عنوان الفتوى : وقت إخراج زكاة التمر وحكم تأخير إخراجها حتى يرتفع ثمنه
كانت الزكاة تعطى يوم جني التمور نقدا أو عينا لكن هذه السنة أصبحت لدى الفلاحين "بيوت تبريد لتخزين التمور" فاختلف الناس في أداء الزكاة - منهم من قال تعطى الزكاة يوم الجني بمقدار سعرها في ذاك اليوم ومنهم من قال نستطيع أن نؤخرها إلى حين بيع التمور المخزنة اعتمادا على مصلحة الفقير إذ إن سعرها اليوم مثلا بدينار وبعد عدة أشهر يصبح سعرها بدينارين وبذلك يتضاعف مقدار الزكاة لفائدة الفقير نرجو منكم التوضيح والفتوى الشرعية. وجزاكم الله كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فوقت وجوب الزكاة في الثمار محل خلاف بين أهل العلم وتفصيل ذلك في الموسوعة الفقهية على النحو التالى:
اختلف الفقهاء في الوقت الذي تجب فيه زكاة الزروع والثمار. فذهب المالكية ما عدا ابن عرفة، والشافعية وأبو حنيفة إلى أنها تجب بإفراك الحب، وطيب الثمر والأمن عليه من الفساد، والمراد بإفراك الحب طيبه واستغناؤه عن السقي، وإن بقي في الأرض لتمام طيبه، وطيب الثمر نحو أن يزهي البسر، أو تظهر الحلاوة في العنب. قالوا: لأن الحب باشتداده يكون طعاما حقيقة وهو قبل ذلك بقل، والثمر قبل بدو صلاحه بلح وحصرم، وبعد بدو صلاحه ثمرة كاملة، ولأن ذلك وقت الخرص، والمراد بالوجوب هنا انعقاد سبب الوجوب، ولا يكون الإخراج إلا بعد اليبس والجفاف. وذهب أبو يوسف من الحنفية وهو قول ابن أبي موسى من الحنابلة وقول ابن عرفة من المالكية إلى أن الوجوب يتعلق باليبس واستحقاق الحصاد. وذهب محمد بن الحسن إلى أن الوجوب لا يثبت إلا بحصاد الثمرة وجعلها في الجرين. وقال الحنابلة: يثبت الوجوب ببدو الصلاح في الثمر، واشتداد الحب في الزرع، ويستقر الوجوب بجعل الثمرة أو الزرع في الجرين أو البيدر، فلو تلف قبل استقرار الحبوب بجائحة فلا شيء عليه إجماعا على ما قال ابن المنذر ونقله في شرح المنتهى عنه، أما قبل ثبوت الوجوب فلو بيع النخل أو الأرض فلا زكاة على البائع في الزرع والثمر، ولو مات المالك قبل الوجوب فالزكاة على الورثة إن بقي إلى وقت الوجوب وبلغ نصيب الوارث نصابا، وكذا إن أوصى بها ومات قبل الوجوب فلا زكاة فيها، ولو أكل من الثمرة قبل الوجوب لم يحتسب عليه ما أكل، ولو نقصت عن النصاب بما أكل فلا زكاة عليه. وأما بعد الوجوب فتلزمه الزكاة وإن باع أو أوصى بها، ولا شيء على من ملكها بعد أن ثبت الوجوب. وذكر الحنابلة مما يتفرع على ذلك أنه لا زكاة على من حصل على نصاب من لقاط السنبل أو أجرة الحصاد، أو ما يأخذه من المباحات من الحب أو العفص والأشنان ونحوها لأنه لم يملكها وقت الوجوب. انتهى.
هذا عن وقت انعقاد سبب الوجوب أما وقت وجوب إخراجها فيكون بعد جفاف التمر ويبسه.
قال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي:
ووقت الإخراج للزكاة بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار؛ لأنه أوان الكمال وحال الادخار. والمؤنة التي تلزم الثمرة إلى حين الإخراج على رب المال؛ لأن الثمرة كالماشية، ومؤنة الماشية وحفظها ورعيها، والقيام عليها إلى حين الإخراج على ربها، كذا هاهنا. فإن أخذ الساعي الزكاة قبل التجفيف، فقد أساء، ويرده إن كان رطبا بحاله، وإن تلف رد مثله، وإن جففه وكان قدر الزكاة، فقد استوفي الواجب، وإن كان دونه أخذ الباقي، وإن كان زائدا رد الفضل. وإن كان المخرج لها رب المال، لم يجزئه، ولزمه إخراج الفضل بعد التجفيف؛ لأنه أخرج غير الفرض، فلم يجزئه، كما لو أخرج الصغيرة من الماشية عن الكبار. انتهى
وفي شرح الدردير ممزوجا بمختصر خليل المالكي:
مُقَدَّرَ الجفاف بالتخريص إذا أخذ فريكا قبل يبسه من فول وحمص وشعير وقمح وغيرها وكذا البلح والعنب يؤكل قبل اليبس بعد الطيب فيقال ما ينقص هذا إذا جَفَّ فإن قيل ثلثه اعتبر الباقي. انتهى
وبناء على ما سبق علمتَ أن إخراج زكاة التمر حين قطعه إذا كان رطبا قبل جفافه لا تجزئ ويجب على المزكي إخراج الزائد بعد التجفيف وبالتالي فإذا جَفَّ التمر فيجب إخراج زكاته، ولا يجوز تأخيرها وتخزين التمرحتى يرتفع ثمنه، وإنما يجوز تأخير الزكاة لفترة زمنية يسيرة لمصلحة راجحة تقتضى ذلك، كما تقدم في الفتوى رقم: 19326، والفتوى رقم: 45270.
والأصل أن الزكاة تخرج من جنس المزَكَّى، لكن إذا كان إخراج الزكاة نقودا تترتب عليه مصلحة راجحة للفقراء فلا مانع منه بدون أن يفضي ذلك إلى تأخير إخراج الزكاة عن وقتها تأخيرا فاحشا، كما تقدم في الفتوى رقم: 23353.
والله أعلم.