عنوان الفتوى : الشركة في العقار وبيع حق التعلي
بسم الله الرحمن الرحيم مسألة: اشترى ثلاثة إخوة قطعة أرض بمبلغ 75 ألفا عام 1998 على أن يكون لكل واحد منهم الثلث، وبعد ثلاثة أعوام تقريبا أرادوا بناء هذه القطعة إلا أن أحدهم اعتذر عن أن يبدأ البناء معهم، عن طريق أحد الإخوة الشركاء وبموافقة الأخ المعتذر عن البناء اتفقنا على أن أدخل شريكاً معه مكملا البناء ليكون لي مثل نصيبه، وأن أقوم بالبناء إلى أن أنفق قيمة ما أنفقه على شراء الأرض (25) ألفا ثم تكون باقي التكاليف بيننا بالسوية، بعد أن أتممت إنفاق ما علي من أموال اتصلت على الإخوان لإرسال ما على أخي من أموال أنفقت فأخبرني الأخ الذي أدار الاتفاق أن أخي الذي اشتركت معه لن يتمكن من إرسال أية نقود وسيكتفي بأخذ نصيبه حسب ما اشترى الأرض، بالفعل أكملت البناء أنا وأخواي الشريكان إلى الدور الرابع ولم يدفع أخي سوى نصيبه في الأرض، لما عاد أخي من سفره أعدت تخييره -للخير الذي بيننا- بين أن يكمل النفقات كما كان الاتفاق الأول وبين أن يأخذ حقه حسب نصيبه الذي دفعه في الأرض وكان هذا عام 2002، وبالفعل توصلنا إلى حل ليأخذ أخي حقه وهو أن يأخذ أخي الدور الخامس -الذي لم يبن بعد- بسعر التكلفة وهو 40 ألفا دفع منها نصيبه في الأرض وقيمته خمسة وعشرون ألفا وبقي عليه خمسة عشر ألفا دفع منها ألفين قبل أن يسافر وكان الترتيب أن ينجز هذا العمل في بضعة شهور بعد إرسال الأموال اللازمة، سافر الإخوة جميعا وأول ما أتى فصل الشتاء الذي يتسنى لنا فيه العمل اتصلت على إخواني ليرسلوا الأموال إلا أن أحد الإخوة أخبرني أن أحد الشركاء ظروفه تحول بينه وبين أن يرسل أموالاً في الوقت الراهن، أخبرت إخواني بتقلبات الأسعار وأن علينا أن ننجز باقي البناء وأنني على أهبة الاستعداد لإنجاز الدورين الباقيين، خلال العامين 2003 و2004 أخذت الأسعار في الارتفاع الطفيف فأخبرت الإخوة بذلك لكن أحداً لم يرسل شيئاً بما فيهم أخي الذي أنجزت معه الاتفاق، في عام 2004 استعددت للسفر حيث يقيم إخواني، ولما رأى أخي دنو سفري اتصل طالبا إنجاز الدور المتفق عليه فأجبت مرحبا أنني لا أمانع شريطة أن يرسلوا الأموال إلا أن أحداً لم يرسل شيئاً حتى سافرت، في عام 2006 رأى إخواني أن الفرصة مواتية لإنجاز الدورين المتبقيين إلا أن الأسعار قفزت قفزة لم تكن متوقعة فقد تخطت النفقات أكثر من ضعف ما هو متوقع وهنا اتصلت على أخي لأستزيده من المال بقدر ما أنفقت خاصة أن البناء بسعر التكلفة إلا أن أخي رفض وحجته في ذلك أن هذا اتفاق انقضى ولن يدفع أي مبلغ فوق الأربعين ألفا، فأجبت أنني لم أقصر ولم أذنب حتى أتحمل هذه النفقات الباهظة ثم إنه المستفيد من البناء لست أنا والبناء بسعر التكلفة، قام أخي بإعادة تثمين الأرض حيث إن أمواله دفعت على جزأين: الأول ثلث قطعة الأرض والثاني 15ألفا وبعد سؤال أهل الخبرة وجد أن الأرض التي كانت قيمتها 75 ألفا أصبحت 130 ألفا أي أن ثلثه الذي كان 25 ألفا قد أصبح 43 ألفا وأن لهذا اعتباره، الحمد لله أن أخي وصل إلى هذه القناعة التي مفادها أن الأسعار تتغير حسب تغير الظروف والأزمان وعلى هذا الاعتبار علينا أن نقرر الوقائع التالية: أعمال الأساسات والقواعد التي بنيت عليها العمارة كلها كلفنا متر الخرسانة وقتها 300 بينما عند بنائنا للدورين الخامس والسادس تعدى متر الخرسانة 650 أي أكثر من الضعف، المرافق التي أدخلناها من مياه وكهرباء وصرف (حفر بئر) إضافة إلى مصروفات الحي ازدادت أكثر من الضعف، بدهي أن تتبع زيادة الأسعار زيادة في قيمة العقار المنشأ والسوق شاهد على ذلك فقد بعت نصيبي من العقار أيام رخص الأسعار بأقل من سعر تكلفته الآن وكنت متربحا فيه، أفتونا مأجورين؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل أن كل واحد من هؤلاء الشركاء يملك فيما تم بناؤه من هذه العمارة -أي الأربعة أدوار- بقدر حصته في رأس مالها، سواء في ذلك الأرض أو تكاليف البناء من مواد وأجور عمال، وأما ما لم يتم بناؤه منها كالدور الخامس فلا يصح جعله عوضاً عن نصيب أحد الشركاء لما في ذلك من الغرر والجهالة، فإن هذا الدور قد يبنى وقد يكلف بناؤه مثل تكلفة بناء العمارة كلها أو أكثر نظراً لتقلب الأسعار ارتفاعاً وانخفاضاً، كما قد وقع بالفعل.
والطريقة الشرعية في مثل ذلك أن يشتري باقي الشركاء حصته فيما تم بناؤه ويبيعون له سطح العمارة لكي يبني عليه دوراً خامساً فإن ذلك جائز عند جمهور أهل العلم بناء على جواز بيع حق التعلي أو بيع الهواء بشرط أن ينضبط بالضوابط الشرعية النافية للجهالة من عدد الأدوار وسمك البناء وقوة القواعد ونحو ذلك، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 52138.
وإذا تقرر هذا فإن لهذا الشريك الذي اتفقتم معه على أن يأخذ الدور الخامس الذي لم يبن من هذه العمارة بقدر ما أنفق في رأس مالها لأن هذا الاتفاق الذي تم هو اتفاق باطل لا يترتب عليه أي أثر.
والله أعلم.