عنوان الفتوى : حكم الهبة في مرض الموت
جدي من أبي عنده ست بنات وأربعة أولاد، جدي مريض ولا يتحرك كثيراً وجدتي مصابة بمرض الزهايمر، كل الأولاد والبنات متزوجون ولديهم أولاد إلا ثلاث بنات، واحدة منهن كانت تعمل في مدينة أخرى وستتزوج قريبا، البنتان الأخريان غير متزوجتين وتخدمان جدي وجدتي المريضان، مؤخراً قرر جدي شراء منزل وهبته لابنتيه اللتين تسكنان معه لكونهما غير متزوجتين ولا تعملان بل تفرغتا لخدمة والديهما المريضين، البنتان رفضتا أول الأمر لكنه أقنعهما وذكر ذلك لأولاده فاعترض على الأقل أحدهم ووافق بعضهم، فحضر بعض الموافقين وتم العقد بإشراف الموثق الذي لم ير مانعا شرعيا في ذلك، الآن اشتد مرض جدي وأصبح ينسى وأحيانا لا يدرك الوقت أو الأيام، وأمام إعتراض البعض على ما كان قررت البنتان اعتبار ذلك قرضا من الوالد وتسديده من ثمن كرائه، ما حكم الشرع فيما حدث، وهل اعتباره قرضا حل مناسب إن كان ما حدث غير جائز، وما هو الحل المناسب شرعا، فأرجو التعجيل بالجواب؟ جزاكم الله خيراً.
خلاصة الفتوى:
هبة المريض في مرض موته تعتبر وصية، والوصية لا تصح للوارث ما لم يجزها الورثة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ما ذكرته من مرض جدك وأنه لم يعد قادراً على التحرك، إذا كان القصد منه أنه في مرض مخوف فمعنى ذلك أنه قد أصبح محجوراً عليه في ماله، إلا ما تعلق بنفقته وعلاجه ونحو ذلك، من لوازمه، وإلا ما وهبه لغير ورثته بشرط أن لا يتجاوز ثلث ماله.
وبالتالي فإن شراء المنزل وهبته لابنتيه اللتين تسكنان معه لم يعد ممكناً ما لم يصح من مرضه صحة بينة، وذلك لأن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب حكم الوصايا، والوصية للوارث لا تجوز، لما روى الإمام أحمد وأصحاب السنن من حديث عمرو بن خارجة وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا وصية لوارث.
وإذا تقرر ذلك فإن الهبة المذكورة لا تصح، وما قررته البنتان من اعتبار الهبة قرضاً من الوالد، وإرادة تسديده من كراء المنزل لا يصح أيضاً، لأن كراء المنزل يعتبر جزءاً من الهبة، كما أن ما ذكرته من موافقة بعض الأولاد على هذا الأمر لا يفيد شيئاً ما بقي الواهب حياً، وأما لو استمرت موافقتهم بعد موت المورث فإن ذلك حينئذ يعتبر إجازة منهم، وبالتالي يكونون قد أسقطوا حقهم في المنزل لصالح البنتين، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 77648.
والله أعلم.