عنوان الفتوى : اللغة العربية لا تضاهيها لغة عراقة واستيعابا وحضارة
هل حقا أن اللغة العربية لا تصلح أن تكون لغة علم بدعوى أن حروفها الهجائية هي السبب في ذلك، وبالتالي فهي تصلح فقط للشعر. لكم حزيل الشكر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذا غير صحيح وهو من ترويج أعداء الإسلام وأعداء حضارته ولغته التي كانت وعاء يحوي معارف هذه الحضارة المختلفة الشاملة لما ينفع الناس في دينهم ودنياهم.
فكيف يقول هذا؟! عاقل واللغة العربية هي أعرق لغة موجودة اليوم على ظهر البسيطة وقد كانت -ولا زالت- لغة أعظم حضارة في تاريخ الإنسانية جمعت بين الدين والدنيا، وحوت وحي السماء وهدي الأنبياء إلى جانب العلوم الإنسانية من التاريخ والجغرافيا والطب والصيدلة والرياضيات والفيزياء ...
فمن الحضارة العربية ولغتها استمد الغرب نهضته الحديثة حيث تعلموا في جامعات الأندلس وصقلية.. واحتكوا بالعالم الإسلامي في أماكن مختلفة وتعلموا منه. وهذا شيء معروف ويجهله كثير من أبناء المسلمين..
وتوجد عند الغرب اليوم في مكتباتهم ومتاحفهم.. كثير من المخطوطات العربية في مختلف العلوم، وكيف يعقل أن تكون اللغة العربية لا تصلح لأن تكون لغة علم وتصلح لها لغات الغرب القاصرة، أو لغات الروس والصين واليابان.. المعقدة، هذا جزء من الغزو الفكري والتثبيط والبهتان الذي يروج له الأعداء، والذي يتلقفه -مع الأسف- بعض أدعياء العلم من بني جلدتنا ويصدقوه لجهلم بلغتهم وحضارتها وتاريخها..
وعن اللغة العربية يقول شاعر النيل حافظ إبراهيم :
وسـعت كـتاب اللـه نصا وغـايـة * وما ضقت عن آي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة * وتنسيق أسمـاء لمـخترعات
أنا البحر في أحشائه الدر كامن * فهل سألوا الغواص عن صدفات.
واختيار الله تعالى للغة العرب أن تكون وعاء لكتابه الخالد جاء لحكم علمها سبحانه وتعالى، ولعل منها: استيعابها لجميع العلوم والمعارف.
وأما حروفها فإنها أسهل خطا وأكثر مرونة لقبول التشكل بأي طريقة يريدها الخطاط أو الكاتب، ولذلك تجد منها اللوحات والأشكال المختلفة في كل البيئات التي تخط بالحرف العربي.
وقد كانت علوم الطب والحساب والجغرافيا والهندسة والفلسفة وكل العلوم تكتب بالخط العربي، وما زالت من ذلك بعض المخطوطات القديمة في الطب وغيره، وهي موجودة في الشرق والغرب، ومن الخط العربي أخذ الغرب العلوم وترجموها إلى لغاتهم .
والحاصل أن اللغة العربية من أرقى اللغات؛ بل هي أرقاها وأعرقها وأقبلها للتطور مع الاحتفاظ بأصولها واستيعابها لكل العلوم...
والله أعلم .