عنوان الفتوى : حكم الشك في الزوجة ومنعها من الخروج
ارتبطت بزوجي بعد فترة خطوبة شهر بسبب سفره وسألنا عنه جيدا وخصوصا وهو جار لنا وسمعنا كلاما ممتازا عنه وأهله واستخرت ربي وتم الزواج وحكى لي بعد ذلك بكل فخر واعتزاز عن مغامراته مع النساء وأنه لمدة 18 عاما يزني مع نساء حتى أثناء فترة الخطوبة وأيضا أنه في سفره يشرب الحشيش ويشعر بالفخر لكل ذلك وأنه قوي جسديا وجنسيا ولا يخشى أحدا وأنه لا يقوم بهذه الأعمال في محيط سكنه حتى لا تهتز صورته وهو يصلي مع كل ذلك ويصوم ويتصدق ويحج ويعتمر كثيرا ويقول إنه انتهى عن الزنا بعد الزواج حتى وهو مسافر ولكن الحشيش لا ولكن حياتي معه عذاب فهو مسافر والشك والوساوس تملأ قلبه دائما في عقله أني سأخونه إذا كنت متضايقة سأل من عاكسك اليوم وممنوع الخروج ولا زيارة أحد من الأقارب ويتصل عشوائيا ويسأل أنت أين من معك وأصبح الشك في كل تصرفاته وأنا سيدة أخشى الله وأطيعه ولا أخرج لأي سبب ومضى 9 أشهر على هذه الحال فكيف أتصرف مع هذا الزوج المفتخر بالمعصية هل أنفصل عنه وهل إذا زرت أهلي بدون علمه حرام؟ وما المخرج من هذا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقول لك: اتقي الله تعالى واصبري، ما دام زوجك قائما بحقك، وتاركا لكبائر الذنوب، مؤديا للصلاة، وسيجعل الله لك من أمرك يسرا، ومن كربك فرجا ومخرجا. قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطَّلاق:4}
وننصحك بمحاولة إقناعه بالإذن لك في الخروج لزيارة أقاربك، فإن وافق فالحمد لله، وإن منع فليس لك أن تخرجي من بيته دون إذنه ولو لزيارة أبويك أو أحدهما على ما ذهب إليه بعض أهل العلم. قال الإمام أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة: طاعة زوجها أوجب عليها من أمها، إلا أن يأذن لها. قال ابن قدامة صاحب المغني: وقد روى ابن بطة في أحكام النساء عن أنس أن رجلاً سافر، ومنع زوجته من الخروج، فمرض أبوها، فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيادة أبيه،ا فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقي الله ولا تخالفي زوجك" فأوحى الله إليه: إني قد غفرت لها بطاعة زوجها. إلا أنه يستحب إذنه لها في عيادتهما، وشهود جنازتهما، وبرهما، لما فيه من صلة الرحم والمعاشرة بالمعروف، ومنعها يؤدي إلى النفور، ويغري بالعقوق. اهـ وتراجع الفتوى رقم:7260، في حكم منع الزوج زوجته من زيارة والديها واختلاف أهل العلم في ذلك.
وأما شكه فيك وإساءته للظن بك فنقول له: إن من حقوق المرأة على زوجها صيانتها وحفظها من كل ما يخدش شرفها، ويثلم عرضها، ويمتهن كرامتها، ويعرض سمعتها لقالة السوء، ولكن بدون إسراف؛ ولذا فلا ينبغي تقصي حركاتها وسكناتها، ولا تجوز إساءة الظن بها، فإن الغيرة منها ما هو محمود، ومنها ما هو مذموم، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: إن من الغيرة ما يحبه الله، ومنها ما يبغضه الله، فأما الغيرة التي يحبها الله، فالغيرة من الريبة، والغيرة التي يبغضها الله، فالغيرة من غير ريبة… رواه أبو داود والنسائي وابن حبان. ويقول علي رضي الله عنه: لا تكثر الغيرة على أهلك، فترامى بالسوء من أجلك.
فنقول لهذا الزوج: اتق الله تعالى في أهلك، وأحسن الظن بهم، ما لم تجد ريبة وبادرة منهم إلى غير ذلك.
وأما ما ذكرت من مجاهرته بتلك المعاصي فنقول: إن الواجب على المسلم إن ألم بذنب أن يتوب منه، وأن يستتر بستر الله عز وجل فلا يفضح نفسه، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول يافلان: عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه. رواه البخاري... قال الغزالي: الكشف المذموم إذا وقع على وجه المجاهرة والاستهزاء، لا على السؤال والاستفتاء. انتهى من فيض القدير للمناوي.
وإن كان قد تاب من تلك المعاصي -كما ذكرت- فنسال الله تعالى أن يكون ذلك عن توبة وندم، وأن يتقبل توبته ويغسل حوبته، ومن تاب تاب الله عليه، ولكن عليك أن تنصحيه وتحذريه من التحدث عن تلك المعاصي والذنوب، فإن التحدث بها على الوجه الذي ذكرت لا يدل على صدق التوبة والندم على فعل المعصية، ولمعرفة شروط التوبة الصحيحة نرجو مراجعة الفتويين رقم: 296، 5091.
وللفائدة ننصحك بمراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2589، 5291، 29173.
والله أعلم.