حديث رقم: 56

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ ، وَأَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ الطَّيَالِسِيُّ ، قَالَا : ثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَاصِمٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو الْمَلِيحِ الرَّقِّيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ أَوَّلَ خَبَرٍ كَانَ بِالْمَدِينَةِ بِمَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَانَ لَهَا تَابِعٌ مِنَ الْجِنِّ ، فَجَاءَ فِي صُورَةِ طَائِرٍ أَبْيَضَ ، فَوَقَعَ عَلَى حَائِطٍ لَهُمْ فَقَالَتْ لَهُ : أَلَا تَنْزِلُ إِلَيْنَا فَتُحَدِّثُنَا وَنُحَدِّثُكَ ، وَتُخْبِرُنَا وَنُخْبِرُكَ ؟ قَالَ لَهَا : إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ نَبِيٌّ بِمَكَّةَ حَرَّمَ الزِّنَا ، وَمَنَعَ مِنَّا الْقَرَارَ .

حديث رقم: 57

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : ثنا أَبُو رِضْوَانَ ، قَالَ : ثنا أَشْعَثُ بْنُ شُعْبَةَ ، عَنْ أَرْطَاةَ بْنِ الْمُنْذِرِ ، قَالَ : سَمِعْتُ ضَمْرَةَ ، يَقُولُ : كَانَتِ امْرَأَةٌ بِالْمَدِينَةِ يَغْشَاهَا جَانٌّ ، يَتَكَلَّمُ وَيَسْمَعُونَ صَوْتَهُ قَالَ : فَغَابَ فَلَبِثَ مَا لَبِثَ فَلَمْ يَأْتِهَا ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ إِلَيْهَا ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ إِذْ هُوَ يَطْلُعُ مِنْ كُوَّةٍ ، فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ : يَا ابْنَ لَوْذَانَ ، مَا كَانَتْ لَكَ عَادَةٌ تَطْلُعُ مِنَ الْكُوَّةِ ، فَمَا بَالُكَ ؟ فَقَالَ : إِنَّهُ خَرَجَ نَبِيٌّ بِمَكَّةَ ، وَإِنِّي سَمِعْتُ مَا جَاءَ بِهِ ، فَإِذَا هُوَ يُحَرِّمُ الزِّنَا ، فَعَلَيْكِ السَّلَامُ .

حديث رقم: 58

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ ، قَالَ : ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، قَالَ : قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ : خَرَجْنَا فِي عِيرٍ إِلَى الشَّامِ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا كُنَّا بِأَفْوَاهِ الشَّامِ وَبِهَا كَاهِنَةٌ فَتَعَرَّضْنَا لَهَا ، فَقَالَتْ : أَتَانِي صَاحِبِي فَوَقَفَ عَلَى بَابِي ، فَقُلْتُ : أَلَا تَدْخُلُ ؟ فَقَالَ : لَا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ ، خَرَجَ أَحْمَدُ وَجَاءَ أَمْرٌ لَا يُطَاقُ ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ ، فَرَجَعْتُ إِلَى مَكَّةَ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ بِمَكَّةَ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .

حديث رقم: 59

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ السِّنْدِيِّ ، قَالَ : ثنا النَّضْرُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : ثنا يُونُسُ بْنُ يَحْيَى بْنِ نُبَاتَةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : خَرَجْنَا فِي عِيرٍ لَنَا إِلَى الشَّامِ ، فَلَمَّا كُنَّا بَيْنَ الزَّرْقَاءِ وَمَعَانَ قَدْ عَرَّسْنَا مِنَ اللَّيْلِ ، فَإِذَا بِفَارِسٍ يَقُولُ وَهُوَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ : أَيُّهَا النِّيَامُ هُبُّوا ، فَلَيْسَ هَذَا حِينُ رُقَادٍ ، قَدْ خَرَجَ أَحْمَدُ ، وَقَدْ طُرِدَتِ الْجِنُّ كُلَّ مَطْرَدٍ ، فَفَزِعْنَا وَنَحْنُ رُفْقَةٌ حَزَاوِرَةٌ ، كُلُّهُمْ قَدْ سَمِعَ بِهَذَا ، فَرَجَعْنَا إِلَى أَهْلِنَا ، فَإِذَا هُمْ يَذْكُرُونَ اخْتِلَافًا بِمَكَّةَ بَيْنَ قُرَيْشٍ ، وَنَبِيٍّ خَرَجَ فِيهِمْ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اسْمُهُ أَحْمَدُ .

حديث رقم: 60

حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى ، وَأَبُو عُمَرَ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ ، قَالَ : ثنا مِنْجَابٌ ، قَالَ : ثنا أَبُو عَامِرٍ الْأَسَدِيُّ ، عَنِ ابْنِ خَرَّبُوذٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : هَتَفَ هَاتِفٌ مِنَ الْجِنِّ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ بِمَكَّةَ ، فَقَالَ : قَبَّحَ اللَّهُ رَأْيَ كَعْبِ بْنِ فِهْرٍ مَا أَرَقَّ الْعُقُولَ وَالْأَحْلَامْ دِينُهَا أَنَّهَا يُعَنَّفُ فِيهَا دِينُ آبَائِهَا الْحَمَاةُ الْكِرَامْ حَالَفَ الْجِنَّ حِينَ يُقْضَى عَلَيْكُمْ وَرِجَالَ النَّخِيلِ وَالْآطَامْ هَلْ كَرِيمٌ مِنْكُمْ لَهُ نَفْسُ حُرٍّ مَاجِدُ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَعْمَامْ يُوشِكُ الْخَيْلُ إِنْ تَرَاهَا تَهَادَى تَقْتُلُ الْقَوْمَ فِي بِلَادِ التِّهَامْ ضَارِبٌ ضَرْبَةً تَكُونُ نَكَالًا وَرَوَاحًا مِنْ كُرْبَةٍ وَاغْتِمَامْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَأَصْبَحَ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ شَاعَ بِمَكَّةَ ، فَأَصْبَحَ الْمُشْرِكُونَ يَتَنَاشَدُونَهُ بَيْنَهُمْ ، وَهَمُّوا بِالْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَذَا شَيْطَانٌ يُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْأَوْثَانِ يُقَالُ لَهُ مِسْعَرٌ ، وَاللَّهُ يُخْزِيهِ قَالَ : فَمَكَثُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِذَا هَاتِفٌ عَلَى الْجَبَلِ يَقُولُ : نَحْنُ قَتَلْنَا مِسْعَرَا لَمَّا طَغَى وَاسْتَكْبَرَا وَسَفَّهَ الْحَقَّ وَسَنَّ الْمُنْكَرَا قَنَّعْتُهُ سَيْفًا جَرُوفًا مُبْتِرَا بِشَتْمِهِ نَبِيَّنَا الْمُطَهَّرَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ذَلِكَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ يُقَالُ لَهُ سَمْحَجٌ ، سَمَّيْتُهُ عَبْدَ اللَّهِ ، آمَنَ بِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ فِي طَلَبِهِ مُنْذُ أَيَّامٍ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ

حديث رقم: 61

حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، قَالَ : ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ الْكُوفِيُّ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الْأُيُلِّيُّ ، قَالَ : ثنا أَبُو عُمَرَ اللَّخْمِيُّ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ خُرَيْمُ بْنُ فَاتِكٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : أَلَا أُخْبِرُكَ بِبَدْءِ إِسْلَامِي ، بَيْنَا أَنَا فِي طَلَبِ نَعَمٍ لِي إِذْ جَنَّ اللَّيْلُ بِأَبْرَقَ الْعِزَافِ ، فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي : أَعُوذُ بِعَزِيزِ هَذَا الْوَادِي مِنْ سُفَهَائِهِ ، وَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ بِي فَقَالَ : عُذْ يَا فَتَى بِاللَّهِ ذِي الْجَلَالِ وَالْمَجْدِ وَالنَّعْمَاءِ وَالْأَفْضَالِ وَاقْرَأْ بِآيَاتٍ مِنَ الْأَنْفَالِ وَوَحِّدِ اللَّهَ وَلَا تُبَالِ قَالَ : فَارْتَعْتُ مِنْ ذَلِكَ رَوْعًا شَدِيدًا ، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي ، قُلْتُ : يَا أَيُّهَا الْهَاتِفُ مَا تَقُولُ أَرُشْدٌ عِنْدَكَ أَمْ تَضْلِيلُ بَيِّنْ لَنَا هُدِيتَ مَا الْعَوِيلُ فَقَالَ : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ذُو الْخَيْرَاتِ يَدْعُو إِلَى الْخَيْرَاتِ وَالنَّجَاةِ يَأْمُرُ بِالصَّوْمِ وَبِالصَّلَاةِ وَيَزَعُ النَّاسَ عَنِ الْهَنَاتِ قَالَ : فَأَتْبَعْتُ رَاحِلَتِي ، وَقُلْتُ : أَرْشِدْنِي رُشْدًا بِهَا هُدِيتَا لَا جُعْتَ يَا هَذَا ، وَلَا عُرِيتَا وَلَا صَحِبْتَ صَاحِبًا مَقِيتَا لَا يَثْوِيَنَّ الْخَيْرُ إِنْ ثُوِيتَا قَالَ : فَأَتْبَعَنِي ، وَهُوَ يَقُولُ : صَاحَبَكَ اللَّهُ وَسَلَّمَ نَفْسَكَا وَبَلَّغَ الْأَهْلَ وَسَلَّمَ رَحْلَكَا آمِنْ بِهِ أَفْلَحَ رَبِّي حَقَّكَا وَانْصُرْ نَبِيًّا عَزَّ رَبِّي نَصْرَكَا قَالَ : فَدَخَلْتُ الْمَدِينَةَ ، فَطَلَعْتُ فِي الْمَسْجِدِ ، فَخَرَجَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ : ادْخُلْ رَحِمَكَ اللَّهُ ، فَقَدْ بَلَغَنَا إِسْلَامُكَ ، فَقُلْتُ : لَا أُحْسِنُ الطُّهُورَ ، فَعُلِّمْتُ ، وَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ كَأَنَّهُ الْبَدْرُ ، وَهُوَ يَقُولُ : مَا مِنْ مُسْلِمٍ تَوَضَّأَ ، فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ صَلَّى صَلَاةً يَعْقِلُهَا ، يَحْفَظُهَا ، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ . فَقَالَ عُمَرُ : لَتَأْتِيَنِّي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ ، أَوْ لَأُنَكِّلَنَّ بِكَ ، قَالَ : فَشَهِدَ لَهُ شُوَيْخُ قُرَيْشٍ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ، فَأَجَازَ شَهَادَتَهُ .

حديث رقم: 62

حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ الْمُقْرِيُّ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ الْقِرَبِيُّ ، وثنا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ ، قَالَ : ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، قَالَ : ثنا بَشِيرُ بْنُ حُجْرٍ السَّامِيُّ ، قَالَ : ثنا ابْنُ مَنْصُورٍ الْأَنْبَارِيُّ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَقَّاصِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ، قَالَ : بَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَاعِدٌ فِي الْمَسْجِدِ ، إِذْ مَرَّ رَجُلٌ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَتَعْرِفُ هَذَا الرَّجُلَ الْمَارَّ ؟ قَالَ : لَا ، فَمَنْ هُوَ ؟ قَالَ : هَذَا سَوَادُ بْنُ قَارَبٍ ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ ، لَهُ فِيهِمْ شَرَفٌ وَمَوْضِعٌ ، وَهُوَ الَّذِي أَتَاهُ رَئِيُّهُ بِظُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ عُمَرُ : عَلَيَّ بِهِ ؟ فَدُعِيَ ، فَقَالَ عُمَرُ : أَنْتَ سَوَّادُ بْنُ قَارِبٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَأَنْتَ الَّذِي أَتَاكَ رَئِيُّكَ بِظُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَأَنْتَ عَلَى مَا كُنْتَ عَلَيْهِ مِنْ كَهَانَتِكَ ؟ فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا ، وَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَا اسْتَقْبَلَنِي بِهَذَا أَحَدٌ مُنْذُ أَسْلَمْتُ فَقَالَ عُمَرُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَاللَّهِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ أَعْظَمُ مِمَّا كُنْتَ عَلَيْهِ مِنْ كَهَانَتِكَ ، أَخْبِرْنِي بِإِتْيَانِكَ رَئِيُّكَ بِظُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، بَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ ، إِذْ أَتَانِي رَئِيٌّ ، فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ ، وَقَالَ : قُمْ يَا سَوَّادُ بْنَ قَارِبٍ ، فَافْهَمْ وَاعْقِلْ ، إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ ، يَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَإِلَى عِبَادَتِهِ ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ : عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتِجْسَاسِهَا وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَحْلَاسِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى مَا خَيْرُ الْجِنِّ كَأَنْجَاسِهَا فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ وَاسْمُ بِعَيْنَيْكَ إِلَى رَأْسِهَا فَلَمْ أَرْفَعْ بِقَوْلِهِ رَأْسًا ، وَقُلْتُ : دَعْنِي أَنَامُ ، فَإِنِّي أَمْسَيْتُ نَاعِسًا ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ ، أَتَانِي ، فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ ، وَقَالَ : أَلَمْ أَقُلْ لَكَ يَا سَوَّادُ بْنَ قَارِبٍ قُمْ ، فَافْهَمْ ، وَاعْقِلْ ، إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ ، وَإِلَى عِبَادَتِهِ ، ثُمَّ أَنْشَأَ الْجِنِّيُّ ، وَجَعَلَ يَقُولُ : عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتِطْلَابِهَا وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَقْتَابِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى مَا صَادِقُ الْجِنِّ كَكَذَّابِهَا فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ لَيْسَ قُدَامُهَا كَأَذْنَابِهَا قَالَ : فَلَمْ أَرْفَعْ بِقَوْلِهِ رَأْسًا ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلَةُ الثَّالِيَةُ أَتَانِي ، فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ ، وَقَالَ : أَلَمْ أَقُلْ لَكَ يَا سَوَّادُ بْنَ قَارِبٍ افْهَمْ ، وَاعْقِلْ ، إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ ، وَإِلَى عِبَادَتِهِ ، ثُمَّ أَنْشَأَ الْجِنِّيُّ يَقُولُ : عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَأَخْبَارِهَا وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأْكَوارِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى مَا مُؤْمِنُو الْجِنِّ كَكُفَّارِهَا فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ بَيْنَ رَوَابِيهَا وَأَحْجَارِهَا فَوَقَعَ فِي نَفْسِي حُبُّ الْإِسْلَامِ ، وَرَغِبْتُ فِيهِ ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ شَدَدْتُ عَلَى رَاحِلَتِي ، فَانْطَلَقْتُ مُتَوَجِّهًا إِلَى مَكَّةَ ، فَلَمَّا كُنْتُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ ، أُخْبِرْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ ، فَسَأَلْتُ عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقِيلَ لِي فِي الْمَسْجِدِ ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَعَقَلْتُ نَاقَتِي ، وَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ حَوْلَهُ ، فَقُلْتُ : اسْمَعْ مَقَالَتِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : ادْنُهُ ، ادْنُهُ ، فَلَمْ يَزَلْ بِي ، حَتَّى صِرْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ : هَاتِ ، فَأَخْبِرْنِي بِإِتْيَانِكَ رَئِيُّكَ ، فَقُلْتُ : أَتَانِي نَجِيِّي بَعْدَ هَدْءٍ وَرَقْدَةٍ فَلَمْ أَكُ فِيمَا قَدْ بَلَوْتُ بِكَاذِبِ ثَلَاثَ لَيَالٍ قَوْلُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ أَتَاكَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ فَشَمَّرْتُ مِنْ ذَيْلِ الْإِزَارِ وَوَسَّطَتْ بِيَ الذَّعْلَبُ الْوَجْنَاءُ بَيْنَ السَّبَاسِبِ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ لَا رَبَّ غَيْرُهُ وَأَنَّكَ مَأْمُونٌ عَلَى كُلِّ غَائِبِ وَأَنَّكَ أَدْنَى الْمُرْسَلِينَ وَسِيلَةً إِلَى اللَّهِ يَا ابْنَ الْأَكْرَمِينَ الْأَطَائِبِ فَمُرْنَا بِمَا يَأْتِيكَ يَا خَيْرَ مَنْ مَشَى وَإِنْ كَانَ فِيمَا جَاءَ شَيْبُ الذَّوَائِبِ وَكُنْ لِي شَفِيعًا يَوْمَ لَا ذُو شَفَاعَةٍ سِوَاكَ بِمُغْنٍ عَنْ سَوَادِ بْنِ قَارِبِ قَالَ : فَفَرِحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ بِإِسْلَامِي فَرَحًا شَدِيدًا ، حَتَّى رُؤِيَ فِي وُجُوهِهِمْ قَالَ : فَوَثَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ ، فَالْتَزَمَهُ ، وَقَالَ : كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ هَذَا مِنْكَ

