عنوان الفتوى : ما هي حدود تدخل الوالدين في زواج ابنهم ؟ وهل يأثم إن خالف رغبتهما ؟
تعرفت على فتاة أسلمت حديثاً ( كانت نصرانية ) ، واتفقنا على الزواج ، لكن أسرتي تمانع ذلك بشدة .
الحمد لله
أولاً:
اعتراض الوالدين على زواج ابنهم له صور متعددة ، ومنها :
1. عدم موافقتهم على أي فتاة يختارها لنفسه زوجة .
2. عدم موافقتهم على فتاة يختارها ، لكن عدم موافقتهم تكون لأسباب شرعية ، كأن تكون
سيئة السمعة ، أو تكون على غير دين الإسلام – وإن كان نكاح الكتابية جائزاً في أصله
- .
3. عدم موافقتهم على فتاة يختارها لا لأسباب شرعية ، بل لأسباب شخصية ، أو دنيوية ،
كنقص جمالها ، أو حسبها ونسبها ، وقلبه غير متعلق بها ، ولا يخشى على نفسه لو ترك
التزوج بها .
4. الصورة السابقة نفسها ، لكنَّ قلبه متعلق بها ، ويخشى على نفسه الفتنة لو أنه
ترك التزوج بها .
5. إجباره على فتاة يختارونها له ، ولو كانت ذات دين وجمال .
والذي يظهر لنا من حكم تلك الصور السابقة : أنه يجب على الابن طاعة والديه في
الصورتين الثانية والثالثة ، ويتأكد الوجوب في الصورة الثانية ، لأنه سيقدم على
أمرٍ فيه شر لابنهم وقد ينتشر ليصيبهم ، وفي الصورة الثالثة : الزواج فيها مباح له
، وطاعتهما واجبة ، فيقدم الواجب على المباح .
وأما الصورة الأولى والرابعة والخامسة : فلا يظهر أنه يجب عليه طاعتهما ؛ فاختيار
الزوجة من حق الابن ، وليس من حق والديه ، ويمكنهم التدخل في بعض الحالات ، لا فيها
كلها ، فمنعُه من التزوج بأي فتاة يختارها بغض النظر عن كونها متدينة أم لا : تحكم
لا وجه له ، ولا يلزمه طاعتهما .
وكذا لو تعلق قلبه بامرأة ، وخشي على نفسه الفتنة لو أنه لم يتزوج بها : فهنا لا
تلزمه طاعتهما إذا أمراه بتركها ، وعدم التزوج بها ؛ لما يؤدي ذلك إلى شر وفتنة
جاءت الشريعة لدرئهما عنه .
وكذلك الصورة الخامسة ، وهي أن يلزماه بفتاة هم يختارونها ، وهذا ليس مما يلزمه
طاعتهما فيه ، وهو بمنزلة الطعام والشراب ، فهو يختار ما يشتهي ليأكله ويشربه ،
وليس لهما التحكم في ذلك .
قال ابن مفلح الحنبلي رحمه الله :
" ليس للوالدين إلزام الولد بنكاح من لا يريد ، قال الشيخ تقي الدين رحمه الله (أي
: ابن تيمية) : إنه ليس لأحد الأبوين أن يلزم الولد بنكاح من لا يريد ، وإنه إذا
امتنع لا يكون عاقا ، وإذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكل ما ينفر منه مع قدرته على أكل
ما تشتهيه نفسه : كان النكاح كذلك ، وأولى ، فإن أَكْلَ المكروه مرارة ساعة ،
وعِشْرة المكروه من الزوجين على طول ، تؤذي صاحبه ، ولا يمكنه فراقه ". انتهى من "
الآداب الشرعية " ( 1 / 447 ) .
وعليه نقول :
إذا كانت تلك الفتاة قد أسلمت وحسن إسلامها ، وكان قلبك معلَّقاً بها ، وكنت تخشى
على نفسك الفتنة لو أنك تركتها : فنرى أن تتزوجها ، ولو لم توافق أسرتك .
ونوصيك بمحاولة بذل الجهد لإقناع والديك ؛ لتجمع بين الخيرين : طاعتهما ، والتزوج
بمن تعلق قلبك بها ، ولك أن تتزوج دون علمهما .
واعلم أنه حيث جاز لك التزوج بمن ترغب ، ولم تُلزم بطاعة والديك : فلا تخشَ دعاءهما
عليك ، وغضبهما منك ؛ لأنه دعاء بإثم ، ولا يقبله الله منهما ، إن شاء الله ، إلا
أن تكون وانظر جوابي السؤالين : (21831) ، (5512) .
ثانياً :
اعلم أنه لا يجوز لك التزوج بتلك الفتاة من غير ولي لها ، فإن كان ثمة ولي لها من
أهلها من المسلمين : فيجب موافقته على الزواج - ولا ولاية لكافرٍ عليها إن هي أسلمت
- ، فإن لم يوجد أحد من المسلمين من أوليائها : تولى أمرها أحد المسلمين ، كقاضٍ
شرعي ، أو مفتٍ للمسلمين ، أو إمام مركز إسلامي ، وبكل حال : لا يحل لها التزوج من
غير ولي .
وانظر - للأهمية - : جواب السؤال رقم (7989) .
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |