حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ الْحَكَمِ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جُعْشُمٍ ، قَالَ : أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، قَالَ : قَالَ عَطَاءٌ : مَا جَلَسَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى مِنْبَرٍ حَتَّى مَاتَ يَعْنِي يَوْمَ الْفِطْرِ وَإِنَّمَا كَانُوا يَخْطُبُونَ قِيَامًا لَا يَجْلِسُونَ قَالَ : وَلَمْ يَكُنْ مِنْبَرٌ إِلَّا مِنْبَرُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ مُعَاوِيَةُ أَوْ حَجَّ بِمِنْبَرٍ ، فَلَمْ يَزَالُوا يَخْطُبُونَ عَلَى الْمَنَابِرِ بَعْدَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ : أَوَّلُ مَنْ خَطَبَ عَلَى مِنْبَرٍ بِمَكَّةَ : مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، جَاءَ بِمِنْبَرٍ مِنَ الشَّامِ صَغِيرٍ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ ، وَإِنَّمَا كَانَ الْخُلَفَاءُ وَالْوُلَاةُ فِيهِ يَخْطُبُونَ قِيَامًا عَلَى أَرْجُلِهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرَهُ فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ وَفِي الْحِجْرِ
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ ، قَالَا : ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَوَجَدْتُهُ قَائِمًا بَيْنَ الْبَيْتِ وَزَمْزَمَ أَيْ يَخْطُبُ
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ ، قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثنا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ قَامَ عَلَى رِجْلَيْهِ قَائِمًا ، وَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَخَطَبَ خُطْبَةً ، ذَكَرَهَا ثُمَّ قَالَ : أَقُولُ قُولِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ ، قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي زِنَادٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، قَالَ : كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَثِيرًا مَا يُنْشِدُ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِمَكَّةَ : فَمَا بَرِحَتْ مِثْلُ الْمَهَاةِ وَسَابِحٍ وَحَظَّارَةٍ غَيْرَ السُّرَى مِنْ عِيَالِيَا فَهَذِي لِأَيَّامِ الْهِيَاجِ وَهَذِهِ لِلَهْوِي ، وَهَذِي قُرِّبَتْ لِارْتِحَالِيَا قَالَ الْحَسَنُ : يُرِيدُ بِقَوْلِهِ : الْمَهَاةِ : امْرَأَتَهُ ، وَالسَّابِحُ : فَرَسُهُ ، وَالْحَظَّارَةُ : نَاقَتُهُ
وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ ، يَقُولُ : كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُصَلِّي الظُّهْرَ ، ثُمَّ يَضَعُ الْمِنْبَرَ ، فَيَجْلِسُ عَلَيْهِ فِي الْعَشْرِ كُلِّهَا فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ وَالظُّهْرِ ، فَيُعَلِّمُ النَّاسَ الْحَجَّ
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ ، قَالَ : ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَتِسْعِينَ ، وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيَّ ، فَخَطَبَ النَّاسَ عَلَى مِنْبَرِ مَكَّةَ ، فَلَمْ يَزَلْ وَالِيًا لِلْوَلِيدِ حَتَّى مَاتَ الْوَلِيدُ ، وَوَلِيَ سُلَيْمَانُ ، فَعَزَلَهُ عَنْ مَكَّةَ قَالَ الْوَاقِدِيُّ فِي حَدِيثِهِ هَذَا : فَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ قَالَ : سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيَّ يَقُولُ عَلَى مِنْبَرِ مَكَّةَ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ : أَيُّهُمَا أَعْظَمُ ، أَخَلِيفَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ أَمْ رَسُولُهُ إِلَيْهِمْ ؟ وَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَعَلَمُوا فَضْلَ الْخَلِيفَةِ ، إِلَّا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ اسْتَسْقَاهُ ، فَسَقَاهُ مِلْحًا أُجَاجًا ، وَاسْتَسْقَاهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأَسْقَاهُ عَذْبًا فُرَاتًا يَعْنِي اسْتَسْقَاهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَسَقَاهُ مِلْحًا أُجَاجًا يَعْنِي زَمْزَمَ وَيَعْنِي اسْتَسْقَاهُ الْخَلِيفَةُ فَسَقَاهُ بِئْرًا حَفَرَهَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بَيْنَ الثَّنِيَّتَيْنِ : ثَنِيَّةِ ذِي طُوًى وَثَنِيَّةِ الْحَجُونِ ، فَكَانَ يُنْقَلُ مَاؤُهَا فَيُوضَعُ فِي حَوْضٍ مِنْ أَدَمٍ لِيُعْلَمَ فَضْلُهُ عَلَى زَمْزَمَ قَالَ : ثُمَّ غَارَتِ الْبِئْرُ ، فَذَهَبَتْ وَلَا يُدْرَى أَيْنَ هِيَ إِلَى الْيَوْمِ
حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ الْحَكَمِ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جُعْشُمٍ ، قَالَ : أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ ، قَالَ : رَأَيْتُ خَالِدَ بْنَ الْعَاصِ يَخْطُبُ قَائِمًا بِالْأَرْضِ ، مُسْتَنِدًا إِلَى الْبَيْتِ ، لَيْسَ بَيْنَ ذَلِكَ جُلُوسٌ لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ ، خُطْبَةً وَاحِدَةً قَالَ : حَتَّى سَقِمَ خَالِدٌ بَعْدُ ، فَكَانَ يَجْلِسُ عَلَى سُلَّمٍ ؛ وَلِذَلِكَ كَانُوا يَخْطُبُونَ قِيَامًا بِالْأَرْضِ إِلَّا النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى مِنْبَرِهِ قَالَ : فَلَمْ يَزَلْ مِنْبَرُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَكَّةَ يَعْمُرُهُ الْوُلَاةُ ، وَيُصْلِحُونَهُ حَتَّى حَجَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونُ فِي خِلَافَتِهِ وَمُوسَى بْنُ عِيسَى عَامِلٌ لَهُ عَلَى مِصْرَ ، فَأَهْدَى لَهُ مِنْبَرًا عَظِيمًا عَلَى تِسْعِ دَرَجَاتٍ مَنْقُوشًا ، فَكَانَ مِنْبَرَ مَكَّةَ ، فَرَقِيَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الْكَلْبِيُّ وَهُوَ أَمِيرُ مَكَّةَ لِهَارُونَ ، فَمَالَ بِهِ الْمِنْبَرُ
فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَسَرَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُرَاسَانِيُّ ، قَالَ : خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ أَمِيرُ مَكَّةَ يُرِيدُ الْمِنْبَرَ ، فَلَمَّا رَقِيَهُ وَلَمْ يَكُنْ نَصْبُهُ جُوِّدَ ، مَالَ الْمِنْبَرُ بِهِ مِمَّا يَلِي الرُّكْنَ ، فَتَلَقَّاهُ الْجُنْدُ وَالْحَرَسُ بِأَيْدِيهِمْ حَتَّى سَوَّوْهُ ، وَخَطَبَ ، وَصَلَّى بِالنَّاسِ ، فَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ خَبَّابٌ مَوْلَى الْهَاشِمِيِّينَ : بَكَى الْمِنْبَرُ الْحَرَمِيُّ وَاسْتَبْكَتْ لَهُ مَنَابِرُ آفَاقِ الْبِلَادِ مِنَ الْحُزْنِ وَحَنَّ إِلَى الْأَخْيَارِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ وَمَلَّ مِنَ التَّيْمِيِّ وَاعْتَاذَ بِالرُّكْنِ فَأُخِذَ الْمِنْبَرُ الْقَدِيمُ ، فَجُعِلَ بِعَرَفَةَ ، حَتَّى أَرَادَ الْوَاثِقُ بِاللَّهِ الْحَجَّ ، فَكَتَبَ : تُعْمَلُ لَهُ ثَلَاثَةُ مَنَابِرَ : مِنْبَرٌ بِمَكَّةَ ، وَمِنْبَرٌ بِمِنًى ، وَمِنْبَرٌ بِعَرَفَةَ ، فَعُمِلَتْ تِلْكَ الْمَنَابِرُ ، وَكُتِبَ عَلَى مِنْبَرِ مَكَّةَ فِي أَعْلَى الْمِنْبَرِ الَّذِي يَخْطُبُ عَلَيْهِ الْوَالِي الْيَوْمَ عِنْدَ الْمَكَانِ الَّذِي يَسْتَنِدُ فِيهِ الْإِمَامُ إِذَا جَلَسَ عَلَيْهِ كِتَابٌ ، وَهُوَ قَائِمٌ إِلَى الْيَوْمِ : بِسْمِ اللَّهِ ، أَمَرَ عَبْدُ اللَّهِ : هَارُونُ الْإِمَامُ الْوَاثِقُ بِاللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعَزَّهُ اللَّهُ ، عُمَرَ بْنَ فَرَجٍ الرُّخَّجِيَّ مَوْلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِعَمَلِ هَذَا الْمِنْبَرِ مَقَامًا لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهُوَ مِنْبَرُ مَكَّةَ إِلَى الْيَوْمِ وَقَدْ كَانَ الْمُنْتَصِرُ بِاللَّهِ لَمَّا حَجَّ فِي خِلَافَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللَّهِ ، جُعِلَ لَهُ مِنْبَرٌ عَظِيمٌ ، فَخَطَبَ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ ، ثُمَّ خَرَجَ وَخَلَّفَهُ بِهَا وَيُقَالُ : إِنَّ أَوَّلَ مَنْ خَطَبَ عَلَى الْمِنْبَرَيْنِ : مِنْبَرِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَجُمِعَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْوَلَايَةِ فِي خِلَافَةِ بَنِي هَاشِمٍ ، جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ ، وَمِنْ بَعْدِهِ دَاوُدُ بْنُ عِيسَى ، ثُمَّ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ ، فَقَالَ دَاوُدُ بْنُ سَلْمٍ لِجَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ حِينَ وَلِيَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ يَمْدَحُهُ وَيَذْكُرُ وِلَايَتَهُ الْمِنْبَرَيْنِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ : صَفَا كَصَفَاءِ الْمُزْنِ فِي نَاقِعِ الثَّرَى مِنَ الرَّنْقِ حَتَّى مَاؤُهُ غَيْرُ أَكْدَرَا حَوَى الْمِنْبَرَيْنِ الطَّاهِرَيْنِ فَجَعْفَرٌ إِذَا مَا خَطَا عَنْ مِنْبَرٍ أَمَّ مِنْبَرَا *