حديث رقم: 63

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ ، قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو الْمُنْذِرِ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَافَى ، قَالَ : كَانَ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ مَازِنُ بْنُ الْغَضُوبِ ، يَسْدُنُ صَنَمًا بِقَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا : سَمَايَا مِنْ عُمَانَ ، وَكَانَ بَنُو الصَّامِتِ ، وَبَنُو خُطَامَةَ ، وَمُهْرَةَ ، وَهُمْ إِخْوَانُ مَازِنٍ لِأُمِّهِ زَيْنَبَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حُوَيْصٍ أَحَدِ بَنِي نِمْرَانَ ، قَالَ مَازِنٌ : فَعَتَرْنَا ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ صَنَمٍ عَتِيرَةً ، - وَهِيَ الذَّبِيحَةُ - ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ الصَّنَمِ يَقُولُ : يَا مَازِنُ اسْمَعْ تُسَرْ ظَهَرَ خَيْرٌ وَبَطَنَ شَرْ بُعِثَ نَبِيٌّ مِنْ مُضَرْ بِدِينِ اللَّهِ الْأَكْبَرْ فَدَعْ نَحِيتًا مِنْ حَجَرْ تَسْلَمْ مِنْ حَرِّ سَقَرْ . قَالَ : فَفَزِعْتُ لِذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا ، ثُمَّ عَتَرْنَا بَعْدَ أَيَّامٍ عَتِيرَةً أُخْرَى ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ الصَّنَمِ يَقُولُ : أَقْبِلْ إِلَيَّ أَقْبِلْ تَسْمَعْ مَا لَا يُجْهَلْ هَذَا نَبِيُّ مُرْسَلْ جَاءَ بِحَقٍّ مُنَزَّلْ فَآمِنْ بِهِ كَيْ تَعْدِلْ عَنْ حَرِّ نَارٍ تُشْعَلْ وَقُودُهَا بِالْجَنْدَلْ . قَالَ مَازِنٌ : فَقُلْتُ : إِنَّ هَذَا لَعَجَبٌ ، وَإِنَّهُ لَخَيْرٌ يُرَادُ بِي ، وَقَدِمَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ فَقُلْنَا مَا الْخَبَرُ وَرَاءَكَ ؟ قَالَ ظَهَرَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَحْمَدُ يَقُولُ لِمَنْ أَتَاهُ : أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ . فَقُلْتُ هَذَا نَبَأُ مَا سَمِعْتُ ، فَسِرْتُ إِلَى الصَّنَمِ فَكَسَّرْتُهُ جُذَاذًا ، وَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَشُرِحَ لِيَ الْإِسْلَامُ ، فَأَسْلَمْتُ ، وَقُلْتُ : كَسَّرْتُ بَاجِرَ أَجْذَاذًا وَكَانَ لَنَا رَبًّا نَطِيفُ بِهِ ضَلًّا بِتِضْلَالِ بِالْهَاشِمِيِّ هَدَانَا مِنْ ضَلَالَتِنَا وَلَمْ يَكُنْ دِينُهُ مِنِّي عَلَى بَالِ يَا رَاكِبًا بَلِّغَنْ عَمْرًا وَإِخْوَتَهُ أَنِّي لِمَنْ قَالَ رَبِّي بَاجِرٌ قَالِ يَعْنِي بِعَمْرٍو وَإِخْوَتِهِ بَنِي خُطَامَةَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي امْرُؤٌ مُولَعٌ بِالطَّرَبِ ، وَبِالْهَلُوكِ مِنَ النِّسَاءِ ، وَبِشُرْبِ الْخَمْرِ ، فَأَلَحَّتْ عَلَيْنَا السُّنُونَ ، فَأَذْهَبْنَ الْأَمْوَالَ ، وَأَهْزَلْنَ الذَّرَارِي وَالْعِيَالَ ، وَلَيْسَ لِي وَلَدٌ ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُذْهِبَ عَنِّي مَا أَجِدُ ، وَيَأْتِينَا بِالْحَيَا ، وَيَهِبْ لِي وَلَدًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اللَّهُمَّ أَبْدِلْهُ بِالطَّرَبِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ ، وَبِالْحَرَامِ الْحَلَالَ ، وَبِالْإِثْمِ وَبِالْعُهْرِ عِفَّةً ، وَأْتِهِ بِالْحَيَا ، وَهَبْ لَهُ وَلَدًا . قَالَ : فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِّي مَا أَجِدُ ، وَأَخْصَبَتْ عُمَانُ ، وَتَزَوَّجْتُ أَرْبَعَ حَرَائِرَ ، وَحَفِظْتُ شَطْرَ الْقُرْآنِ ، وَوَهْبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِي حَيَّانَ بْنَ مَازِنٍ ، وَأَنْشَأْتُ أَقُولُ : إِلَيْكَ رَسُولَ اللَّهِ خَبَّتْ مَطِيَّتِي تَجُوبُ الْفَيَافِي مِنْ عُمَانَ إِلَى الْعَرْجِ لِتَشْفَعَ لِي يَا خَيْرَ مَنْ وَطِئَ الْحَصَا فَيَغْفِرَ لِي رَبِّي فَأَرْجِعَ بِالْفُلْجِ إِلَى مَعْشَرٍ خَالَفْتُ فِي اللَّهِ دِينَهُمْ فَلَا رَأْيُهُمْ رَأْيِي ، وَلَا شَرْجُهُمْ شَرْجِي وَكُنْتُ امْرَأً بِالْعُهْرِ وَالْخَمْرِ مُولَعًا شَبَابِيَ حَتَّى آذَنَ الْجِسْمُ بِالنَّهْجِ فَبَدَّلَنِي بِالْخَمْرِ خَوْفًا وَخَشْيَةً وَبِالْعُهْرِ إِحْصَانًا ، فَحَصَّنَ لِي فَرْجِي فَأَصْبَحْتُ هَمِّي فِي الْجِهَادِ وَنِيَّتِي فَلِلَّهِ مَا صَوْمِي ، وَلِلَّهِ مَا حَجِّي

حديث رقم: 64

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، ثنا الْمِنْجَابُ ، قَالَ : ثنا أَبُو عَامِرٍ الْأَسَدِيُّ ، عَنِ ابْنِ خَرُّبُوذَ الْمَكِّيِّ ، عَنْ رَجُلٍ ، مِنْ خَثْعَمٍ قَالَ : كَانَتِ الْعَرَبُ لَا تُحَرِّمُ حَلَالًا ، وَلَا تُحِلُّ حَرَامًا ، وَكَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ ، وَيَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهَا ، فَبَيْنَا نَحْنُ ذَاتَ لَيْلَةٍ عِنْدَ وَثَنٍ جُلُوسٌ ، وَقَدْ تَقَاضَيْنَا إِلَيْهِ فِي شَيْءٍ قَدْ وَقَعَ بَيْنَنَا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَنَا ، إِذْ هَتَفَ هَاتِفٌ ، وَهُوَ يَقُولُ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ذَوُو الْأَجْسَامِ مَا أَنْتُمُ وَطَائِشُ الْأَحْلَامِ وَمُسْنِدُو الْحُكْمِ إِلَى الْأصْنَامِ هَذَا نَبِيُّ سَيِّدُ الْأَنَامِ أَعْدَلُ فِي الْحُكْمِ مِنَ الْحُكَّامِ يَصْدَعُ بِالنُّورِ وَبِالْإِسْلَامِ وَيَزَعُ النَّاسَ عَنِ الْآثَامِ مُسْتَعْلِنٌ فِي الْبَلَدِ الْحَرَامِ قَالَ : فَفَزِعْنَا ، وَتَفَرَّقْنَا مِنْ عِنْدِهِ ، وَصَارَ ذَلِكَ الشِّعْرُ حَدِيثًا ، حَتَّى بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ بِمَكَّةَ ، ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ ، فَجِئْتُ ، فَأَسْلَمْتُ

حديث رقم: 65

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ السِّنْدِيِّ ، قَالَ : ثنا النَّضْرُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، وَأَبُو سَرِيَّةَ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الضَّمْرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي خُوَيْلِدٌ الضَّمْرِيُّ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ صَنَمٍ جُلُوسًا ، إِذْ سَمِعْنَا مِنْ جَوْفِهِ صَائِحًا يَصِيحُ : ذَهَبَ اسْتِرَاقُ السَّمْعِ لِلْوَحْيِ ، وَرُمِيَ بِالشُّهُبِ ، لِنَبِيٍّ بِمَكَّةَ اسْمُهُ أَحْمَدُ ، وَمُهَاجَرُهُ إِلَى يَثْرِبَ ، يَأْمُرُ بِالصَّلَاةِ ، وَالصِّيَامِ ، وَالْبِرِّ ، وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ ، فَقُمْنَا مِنْ عِنْدِ الصَّنَمِ ، فَسَأَلْنَا ، فَقَالُوا : خَرَجَ نَبِيٌّ بِمَكَّةَ اسْمُهُ أَحْمَدُ

