُسْرِعِينَ لِلضُّرِّ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ وَقِيلَ السَّيْرُ الْيَسِيرُ قَوْلُهُ (وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ) هُوَ بإسكان الضاد بالخاء الْمُعْجَمَتَيْنِ وَهِيَ الْعَطِيَّةُ الْقَلِيلَةُ قَوْلُهُ (فَجَاءَ يَرْفَا) هُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْفَاءِ غَيْرُ مَهْمُوزٍ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمْ مَنْ هَمَزَهُ وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيِّ فِي بَابِ الْفَيْءِ تُسَمِّيهِ الْيَرْفَا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَهُوَ حَاجِبُعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَوْلُهُ (اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الْكَاذِبِ إِلَى آخِرِهِ) قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَعْنَاهُ هَذَا الْكَاذِبُ إِنْ لَمْ يُنْصِفْ فَحَذَفَ الْجَوَابَ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا اللَّفْظُ الَّذِي وَقَعَ لَا يَلِيقُ ظَاهِرُهُ بِالْعَبَّاسِ وَحَاشَ لِعَلِيٍّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ بَعْضُ هَذِهِ الْأَوْصَافِ فَضْلًا عَنْ كُلِّهَا وَلَسْنَا نَقْطَعُ بِالْعِصْمَةِ إِلَّا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَنْ شَهِدَ لَهُ بِهَا لَكِنَّا مَأْمُورُونَ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِالصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَنَفْيِ كُلِّ رَذِيلَةٍ عَنْهُمْ وَإِذَا انْسَدَّتْ طُرُقُ تَأْوِيلِهَا نَسَبْنَا الْكَذِبَ إِلَى رُوَاتِهَا قَالَ وَقَدْ حَمَلَ هَذَا الْمَعْنَى بَعْضَ النَّاسِ عَلَى أَنْ أَزَالَ هَذَا اللَّفْظَ مِنْ نُسْخَتِهِ تَوَرُّعًا عَنْ إِثْبَاتِ مِثْلِ هَذَا وَلَعَلَّهُ حَمَلَ الْوَهْمَ عَلَى رُوَاتِهِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَإِذَا كَانَ هَذَا اللَّفْظُ لَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِهِ وَلَمْ نُضِفِ الْوَهْمَ إِلَى رُوَاتِهِ فَأَجْوَدُ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَدَرَ مِنَ الْعَبَّاسِ عَلَى جِهَةِ الادلال على بن أخيه لأنه بمنزلة ابنه وقال مالا يعتقده وما يعلم براءة ذمة بن أَخِيهِ مِنْهُ وَلَعَلَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ رَدْعَهُ عَمَّا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُخْطِئٌ فِيهِ وَأَنَّ هَذِهِ الْأَوْصَافَ يَتَّصِفُ بِهَا لَوْ كَانَ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ عن قصد وأن عليا كان لا يراها إِلَّا مُوجِبَةً لِذَلِكَ فِي اعْتِقَادِهِ وَهَذَا كَمَا يَقُولُ الْمَالِكِيُّ شَارِبُ النَّبِيذِ نَاقِصُ الدِّينِ وَالْحَنَفِيُّ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَاقِصٍ فَكُلُّ وَاحِدٍ مُحِقٌّ فِي اعْتِقَادِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِأَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ جَرَتْ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ الْخَلِيفَةُ وَعُثْمَانُ وَسَعْدٌ وَزُبَيْرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ هَذَا الْكَلَامَ مَعَ تَشَدُّدِهِمْ فِي إِنْكَارِ الْمُنْكَرِ وَمَا ذَلِكَ إِلَّا لِأَنَّهُمْ فَهِمُوا بِقَرِينَةِ الْحَالِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِمَا لَا يَعْتَقِدُ ظَاهِرَهُ مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَكَذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّكُمَا جِئْتُمَا أَبَا بَكْرٍ فَرَأَيْتُمَاهُ كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا وَكَذَلِكَ ذَكَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ كَذَلِكَ وَتَأْوِيلُ هَذَا عَلَى نَحْوِ مَا سَبَقَ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّكُمَا تَعْتَقِدَانِ أَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ نَفْعَلَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ خِلَافَ مَا فَعَلْتُهُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ فَنَحْنُ عَلَى مُقْتَضَى رَأْيِكُمَا لَوْ أَتَيْنَا مَا أَتَيْنَا وَنَحْنُ مُعْتَقِدَانِ مَا تَعْتَقِدَانِهِ لَكُنَّا بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِمَامَ إِنَّمَا يُخَالَفُ إِذَا كَانَ عَلَى هَذِهِ الْأَوْصَافِوَيُتَّهَمُ فِي قَضَايَاهُ فَكَانَ مُخَالَفَتُكُمَا لَنَا تُشْعِرُ مَنْ رَآهَا أَنَّكُمْ تَعْتَقِدَانِ ذَلِكَ فِينَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْمَازِرِيُّ وَأَمَّا الِاعْتِذَارُ عَنْ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي أَنَّهُمَا تَرَدَّدَا إِلَى الْخَلِيفَتَيْنِ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَتَقْرِيرُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُمَا يَعْلَمَانِ ذَلِكَ فَأَمْثَلُ مَا فِيهِ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمَا طَلَبَا أَنْ يَقْسِمَاهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ينفقان بها على حسب ما ينفعهما الْإِمَامُ بِهَا لَوْ وَلِيَهَا بِنَفْسِهِ فَكَرِهَ عُمَرُ أَنْ يُوقِعَ عَلَيْهَا اسْمَ الْقِسْمَةِ لِئَلَّا يُظَنَّ لِذَلِكَ مَعَ تَطَاوُلِ الْأَزْمَانِ أَنَّهَا مِيرَاثٌ وَأَنَّهُمَا وَرِثَاهُ لَا سِيَّمَا وَقِسْمَةُ الْمِيرَاثِ بَيْنَ الْبِنْتِ وَالْعَمِّ نِصْفَانِ فَيَلْتَبِسُ ذَلِكَ وَيُظَنُّ أَنَّهُمْ تَمَلَّكُوا ذَلِكَ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَا قَالَهُ أَبُو دَاوُدَ أَنَّهُ لَمَّا صَارَتِ الْخِلَافَةُ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُغَيِّرْهَا عَنْ كَوْنِهَا صَدَقَةً وَبِنَحْوِ هَذَا احْتَجَّ السَّفَّاحُ فَإِنَّهُ لَمَّا خَطَبَ أَوَّلَ خُطْبَةٍ قَامَ بِهَا قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مُعَلِّقٌ فِي عُنُقِهِ الْمُصْحَفَ فَقَالَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا مَا حَكَمْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ خَصْمِي بِهَذَا الْمُصْحَفِ فَقَالَ مَنْ هُوَ خَصْمُكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي مَنْعِهِ فَدَكٍ قَالَ أَظَلَمَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَنْ بَعْدَهُ قَالَ عُمَرُ قَالَ أَظَلَمَكَ قَالَ نَعَمْ وَقَالَ فِي عُثْمَانَ كَذَلِكَ قَالَ فَعَلِيٌّ ظَلَمَكَ فَسَكَتَ الرَّجُلُ فَأَغْلَظَ لَهُ السَّفَّاحُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْمٌ طَلَبَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِيرَاثَهَا مِنْ أَبِيهَا عَلَى أَنَّهَا تَأَوَّلَتِ الْحَدِيثَ إِنْ كَانَ بَلَغَهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ عَلَى الْأَمْوَالِ الَّتِي لَهَا بَالٌ فَهِيَ الَّتِي لَا تُورَثُ لَا مَا يَتْرُكُونَ مِنْ طَعَامٍ وَأَثَاثٍ وَسِلَاحٍ وَهَذَا التَّأْوِيلُ خِلَافُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَلَيْسَ مَعْنَاهُ إِرْثُهُنَّ مِنْهُ بَلْ لِكَوْنِهِنَّ مَحْبُوسَاتٍ عَنِ الْأَزْوَاجِ بِسَبَبِهِ أَوْ لِعِظَمِ حَقِّهِنَّ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِفَضْلِهِنَّ وَقِدَمِ هِجْرَتِهِنَّ وَكَوْنِهِنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَكَذَلِكَ اخْتُصِصْنَ بِمَسَاكِنِهِنَّ لَمْ يَرِثْهَا وَرَثَتُهُنَّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَفِي تَرْكِ فَاطِمَةَ مُنَازَعَةَ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ احْتِجَاجِهِ عَلَيْهَا بِالْحَدِيثِ التَّسْلِيمُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى قَضِيَّةِ وأنها لَمَّا بَلَّغَهَا الْحَدِيثَ وَبَيَّنَ لَهَا التَّأْوِيلَ تَرَكَتْ رَأْيَهَا ثُمَّ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا وَلَا مِنْ ذُرِّيَّتِهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَبُ مِيرَاثٍ ثُمَّ وَلِيَ عَلِيٌّ الْخِلَافَةَ فَلَمْ يَعْدِلْ بِهَا عَمَّا فَعَلَهُ أبو بكر وعمر رضي الله عنه فَدَلَّ عَلَى أَنَّ طَلَبَ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ إِنَّمَا كَانَ طَلَبَ تَوَلِّي الْقِيَامِ بِهَا بِأَنْفُسِهِمَا وَقِسْمَتِهَا بَيْنَهُمَا كَمَا سَبَقَ قَالَ وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ هِجْرَانِ فَاطِمَةَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَمَعْنَاهُ انْقِبَاضُهَا عَنْ لِقَائِهِ وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْهِجْرَانِ الْمُحَرَّمِ الَّذِي هُوَ تَرْكُ السَّلَامِ وَالْإِعْرَاضُ عِنْدَ اللِّقَاءِ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (فَلَمْ تُكَلِّمْهُ) يَعْنِي فِي هَذَا الْأَمْرِ أَوْ لِانْقِبَاضِهَا لَمْ تَطْلُبْ مِنْهُ حَاجَةً وَلَا اضْطُرَّتْ إلى لقائه فتكلمه ولم ينقل قط أنهما الْتَقَيَا فَلَمْ تُسَلِّمْ عَلَيْهِوَلَا كَلَّمَتْهُ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ جِئْتُمَانِي تُكَلِّمَانِي وَكَلَّمْتُكُمَا فِي وَاحِدَةٍ جِئْتَ يَا عَبَّاسُ تسألني نصيبك من بن أَخِيكَ وَجَاءَنِي هَذَا يَسْأَلُنِي نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا فِيهِ إِشْكَالٌ مَعَ إِعْلَامِ أَبِي بَكْرٍ لَهُمْ قَبْلَ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ وَجَوَابُهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إِنَّمَا طَلَبَ الْقِيَامَ وَحْدَهُ عَلَى ذَلِكَ وَيَحْتَجُّ هَذَا بِقُرْبِهِ بِالْعُمُومَةِ وَذَلِكَ بِقُرْبِ امْرَأَتِهِ بِالْبُنُوَّةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا طَلَبَا مَا عَلِمَا مَنْعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنَعَهُمَا مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ وَبَيَّنَ لَهُمَا دَلِيلَ الْمَنْعِ وَاعْتَرَفَا لَهُ بِذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُوَلَّى أَمْرَ كُلِّ قَبِيلَةٍ سَيِّدُهُمْ وَتُفَوَّضُ إِلَيْهِ مَصْلَحَتُهُمْ لأنه أعرف بهم وَأَرْفَقُ بِهِمْ وَأَبْعَدُ مِنْ أَنْ يَأْنَفُوا مِنَ الِانْقِيَادِ لَهُ ولِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَابْعَثُوا حكما من أهله وحكما من أهلها وَفِيهِ جَوَازُ نِدَاءِ الرَّجُلِ بِاسْمِهِ مِنْ غَيْرِ كنية وفِيهِ جَوَازُ احْتِجَابِ الْمُتَوَلِّي فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ لِطَعَامِهِ أَوْ وُضُوئِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَفِيهِ جَوَازُ قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَفِيهِ اسْتِشْهَادُ الْإِمَامِ عَلَى مَا يَقُولُهُ بِحَضْرَةِ الْخَصْمَيْنِ الْعُدُولِ لِتَقْوَى حُجَّتُهُ فِي إِقَامَةِ الْحَقِّ وَقَمْعِ الْخَصْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ (فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنه عنه اتَّئِدَا) أَيْ اصْبِرَا وَأَمْهِلَا قَوْلُهُ (أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ) أَيْ أَسْأَلُكُمْ بِاللَّهِ مَأْخُوذٌ مِنَ النَّشِيدِ وَهُوَ رفع الصوت يقال أنشدتك ونشدتك بالله قوله صلى الله عليه وسلم (لا نورث ما تركناه صدقة) هو برفع صدقة وما بِمَعْنَى الَّذِي أَيْ الَّذِي تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ بَعْدَ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَفَعَتْهُ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَى هَذَا لِأَنَّ بَعْضَ جَهَلَةِ الشِّيعَةِ يُصَحِّفُهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَا يُورَثُونَ أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَرَثَةِ مَنْ يَتَمَنَّى مَوْتَهُ فَيَهْلِكُ وَلِئَلَّا يُظَنَّ بِهِمُ الرَّغْبَةُ فِي الدُّنْيَا لِوَارِثِهمِ فَيَهْلِكَ الظَّانُّ وَيَنْفِرَ النَّاسُ عَنْهُمْقَوْلُهُ (إِنَّ اللَّهَ كَانَ خَصَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَاصَّةٍ لَمْ يَخْصُصْ بِهَا أَحَدًا غَيْرَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مَا أفاء الله على رسوله الْآيَةُ) ذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَعْنَى هَذَا احْتِمَالَيْنِ أَحَدُهُمَا تَحْلِيلُ الْغَنِيمَةِ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ وَالثَّانِي تَخْصِيصُهُ بِالْفَيْءِ إِمَّا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ كَمَا سَبَقَ مِنَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ قَالَ وَهَذَا الثَّانِييَحْيَى أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَهَكَذَا هُوَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ وَأَكْثَرُهَا عَنْ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ وَكَذَا ذَكَرَهُ خَلَفُ الْوَاسِطِيُّ فِي الْأَطْرَافِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَسَقَطَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ ذِكْرُ الزُّهْرِيِّ فِي الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ فَقَالَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ وَهَذَا غَلَطٌ مِنْ بَعْضِ النَّاقِلِينَ عَنْ مُسْلِمٍ قَطْعًا لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ فِي الْإِسْنَادِ الثَّانِي عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَهُ فِي الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ فَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهُ قَوْلُهُ (كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ وَمَا بَقِيَ جَعَلَهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَمَّا الْكُرَاعُ فَهُوَ الْخَيْلُ وَقَوْلُهُ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ أَيْ يَعْزِلُ لَهُمْ نَفَقَةَ سَنَةٍ وَلَكِنَّهُ كَانَ يُنْفِقُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ فَلَا تَتِمُّ عَلَيْهِ السَّنَةُ وَلِهَذَا تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عَلَى شَعِيرٍ اسْتَدَانَهُ لِأَهْلِهِ وَلَمْ يَشْبَعْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِكَثْرَةِ جُوعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجُوعِ عِيَالِهِ وَقَوْلُهُ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً هَذَا يُؤَيِّدُ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا