عنوان الفتوى : نصائح للتخلص من وساوس الكفر
هل إذا كنت غاضباً من شيء وسوس لي الشيطان أن أتلفظ لفظاً خارجاً والحمد لله فمي مغلق، ولكن من الممكن أن يكون لساني قد تحرك بحرفين، ولكني لم أتكلم ولم أفتح فمي، فهل في ذلك شيء وفي الحقيقة أني لدي وسواس فيقول لي إنك كنت تريد أن تقول كلمة كفر عياذاً بالله، وعلى ذلك فأنت كذا وزوجتك بالنسبة لك كذا، أنا أعرف أنها إن شاء الله وسوسة وعلى الرغم من أني سألت، ولكن ما زلت لا أعرف شيئاً وغير مستقر، وإني أعرف أن ذلك نتيجة قراءتي للفتاوى المرتبطة بهذا الباب والوسواس، أفيدوني في حالتي لو سمحتم، وأرجو سرعة الرد لأن حالتي النفسية سيئة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ففي الحديث المتفق عليه: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. قال ابن حجر في الفتح: قال الكرماني: قاس الخطأ والنسيان على الوسوسة (يعني الإمام البخاري) فكما أنها لا اعتبار لها عند عدم التوطن فكذا الناسي والمخطئ لا توطين لهما. انتهى.
وقال: قال الكرماني فيه أن الوجود الذهني لا أثر له وإنما الاعتبار بالوجود القولي في القوليات والعملي في العمليات. انتهى.
وعلى هذا تكون حركة لسانك بلا نطق، والوسوسة بأنك كنت تريد أن تنطق بكلمة كفر، ونحو ذلك مما لا عمل فيه للسان أو البدن ولم يتوطن قلبك عليه مما تجاوز الله عنه بنص الحديث السابق، وهو ما فهمه العلماء من الحديث.
والوساوس التي يجدها المسلم في صدره قد تكون ابتلاء من الله تعالى، فمدافعة هذه الخواطر والوساوس وكراهيتها دليل على قوة الإيمان، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: وكثيراً ما تعرض للمؤمن شعبة من شعب النفاق ثم يتوب الله عليه، وقد يرد على قلبه بعض ما يوجب النفاق ويدفعه الله عنه، والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان وبوساوس الكفر التي يضيق بها صدره، كما قال الصحابة: يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما لئن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: ذاك صريح الإيمان. وفي رواية: ما يتعاظم أن يتكلم به، قال: الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة.
أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودفعه عن القلب هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه فهذا أعظم الجهاد، والصريح الخالص كاللبن الصريح، وإنما صار صريحا لما كرهوا تلك الوساوس الشيطانية ودفعوها فخلص الإيمان صريحاً، ولا بد لعامة الخلق من هذه الوساوس، فمن الناس من يجيبها فيصير كافراً ومنافقاً، ومنهم من غمرت قلبه الشهوات والذنوب فلا يحس بها إلا إذا طلب الدين، فإما أن يصير مؤمنا، وإما أن يصير منافقاً. انتهى.
وننصح لعلاج هذه الوساوس بما يلي:
1- الاستعاذة بالله تعالى من كيد الشيطان.
2- الإكثار من ذكر الله فإنه سبب لإنشراح الصدر وطمأنينة النفس، قال الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.
3- الإكثار من تلاوة القرآن.
4- ملازمة الصلاة في المسجد جماعة.
5- مرافقة الصالحين الذين يذكرون بالخير ويدلون عليه.
6- الإعراض عن هذه الخواطر ومدافعتها وعدم التفكير فيها.
7- المواظبة على أذكار الصباح والمساء لتحصن نفسك بها.
8- إدامة التفكر في مخلوقات الله العظيمة كالسماء وما فيها، فإن هذه المخلوقات تدل دلالة واضحة على خالقها، ثم عليك بمواصلة التوبة النصوح متى صدر منك ذنب، فإن الله تعالى يقبل توبة التائبين ويفرح لها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1909.
كما نوصيك بكثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال لأبي بن كعب لما قال له أجعل لك صلاتي كلها يا رسول الله، فقال: إذا تكفى همك ويغفر ذنبك. رواه الترمذي وغيره، ولا مانع من أن تعرض نفسك على من يوثق بدينه وورعه ومن العارفين بالرقية الشرعية، مع الحذر كل الحذر من كل دجال مشعوذ، وراجع أيضاً الفتوى رقم: 16790، والفتوى رقم: 29559.
وأخيراً نسأل الله تعالى أن يفرج همك ويشرح صدرك ويمن عليك بالشفاء العاجل ويوفقك لما يحب ويرضى، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 23914.
والله أعلم.