حديث رقم: 66

حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الطَّبَرِيُّ قَالَ : ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَفْصٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الذِّمَارِيُّ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُعَاذِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : ثنا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ الْقُرَشِيُّ ، قَالَ : ثنا الْأَصْمَعِيُّ ، قَالَ : ثنا الْوَصَّافِيُّ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ إِسْحَاقَ الْخُزَاعِيِّ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيِّ ، قَالَ : كَانَ أَوَّلُ إِسْلَامِي أَنَّ مِرْدَاسًا أَبِي لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَانِي بِصَنَمٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ : ضِمَادٌ ، فَجَعَلْتُهُ فِي بَيْتٍ ، وَجَعَلْتُ آتِيهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً ، فَلَمَّا ظَهَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ رَاعَنِي ، فَوَثَبْتُ إِلَى ضِمَادٍ مُسْتَغِيثًا ، فَإِذَا بِالصَّوْتِ فِي جَوْفِهِ ، وَهُوَ يَقُولُ : قُلْ لِلْقَبِيلَةِ مِنْ سُلَيْمٍ كُلِّهَا هَلَكَ الْأَنِيسُ وَعَاشَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ أَوْدَى ضِمَادُ وَكَانَ يُعْبَدُ مُدَّةً قَبْلَ الْكِتَابِ إِلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدِ إِنَّ الَّذِي وَرِثَ النُّبُوَّةَ وَالْهُدَى بَعْدَ ابْنِ مَرْيَمَ مِنْ قُرَيْشٍ مُهْتَدِي قَالَ : فَكَتَمْتُهُ النَّاسَ فَلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ مِنَ الْأَحْزَابِ بَيْنَا أَنَا فِي إِبِلِي بِطَرَفِ الْعَقِيقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ رَاقِدٌ سَمِعْتُ صَوْتًا ، فَإِذَا بِرَجُلٍ عَلَى جَنَاحَيْ نَعَامَةٍ ، وَهُوَ يَقُولُ : النُّورُ الَّذِي وَقَعَ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ ، وَلَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ مَعَ صَاحِبِ النَّاقَةِ الْعَضْبَاءِ ، فِي دِيَارِ إِخْوَانِ بَنِي الْعَنْقَاءِ ، فَأَجَابَهُ هَاتِفٌ عَنْ شِمَالِهِ ، وَهُوَ يَقُولُ : بَشِّرِ الْجِنَّ وَأَبْلَاسَهَا ، إِنْ وَضَعَتِ الْمَطِيُّ أَحْلَاسَهَا ، وَكَلَأَتِ السَّمَاءُ أَحْرَاسَهَا ، قَالَ : فَوَثَبْتُ مَذْعُورًا ، وَعَلِمْتُ أَنَّ مُحَمَّدًا مُرْسَلٌ ، فَرَكِبْتُ فَرَسِي ، وَأَجْشَمْتُ السَّيْرَ ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ ، فَبَايَعْتُهُ ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ إِلَى ضِمَادٍ ، فَأَحْرَقْتُهُ بِالنَّارِ ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَنْشَدْتُهُ شِعْرًا ، أَقُولُ فِيهِ : لَعَمْرُكَ إِنِّي يَوْمَ أَجْعَلُ جَاهِلًا ضِمَادًا لِرَبِّ الْعَالَمِينَ مُشَارِكَا وَتَرْكِي رَسُولَ اللَّهِ وَالْأَوْسُ حَوْلَهُ أُولَئِكَ أَنْصَارٌ لَهُ مَا أُولَئِكَا كَتَارِكِ سَهْلِ الْأَرْضِ وَالْحَزْنَ يَبْتَغِي لِيَسْلُكَ فِي وَعَثِ الْأُمُورِ الْمَسَالِكَا فَآمَنْتُ بِاللَّهِ الَّذِي أَنَا عَبْدُهُ وَخَالَفْتُ مَنْ أَمْسَى يُرِيدُ الْمَهَالِكَا وَوَجَّهْتُ وَجْهِي نَحْوَ مَكَّةَ قَاصِدًا أُبَايِعْ نَبِيَّ الْأَكْرَمِينَ الْمُبَارَكَا نَبِيٌّ أَتَانَا بَعْدَ عِيسَى بِنَاطِقٍ مِنَ الْحَقِّ فِيهِ الْفَصْلُ فِيهِ كَذَلِكَا أَمِينٌ عَلَى الْفُرْقَانِ أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مَبْعُوثٍ يُجِيبُ الْمَلَائِكَا تَلَاقَى عُرَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ انْتِقَاضِهَا فَأَحْكَمَهَا حَتَّى أَقَامَ الْمَنَاسِكَا عَنَيْتُكَ يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا تَوَسَّطْتَ فِي الْفَرْعَيْنِ وَالْمَجْدِ مَالِكَا وَأَنْتَ الْمُصَفَّى مِنْ قُرَيْشٍ إِذَا سَمَتْ عَلَى ضَمْرِهَا تَبْقَى الْقُرُونَ الْمُبَارَكَا إِذَا انْتَسَبَ الْحَيَّانُ كَعْبٌ وَمَالِكٌ وَجَدْنَاكَ مَحْضًا وَالنِّسَاءَ الْعَوَاتِكَا

حديث رقم: 67

