عنوان الفتوى : الولي.. ومنع المرأة من الزواج
هل ولاية الولي في الزواج تبرر عضل المرأة وما الذي يجوز للمرأة عمله لإثبات العضل وإن جبنت عن اللجوء للقضاء مثلا كيف يمكنها الحصول على حقها في الزواج؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالولي شرط في صحة العقد، وإلى هذا ذهب الجمهور من أهل العلم، واشتراطه من صميم مصلحة العقد.
والدليل على ذلك قوله تعالى: (ولا تُنْكِحوا المشركين حتى يؤمنوا) [البقرة: 221].
وقوله تعالى: (فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) [البقرة: 232].
والخطاب في الآيتين موجه للأولياء، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي" رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها" رواه ابن ماجه من حديث أبي هريرة.
وفي هذا دليل مع أن المرأة ليس لها ولاية في الإنكاح لنفسها ولا لغيرها، فلا عبارة لها في النكاح إيجاباً وقبولاً، فلا تزوج نفسها بإذن الولي ولا غيره، ولا تزوج غيرها بولاية ولا بوكالة. سبل السلام (3/255).
وهذا لا يعني أنها لا رأي لها في تحديد الزوج، بل لها الرأي في ذلك، والسبب فيما تقدم هو: أن عقد النكاح عقد خطر يحتاج إلى كثير من المعرفة بمصالح النكاح ومضاره، ويفتقر إلى التروي والبحث والمشاورة، والمرأة ناقصة قاصرة، قريبة النظر والفكر، تغلبها عاطفتها في اختيارها، فاحتاجت إلى ولي يحتاط لهذا العقد من حيث مصلحته، ومن حيث الاستيثاق فيه.
وكون الولاية للولي لا يبرر له عضل من هي تحت ولايته، فإذا ثبت عضلها بتكرر رد الأكفاء من الخطاب، فلها أن ترفع أمرها إلى المحاكم، فإذا ثبت لديها أن وليها يعضلها، أمره القاضي أن يزوجها، فإذا لم يزوجها الولي زوجها القاضي من الكفء، هذا هو المشروع في حقها في حالة العضل، ولا يجوز لها في تلك الحالة - حالة العضل- أن تزوج نفسها ممن تقدم إليها، لما تقدم من اشتراط الولي، ولما رواه البخاري أن معقل بن يسار كانت أخته تحت رجل فطلقها، ثم خَلَّى عنها حتى انقضت عدتها، ثم خطبها، فحمي معقل من ذلك أنفاً، فقال: خَلَّى عنها وهو يقدر عليها، ثم يخطبها، فحال بينه وبينها، فأنزل الله: (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن...) إلى آخر الآية.
فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه، فترك الحمية واستقاد لأمر الله.
وكانت أخت معقل تريد الرجوع إلى زوجها. والله أعلم.