عنوان الفتوى : أقوال العلماء في التائب من المال الحرام
يملك والدي أرضا فلاحية تقدر مساحتها بـ 9 هكتارات, وذلك في القرية التي نشأت فيها, وهو يزرعها كغيره من سكان القرية بالمخدرات وقد بنى لنا ثلاثة منازل في المدينة بالأموال التي يجنيها من بيع الحشيش، أحد هذه المنازل مؤلف من 5 أدوار وهو مكترى بالكامل بينما المنزلان الآخران مخصصان لكي نسكنهما أنا وإخوتي ورغم أن إخوتي الأكبر سنا مني قد أقامو مشاريعهم بهذه الأموال ألا أنني أحاول إيجاد عمل حلال بحيث أستغني عن نصيبي من المال الحرام -سواء كان مال المخدرات أو مال الكراء- ألا أنني أطمح في الحصول علي بيت من هذه البيوت كي أسكنه، على أن أدفع ما يساوي قيمة المفروشات الموجودة به من المال الحلال لصالح المحتاجين وحتى قيمته كله مع الرقعة الأرضية التي بني عليها إذا تمكنت من ذلك في المستقبل إن شاء الله تعالى، فقد قرأت في إحدى الفتاوى التي قمتم بنشرها أنه للتخلص من الحرام يمكن إخراج ما يساوي قيمته من المال الطيب، وفي النهاية أطلب منكم -جزاكم الله خيراً- أن تدعو لنا الله عز وجل أن يخلصنا من الحرام ويطهرنا منه فهو وحده القادر على ذلك؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله العلي القدير أن يخلصكم من الحرام ويطهركم منه، فهو -كما ذكرت- وحده القادر على ذلك، وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن للعلماء في التائب من المال الحرام ثلاثة أقوال:
الأول: يجب عليه أن يتخلص منه كله بصرفه في المشاريع الخيرية، والبحث عن مال حلال ينفق منه على نفسه وعلى من يعول.
الثاني: جواز الأخذ منه للنفقة إذا كان فقيراً مع التخلص من الزائد، قال الإمام النووي رحمه الله نقلاً عن الغزالي في معرض كلامه عن المال الحرام والتوبة منه ما نصه: وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيراً، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته، لأنه أيضاً فقير. انتهى.
الثالث: لا يجب عليه التخلص من شيء منه، إلا أنه يرد عين الحرام لأصحابه إذا عُلِموا، ويحتفظ بجميع الباقي، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: والتوبة كالإسلام فإن الذي قال: الإسلام يهدم ما كان قبله، هو الذي قال: التوبة تهدم ما كان قبلها، وذلك في حديث واحد من رواية عمرو بن العاص. رواه أحمد ومسلم... والذي نرجحه من ذلك -والله أعلم- هو القول الثاني.
وعليه، فإذا كنت محتاجاً إلى السكن وإلى بعض هذه الأموال فلا نرى عليك حرجاً في الاستفادة منها، ولو مع نية عدم التعويض، ويكون ذلك من باب التصدق على النفس وعلى العيال في التخلص من المال الحرام، وإن كنت تريد الأحوط للدين والأبعد عن الشبهة فلا بأس بما قلت إنك تطمح إليه من الحصول على بيت من تلك البيوت لتسكنه، ثم تدفع ما يساوي قيمة المفروشات الموجودة به من المال الحلال لصالح المحتاجين، على أن تدفع قيمته كله في المستقبل مع الرقعة الأرضية التي بني عليها متى استطعت ذلك.
والله أعلم.