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَيَاضِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ ، قَالَ : كُنْتُ اتَّخَذْتُ لِي مَجْلِسًا بِالْمَدِينَةِ زَمَنَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قُلْتُ : بَيْنَمَا أَنَا نِصْفُ النَّهَارِ جَالِسٌ فِي فَيْءِ شَجَرَةٍ ، إِذْ طَلَعَتْ عَلَيَّ نَعَامَةٌ بَيْضَاءُ ، عَلَيْهَا رَجُلٌ أَبْيَضُ ، عَلَيْهِ ثِيَابٌ بَيَاضٌ ، تَزِفُّ بِهِ زَفِيفًا ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : آخُذُ هَذَا وَاللَّهِ ، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنِّي مَوْقِفَ الْمُسْتَجِيزِ ، فَقَالَ : عَبَّاسُ يَا عَبَّاسَهَا ، يَا ابْنَ قِيلَ مِرْدَاسِهَا ، أَلَمْ تَرَ إِلَى الْجِنِّ وَإِبْلَاسِهَا ، وَالْحَرْبِ قَدْ جَرَعَتْ أَنْفَاسَهَا ، وَإِنَّ السَّمَاءَ مَنَعَتْ أَحْرَاسَهَا ، قَالَ الْعَبَّاسُ : فَانْصَرَفْتُ ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْأَلُ ، وَأَعْرِضُ هَذَا الْكَلَامَ ، حَتَّى قَدِمَ عَلَيَّ ابْنُ عَمٍّ لِي ، قَالَ : فَأَخْبَرَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ مُسْتَخْفِيًا

حديث رقم: 68

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ السِّنْدِيِّ ، قَالَ : ثنا النَّضْرُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ ، قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ عَطَاءٍ الصَّقْرِيِّ ، مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ مِنْ وَلَدِ رَاشِدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ ، {{ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ رَاشِدٍ بْنَ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ : كَانَ الصَّنَمُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ سُواعٌ بِالْمَعَلَّاةِ }} مِنْ رُهَاطٍ يَدِينُ لَهُ هُذَيْلٌ ، وَبَنُو ظُفُرٍ مِنْ سُلَيْمٍ ، فَأَرْسَلَتْ بَنُو ظُفُرٍ رَاشِدَ بْنَ عَبْدِ رَبِّهِ بِهَدِيَّةٍ مِنْ سُلَيْمٍ إِلَى سُوَاعٍ ، قَالَ رَاشِدٌ : فَأَلْفَيْتُ مَعَ الْفَجْرِ إِلَى صَنَمٍ قَبْلَ سُوَاعٍ ، وَإِذَا صَارِخٌ يَصْرُخُ مِنْ جَوْفِهِ : الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ ، مِنْ خُرُوجِ نَبِيٍّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، يُحَرِّمُ الزِّنَا ، وَالرِّبَا ، وَالذَّبْحَ لِلْأَصْنَامِ ، وَحُرِسَتِ السَّمَاءُ وَرُمِينَا بِالشُّهُبِ ، الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ ، ثُمَّ هَتَفَ صَنَمٌ آخَرُ مِنْ جَوْفِهِ : تُرِكَ الضِّمَارُ ، وَكَانَ يُعْبَدُ ، خَرَجَ أَحْمَدُ ، نَبِيٌّ يُصَلِّي الصَّلَاةَ ، وَيَأْمُرُ بِالزَّكَاةِ ، وَالصِّيَامِ ، وَالْبِرِّ ، وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ ، ثُمَّ هَتَفَ مِنْ جَوْفِ صَنَمٍ آخَرَ هَاتِفٌ : إِنِّ الَّذِي وَرِثَ النُّبُوَّةَ وَالْهُدَى بَعْدَ ابْنِ مَرْيَمَ مِنْ قُرَيْشٍ مُهْتَدِي نَبِيٌّ يُخْبِرُ بِمَا سَبَقَ ، وَبِمَا يَكُونُ فِي غَدِ . قَالَ رَاشِدٌ : فَأَلْفَيْتُ سُوَاعًا مَعَ الْفَجْرِ ، وَثَعْلَبَانِ يَلْحَسَانِ مَا حَوْلَهُ ، وَيَأْكُلَانِ مَا يُهْدَى لَهُ ، ثُمَّ يَعْرُجَانِ عَلَيْهِ بِبَوْلِهِمَا ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ رَاشِدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ : أَرَبٌّ يَبُولُ الثَّعْلَبَانِ بِرَأْسِهِ لَقَدْ ذَلَّ مَنْ بَالَتْ عَلَيْهِ الثَّعَالِبُ وَذَلِكَ عِنْدَ مَخْرَجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَجَازِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَتَسَامَعَ النَّاسُ بِهِ ، فَخَرَجَ رَاشِدٌ ، حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ ، وَمَعَهُ كَلْبٌ لَهُ ، وَاسْمُ رَاشِدٍ يَوْمَئِذٍ ظَالِمٌ ، وَاسْمُ كَلْبِهِ رَاشِدٌ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا اسْمُكَ ؟ قَالَ : ظَالِمٌ ، قَالَ : فَمَا اسْمُ كَلْبِكَ ؟ ، قَالَ : رَاشِدٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اسْمُكَ رَاشِدٌ ، وَاسْمُ كَلْبِكَ ظَالِمٌ وَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَقَامَ مَعَهُ ، ثُمَّ طَلَبَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطِيعَةً بِرُهَاطٍ ، وَوَصَفَهَا لَهُ فَأَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَعْلَاةِ مِنْ رُهَاطٍ شَأْوَ الْفَرَسِ ، وَرَمْيِة ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِحَجَرٍ ، وَأَعْطَاهُ إِدَاوَةً مَمْلُوءَةً مَاءً ، وَتَفَلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ لَهُ : فَرِّغْهَا فِي أَعْلَى الْقَطِيعَةِ ، وَلَا تَمْنَعِ النَّاسَ فُضُولَهَا . فَفَعَلَ ، فَجَاءَ الْمَاءُ مَعِينًا مُجِمَّةً إِلَى الْيَوْمِ ، فَغُرِسَ عَلَيْهَا النَّخْلُ ، وَيُقَالُ : إِنَّ رُهَاطًا كُلَّهَا تَشْرَبُ مِنْهُ ، وَسَمَّاهَا النَّاسُ مَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَهْلُ رُهَاطٍ يَغْتَسِلُونَ مِنْهَا ، وَيَسْتَشْفُونَ بِهَا ، وَبَلَغَتْ رَمْيَةُ رَاشِدٍ الرُّكَيْبَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ رُكَيْبُ الْحَجَرِ ، وَغَدَا رَاشِدٌ إِلَى سُوَاعٍ ، فَكَسَرَهُ

