عنوان الفتوى : ارتجاع الأم ما وهبته لولدها
كتبت لنا أمي قطعتين من الأرض بيعا أنا وأخي أشهدت على نفسها أنها حازت المال أمام العدولين، ولما وقع سوء تفاهم بيني وبين هذا الأخ حرضها علي فقدمت بي شكاية إلى المحكمة مدعية أني كتبت عنها هذه القطعة زورا، وأنها تركت عندي أمانة تقدر بثلاثة ملايين فرنك ولما ألغت المحكمة دعوتها رفضت أن تكلمني وأن تأخذ ما أشتريه لها ولو أضحية العيد فهدفها هو إرجاع القطعة الأرضية لها وأن تعطيها لأخي وهذا ما لا أسمح به، فهل أخاف من عقوقها؟ وشكراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان البيع المكتوب في الوثيقة بيعا حقيقياً فليس لأمك الحق في المطالبة بإرجاعه إلا بالإقالة.
وأما إن كان بيعاً صوريا قصدت به الأم تثبيت القطعتين لابنيها، فإن كان لها غيرهما من الأبناء فإن الهبة لا تصح -على القول الراجح من أقوال أهل العلم في المسألة- إلا إذا أعطت لغيرهما مقابل تلك الهبة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 28381.
وعلى هذا.. فإذا كانت الهبة صحيحة بحيث لا يكون فيها تفضيل بعض الأبناء على بعض فلا يحق لأمك الرجوع فيها إلا على سبيل الاعتصار: وهو ارتجاع الوالدين ما وهباه لأولادهما بقصد المحبة.
ولا يصح الاعتصار من الأبوين إذا تغير حال الولد بتزويج أو خطبة أو تحمل دين أو حتياج... قال ابن عاصم المالكي في التحفة:
ولا اعتصارَ بعد موت أو مرض * له أو النكاحِ أو دين عرض
وفقرُ موهوب له ما كانا * لمنع الاعتصار قد أبانا
ومحل جواز الاعتصار هو ما إذا كان لغرض شرعي أو عادي، أما إذا كان بقصد انتزاعه من أحد الأبناء وإعطائه لآخر فهذا لا يجوز لما فيه من تأثير بعض الأبناء على بعض، وقد سبق بيان حكمه، ولما فيه أيضاً من إثارة الشحناء والبغضاء بينهم، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 48686.
والواجب عليك هو بر أمك والإحسان إليها، ومحاولة إرضائها بكل وسيلة ممكنة ليس عليك فيها ضرر أو ظلم أو إجحاف، فقد روى النسائي وغيره: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك؟ فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها.
والله أعلم.