عنوان الفتوى : العمل في مكان مختلط
أنا شاب عمري 27 عاما من مصر منّ الله علي بالالتزام من 4 سنوات في نفس اليوم الذي أنهيت فيه الدراسة بالجامعة وخلال ال4 سنوات مكثت سنة واحدة بالجيش وباقي ال3 سنوات أبحث عن عمل ووجدت أكثر من عمل ولكن كل مرة بعد استلام العمل لا أستمر أكثر من أسبوعين وأترك العمل وفي كل مرة يكون السبب إما أنني لا أتمكن من الصلاة جماعة في المسجد أو لا أدرك الصلاة أصلاً في وقتها أو نتيجة الاختلاط بالنساء وكما هو معلوم وضع النساء في مصر فالغالبية العظمى منهن تمشى شبه عارية وتضع المساحيق على وجهها ولا تجد أي حرج في الحديث مع الرجال بل والمزاح معهم. وأحياناً أترك العمل بسبب طول ساعات العمل 12 ساعة وبالتالي لن أستطيع توفير الوقت الكافي لطلب العلم والعمل به أو يكون العمل أصلاً محرما ، بالطبع عانى أهلي كثيراً وفي أغلب الأحيان كانوا لا يوافقونني على ترك العمل وأجد منهم انتقادا كبيرا لي ولطريقة تفكيري ، المهم بعد البحث والمعاناة وجدت فرصة عمل في الحكومة وهو أمر نادر هذه الأيام عندنا في مصر وبعد أن استلمت العمل وجدت أني سوف أعمل في مكتب كبير ينقسم من الداخل إلى 3 مكاتب مكشوفة كلها على بعضها بمعنى أني أجلس في مكتبي وأرى كل أو معظم من في المكتبين الآخرين وهذه المكاتب الثلاثة فيها 15 امرأة ما بين امرأة وفتاة وما بين مسلمة ونصرانية حيث من ال15 يوجد 6 نساء نصارى والمكتب الذي أنا فيه يوجد به 8 نساء منهن 3 فتيات عملي متصل بهن بشكل مباشر بل إن التحاقي بهذا المكتب كان بناءً على ترشيح إحدى الفتيات الثلاثة لي عند مديرة العمل ولا يوجد معي من الرجال إلا رجل واحد وهو يتعامل مع هؤلاء النساء بدون أي ضوابط شرعية ويضاحكهن ويحضر لهن الأكل والمشروبات على حسابه وهذا خاص بالثلاث فتيات وعند دخولي للمكتب أخذ يعطيني النصائح التي تركزت كلها في أنه يجب علي أن أتعامل مع هؤلاء النساء بشكل طبيعي من وجهة نظره أي أتحدث معهن وأضاحكهن لأنهن يحببن الضحك كثيراً ويقول لي عاملهن على أنهن أخواتك ، وكان أول يوم لي وطول اليوم رغم أن الشغل كان كثيرا وطبيعة عملنا مع الجمهور ورغم ذلك يأتين ويرحبن بي ويبتسمن في وجهي وأنا أضطر للرد عليهن وما كان مني بعد انتهاء العمل وذهابي للبيت إلا أني قررت ألا أذهب للعمل مرة أخرى بسبب هذا الاختلاط الذي أخشى منه على نفسي حيث إني غير متزوج وأمامي الكثير حتى أتمكن من الزواج لأني لا أملك أي شيء بل إني إذا أردت الخروج من بيتي آخذ ثمن المواصلات من أبي أو أمي ، فهل ما فعلته صواب فالكل يلومني على ما فعلت ويقولون لي إنها فرصة لن تأتي مرة ثانية وأنت كبرت في السن وإلي متى ستجلس بدون عمل ومتى تستطيع أن تتزوج وتكون مسئولا عن أسرة وإلى متى ينفق عليك أبوك ، دلوني على الصواب بالله عليكم فأنا في حالة حزن شديد ، وفي النهاية فإني لم أرسل رسالتي هذه لقسم الاستشارات لأني أريد معرفة الحكم الشرعى في تركي للعمل بسبب الاختلاط مع النساء والذي يصاحبه كلام ومزاح وكذلك حكم تركي للأعمال السابقة للأسباب السابقة الذكر؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا نهنئك بما أنعم الله به عليك من الالتزام، ونفيدك أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فإن كان عملك في المجال المختلط تخشى منه الفتنة على نفسك، فإن تركه واجب؛ لأن سلامة الدين أهم من كل شيء، وهي الوسيلة المحققة للاستفادة من الكسب، ولكنه لا بأس أن تحاول معهم قبل الانفصال عن العمل أن يوفروا لك عملا في مكان لا يوجد به اختلاط.
ونسأل الله أن يوفق إدارة المحل لمساعدتك في الموضوع، وعليك أن تستعين بالدعاء آخر الليل وبعد الفرائض ليحقق الله ذلك لك، فقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز. رواه مسلم.
وفي الحديث أنه سئل أي الدعاء أسمع؟ فقال: جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات. رواه الترمذي وقال الألباني في صحيح الترغيب: صحيح لغيره.
وإن تعذرت الوسائل التي يمكن بها تفادي الوقوع في الحرام فيتعين ترك العمل ما لم تكن هناك ضرورة أو حاجة ملحة إليه، وتقدر الضرورة حينئذ بقدرها.
وأما ما حصل منك سابقا من ترك العمل لكونه فيه اختلاط فهو صواب إن كنت تخشى على دينك، ولم يمكنك تفادي تلك الفتنة.
ومثل ذلك ترك المكان الذي لا تستطيع فيه أن تتمكن من صلاة الجماعة إن كنت لا تتضرر في نفسك إن تركت العمل، وإلا كان ذلك عذرا في ترك الجماعة، إلا أنه يتعين التنبه إلى أن صلاة الجماعة ليس من حق صاحب العمل منع الموظف أن يصليها فإن منع من المسجد وأمكنهم أن يكونوا جماعة فهذا يجزئهم إن شاء الله.
وأما ترك العمل بسبب طول الوقت فهو غير مناسب، فالأكمل هو الصبر عليه حتى تجد عملا آخر يناسبك، وفي أثناء ذلك تحاول توظيف ساعتين أو أكثر إن تيسر في طلب العلم الشرعي، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 71139، 8677، 52712، 53143، 16879، 8528، 65294، 47332، 58722، 29129.
والله اعلم.