خُمُسَ فِي الْفَيْءِ كَمَا سَبَقَ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَوْجَبَهُ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ مِنَ الْفَيْءِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ وَخُمُسُ خُمُسِ الْبَاقِي فَكَانَ لَهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ لِذَوِي الْقُرْبَى واليتامى والمساكين وبن السَّبِيلِ وَيُتَأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا فَنَقُولُ قَوْلُهُ كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ أَيْ مُعْظَمُهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ ادِّخَارِ قُوتِ سَنَةٍ وَجَوَازُ الِادِّخَارِ لِلْعِيَالِ وَأَنَّ هَذَا لَا يَقْدَحُ فِي التَّوَكُّلِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الِادِّخَارِ فِيمَا يَسْتَغِلُّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ قَرْيَتِهِ كَمَاجَرَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنَ السُّوقِ وَيَدَّخِرُهُ لقوت عياله فإن كان في وقت ضيق الطعام لم يجز بل يشتري مالا يَضِيقُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَقُوتِ أَيَّامٍ أَوْ شَهْرٍ وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ سَعَةٍ اشْتَرَى قُوتَ سَنَةٍ وَأَكْثَرَ هَكَذَا نَقَلَ الْقَاضِي هَذَا التَّفْصِيلَ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَعَنْ قَوْمٍ إِبَاحَتُهُ مُطْلَقًا وأما مالم يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ فَالْإِيجَافُ الْإِسْرَاعُ قَوْلُهُ (فَجِئْتُهُ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ) أَيْ ارْتَفَعَ وَهُوَ بِمَعْنَى مَتَعَ النَّهَارُ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ (فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِهِ جَالِسًا عَلَى سَرِيرٍ مُفْضِيًا إِلَى رُمَالِهِ) هُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ مَا يُنْسَجُ مِنْ سَعَفِ النَّخْلِ وَنَحْوِهِ لِيُضْطَجَعَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ مُفْضِيًا إِلَى رُمَالِهِ يَعْنِي لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُمَالِهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ الرُّمَالِ فِرَاشٌ أَوْ غَيْرُهُ قَوْلُهُ (فَقَالَ لِي يَا مَالِ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ يَا مَالِ وَهُوَ تَرْخِيمُ مَالِكٍ بِحَذْفِ الْكَافِ وَيَجُوزُ كَسْرُ اللَّامِ وَضَمُّهَا وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ لِأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فَمَنْ كَسَرَهَا تَرَكَهَا عَلَى مَا كَانَتْ وَمَنْ ضَمَّهَا جَعَلَهُ اسْمًا مُسْتَقِلًّا قَوْلُهُ (دَفُّ أَهْلِ أَبْيَاتٍ من قومك) الدف المشي بسرعة كأنهم جاؤوا مُسْرِعِينَ لِلضُّرِّ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ وَقِيلَ السَّيْرُ الْيَسِيرُ قَوْلُهُ (وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ) هُوَ بإسكان الضاد بالخاء الْمُعْجَمَتَيْنِ وَهِيَ الْعَطِيَّةُ الْقَلِيلَةُ قَوْلُهُ (فَجَاءَ يَرْفَا) هُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْفَاءِ غَيْرُ مَهْمُوزٍ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمْ مَنْ هَمَزَهُ وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيِّ فِي بَابِ الْفَيْءِ تُسَمِّيهِ الْيَرْفَا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَهُوَ حَاجِبُعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَوْلُهُ (اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الْكَاذِبِ إِلَى آخِرِهِ) قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَعْنَاهُ هَذَا الْكَاذِبُ إِنْ لَمْ يُنْصِفْ فَحَذَفَ الْجَوَابَ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا اللَّفْظُ الَّذِي وَقَعَ لَا يَلِيقُ ظَاهِرُهُ بِالْعَبَّاسِ وَحَاشَ لِعَلِيٍّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ بَعْضُ هَذِهِ الْأَوْصَافِ فَضْلًا عَنْ كُلِّهَا وَلَسْنَا نَقْطَعُ بِالْعِصْمَةِ إِلَّا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَنْ شَهِدَ لَهُ بِهَا لَكِنَّا مَأْمُورُونَ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِالصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَنَفْيِ كُلِّ رَذِيلَةٍ عَنْهُمْ وَإِذَا انْسَدَّتْ طُرُقُ تَأْوِيلِهَا نَسَبْنَا الْكَذِبَ إِلَى رُوَاتِهَا قَالَ وَقَدْ حَمَلَ هَذَا الْمَعْنَى بَعْضَ النَّاسِ عَلَى أَنْ أَزَالَ هَذَا اللَّفْظَ مِنْ نُسْخَتِهِ تَوَرُّعًا عَنْ إِثْبَاتِ مِثْلِ هَذَا وَلَعَلَّهُ حَمَلَ الْوَهْمَ عَلَى رُوَاتِهِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَإِذَا كَانَ هَذَا اللَّفْظُ لَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِهِ وَلَمْ نُضِفِ الْوَهْمَ إِلَى رُوَاتِهِ فَأَجْوَدُ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَدَرَ مِنَ الْعَبَّاسِ عَلَى جِهَةِ الادلال على بن أخيه لأنه بمنزلة ابنه وقال مالا يعتقده وما يعلم براءة ذمة بن أَخِيهِ مِنْهُ وَلَعَلَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ رَدْعَهُ عَمَّا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُخْطِئٌ فِيهِ وَأَنَّ هَذِهِ الْأَوْصَافَ يَتَّصِفُ بِهَا لَوْ كَانَ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ عن قصد وأن عليا كان لا يراها إِلَّا مُوجِبَةً لِذَلِكَ فِي اعْتِقَادِهِ وَهَذَا كَمَا يَقُولُ الْمَالِكِيُّ شَارِبُ النَّبِيذِ نَاقِصُ الدِّينِ وَالْحَنَفِيُّ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَاقِصٍ فَكُلُّ وَاحِدٍ مُحِقٌّ فِي اعْتِقَادِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِأَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ جَرَتْ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ الْخَلِيفَةُ وَعُثْمَانُ وَسَعْدٌ وَزُبَيْرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ هَذَا الْكَلَامَ مَعَ تَشَدُّدِهِمْ فِي إِنْكَارِ الْمُنْكَرِ وَمَا ذَلِكَ إِلَّا لِأَنَّهُمْ فَهِمُوا بِقَرِينَةِ الْحَالِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِمَا لَا يَعْتَقِدُ ظَاهِرَهُ مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَكَذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّكُمَا جِئْتُمَا أَبَا بَكْرٍ فَرَأَيْتُمَاهُ كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا وَكَذَلِكَ ذَكَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ كَذَلِكَ وَتَأْوِيلُ هَذَا عَلَى نَحْوِ مَا سَبَقَ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّكُمَا تَعْتَقِدَانِ أَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ نَفْعَلَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ خِلَافَ مَا فَعَلْتُهُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ فَنَحْنُ عَلَى مُقْتَضَى رَأْيِكُمَا لَوْ أَتَيْنَا مَا أَتَيْنَا وَنَحْنُ مُعْتَقِدَانِ مَا تَعْتَقِدَانِهِ لَكُنَّا بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِمَامَ إِنَّمَا يُخَالَفُ إِذَا كَانَ عَلَى هَذِهِ الْأَوْصَافِوَيُتَّهَمُ فِي قَضَايَاهُ فَكَانَ مُخَالَفَتُكُمَا لَنَا تُشْعِرُ مَنْ رَآهَا أَنَّكُمْ تَعْتَقِدَانِ ذَلِكَ فِينَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْمَازِرِيُّ وَأَمَّا الِاعْتِذَارُ عَنْ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي أَنَّهُمَا تَرَدَّدَا إِلَى الْخَلِيفَتَيْنِ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَتَقْرِيرُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُمَا يَعْلَمَانِ ذَلِكَ فَأَمْثَلُ مَا فِيهِ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمَا طَلَبَا أَنْ يَقْسِمَاهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ينفقان بها على حسب ما ينفعهما الْإِمَامُ بِهَا لَوْ وَلِيَهَا بِنَفْسِهِ فَكَرِهَ عُمَرُ أَنْ يُوقِعَ عَلَيْهَا اسْمَ الْقِسْمَةِ لِئَلَّا يُظَنَّ لِذَلِكَ مَعَ تَطَاوُلِ الْأَزْمَانِ أَنَّهَا مِيرَاثٌ وَأَنَّهُمَا وَرِثَاهُ لَا سِيَّمَا وَقِسْمَةُ الْمِيرَاثِ بَيْنَ الْبِنْتِ وَالْعَمِّ نِصْفَانِ فَيَلْتَبِسُ ذَلِكَ وَيُظَنُّ أَنَّهُمْ تَمَلَّكُوا ذَلِكَ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَا قَالَهُ أَبُو دَاوُدَ أَنَّهُ لَمَّا صَارَتِ الْخِلَافَةُ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُغَيِّرْهَا عَنْ كَوْنِهَا صَدَقَةً وَبِنَحْوِ هَذَا احْتَجَّ السَّفَّاحُ فَإِنَّهُ لَمَّا خَطَبَ أَوَّلَ خُطْبَةٍ قَامَ بِهَا قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مُعَلِّقٌ فِي عُنُقِهِ الْمُصْحَفَ فَقَالَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا مَا حَكَمْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ خَصْمِي بِهَذَا الْمُصْحَفِ فَقَالَ مَنْ هُوَ خَصْمُكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي مَنْعِهِ فَدَكٍ قَالَ أَظَلَمَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَنْ بَعْدَهُ قَالَ عُمَرُ قَالَ أَظَلَمَكَ قَالَ نَعَمْ وَقَالَ فِي عُثْمَانَ كَذَلِكَ قَالَ فَعَلِيٌّ ظَلَمَكَ فَسَكَتَ الرَّجُلُ فَأَغْلَظَ لَهُ السَّفَّاحُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْمٌ طَلَبَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِيرَاثَهَا مِنْ أَبِيهَا عَلَى أَنَّهَا