حديث رقم: 69

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، إِمْلَاءً قَالَ : ثنا أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ : ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ ، قَالَ : أَتَى رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ ، فَقَالَ : بَلَغَنَا أَنَّكَ تَذْكُرُ سَطِيحًا ، وَتَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ ، لَمْ يَخْلُقْ مِنْ وَلَدِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ شَيْئًا يُشْبِهُهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ سَطِيحًا الْغَسَّانِيَّ لَحْمًا عَلَى وَضَمٍ - ، الْوَضَمُ : شَرَائِحُ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ - ، وَكَانَ يُحْمَلُ عَلَى وَضَمِهِ ، فَيُؤْتَى بِهِ حَيْثُ يَشَاءُ ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ عَظْمٌ ، وَلَا عَصَبٌ إِلَّا الْجُمْجُمَةَ ، وَالْكَفَّانِ ، وَكَانَ يُطْوَى مِنْ رِجْلَيْهِ إِلَى تَرْقُوَتِهِ ، كَمَا يُطْوَى الثَّوْبُ ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ يَتَحَرَّكُ ، إِلَّا لِسَانَهُ ، فَلَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى مَكَّةَ حُمِلَ عَلَى وَضَمِهِ ، فَأُتِيَ بِهِ مَكَّةَ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَرْبَعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ : عَبْدُ شَمْسٍ وَهَاشِمٌ ابْنَا عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ ، وَالْأَحْوَصُ بْنُ فِهْرٍ ، وَعَقِيلُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ، انْتَمَوْا إِلَى غَيْرِ نَسَبِهِمْ ، فَقَالُوا : نَحْنُ أُنَاسٌ مِنْ جُمَحٍ أَتَيْنَاكَ ، بَلَغَنَا قُدُومُكَ ، فَرَأَيْنَا أَنَّ زِيَارَاتَنَا إِيَّاكَ حَقٌّ لَكَ ، وَاجِبٌ عَلَيْنَا ، فَأَهْدَى إِلَيْهِ عَقِيلٌ صَفِيحَةً هِنْدِيَّةً ، وَصَعْدَةً رُدَيْنِيَّةً ، فَوُضِعَتْ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ؛ لِيَنْظُرُوا ، هَلْ يَرَاهَا سَطِيحٌ أَمْ لَا ؟ فَقَالَ : يَا عَقِيلُ ، نَاوِلْنِي يَدَكَ ، فَنَاوَلَهُ يَدَهُ ، فَقَالَ : يَا عَقِيلُ ، وَالْعَالِمِ الْخَفِيَّةَ ، وَالْغَافِرِ الْخَطِيَّةَ ، وَالذِّمَّةِ الْوَفِيَّةِ ، وَالْكَعْبَةِ الْمَبْنِيَّةِ ، إِنَّكَ لَجَائِي بِالْهَدِيَّةِ ، الصَّفِيحَةِ الْهِنْدِيَّةِ ، وَالصَّعْدَةِ الرُّدَيْنِيَّةِ ، قَالُوا : صَدَقْتَ يَا سَطِيحُ ، فَقَالَ سَطِيحٌ : وَآلَاتٍ بِالْفَرَحِ ، وَقَوْسِ قُزَحٍ ، وَسَائِرِ القَرْحِ ، وَاللَّطِيمِ الْمُنْبَطِحِ ، وَالنَّخْلِ ، وَالرُّطَبِ ، وَالْبَلَحِ ، إِنَّ الْغُرَابَ حَيْثُ مَرَّ سَنَحَ ، فَأَخْبِرْ أَنَّ الْقَوْمَ لَيْسُوا مِنْ جُمَحٍ ، وَإِنَّ نَسَبَهُمْ فِي قُرَيْشٍ ذِي الْبُطَحِ ، قَالُوا : صَدَقْتَ يَا سَطِيحُ ، نَحْنُ أَهْلُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ، أَتَيْنَاكَ لِنَزُورَكَ لِمَا بَلَغَنَا مِنْ عِلْمِكَ ، فَأَخْبِرْنَا عَمَّا يَكُونُ فِي زَمَانِنَا هَذَا ، وَمَا يَكُونُ بَعْدَهُ ، لَعَلَّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ فِي ذَلِكَ عِلْمٌ ، قَالَ : الْآنَ صَدَقْتُمْ ، خُذُوا مِنِّي مِنَ إِلْهَامِ اللَّهِ إِيَّايَ ، وَأَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ فِي زَمَانِ الْهَرَمِ ، فَتَبَيَّنُوا بَصَائِرَكُمْ ، وَبَصيْرَةَ الْعَجَمِ ، لَا عِلْمَ عِنْدَكُمْ ، وَلَا فَهْمَ ، وَيَنْشَأُ مِنْ عَقِبِكُمْ ذُوو فَهْمٍ ، يَطْلُبُونَ أَنْوَاعَ الْعِلْمِ ، فَيَكْسِرُونَ الصَّنَمَ ، وَيَتَّبِعُونَ الرَّدْمَ ، وَيَقْتُلُونَ الْعَجَمَ ، يَطْلُبُونَ الْغَنَمَ ، قَالُوا : يَا سَطِيحُ ، مِمَّنْ يَكُونُ أُولَئِكَ ؟ فَقَالَ لَهُمْ : وَالْبَيْتِ ذِي الْأَرْكَانِ ، وَالْأَمْنِ ، وَالسُّكَّانِ ، لَيَنْشَوَنَّ مِنْ عَقِبِكُمْ وِلْدَانٌ ، يَكْسِرُونَ الْأَوْثَانَ ، وَيُنْكِرُونَ عِبَادَةَ الشَّيْطَانِ ، وَيُوَحِّدُونَ الرَّحْمَنَ ، وَيَنْشُرُونَ دِينَ الدَّيَّانِ ، يُشْرِفُونَ الْبُنْيَانَ ، وَيَقْتَنُونَ الْقِيَانَ ، قَالُوا : يَا سَطِيحُ ، مِنْ نَسْلِ مَنْ يَكُونُ أُولَئِكَ ؟ قَالَ : وَأَشْرَفِ أَشْرَافٍ ، وَالْمُفْضِي لِإِسْرَافِ ، وَالْمُزَعْزِعِ لِلْأَخْفَافِ ، وَالْمُضْعِفِ لِلْأَضْعَافِ ، لَيَنْشَوَنَّ الْآلَافَ ، مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ ، وَعَبْدِ مَنَافٍ ، نَشْوًا يَكُونُ فِيهِ اخْتِلَافٌ ، قَالُوا : يَا سَوْأَتَاهُ يَا سَطِيحُ ، مِمَّا تُخْبِرُ مِنَ الْعِلْمِ بِأَمْرِهَا ، وَمِنْ أَيِّ بَلَدٍ يَخْرُجُ أُولَئِكَ ؟ قَالَ : وَالْبَاقِي الْأَبَدِ ، وَالْبَالِغِ الْأَمَدِ ، لَيَخْرُجَنَّ مِنْ ذِي الْبَلَدِ ، فَتًى يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ ، يَرْفُضُ يَغُوثَ ، وَالْفَنَدَ ، يَبْرَأُ عَنْ عِبَادَةِ الضِّدَد ، يَعْبُدُ رَبًّا انْفَرَدَ ، ثُمَّ يَتَوَفَّاهُ مَحْمُودًا ، مِنَ الْأَرْضِ مَفْقُودًا ، فِي السَّمَاءِ مَشْهُودًا ، ثُمَّ يَلِي أَمْرَهُ الصِّدِّيقُ ، إِذَا قَضَى صَدَقَ ، وَفِي رَدِّ الْحُقُوقِ لَا خَرَقَ وَلَا نَزَقَ ، ثُمَّ يَلِي أَمْرَهُ الْحَنِيفُ ، مُجَرَّبٌ غِطْرِيفٌ ، وَيَتْرُكُ قَوْلَ الْعَنِيفِ ، قَدْ ضَافَ الْمُضِيفَ ، وَأَكْرَمَ الْتحنِيفَ ، ثُمَّ يَلِي أَمْرَهُ دَاعِيًا لِأَمْرِهِ مُجَرِّبًا ، فَيَجْتَمِعُ لَهُ جُمُوعًا ، وَعُصَبًا ، فَيَقْتُلُونَهُ نِقْمَةً ، وَغَضَبًا ، فَيُؤْخَذُ الشَّيْخُ ، فَيُذْبَحُ إِرَبًا ، فَيَقُومُ بِهِ رِجَالٌ خُطَبَاءُ ، ثُمَّ يَلِي أَمْرَهُ النَّاصِرُ ، يَخْلِطُ الرَّأْيَ بِرَأْيِ النَّاكِرِ ، يُظْهِرُ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ، ثُمَّ يَلِي بَعْدَهُ ابْنُهُ يَأْخُذُ جَمْعَهُ ، وَيَقِلُّ حَمْدُهُ ، وَيَأْخُذُ الْمَالَ ، وَيَأْكُلُهُ وَحْدَهُ ، وَيَكْنِزُ الْمَالَ لِعَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ ، ثُمَّ يَلِي مِنْ بَعْدِهِ عِدَّةُ الْمُلُوكِ ، لَا شَكَّ الدَّمُ فِيهِمْ مَسْفُوكٌ . وَذَكَرَ الْقِصَّةَ

