عنوان الفتوى : مذاهب العلماء في روث وصوف ولبن وولد الشاة التي عينها للأضحية
حكم الانتفاع بروث الأضحية على المذاهب الأربعة ومع ذكر المراجع وثبتها إذا تفضلتم ؟ شاكراً جهودكم المبذولة . شكرًا للشبكة الإسلامية .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نقف على تفصيلات للفقهاء فيما يتعلق بروث الأضحية إلا ما في الفتاوى الهندية من كتب الحنفية: ويتصدق بروثها , فإن كان يعلفها فما اكتسب من لبنها أو انتفع من روثها فهو له , ولا يتصدق بشيء . كذا في محيط السرخسي.
وأما ما سوى الروث كاللبن والصوف والركوب ففيها تفصيلات للفقهاء أتي عليها أصحاب الموسوعة الفقهية نذكرها للفائدة قالوا: ذهب الحنفية إلى أنه يكره تحريما قبل التضحية أمور:
الأمر الأول: حلب الشاة التي اشتريت للتضحية أو جز صوفها, سواء أكان الذي اشتراها موسرا أم معسرا, وكذا الشاة التي تعينت بالنذر, كأن قال: لله علي أن أضحي بهذه , أو قال : جعلت هذه أضحية . وإنما كره ذلك , لأنه عينها للقربة فلا يحل الانتفاع بها قبل إقامة القربة فيها , كما لا يحل له الانتفاع بلحمها إذا ذبحها قبل وقتها , ولأن الحلب والجز يوجبان نقصا فيها والأضحية يمتنع إدخال النقص فيها . واستثنى بعضهم الشاة التي اشتراها الموسر بنية التضحية , لأن شراءه إياها لم يجعلها واجبة , إذ الواجب عليه شاة في ذمته كما تقدم . وهذا الاستثناء ضعيف , فإنها متعينة للقربة ما لم يقم غيرها مقامها , فقبل أن يذبح غيرها بدلا منها لا يجوز له أن يحلبها , ولا أن يجز صوفها للانتفاع به . ولهذا لا يحل له لحمها إذا ذبحها قبل وقتها . فإن كان في ضرع الأضحية المعينة لبن وهو يخاف عليها الضرر والهلاك إن لم يحلبها نضح ضرعها بالماء البارد حتى يتقلص اللبن , لأنه لا سبيل إلى الحلب . فإن حلبه تصدق باللبن , لأنه جزء من شاة متعينة للقربة . فإن لم يتصدق به حتى تلف أو شربه -مثلا- وجب عليه التصدق بمثله أو بقيمته . وما قيل في اللبن يقال في الصوف والشعر والوبر .
وقال المالكية : يكره أي تنزيها شرب لبن الأضحية بمجرد شرائها أو تعيينها من بين بهائمه للتضحية , ويكره أيضا جز صوفها قبل الذبح , لما فيه من نقص جمالها , ويستثنى من ذلك صورتان : أولاهما : أن يعلم أنه ينبت مثله أو قريب منه قبل الذبح . ثانيتهما : أن يكون قد أخذها بالشراء ونحوه , أو عينها للتضحية بها من بين بهائمه ناويا جز صوفها , ففي هاتين الصورتين لا يكره جز الصوف . وإذا جزه في غير هاتين الصورتين كره له بيعه .
وقال الشافعية والحنابلة : لا يشرب من لبن الأضحية إلا الفاضل عن ولدها , فإن لم يفضل عنه شيء أو كان الحلب يضر بها أو ينقص لحمها لم يكن له أخذه , وإن لم يكن كذلك فله أخذه والانتفاع به . وقالوا أيضا : إن كان بقاء الصوف لا يضر بها أو كان أنفع من الجز لم يجز له أخذه , وإن كان يضر بها أو كان الجز أنفع منه جاز الجز ووجب التصدق بالمجزوز.
الأمر الثاني: من الأمور التي تكره تحريما عند الحنفية قبل التضحية - بيع الشاة المتعينة للقربة بالشراء أو بالنذر , وإنما كره بيعها , لأنها تعينت للقربة , فلم يحل الانتفاع بثمنها كما لم يحل الانتفاع بلبنها وصوفها , ثم إن البيع مع كراهته ينفذ عند أبي حنيفة ومحمد , لأنه بيع مال مملوك منتفع به مقدور على تسليمه , وعند أبي يوسف لا ينفذ , لأنه بمنزلة الوقف . وبناء على نفاذ بيعها فعليه مكانها مثلها أو أرفع منها فيضحي بها , فإن فعل ذلك فليس عليه شيء آخر , وإن اشترى دونها فعليه أن يتصدق بفرق ما بين القيمتين , ولا عبرة بالثمن الذي حصل به البيع والشراء إن كان مغايرا للقيمة . وقال المالكية : يحرم بيع الأضحية المعينة بالنذر وإبدالها , وأما التي لم تتعين بالنذر فيكره أن يستبدل بها ما هو مثلها أو أقل منها . فإذا اختلطت مع غيرها واشتبهت وكان بعض المختلط أفضل من بعض كره له ترك الأفضل بغير قرعة . وقال الشافعية : لا يجوز بيع الأضحية الواجبة ولا إبدالها ولو بخير منها , وإلى هذا ذهب أبو ثور واختاره أبو الخطاب من الحنابلة . ولكن المنصوص عن أحمد - وهو الراجح عند الحنابلة - أنه يجوز أن يبدل الأضحية التي أوجبها بخير منها , وبه قال عطاء ومجاهد وعكرمة .