تَأَوَّلَتِ الْحَدِيثَ إِنْ كَانَ بَلَغَهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ عَلَى الْأَمْوَالِ الَّتِي لَهَا بَالٌ فَهِيَ الَّتِي لَا تُورَثُ لَا مَا يَتْرُكُونَ مِنْ طَعَامٍ وَأَثَاثٍ وَسِلَاحٍ وَهَذَا التَّأْوِيلُ خِلَافُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَلَيْسَ مَعْنَاهُ إِرْثُهُنَّ مِنْهُ بَلْ لِكَوْنِهِنَّ مَحْبُوسَاتٍ عَنِ الْأَزْوَاجِ بِسَبَبِهِ أَوْ لِعِظَمِ حَقِّهِنَّ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِفَضْلِهِنَّ وَقِدَمِ هِجْرَتِهِنَّ وَكَوْنِهِنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَكَذَلِكَ اخْتُصِصْنَ بِمَسَاكِنِهِنَّ لَمْ يَرِثْهَا وَرَثَتُهُنَّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَفِي تَرْكِ فَاطِمَةَ مُنَازَعَةَ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ احْتِجَاجِهِ عَلَيْهَا بِالْحَدِيثِ التَّسْلِيمُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى قَضِيَّةِ وأنها لَمَّا بَلَّغَهَا الْحَدِيثَ وَبَيَّنَ لَهَا التَّأْوِيلَ تَرَكَتْ رَأْيَهَا ثُمَّ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا وَلَا مِنْ ذُرِّيَّتِهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَبُ مِيرَاثٍ ثُمَّ وَلِيَ عَلِيٌّ الْخِلَافَةَ فَلَمْ يَعْدِلْ بِهَا عَمَّا فَعَلَهُ أبو بكر وعمر رضي الله عنه فَدَلَّ عَلَى أَنَّ طَلَبَ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ إِنَّمَا كَانَ طَلَبَ تَوَلِّي الْقِيَامِ بِهَا بِأَنْفُسِهِمَا وَقِسْمَتِهَا بَيْنَهُمَا كَمَا سَبَقَ قَالَ وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ هِجْرَانِ فَاطِمَةَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَمَعْنَاهُ انْقِبَاضُهَا عَنْ لِقَائِهِ وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْهِجْرَانِ الْمُحَرَّمِ الَّذِي هُوَ تَرْكُ السَّلَامِ وَالْإِعْرَاضُ عِنْدَ اللِّقَاءِ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (فَلَمْ تُكَلِّمْهُ) يَعْنِي فِي هَذَا الْأَمْرِ أَوْ لِانْقِبَاضِهَا لَمْ تَطْلُبْ مِنْهُ حَاجَةً وَلَا اضْطُرَّتْ إلى لقائه فتكلمه ولم ينقل قط أنهما الْتَقَيَا فَلَمْ تُسَلِّمْ عَلَيْهِوَلَا كَلَّمَتْهُ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ جِئْتُمَانِي تُكَلِّمَانِي وَكَلَّمْتُكُمَا فِي وَاحِدَةٍ جِئْتَ يَا عَبَّاسُ تسألني نصيبك من بن أَخِيكَ وَجَاءَنِي هَذَا يَسْأَلُنِي نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا فِيهِ إِشْكَالٌ مَعَ إِعْلَامِ أَبِي بَكْرٍ لَهُمْ قَبْلَ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ وَجَوَابُهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إِنَّمَا طَلَبَ الْقِيَامَ وَحْدَهُ عَلَى ذَلِكَ وَيَحْتَجُّ هَذَا بِقُرْبِهِ بِالْعُمُومَةِ وَذَلِكَ بِقُرْبِ امْرَأَتِهِ بِالْبُنُوَّةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا طَلَبَا مَا عَلِمَا مَنْعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنَعَهُمَا مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ وَبَيَّنَ لَهُمَا دَلِيلَ الْمَنْعِ وَاعْتَرَفَا لَهُ بِذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُوَلَّى أَمْرَ كُلِّ قَبِيلَةٍ سَيِّدُهُمْ وَتُفَوَّضُ إِلَيْهِ مَصْلَحَتُهُمْ لأنه أعرف بهم وَأَرْفَقُ بِهِمْ وَأَبْعَدُ مِنْ أَنْ يَأْنَفُوا مِنَ الِانْقِيَادِ لَهُ ولِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَابْعَثُوا حكما من أهله وحكما من أهلها وَفِيهِ جَوَازُ نِدَاءِ الرَّجُلِ بِاسْمِهِ مِنْ غَيْرِ كنية وفِيهِ جَوَازُ احْتِجَابِ الْمُتَوَلِّي فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ لِطَعَامِهِ أَوْ وُضُوئِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَفِيهِ جَوَازُ قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَفِيهِ اسْتِشْهَادُ الْإِمَامِ عَلَى مَا يَقُولُهُ بِحَضْرَةِ الْخَصْمَيْنِ الْعُدُولِ لِتَقْوَى حُجَّتُهُ فِي إِقَامَةِ الْحَقِّ وَقَمْعِ الْخَصْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ (فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنه عنه اتَّئِدَا) أَيْ اصْبِرَا وَأَمْهِلَا قَوْلُهُ (أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ) أَيْ أَسْأَلُكُمْ بِاللَّهِ مَأْخُوذٌ مِنَ النَّشِيدِ وَهُوَ رفع الصوت يقال أنشدتك ونشدتك بالله قوله صلى الله عليه وسلم (لا نورث ما تركناه صدقة) هو برفع صدقة وما بِمَعْنَى الَّذِي أَيْ الَّذِي تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ بَعْدَ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَفَعَتْهُ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَى هَذَا لِأَنَّ بَعْضَ جَهَلَةِ الشِّيعَةِ يُصَحِّفُهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَا يُورَثُونَ أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَرَثَةِ مَنْ يَتَمَنَّى مَوْتَهُ فَيَهْلِكُ وَلِئَلَّا يُظَنَّ بِهِمُ الرَّغْبَةُ فِي الدُّنْيَا لِوَارِثِهمِ فَيَهْلِكَ الظَّانُّ وَيَنْفِرَ النَّاسُ عَنْهُمْقَوْلُهُ (إِنَّ اللَّهَ كَانَ خَصَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَاصَّةٍ لَمْ يَخْصُصْ بِهَا أَحَدًا غَيْرَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مَا أفاء الله على رسوله الْآيَةُ) ذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَعْنَى هَذَا احْتِمَالَيْنِ أَحَدُهُمَا تَحْلِيلُ الْغَنِيمَةِ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ وَالثَّانِي تَخْصِيصُهُ بِالْفَيْءِ إِمَّا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ كَمَا سَبَقَ مِنَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ قَالَ وَهَذَا الثَّانِيالْجَارِيَةِ قَوْلُهُ وَالْمُصَرَّاةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الَّتِي صُرِّيَ لَبَنُهَا وَحُقِنَ فِيهِ أَيْ فِي الثَّدْيِ وَجُمِعَ فَلَمْ يُحْلَبْ وَعَطْفُ الْحَقْنِ عَلَى التَّصْرِيَةِ عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ قَوْلُهُ وَأَصْلُ التَّصْرِيَةِ حَبْسُ الْمَاءِ يُقَالُ مِنْهُ صَرَيْتُ الْمَاءَ إِذَا حَبَسْتُهُ وَهَذَا التَّفْسِيرُ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَكْثَرُ أَهْلِ اللُّغَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ رَبْطُ أحلاف النَّاقَةِ أَوِ الشَّاةِ وَتَرْكُ حَلْبِهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ لَبَنُهَا فَيَكْثُرَ فَيَظُنَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ ذَلِكَ عَادَتُهَا فَيَزِيدَ فِي ثَمَنِهَا لِمَا يَرَى مِنْ كَثْرَةِ لَبَنِهَا


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:2061 ... ورقمه عند البغا: 2145 ]
    - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "نُهِيَ عَنْ لِبْسَتَيْنِ: أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، ثُمَّ يَرْفَعَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ. وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ: اللِّمَاسِ، وَالنِّبَاذِ".وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا عبد الوهاب) الثقفي قال: (حدّثنا أيوب) السختياني (عن محمد) هو ابن سيرين (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال):(نهي) بضم أوله مبنيًّا للمفعول أي نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (عن لبستين) بكسر اللام على الهيئة لا بالفتح على المرة إحداهما (أن يحتبي الرجل في الثوب الواحد ثم يرفعه على منكبه) كملة أن مصدرية والتقدير نهى عن احتباء الرجل في الثوب الواحد ليس على فرجه منه شيء، ولم يذكر في حديث أبي هريرة ثاني اللبستين المنهي عنهما وهو اشتمال الصماء. قال البرماوي كالكرماني: اختصارًا من الراوي كأنه لشهرته. وقال ابن حجر: وقد وقع بيان الثانية عند أحمد من طريق هشام عن ابن سيرين ولفظه: أن يحتبي الرجل في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء وأن يرتدي في ثوب يرفع طرفيه على عاتقيه.(و) نهى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (عن بيعتين) تثنية بيعة بفتح الموحدة وكسرها والفرق بينهما أن الفعلة بالفتح للمرة وبالكسر
    للحالة والهيئة. قال البرماوي: والوجه الكسر لأن المراد الهيئة انتهى. والذي في الفرع الفتح إحداهما (اللماس و) الثانية (النباذ) بكسر الأول منهما مصدر لامس ونابذ.وهذا الحديث مضى في الصلاة في باب: ما يستر من العورة.


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:2061 ... ورقمه عند البغا:2145 ]
    - حدَّثنا قُتَيْبَةُ قَالَ حدَّثنا عَبدُ الوَهَّابِ قَالَ حدَّثنا أيُّوبُ عنْ محَمَّدٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ نُهِيَ عنْ لِبْسَتَيْنِ أنْ يَحْتَبيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ ثُمَّ يَرْفَعُهُ عَلى مَنْكِبِهِ وعنْ بَيْعَتَيْنِ اللِّمَاسِ والنِّبَاذِ. .مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (والنباذ) ، وَهَذَا الحَدِيث مضى فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بابُُ مَا يستر من الْعَوْرَة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن قبيصَة عَن عقبَة عَن سُفْيَان عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة. قَالَ: (نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيعَتَيْنِ، عَن
    اللماس والنباذ، وَأَن يشْتَمل الصماء، وَأَن يحتبي الرجل فِي ثوب وَاحِد)
