عنوان الفتوى : معنى قوله تعالى:(الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)
وفي آخر رسالته أضاف سؤالاً رابعاً قال فيه: قال تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] فيسأل عن معنى الاستواء؟ play max volume
الجواب: قوله : الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، فسره علماء السنة بأنه العلو والارتفاع، يعني: ارتفع فوق العرش وعلا فوقه سبحانه وتعالى بدون كيف، أهل السنة والجماعة وهم أصحاب النبي ﷺ وأتباعهم بإحسان يقولون في صفات الرب : إن الواجب إثباتها وإمرارها كما جاءت بلا كيف، يعني: نثبتها لله ونؤمن بها وأنها حق، ولكن لا نكيفها، لا نقول: إنها بكيفية كذا وكيفية كذا، سئل مالك بن أنس إمام دار الهجرة في زمانه، وأحد الأئمة الأربعة، سئل رحمة الله عليه عن قوله جل وعلا: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ، كيف استوى؟ فأطرق طويلاً ثم قال رحمه الله: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، فالواجب على أهل العلم والإيمان، وعلى جميع المسلمين أن يؤمنوا بأسماء الله وصفاته التي جاءت في القرآن العظيم أو السنة الصحيحة، وأن يمروها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، بل يؤمنون بأنها صفات الله وأنها أسماؤه وأنها حق، وأن معانيها حق يليق بالله جل وعلا، معانيها تليق بالله لا يشابه خلقه في شيء من صفاته سبحانه وتعالى.
فالاستواء: هو العلو والارتفاع فوق العرش، وهو معلوم من حيث اللغة العربية، ولكن كيفيته مجهولة، ما نعلم كيف استوى، ولكن نقول: إنه استوى على عرشه وارتفع فوق عرشه ارتفاعاً يليق بجلاله وعظمته لا يشابه الخلق في صفاتهم، لا في الاستواء ولا في غيره؛ لقوله : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] ؛ ولقوله : فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:74] وقوله سبحانه: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، فهو سبحانه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله لا شبيه له، ولا سمي له، ولا كفء له، ولا ند له سبحانه وتعالى.
هذا هو الواجب على أهل الإسلام أن يؤمنوا بهذه الصفات الاستواء والرحمة، والسمع والبصر، والغضب والوجه، واليد والقدم، والأصابع وغير هذا من صفاته سبحانه وتعالى، كلها يجب إثباتها لله على الوجه اللائق بالله من غير تحريف ولا تعطيل لصفات الله، ولا تكييف لها، ولا تمثيل لها، بل يقال: إنها حق، وإنها ثابتة لله على الوجه اللائق به ، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا؛ لأنه سبحانه وتعالى لا مثيل له، لا في ذاته، ولا في صفاته . نعم.
المقدم: بارك الله فيكم.