الأمر الثالث: من الأمور التي تكره تحريما عند الحنفية قبل التضحية - بيع ما ولد للشاة المتعينة بالنذر أو بالشراء بالنية , وإنما كره بيعه , لأن أمه تعينت للأضحية , والولد يتبع الأم في الصفات الشرعية كالرق والحرية , فكان يجب الإبقاء عليه حتى يذبح معها . فإذا باعه وجب عليه التصدق بثمنه . وقال القدوري : يجب ذبح الولد , ولو تصدق به حيا جاز , لأن الحق لم يسر إليه ولكنه متعلق به , فكان كجلها وخطامها , فإن ذبحه تصدق بقيمته , وإن باعه تصدق بثمنه . وفي الفتاوى الخانية أنه يستحب التصدق به حيا , ويجوز ذبحه , وإذا ذبح وجب التصدق به , فإن أكل منه تصدق بقيمة ما أكل . وقال المالكية : يحرم بيع ولد الأضحية المعينة بالنذر , ويندب ذبح ولد الأضحية مطلقا , سواء أكانت معينة بالنذر أم لا إذا خرج قبل ذبحها , فإذا ذبح سلك به مسلك الأضحية , وإذا لم يذبح جاز إبقاؤه وصحت التضحية به في عام آخر . وأما الولد الذي خرج بعد الذبح , فإن خرج ميتا , وكان قد تم خلقه ونبت شعره كان كجزء من الأضحية , وإن خرج حيا حياة محققة وجب ذبحه لاستقلاله بنفسه . وقال الشافعية : إذا نذر شاة معينة أو قال : جعلت هذه الشاة أضحية , أو نذر أضحية في الذمة ثم عين شاة عما في ذمته , فولدت الشاة المذكورة وجب ذبح ولدها في الصور الثلاث , والأصح أنه لا يجب تفرقته على الفقراء بخلاف أمه , إلا إذا ماتت أمه فيجب تفرقته عليهم , وولد الأضحية في غير هذه الصور الثلاث لا يجب ذبحه , وإذا ذبح لم يجب التصدق بشيء منه , ويجوز فيه الأكل والتصدق والإهداء , وإذا تصدق بشيء منه لم يغن عن وجوب التصدق بشيء منها . وقال الحنابلة : إذا عين أضحية فولدت فولدها تابع لها , حكمه حكمها , سواء أكانت حاملا به حين التعيين , أو حدث الحمل بعده , فيجب ذبحه في أيام النحر , وقد روي عن علي رضي الله عنه أن رجلا سأله فقال : يا أمير المؤمنين إني اشتريت هذه البقرة لأضحي بها , وإنها وضعت هذا العجل ؟ فقال علي : لا تحلبها إلا فضلا عن تيسير ولدها فإذا كان يوم الأضحى فاذبحها وولدها عن سبعة .
الأمر الرابع: - من الأمور التي تكره تحريما عند الحنفية قبل التضحية - ركوب الأضحية واستعمالها والحمل عليها . فإن فعل شيئا منها أثم , ولم يجب عليه التصدق بشيء , إلا أن يكون هذا الفعل نقص قيمتها , فعليه أن يتصدق بقيمة النقص . فإن أجرها للركوب أو الحمل تصدق بقيمة النقص فضلا عن تصدقه بالكراء . وللمالكية في إجارة الأضحية قبل ذبحها قولان
أحدهما: المنع
وثانيهما ) الجواز وهو المعتمد . وقال الشافعية : يجوز لصاحب الأضحية الواجبة ركوبها وإركابها بلا أجرة , وإن تلفت أو نقصت بذلك ضمنها . لكن إن حصل ذلك في يد المستعير ضمنها المستعير , وإنما يضمنها هو أو المستعير إذا تلفت أو نقصت بعد دخول الوقت والتمكن من الذبح , أما قبله فلا ضمان , لأنها أمانة في يد المعير , ومن المعلوم أن المستعير إنما يضمن إذا لم تكن يد معيره يد أمانة . اهـ .
والله أعلم .