عنوان الفتوى : مناقشة حسن الترابي في آرائه الشاذة
أردت أن اسأل سماحتكم عن رأيكم في الشيخ الدكتور حسن الترابي والفتاوى المقيتة التي أفتاها .....*الخمر حلال ما دام شاربها مسالما لا يؤذي أحدا ولا يتخطى القانون *الحجاب لامشروعية له ولا دليل عليه من القرآن إلا ستر الصدر بدليل آية ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) أما الآية في سوره الأحزاب رقم 58 فهي تتكلم عن نساء النبي فقط ولا دخل لها بباقي النساء *أن من حق المرأه أن تؤم المصلين لو كانت أعلم، وأن النساء مثل الرجال والمسأله فريي free وأن شهادة الرجل كشهادة المرأة وأن على المرأة أن تنطلق بقى والحياة تبقى حلوة ..... وأن هناك شيخا مصريا أخزاه الله هو وباقي المصريين أمثاله مع العلم أني مصري ... اسمه جمال البنا .الأخ يقول إن الإسلام شرع الحجاب للحفاظ على رأس المرأه من الشمس والأتربة وأنه لامشروعية له وهو مساند لكل ما قاله الترابي بالكامل، فما رأيكم في الترابي علما أني قرأت مقالة تكاد تعظم الترابي في الموقع لديكم ... فما رأيكم الآن في الترابي وإن كان رأيكم هو أنه مخطئ أرجو تصحيح المقال لديكم وإظهار حقيقته . أما
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقديما قالوا من اشتغل بغير فنه أتى بالعجائب ، وكم ينطبق هذا القول على كثير ممن ينسب إلى العلم وهو ليس من أهله ، لفقده الأسس التي يعتمد عليها من أراد التصدي للكلام في الأمور الشرعية ، فإن كان ثمة غرض من إثارة مثل هذه المسائل فالمصيبة أعظم والمحنة أكبر . ولا شك أن الواجب على العلماء نشر العلم الشرعي الصحيح المستمد من نور الوحي وبفهم سلف الأمة الصالح ، إذ بقصورهم في ذلك يجد أمثال هؤلاء "المفكرين" -زعموا- مرتعا خصبا لنشر أباطيلهم وترهاتهم ، وما أحسن ما ذكر الألوسي في تفسيره " روح المعاني " حيث قال : ولله تعالى در القائل : من الدين كشف الستر عن كل كاذب ، وعن كل بدعي أتى بالعجائب ، فلولا رجال مؤمنون لهدمت صوامع دين الله من كل جانب . اهـــ
ومركز الفتوى بالشبكة الإسلامية ليس معنيا بتقييم الأشخاص ، وإنما يهدف إلى تبصير المسلمين بما يحتاجونه من أمر دينهم ، ومن هنا فإننا سنقف فقط عند المسائل التي وردت بالسؤال ، وبنوع من الاختصار .
المسألة الأولى: استحلاله الخمر: ولا ندري إن كان هذا القول ثابت عنه أم لا ؟ إذ المنقول عنه في ذلك أنه قال : الخمر لا تصبح أمر قانون إلا إذا تحولت لعدوان ، أي حد الخمر . وسواء قال هذا أو هذا فهو مخالف لإجماع الأمة على أن الخمر محرم ، قال ابن قدامة في المغني : الخمر محرم بالكتاب والسنة والإجماع فذكر أدلة التحريم ثم قال : فانعقد الإجماع فمن استحلها الآن فقد كذب النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه علم ضرورة من جهة النقل تحريمه ، فيكفر بذلك ويستتاب ، فإن تاب وإلا قتل . اهــ وتراجع الفتوىرقم : 12750 ، والفتوى رقم :7740، وأما تقييده إقامة حد الخمر بشرط العدوان فقول ليس له فيه سلف ، وقد عرف عنه حطه لفقه السابقين واجتهاداتهم ، ويوصم هذا بالفقه الموروث متنقصا له، ومن أراد أن يطلع على قوله في ذلك فليراجع كتابه : تجديد الفكر الإسلامي . وكتابه : تجديد أصول الفقه . ونصوص السنة وكلام علماء الأمة ترتب حد الخمرعلى مجرد شربها . روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدتين نحو أربعين ، وفعله أبو بكر ، فلما كان عمر استشار الناس فقال عبدالرحمن : أخف الحدود ثمانين فأمر به عمر . وفي رواية أخرى في صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه قال : وكلٌ سنة ، وهذا أحب إلي . يعني الأربعين، وروى مالك في الموطأ عن السائب بن يزيد أنه أخبره أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج عليهم فقال : إني وجدت من فلان ريح شراب ، فزعم أنه شرب الطلاء وأنا سائل عما شرب فإن كان يسكر جلدته ، فجلده عمر الحد تاما . قال الباجي في المنتقى في شرحه لهذا الأثر : وقوله : فإن كان يسكر جلدته ظاهر في أن ما يسكر عندهم يجب به عندهم الحد ، وإن لم يبلغ الشارب حد السكر ، فكيف يقال لا يحد إلا إذا سكر واعتدى ، والعدوان نفسه جريمة يستحق صاحبها العقاب ولو لم يكن شاربا للخمر.
المسألة الثانية: زعمه أن الحجاب خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه تغطية للصدر فقط ، يقول الترابي في كتابه المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع : الحجاب خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم لأن حكمهن ليس كحكم أحد من النساء ، ولا يجوز زواجهن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ثم فإن آية الحجاب نزلت في السنة الخامسة للهجرة ولم يتأثر بها وضع سائر المسلمات . وقد سبق أن بينا بالفتوى رقم :25323، أن فرض الحجاب عام على جميع المسلمات وليس خاصا بنساء النبي صلى الله عليه وسلم فلتراجع . وأما آية سورة النور: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ { النور: 31 } وإن كانت دالة بطريق النص على تغطية الصدر فهي دالة على تغطية الرأس بطريقة الالتزام ، بل قال ابن كثير عند تفسيره هذه الآية : والخمر جمع خمار وهو ما يخمر به أي يغطى به الرأس ، وهي التي تسميها الناس المقانع . اهـــ وإنما نص على الصدر لكون نساء الجاهلية كن يظهرن صدورهن ولا يغطينها بشيء؛ كما ذكر ذلك أهل التفسير، والصدر من أعظم مواضع الفتنة .
المسألة الثالثة : إمامة المرأة للرجال ووقوفها معهم في صف واحد بلا التصاق : أما إمامة المرأة للرجال فلا تجوز، وقد بسطنا القول فيها بأدلته بالفتوى رقم : 60328، وأما وقوفها بجانب الرجل فلا يجوز ، التصقت به أم لا ، فقد دلت النصوص على تأخير صفوف النساء في المسجد، وهي مذكورة بالفتوى السابقة .
المسألة الرابعة: شهادة المرأة وأنها كشهادة الرجل في كل شيء، وهذا قول مصادم لما جاء به القرآن الكريم وصحت به سنة النبي الأمين، وتراجع الفتوى رقم : 16032، ففيها بيان حكمة الشرع في التفريق بين الرجل والمرأة في بعض أمور التشريع، ومنها شهادة المرأة على بعض الأمور ، وتراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم : 33323.
المسألة الخامسة: خروج المرأة من بيتها : لقد عرف عن الترابي التوسع في القول بجواز حضور المرأة محافل الرجال ومخالطتهم، وراجع في هذا كتابه : المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع . وهذا مخالف لما جاء به الشرع من أن الأصل قرار المرأة في بيتها وعدم خروجها منه إلا لضرورة أو حاجة معتبرة شرعا . وتراجع الفتوى رقم : 34612، والفتوى رقم :7996،
وأما هذا الكلام المنسوب إلى جمال البنا من قوله إن الإسلام شرع الحجاب للحفاظ على رأس المرأة من الشمس والأتربة إن ثبت عنه فهو قول ساقط ، وحكايته تغني عن الرد عليه .
والله أعلم