حديث رقم: 70

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَشِيرٍ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ عُلَمَائِنَا، عَمَّنْ حَدَّثَهُ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ: أنَّ مَلِكًا مِنْ لَخْمٍ مِنْ أَهْلِ الْمَلِكِ الْأَوَّلِ قَبْلَ حَسَّانَ ذِي نُوَاسٍ يُقَالُ لَهُ: رَبِيعَةُ بْنُ نَصْرٍ، رَأَى رُؤْيَا فَظِعَ بِهَا حِينَ رَآهَا، وَهَالَتْهُ، وَأَنْكَرَهَا، فَبَعَثَ إِلَى الْحَزَأَةِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ مَنْ كَانَ فِي مَمْلَكَتِهِ مِنَ الْكُهَّانِ، وَالْمُنَجِّمِينَ، وَالْعُرَّافِ، وَقَالَ لَهُمْ: قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا فَظِعْتُ بِهَا، وَهَالَتْنِي، فَأَخْبِرُونِي عَنْهَا، قَالُوا: أَيُّهَا الْمَلِكُ، اقْصُصْهَا عَلَيْنَا نُخْبِرْكَ بَتَأْوِيلِهَا، قَالَ: إِنِّي إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ بِهَا لَمْ أَطْمَئِنَّ إِلَى خَبَرِكُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: إِنْ كَانَ الْمَلِكُ يُرِيدُ هَذَا، فَلْيَبْعَثْ إِلَى سَطِيحٍ وَشِقٍّ، فَإِنَّهُمَا يُخْبِرَانِ عَمَّا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ، فَهُمَا أَعْلَمُ مَنْ نَرَاهُ، وَكَانَ سَطِيحٌ رَجُلًا مِنْ غَسَّانَ، وَكَانَ شِقٌّ مِنْ بَجِيلَةَ [ص: ] ، قَالَ سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ فِي حَدِيثِهِ: يُقَالُ لَهُ سَطِيحٌ الذِّئْبِيُّ لِنَسَبِهِ إِلَى الذِّئْبِ بْنِ عَدِيٍّ، وَشِقُّ بْنُ صَعْبِ بْنِ يَشْكُرَ بْنِ رُهْمِ بْنِ بَرَانُوكَ بْنِ نَذِيرِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْقَرِ بْنِ أَنْمَارٍ، فَلَمَّا قَالُوا لَهُ ذَلِكَ بَعَثَ إِلَيْهِمَا، فَقَدِمَ إِلَيْهِ سَطِيحٌ قَبْلَ شِقٍّ، وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِمَا مِثْلُهُمَا مِنَ الْكُهَّانِ، فَلَمَّا قَدِمَ سَطِيحٌ قَبْلَ شِقٍّ دَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ الْمَلِكُ: يَا سَطِيحُ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا هَالَتْنِي، وَفَظِعْتُ بِهَا حِينَ رَأَيْتُهَا، وَإِنَّكَ إِنْ تَصِفْهَا قَبْلَ أَنْ أُخْبِرَكَ تُصِبْ تَأْوِيلَهَا، قَالَ: أَفْعَلُ، قَالَ: رَأَيْتَ {{حُممَة خَرَجَتْ مِنْ ظُلْمَةٍ، فَوَقَعَتْ بِأَرْضِ تَهَمَة، فَأَكَلَتْ مِنْهَا كُلُّ ذَاتِ}} جُمْجُمَةً مِنَ الْعِشَاءِ إِلَى الْعَتْمَةِ، فَقَالَ الْمَلِكُ، وَاللَّهِ مَا أَخْطَأْتَ مِنْ رُؤْيَايَ فَمَا عِنْدَكَ فِي تَأْوِيلِهَا يَا سَطِيحُ؟ قَالَ: أَحْلِفُ بِمَا بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ مِنْ حَنَشٍ لَيَنْزِلَنَّ أَرْضَكُمُ الْحَبَشُ، وَيَمْلِكَنَّ مَا بَيْنَ أَبْيَنَ إِلَى جُرَشٍ، قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: وَأَبِيكَ يَا سَطِيحُ، إِنَّ هَذَا لَنَا لَغَائِظٌ مُوجِعٌ، مَتَى هُوَ كَائِنٌ يَا سَطِيحُ، فِي زَمَانِنَا هَذَا، أَمْ بَعْدَهُ؟ قَالَ: بَلْ بَعْدَهُ بِحِينٍ، أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ إِلَى سَبْعِينَ سَنَةً يَمْضِينَ، قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: أَفَيَقُومُ، أَوْ يَدُومُ سُلْطَانُهُمْ، أَمْ يَنْقَطِعُ؟ قَالَ: يَنْقَطِعُ لِبِضْعٍ وَسِتِّينَ مِنَ السِّنِينَ، ثُمَّ يُقْتَلُونَ أَجْمَعِينَ [ص: ] ، وَيَخْرُجُونَ هَارِبِينَ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: وَمَنِ الَّذِي يَقْتُلُهُمْ، وَيْلِي إِخْرَاجَهُمْ؟ قَالَ: إِنَّهُ ابْنُ ذِي يَزِنَ، يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ مِنْ عَدَنٍ، فَلَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي الْيَمَنِ، قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: أَفَيَدُومُ ذَلِكَ مِنْ سُلْطَانِهِ، أَمْ يَنْقَطِعُ؟ قَالَ: يَنْقَطِعُ قَالَ: وَمَنْ يَقْطَعُهُ؟ قَالَ: نَبِيٌّ زَكِيٌّ، رَضِيٌّ، وَفِيٌّ، يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى الْعَلِيِّ، قَالَ: وَمِمَّنْ هَذَا النَّبِيُّ يَا سَطِيحُ؟ قَالَ: مِنْ وَلَدِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ، يَكُونُ الْمُلْكُ فِي قَوْمِهِ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ، قَالَ: وَهَلْ لِلدَّهْرِ مِنْ آخِرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ فِيهِ الْأَوَّلِينَ، وَالْآخِرِينَ، يَشْقَى فِيهِ الْمُسِيئُونَ، وَيَسْعَدُ فِيهِ الْمُحْسِنُونَ، قَالَ: أَحَقٌّ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالشَّفَقِ، وَالْغَسَقِ، وَالْفَلَقِ، إِنَّ مَا أَنْبَأْتُكَ لَحَقٌّ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ عِنْدِهِ، وَقَدِمَ شِقٌّ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مِثْلَ مَا قَالَ لِسَطِيحٍ؛ لَيَنْظُرَ أَيَتَّفِقَانِ أَمْ يَخْتَلِفَانِ، فَقَالَ شِقٌّ: نَعَمْ أَيُّهَا الْمَلِكُ، رَأَيْتَ حِمَمَةً خَرَجَتْ مِنْ ظُلْمَةٍ، فَوَقَعَتْ فِي رَوْضَةٍ، وَأَكَمَةٍ، بِأَرْضٍ بَهْمَةٍ، فَأَكَلَتْ مِنْهَا كُلُّ نَسَمَةٍ، صَحِيحَةٍ مُسْلِمَةٍ، ثُمَّ قَالَ: أَحْلِفُ بِمَا بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ مِنْ إِنْسَانٍ، لَيَنْزِلَنَّ أَرْضَكُمُ السُّودَانُ، وَلَيَغْلِبَنَّ عَلَى كُلِّ طِفْلَةٍ الْبَنَانَ، وَلَيَمْلِكَنَّ مَا بَيْنَ أَبْيَنَ إِلَى نَجْرَانَ، فَقَالَ الْمَلِكُ: يَا شِقُّ، وَأَبِيكَ إِنَّ هَذَا لَنَا لَغَائِظٌ مُوجِعٌ، فَمَتَى هُوَ كَائِنٌ، فِي زَمَانِنَا، أَوْ بَعْدَهُ؟ قَالَ: بَعْدَهُ بِزَمَانٍ، ثُمَّ يَسْتنْقِذُكُمْ مِنْهُمْ عَظِيمٌ ذُو شَأْنٍ، فَيُذِيقُهُمْ أَشَدَّ الْهَوَانِ، قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: وَمَنْ هُوَ هَذَا الْعَظِيمُ الشَّأْنِ؟ قَالَ: غُلَامٌ لَيْسَ بَدَنِيٍّ، وَلَا مُدْنٍ، يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِ ذِي يَزِنَ، قَالَ: فَهَلْ يَدُومُ سُلْطَانُهُ، أَوْ يَنْقَطِعُ؟ قَالَ: يَنْقَطِعُ بِرَسُولٍ يَأْتِي بِحَقٍّ [ص: ] وَعَدْلٍ، مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ، يَكُونُ الْمُلْكُ فِي قَوْمِهِ إِلَى يَوْمِ الْفَصْلِ، قَالَ: وَمَا يَوْمُ الْفَصْلِ يَا شِقُّ؟ قَالَ: يَوْمَ يُجْزَى فِيهِ الْوُلَاةُ، وَيُدْعَى فِيهِ مِنَ السَّمَاءِ دَعَوَاتٌ، فَيَسْمَعُ الْأَحْيَاءُ، وَالْأَمْوَاتُ، وَيَجْتَمِعُ فِيهِ النَّاسُ لِلْمِيقَاتِ، يَكُونُ فِيهِ لِمَنِ اتَّقَى الْفَوْزُ، وَالْخَيْرَاتُ، قَال لَهُ الْمَلِكُ: مَا تَقُولُ يَا شِقُّ؟ قَالَ: وَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ رَفْعٍ وَخَفْضٍ، إِنَّ مَا أَنْبَأْتُكَ لَحَقٌّ مَا فِيهِ مِنْ أَمْضٍ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مَسْأَلَتِهِمَا جَهَّزَ بَنِيهِ وَأَهْلَ بَيْتِهِ إِلَى الْعِرَاقِ، وَكَتَبَ لَهُمَا إِلَى مَلِكِ فَارِسَ، وَهُوَ شَابُورُ، فَأَسْكَنَهُمُ الْحِيرَةَ