عنوان الفتوى : دفع الشريك إلى شريكه مبلغا شهريا محددا
بسم الله الرحمن الرحيم نظراً لأني رجعت من السعودية فى عام 1998م ولم يكن لدي عمل هنا حيث تركت شركة التأمين قال لي شخص ادخل معي شريكا بقيمة هذا المبلغ بحصة الثمن (8/1) ثمن القيمة للمشروع، نظراً لعلاقة النسب لم نكتب أي أوراق ثم انتظرت أن يكتب هو لم يفعل ذلك قال سأحسب لك مبلغا شهريا حتى يصل رأس ملك 50000 جنيه، وبعد ذلك سأعطيك مبلغا كل شهر كعائد من بداية عام 1999م، مضى ست سنوات ولم يعطيني أي مبلغ نظراً لظروفه قال أنا أخسر، وقال سوف أحسب لك نسبة كنسبة البنك، فما حكم الدين فى ذلك، نظرا لذلك عملت مدرسا بإحدى مدارس الصحراء في وسط سيناء حيث المعيشة الصعبة جداً حتى أوفر لأسرتي المعيشة، في بداية 2004م قال لي بعد ما حسب ما حسبه هو وقال لك 64000 جنيه بدأ يدفعها على كمبيالات شهر يدفع وثلاثة لا يدفع حتى بقي عنده مبلغ 7000 جنية الهدف من هذا كيف أدفع زكاة هذا المال، وكم يكون بالضبط، وهل علي زكاة مال عن السنوات التى كان المال ليس تحت تصرفي حتى أنني كنت أقول الله يعوض علينا حتى فقدت الأمل في رجوعه حتى أنه كان سببا في مشكلات عائلية كثيرة بينه وبين زوجتي، حيث إنه أخوها، كان أي مبلغ يأتي معي من مكافأة امتحانات وإيجار بعض قراريط الأرض أوفره وأودعه في البنك في حساب توفير أودع وأسحب حتى كان كل ما حصلته حتى العام الماضى 37000 جنيه وهو الآن 70000 جنيه، وهذا المبلغ في البنك في انتظار أن نتقاسم بيتنا حيث إننا ثلاثة إخوة في منزل واحد ولا يصلح إلا أن يكون للواحد وأولاده أو الاثنين الآخرين، مع العلم بأن هذا المبلغ لا يصلح أن يعمل شيئا من هذا القبيل، السؤل: كم يكون زكاة المال على ذلك مع العلم بأنني أودع أي مبلغ أحصل عليه، وأسحب أي مبلغ أحتاجه للمصروفات والتجارة خلال العام حيث إن مرتبي لا يكفي، معذرة على الإطالة نظراً لما يحتاجة الأمر من إيضاح ولأخلص ذمتي أمام الله عز وجل، أفتونا مأجورين؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فدفع شخص لآخر مالاً على سبيل الشركة ويكون العمل من أحدهما والربح بينهما على قدر المال أو على حسب الاتفاق مشروع عند طائفة من أهل العلم، قال العلامة ابن قدامة رحمه الله في المغني: فيجوز أن يجعلا الربح على قدر المالين، ويجوز أن يتساويا مع تفاضلهما في المال، وأن يتفاضلا فيه مع تساويهما في المال، وبهذا قال أبو حنيفة، وقال مالك والشافعي: من شرط صحتها كون الربح والخسران على قدر المالين.
وقال الخرقي رحمه الله: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما أو بدنان بمال غيرهما أو بدن ومال أو مالان وبدن صاحب أحدهما أو بدنان بماليهما -تساوى المال أو اختلف- فكل ذلك جائز.
إلا أن الخطأ الذي حصل في شراكتكما هو تحديد مبلغ شهري يدفعه إليك فهذا لا يجعلها شراكة صحيحة لأن الشركة مبناها على أن الربح والخسارة في مال الشريكين، أما إذا التزم أحدهما بدفع مال معين لآخر فلا يصح، أما إذا اتفقا على أن يعطيه نسبة من الربح إذا حصل ربح فلا مانع منه كما سبق، ولا يصح أن يكون ما حصل بينكما مضاربة لأن من شروط صحتها أن لا يحدد لصاحب المال ربح معين، بل تكون الخسارة بينهما، فصاحب المال في ماله والعامل في جهده، وعند فساد المضاربة يوزع الربح على قدر المال ويعطى العامل أجرة مثله، قال البهوتي في كشاف القناع: وإن فسدت المضاربة فالربح لرب المال، لأنه نماء ماله، والعامل إنما يستحق بالشرط فإذا فسدت فسد الشرط فلم يستحق شيئاً وللعامل، إذا فسدت أجرة مثله. انتهى.
وقال في الكشاف أيضاً: وإذا فسد العقد أي عقد الشركة بأنواعها قسم ربح شركة عنان ووجوه على قدر المالين، لأن التصرف صحيح لكونه بإذن مالكه والربح نماء المال كالوضيعة. فهي بقدر المالين وما عمله كل واحد منهما أي الشريكين في الشركتين أي شركة العنان وشركة الوجوه فله أجرته، لأنه عمل في نصيب شريكه فيرجع به، لأنه عقد يبتغى الفضل فيه في ثاني الحال فوجب أن يقابل العمل فيه عوض كالمضاربة.
وبيان قدر أجرته في نصيب شريكه: أن ينظر أجرة عمل كل واحد منهما في المالين ويسقط منها أجرة عمله في ماله، لأن الإنسان لا يجب له على نفسه المال ويرجع على شريكه الآخر بقدر ما بقي له من أجرة العمل، لأنه الذي عمله في مال شريكه فإن تساوى مالاهما وعملاهما تقاص الدينان، لأنه قد ثبت لكل منهما على الآخر مثل ما له عليه، واقتسما الربح نصفين وإن فضل أحدهما صاحبه بفضل دين القليل بمثله من الكثير ويرجع على الآخر بالفضل أي بنصفه لما تقدم وقسمت أجرة ما تقبلاه في شركة الأبدان إذا فسدت بالسوية ويرجع كل واحد منهما فيها على الآخر بأجرة نصف عمله لما تقدم. انتهى.
وعليه فلو كان ما وصلك من الربح هو نصيبك فأقل فعليك زكاته مع رأس المال وإلا وجب عليك زكاة نصيبك ورد الزائد، وتزكيه في هذه الحالة لسنة واحدة لأنه بمثابة الدين الذي هو على معسر أو مماطل، وأما المال الذي كنت تكسبه وتدخر منه جزءاً في البنك في حساب التوفير فللجواب عنه جهتان:
الأولى: أن يكون البنك الذي تضعه فيه إسلامياً منضبطاً بالضوابط الشرعية، فلا مانع من ذلك.
الثانية: وجوب زكاته والأيسر عليك أن تنظر متى بلغ النصاب ثم تزكيه كل سنة عند نهاية الحول بقدر ما هو عليه في البنك سواء كنت تدخره لبناء بيت أو غيره، فإن لم تكن قد زكيته فعليك الاجتهاد في تحديده كل سنة وتدارك ما فات لأن الزكاة حق لمستحقيها لا يسقط بتقادم الزمن، وإن استطعت أن تزكي كل جزء من المال الذي أضفته إلى المال الموضوع في البنك في العام الثاني من حين إضافته فلا مانع من ذلك، لكن فيه عسر ومشقة عليك، ولمزيد الفائدة في ذلك راجع الفتوى رقم: 477.
والله أعلم.