• 2201
  • أنَّ مَلِكًا مِنْ لَخْمٍ مِنْ أَهْلِ الْمَلِكِ الْأَوَّلِ قَبْلَ حَسَّانَ ذِي نُوَاسٍ يُقَالُ لَهُ : رَبِيعَةُ بْنُ نَصْرٍ ، رَأَى رُؤْيَا فَظِعَ بِهَا حِينَ رَآهَا ، وَهَالَتْهُ ، وَأَنْكَرَهَا ، فَبَعَثَ إِلَى الْحَزَأَةِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ مَنْ كَانَ فِي مَمْلَكَتِهِ مِنَ الْكُهَّانِ ، وَالْمُنَجِّمِينَ ، وَالْعُرَّافِ ، وَقَالَ لَهُمْ : قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا فَظِعْتُ بِهَا ، وَهَالَتْنِي ، فَأَخْبِرُونِي عَنْهَا ، قَالُوا : أَيُّهَا الْمَلِكُ ، اقْصُصْهَا عَلَيْنَا نُخْبِرْكَ بَتَأْوِيلِهَا ، قَالَ : إِنِّي إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ بِهَا لَمْ أَطْمَئِنَّ إِلَى خَبَرِكُمْ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ : إِنْ كَانَ الْمَلِكُ يُرِيدُ هَذَا ، فَلْيَبْعَثْ إِلَى سَطِيحٍ وَشِقٍّ ، فَإِنَّهُمَا يُخْبِرَانِ عَمَّا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ ، فَهُمَا أَعْلَمُ مَنْ نَرَاهُ ، وَكَانَ سَطِيحٌ رَجُلًا مِنْ غَسَّانَ ، وَكَانَ شِقٌّ مِنْ بَجِيلَةَ ، قَالَ سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ فِي حَدِيثِهِ : يُقَالُ لَهُ سَطِيحٌ الذِّئْبِيُّ لِنَسَبِهِ إِلَى الذِّئْبِ بْنِ عَدِيٍّ ، وَشِقُّ بْنُ صَعْبِ بْنِ يَشْكُرَ بْنِ رُهْمِ بْنِ بَرَانُوكَ بْنِ نَذِيرِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْقَرِ بْنِ أَنْمَارٍ ، فَلَمَّا قَالُوا لَهُ ذَلِكَ بَعَثَ إِلَيْهِمَا ، فَقَدِمَ إِلَيْهِ سَطِيحٌ قَبْلَ شِقٍّ ، وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِمَا مِثْلُهُمَا مِنَ الْكُهَّانِ ، فَلَمَّا قَدِمَ سَطِيحٌ قَبْلَ شِقٍّ دَخَلَ عَلَيْهِ ، قَالَ الْمَلِكُ : يَا سَطِيحُ ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا هَالَتْنِي ، وَفَظِعْتُ بِهَا حِينَ رَأَيْتُهَا ، وَإِنَّكَ إِنْ تَصِفْهَا قَبْلَ أَنْ أُخْبِرَكَ تُصِبْ تَأْوِيلَهَا ، قَالَ : أَفْعَلُ ، قَالَ : رَأَيْتَ {{ حُممَة خَرَجَتْ مِنْ ظُلْمَةٍ ، فَوَقَعَتْ بِأَرْضِ تَهَمَة ، فَأَكَلَتْ مِنْهَا كُلُّ ذَاتِ }} جُمْجُمَةً مِنَ الْعِشَاءِ إِلَى الْعَتْمَةِ ، فَقَالَ الْمَلِكُ ، وَاللَّهِ مَا أَخْطَأْتَ مِنْ رُؤْيَايَ فَمَا عِنْدَكَ فِي تَأْوِيلِهَا يَا سَطِيحُ ؟ قَالَ : أَحْلِفُ بِمَا بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ مِنْ حَنَشٍ لَيَنْزِلَنَّ أَرْضَكُمُ الْحَبَشُ ، وَيَمْلِكَنَّ مَا بَيْنَ أَبْيَنَ إِلَى جُرَشٍ ، قَالَ لَهُ الْمَلِكُ : وَأَبِيكَ يَا سَطِيحُ ، إِنَّ هَذَا لَنَا لَغَائِظٌ مُوجِعٌ ، مَتَى هُوَ كَائِنٌ يَا سَطِيحُ ، فِي زَمَانِنَا هَذَا ، أَمْ بَعْدَهُ ؟ قَالَ : بَلْ بَعْدَهُ بِحِينٍ ، أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ إِلَى سَبْعِينَ سَنَةً يَمْضِينَ ، قَالَ لَهُ الْمَلِكُ : أَفَيَقُومُ ، أَوْ يَدُومُ سُلْطَانُهُمْ ، أَمْ يَنْقَطِعُ ؟ قَالَ : يَنْقَطِعُ لِبِضْعٍ وَسِتِّينَ مِنَ السِّنِينَ ، ثُمَّ يُقْتَلُونَ أَجْمَعِينَ ، وَيَخْرُجُونَ هَارِبِينَ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : وَمَنِ الَّذِي يَقْتُلُهُمْ ، وَيْلِي إِخْرَاجَهُمْ ؟ قَالَ : إِنَّهُ ابْنُ ذِي يَزِنَ ، يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ مِنْ عَدَنٍ ، فَلَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي الْيَمَنِ ، قَالَ لَهُ الْمَلِكُ : أَفَيَدُومُ ذَلِكَ مِنْ سُلْطَانِهِ ، أَمْ يَنْقَطِعُ ؟ قَالَ : يَنْقَطِعُ قَالَ : وَمَنْ يَقْطَعُهُ ؟ قَالَ : نَبِيٌّ زَكِيٌّ ، رَضِيٌّ ، وَفِيٌّ ، يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى الْعَلِيِّ ، قَالَ : وَمِمَّنْ هَذَا النَّبِيُّ يَا سَطِيحُ ؟ قَالَ : مِنْ وَلَدِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ ، يَكُونُ الْمُلْكُ فِي قَوْمِهِ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ ، قَالَ : وَهَلْ لِلدَّهْرِ مِنْ آخِرٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ فِيهِ الْأَوَّلِينَ ، وَالْآخِرِينَ ، يَشْقَى فِيهِ الْمُسِيئُونَ ، وَيَسْعَدُ فِيهِ الْمُحْسِنُونَ ، قَالَ : أَحَقٌّ مَا تَقُولُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَالشَّفَقِ ، وَالْغَسَقِ ، وَالْفَلَقِ ، إِنَّ مَا أَنْبَأْتُكَ لَحَقٌّ . فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ عِنْدِهِ ، وَقَدِمَ شِقٌّ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مِثْلَ مَا قَالَ لِسَطِيحٍ ؛ لَيَنْظُرَ أَيَتَّفِقَانِ أَمْ يَخْتَلِفَانِ ، فَقَالَ شِقٌّ : نَعَمْ أَيُّهَا الْمَلِكُ ، رَأَيْتَ حِمَمَةً خَرَجَتْ مِنْ ظُلْمَةٍ ، فَوَقَعَتْ فِي رَوْضَةٍ ، وَأَكَمَةٍ ، بِأَرْضٍ بَهْمَةٍ ، فَأَكَلَتْ مِنْهَا كُلُّ نَسَمَةٍ ، صَحِيحَةٍ مُسْلِمَةٍ ، ثُمَّ قَالَ : أَحْلِفُ بِمَا بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ مِنْ إِنْسَانٍ ، لَيَنْزِلَنَّ أَرْضَكُمُ السُّودَانُ ، وَلَيَغْلِبَنَّ عَلَى كُلِّ طِفْلَةٍ الْبَنَانَ ، وَلَيَمْلِكَنَّ مَا بَيْنَ أَبْيَنَ إِلَى نَجْرَانَ ، فَقَالَ الْمَلِكُ : يَا شِقُّ ، وَأَبِيكَ إِنَّ هَذَا لَنَا لَغَائِظٌ مُوجِعٌ ، فَمَتَى هُوَ كَائِنٌ ، فِي زَمَانِنَا ، أَوْ بَعْدَهُ ؟ قَالَ : بَعْدَهُ بِزَمَانٍ ، ثُمَّ يَسْتنْقِذُكُمْ مِنْهُمْ عَظِيمٌ ذُو شَأْنٍ ، فَيُذِيقُهُمْ أَشَدَّ الْهَوَانِ ، قَالَ لَهُ الْمَلِكُ : وَمَنْ هُوَ هَذَا الْعَظِيمُ الشَّأْنِ ؟ قَالَ : غُلَامٌ لَيْسَ بَدَنِيٍّ ، وَلَا مُدْنٍ ، يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِ ذِي يَزِنَ ، قَالَ : فَهَلْ يَدُومُ سُلْطَانُهُ ، أَوْ يَنْقَطِعُ ؟ قَالَ : يَنْقَطِعُ بِرَسُولٍ يَأْتِي بِحَقٍّ وَعَدْلٍ ، مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ ، يَكُونُ الْمُلْكُ فِي قَوْمِهِ إِلَى يَوْمِ الْفَصْلِ ، قَالَ : وَمَا يَوْمُ الْفَصْلِ يَا شِقُّ ؟ قَالَ : يَوْمَ يُجْزَى فِيهِ الْوُلَاةُ ، وَيُدْعَى فِيهِ مِنَ السَّمَاءِ دَعَوَاتٌ ، فَيَسْمَعُ الْأَحْيَاءُ ، وَالْأَمْوَاتُ ، وَيَجْتَمِعُ فِيهِ النَّاسُ لِلْمِيقَاتِ ، يَكُونُ فِيهِ لِمَنِ اتَّقَى الْفَوْزُ ، وَالْخَيْرَاتُ ، قَال لَهُ الْمَلِكُ : مَا تَقُولُ يَا شِقُّ ؟ قَالَ : وَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ رَفْعٍ وَخَفْضٍ ، إِنَّ مَا أَنْبَأْتُكَ لَحَقٌّ مَا فِيهِ مِنْ أَمْضٍ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مَسْأَلَتِهِمَا جَهَّزَ بَنِيهِ وَأَهْلَ بَيْتِهِ إِلَى الْعِرَاقِ ، وَكَتَبَ لَهُمَا إِلَى مَلِكِ فَارِسَ ، وَهُوَ شَابُورُ ، فَأَسْكَنَهُمُ الْحِيرَةَ "

    حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَشِيرٍ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ عُلَمَائِنَا، عَمَّنْ حَدَّثَهُ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ: أنَّ مَلِكًا مِنْ لَخْمٍ مِنْ أَهْلِ الْمَلِكِ الْأَوَّلِ قَبْلَ حَسَّانَ ذِي نُوَاسٍ يُقَالُ لَهُ: رَبِيعَةُ بْنُ نَصْرٍ، رَأَى رُؤْيَا فَظِعَ بِهَا حِينَ رَآهَا، وَهَالَتْهُ، وَأَنْكَرَهَا، فَبَعَثَ إِلَى الْحَزَأَةِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ مَنْ كَانَ فِي مَمْلَكَتِهِ مِنَ الْكُهَّانِ، وَالْمُنَجِّمِينَ، وَالْعُرَّافِ، وَقَالَ لَهُمْ: قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا فَظِعْتُ بِهَا، وَهَالَتْنِي، فَأَخْبِرُونِي عَنْهَا، قَالُوا: أَيُّهَا الْمَلِكُ، اقْصُصْهَا عَلَيْنَا نُخْبِرْكَ بَتَأْوِيلِهَا، قَالَ: إِنِّي إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ بِهَا لَمْ أَطْمَئِنَّ إِلَى خَبَرِكُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: إِنْ كَانَ الْمَلِكُ يُرِيدُ هَذَا، فَلْيَبْعَثْ إِلَى سَطِيحٍ وَشِقٍّ، فَإِنَّهُمَا يُخْبِرَانِ عَمَّا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ، فَهُمَا أَعْلَمُ مَنْ نَرَاهُ، وَكَانَ سَطِيحٌ رَجُلًا مِنْ غَسَّانَ، وَكَانَ شِقٌّ مِنْ بَجِيلَةَ [ص: ] ، قَالَ سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ فِي حَدِيثِهِ: يُقَالُ لَهُ سَطِيحٌ الذِّئْبِيُّ لِنَسَبِهِ إِلَى الذِّئْبِ بْنِ عَدِيٍّ، وَشِقُّ بْنُ صَعْبِ بْنِ يَشْكُرَ بْنِ رُهْمِ بْنِ بَرَانُوكَ بْنِ نَذِيرِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْقَرِ بْنِ أَنْمَارٍ، فَلَمَّا قَالُوا لَهُ ذَلِكَ بَعَثَ إِلَيْهِمَا، فَقَدِمَ إِلَيْهِ سَطِيحٌ قَبْلَ شِقٍّ، وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِمَا مِثْلُهُمَا مِنَ الْكُهَّانِ، فَلَمَّا قَدِمَ سَطِيحٌ قَبْلَ شِقٍّ دَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ الْمَلِكُ: يَا سَطِيحُ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا هَالَتْنِي، وَفَظِعْتُ بِهَا حِينَ رَأَيْتُهَا، وَإِنَّكَ إِنْ تَصِفْهَا قَبْلَ أَنْ أُخْبِرَكَ تُصِبْ تَأْوِيلَهَا، قَالَ: أَفْعَلُ، قَالَ: رَأَيْتَ {{حُممَة خَرَجَتْ مِنْ ظُلْمَةٍ، فَوَقَعَتْ بِأَرْضِ تَهَمَة، فَأَكَلَتْ مِنْهَا كُلُّ ذَاتِ}} جُمْجُمَةً مِنَ الْعِشَاءِ إِلَى الْعَتْمَةِ، فَقَالَ الْمَلِكُ، وَاللَّهِ مَا أَخْطَأْتَ مِنْ رُؤْيَايَ فَمَا عِنْدَكَ فِي تَأْوِيلِهَا يَا سَطِيحُ؟ قَالَ: أَحْلِفُ بِمَا بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ مِنْ حَنَشٍ لَيَنْزِلَنَّ أَرْضَكُمُ الْحَبَشُ، وَيَمْلِكَنَّ مَا بَيْنَ أَبْيَنَ إِلَى جُرَشٍ، قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: وَأَبِيكَ يَا سَطِيحُ، إِنَّ هَذَا لَنَا لَغَائِظٌ مُوجِعٌ، مَتَى هُوَ كَائِنٌ يَا سَطِيحُ، فِي زَمَانِنَا هَذَا، أَمْ بَعْدَهُ؟ قَالَ: بَلْ بَعْدَهُ بِحِينٍ، أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ إِلَى سَبْعِينَ سَنَةً يَمْضِينَ، قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: أَفَيَقُومُ، أَوْ يَدُومُ سُلْطَانُهُمْ، أَمْ يَنْقَطِعُ؟ قَالَ: يَنْقَطِعُ لِبِضْعٍ وَسِتِّينَ مِنَ السِّنِينَ، ثُمَّ يُقْتَلُونَ أَجْمَعِينَ [ص: ] ، وَيَخْرُجُونَ هَارِبِينَ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: وَمَنِ الَّذِي يَقْتُلُهُمْ، وَيْلِي إِخْرَاجَهُمْ؟ قَالَ: إِنَّهُ ابْنُ ذِي يَزِنَ، يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ مِنْ عَدَنٍ، فَلَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي الْيَمَنِ، قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: أَفَيَدُومُ ذَلِكَ مِنْ سُلْطَانِهِ، أَمْ يَنْقَطِعُ؟ قَالَ: يَنْقَطِعُ قَالَ: وَمَنْ يَقْطَعُهُ؟ قَالَ: نَبِيٌّ زَكِيٌّ، رَضِيٌّ، وَفِيٌّ، يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى الْعَلِيِّ، قَالَ: وَمِمَّنْ هَذَا النَّبِيُّ يَا سَطِيحُ؟ قَالَ: مِنْ وَلَدِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ، يَكُونُ الْمُلْكُ فِي قَوْمِهِ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ، قَالَ: وَهَلْ لِلدَّهْرِ مِنْ آخِرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ فِيهِ الْأَوَّلِينَ، وَالْآخِرِينَ، يَشْقَى فِيهِ الْمُسِيئُونَ، وَيَسْعَدُ فِيهِ الْمُحْسِنُونَ، قَالَ: أَحَقٌّ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالشَّفَقِ، وَالْغَسَقِ، وَالْفَلَقِ، إِنَّ مَا أَنْبَأْتُكَ لَحَقٌّ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ عِنْدِهِ، وَقَدِمَ شِقٌّ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مِثْلَ مَا قَالَ لِسَطِيحٍ؛ لَيَنْظُرَ أَيَتَّفِقَانِ أَمْ يَخْتَلِفَانِ، فَقَالَ شِقٌّ: نَعَمْ أَيُّهَا الْمَلِكُ، رَأَيْتَ حِمَمَةً خَرَجَتْ مِنْ ظُلْمَةٍ، فَوَقَعَتْ فِي رَوْضَةٍ، وَأَكَمَةٍ، بِأَرْضٍ بَهْمَةٍ، فَأَكَلَتْ مِنْهَا كُلُّ نَسَمَةٍ، صَحِيحَةٍ مُسْلِمَةٍ، ثُمَّ قَالَ: أَحْلِفُ بِمَا بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ مِنْ إِنْسَانٍ، لَيَنْزِلَنَّ أَرْضَكُمُ السُّودَانُ، وَلَيَغْلِبَنَّ عَلَى كُلِّ طِفْلَةٍ الْبَنَانَ، وَلَيَمْلِكَنَّ مَا بَيْنَ أَبْيَنَ إِلَى نَجْرَانَ، فَقَالَ الْمَلِكُ: يَا شِقُّ، وَأَبِيكَ إِنَّ هَذَا لَنَا لَغَائِظٌ مُوجِعٌ، فَمَتَى هُوَ كَائِنٌ، فِي زَمَانِنَا، أَوْ بَعْدَهُ؟ قَالَ: بَعْدَهُ بِزَمَانٍ، ثُمَّ يَسْتنْقِذُكُمْ مِنْهُمْ عَظِيمٌ ذُو شَأْنٍ، فَيُذِيقُهُمْ أَشَدَّ الْهَوَانِ، قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: وَمَنْ هُوَ هَذَا الْعَظِيمُ الشَّأْنِ؟ قَالَ: غُلَامٌ لَيْسَ بَدَنِيٍّ، وَلَا مُدْنٍ، يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِ ذِي يَزِنَ، قَالَ: فَهَلْ يَدُومُ سُلْطَانُهُ، أَوْ يَنْقَطِعُ؟ قَالَ: يَنْقَطِعُ بِرَسُولٍ يَأْتِي بِحَقٍّ [ص: ] وَعَدْلٍ، مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ، يَكُونُ الْمُلْكُ فِي قَوْمِهِ إِلَى يَوْمِ الْفَصْلِ، قَالَ: وَمَا يَوْمُ الْفَصْلِ يَا شِقُّ؟ قَالَ: يَوْمَ يُجْزَى فِيهِ الْوُلَاةُ، وَيُدْعَى فِيهِ مِنَ السَّمَاءِ دَعَوَاتٌ، فَيَسْمَعُ الْأَحْيَاءُ، وَالْأَمْوَاتُ، وَيَجْتَمِعُ فِيهِ النَّاسُ لِلْمِيقَاتِ، يَكُونُ فِيهِ لِمَنِ اتَّقَى الْفَوْزُ، وَالْخَيْرَاتُ، قَال لَهُ الْمَلِكُ: مَا تَقُولُ يَا شِقُّ؟ قَالَ: وَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ رَفْعٍ وَخَفْضٍ، إِنَّ مَا أَنْبَأْتُكَ لَحَقٌّ مَا فِيهِ مِنْ أَمْضٍ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مَسْأَلَتِهِمَا جَهَّزَ بَنِيهِ وَأَهْلَ بَيْتِهِ إِلَى الْعِرَاقِ، وَكَتَبَ لَهُمَا إِلَى مَلِكِ فَارِسَ، وَهُوَ شَابُورُ، فَأَسْكَنَهُمُ الْحِيرَةَ

    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا يوجد رواة
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات