عنوان الفتوى : الحكمة من تحريم نكاح الخالة
نريد أن نعرف سبب تحريم أن يتزوج المرء من خالته من الناحية النفسية والأخلاقية والاجتماعية. نعرف أن هناك نصوصًا قطعية في المسألة. وشكرًا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحرم على الرجل أن يتزوج خالته، وهذا ثابت بالقرآن والسنة والإجماع. قال الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ [النساء:23].
وليس بين المسلمين خلاف في هذا التحريم، بل هو أمر مجمع عليه في جميع الديانات، لم يخالف في ذلك إلا من مسخت فطرته من المجوس، حيث يبيحون نكاح الأخت وغيرها من المحارم.
والمسلم يوقن بأن الله تعالى حكيم عليم، فلا يشرع أمراً إلا وفيه حكمة بالغة، وقد يعلم الإنسان الحكمة وقد يجهلها.
قال العلامة الكاساني في بدائع الصنائع: (ولأن نكاح هؤلاء يفضي إلى قطع الرحم، لأن النكاح لا يخلو عن مباسطات تجري بين الزوجين عادة، وبسببها تجري الخشونة بينهما، وذلك يفضي إلى قطع الرحم، فكان النكاح سبباً لقطع الرحم مفضياً إليه، وقطع الرحم حرام، والمفضي إلى الحرام حرام، وهذا المعنى يعم الفِرَق السبع - أي الأمهات ومن ذكر معهن في الآية- لأن قرابتهن محرمة القطع واجبة الوصل). نقلاً عن ( المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم 6/206) للدكتور عبد الكريم زيدان.
وقال السيد سابق في فقه السنة: (وأما العمات والخالات فهن من طينة الأب والأم، وفي هذا الحديث "عم الرجل صنو أبيه" أي هما كالصنوان يخرجان من أصل النخلة، ولهذا المعنى -الذي كانت به صلة العمومة من صلة الأبوة، وصلة الخؤولة من صلة الأمومة - قالوا: إن تحريم الخالات مندرج في تحريم الأمهات وداخل فيه، فكان من محاسن دين الفطرة المحافظة على عاطفة العمومة والخؤولة، والتراحم والتعاون بها، وأن لا تنزو الشهوة عليها، وذلك بتحريم نكاح العمات والخالات. انتهى.
وقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري: الخالة بمنزلة الأم. وإذا كانت بمنزلة الأم كان من الواجب احترمها وتقديرها، فلو جاز نكاحها لكانت تحت أمر الزوج وطاعته وخدمته، وهذا ينافي الاحترام.
وكيف يفكر الإنسان مجرد التفكير أن يتزوج بأمه!! والفطرة السليمة تدرك بشاعة وشناعة الزواج من المحارم.
وأما الفطرة المنتكسة، فربما فكرت في الزواج من الأخت، أو الخالة، أو بنت الأخ، أو بنت الأخت، نعوذ بالله من ذلك.
وما أقدم إنسان على ذلك ولا استباحته أمة، إلا سلط الله عليهم الأمراض والأوجاع، وحلَّ بهم الذل والعار والدمار، مع فساد الأبناء وانهيار الأسر، وقطيعة الأرحام. هذا في الدنيا، وما ينتظرهم في الآخرة من العذاب الأليم أشد وأعظم. فنسأل الله العافية.
والله أعلم.