    . وَأخرجه هُنَا: عَن قُتَيْبَة بن سعيد عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة. وَقد أخرج البُخَارِيّ حَدِيث أبي هُرَيْرَة من طرق، وَلم يذكر فِي شَيْء مِنْهَا تَفْسِير الْمُنَابذَة وَالْمُلَامَسَة. وَوَقع فِي تفسيرهما فِي (صَحِيح مُسلم) وَالنَّسَائِيّ، وَظَاهر الطّرق كلهَا أَن التَّفْسِير من الحَدِيث الْمَرْفُوع، لَكِن وَقع فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ مَا يشْعر بِأَنَّهُ من كَلَام من دون النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَفظه: وَزعم أَن الْمُلَامسَة أَن يَقُول ... إِلَى آخِره فَالْأَقْرَب أَن يكون ذَلِك من الصَّحَابِيّ لبعد أَن يعبر الصَّحَابِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلَفْظ وَزعم، ولوقوع التَّفْسِير فِي حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ من قَوْله أَيْضا: (نهى عَن لبستين) اقْتصر على لبسة وَاحِدَة، قَالَ الْكرْمَانِي: اختصر الحَدِيث. وَالنَّوْع الثَّانِي هُوَ اشْتِمَال الصماء، وَقد تَركه لشهرته. قلت: مَا يُعجبنِي هَذَا الْجَواب، وَلَيْسَ الْموضع مِمَّا يقبل الِاخْتِصَار، لِأَن الْمَذْكُور فِيهِ شَيْئَانِ، فَكيف يتْرك أَحدهمَا اختصارا لشهرته؟ فلقائل أَن يَقُول: لِمَ ترك النَّوْع الأول وَهُوَ أشهر من النَّوْع الثَّانِي؟ وَأَيْضًا مَا غَرَضه من هَذَا الِاخْتِصَار هُنَا؟ نعم، يُوجد الِاخْتِصَار لغَرَض صَحِيح فِيمَا يكون غير مخل، وَالَّذِي يظْهر لي أَنه من أحد الروَاة، وأعجب من هَذَا قَول بَعضهم، وَقد وَقع بَيَان الثَّانِيَة عِنْد أَحْمد فِي طَرِيق هِشَام عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، وَلَفظه: (أَن يحتبي الرجل فِي ثوب وَاحِد لَيْسَ على فرجه مِنْهُ شَيْء، وَأَن يرتدي فِي ثوب يرفع طَرفَيْهِ على عَاتِقه) . وَقد مضى تَفْسِير هَذِه الْأَلْفَاظ فِي كتاب الصَّلَاة، والاحتباء أَن يجمع بَين ظَهره وساقيه بعمامته.

    حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه ـ قَالَ نُهِيَ عَنْ لِبْسَتَيْنِ، أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ، فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، ثُمَّ يَرْفَعَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ اللِّمَاسِ وَالنِّبَاذِ‏.‏

    Narrated Abu Huraira:The Prophet (ﷺ) forbade two kinds of dressing; (one of them) is to sit with one's legs drawn up while wrapped in one garment. (The other) is to lift that garment on one's shoulders. And also forbade two kinds of sale: Al-Limais and An-Nibadh

    Telah menceritakan kepada kami [Qutaibah] telah menceritakan kepada kami ['Abdul Wahhab] telah menceritakan kepada kami [Ayyub] dari [Muhammad] dari [Abu Hurairah radliallahu 'anhu] berkata: "Kami dilarang dari libsatain yaitu seseorang berselimut dengan orang lain dalam satu kain lalu mengangkat kain tersebut sampai pundaknya dan juga melarang mulamasah dan munabadzah

    Ebu Hureyre r.a. şöyle demiştir: Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem iki şekilde giyinmeyi yasakladı: 1. Kişinin tek bir elbiseye bürünmesi, 2. Daha sonra bunu omuzlarının üzerine atması. İki satımı da yasakladı: 1.L imas (mülamese) satımı. 2. Nibaz (münabeze) satımı

    ہم سے قتیبہ نے بیان کیا، کہا کہ ہم سے عبدالوہاب نے بیان کیا، ان سے محمد بن سیرین نے، ان سے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہ دو طرح کے لباس پہننے منع ہیں۔ کہ کوئی آدمی ایک ہی کپڑے میں گوٹ مار کر بیٹھے، پھر اسے مونڈے پر اٹھا کر ڈال لے ( اور شرمگاہ کھلی رہے ) اور دو طرح کی بیع سے منع کیا ایک بیع ملامسۃ سے اور دوسری بیع منابذہ سے۔

    আবূ হুরাইরাহ্ (রাঃ) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, দুই ধরনের পোশাক পরিধান করা হতে নিষেধ করা হয়েছে। তা হলো একটি কাপড় শরীরে জড়িয়ে তার এক পার্শ্ব কাঁধের উপর তুলে দেয়া এবং দুই ধরনের বেচা-কেনা হতে নিষেধ করা হয়েছে; স্পর্শের এবং নিক্ষেপের বেচা-কেনা। (৩৬৮) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ১৯৯৭, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    அபூஹுரைரா (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: (அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர் களால்) ஆடை அணியும் இரு முறை களுக்குத் தடை விதிக்கப்பட்டது: ஒரே துணியை ஒருவர் உடலில் சுற்றிக்கொண்டு, அத(ன் ஒரு மூலைத)னை (ஒரு) தோளில் போட்டு(க்கொண்டு மற்றொரு தோளை திறந்த நிலையில் விட்டு)விடுவது. (மற்றொன்று: ஒரே துணியைப் போர்த்திக் கொண்டு மர்ம உறுப்பு தெரியுமாறு குத்துக்காலிட்டு அமர்வது). மேலும், தொடுமுறை வணிகம் (முலாமசா), எறிமுறை வணிகம் (முனாபதா) ஆகிய இரு வணிகங்களுக்கும் தடை விதிக்கப்பட்டது. அத்தியாயம் :