عنوان الفتوى : رجوع الأب عن هبته لولده
ابتنيت منزلا في مدينة غير المدينة التي أسكن فيها بمنزل والدي الذي يملك منزلا ثانيا قريبا منه . وحين عزمت على الرحيل قدر الله تعالى أن أفرغ أحد المكترين شقة بسيطة فوق سطح البيت الثاني. ورغبة من أبي – كما قال لي – في استبقاء أبنائي قريبين منه ، اقترح علي أن أدمر تلك الشقة ( بناء عشوائي : دون تصميم ) وأبني عوضها سكنا لائقا بمالي الخاص ( بعت من أجل ذلك منزلي وأرضا فلاحية في ملك زوجتي) وعبر لي صراحة بأنه لا يطلب مني أي مقابل . ( لم يوثق لي الهبة ) وبعد ست سنوات فاجأني بالتراجع عن الهبة وأصبح يقول لي سأوثق لك ملكيتها في صورة هبة ولكن على أن تكون نصيبك من الميراث ‼‼ ووزع بقية شقق منزلية على إخوتي( ذكرين وانثيين) بدعوى المساواة ولكن بشكل لايحقق قسمة الله الشرعية وبالتالي لايحقق المساواة . كما تسبب في تعقيد العلاقة بيني وبين أخي ( كانت سيئة من قبل وتحولت إلى عداوة.) - فما موقف الشرع من تراجع الأب عن هبته الأولى والتي كلفتني عدة ملايين ؟ هل له الحق مطلقا في إخلاف الوعد مهما تغير شكل البناء ومهما علت تكلفته وطالت مدة استغلاله ؟ - هل من حقي أن أطالبه بالتعويض عن الخسارة وخاصة ثمن أرض زوجتي ؟ جزاكم الله خير الجزاء
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الوالد في الصورة المعروضة حسب ما فهمنا من السؤال وهب ولده هواء بيته ليبني فيه شقة مناسبة له ، فقبل الولد الهبة وقبض الموهوب وبنى الشقة، ثم إن الوالد تراجع عن هبته هذه وأراد أن يجعلها من نصيب ولده من الميراث . وعليه فتصرف الوالد باطل لا يصح . وبيان ذلك أن الوالد لا يجوز له الرجوع في هبته لولده إذا أحدث الولد فيها تغييراً أو تعميراً أو استدان من أجلها ونحو ذلك من الموانع التي ذكرها أهل العلم وبيناها في الفتوى رقم : 60889 ، والفتوى رقم : 6797 .
هذا وإذا أراد الولد التنازل عن حقه في ملكيته هذه الشقة مقابل عوض مالي يأخذه من الوالد فلا مانع .
وبخصوص توزيع الوالد شققاً على إخوة السائل فشيء حسن إذا عدل في العطية، ولا عدل هنا فيما يظهر لأن السائل بنى الشقة المذكورة بمال نفسه وإنما كان من الوالد الهواء ، فالواجب على الوالد العدل في العطية بين أولاده فإن الجور يؤدي إلى الحقد والبغضاء بين الأبناء ، هذا ويجب على الأخ السائل وصل رحمه وعدم قطيعتهم ولو أساؤوا إليه ، وراجع للمزيد الفتوى رقم : 58532 ، والفتوى رقم : 62260 .
والله أعلم .