عنوان الفتوى : إحياء نفسك وأهلك أوجب عليك من حق سائر الناس.
قد استلمت من أحد الأشخاص الذين ينفقون في سبيل الله مالاً يقارب ( 50000) خمسين ألف ريال وتم تخصيص مبلغ (15000) خمسة عشر ألف ريال لي غير الخمسين ألفا فقمت بتوزيع المبلغ كاملاً بالإضافة إلى الخمسة عشر ألف ريال دون أخذ شيء من هذه المبالغ خشية أن لا أنال الأجر من الله وخوفا أن يحسب الأجر من العبد مقابل هذا المبلغ وحالتي المادية ضئيلة وأهل البيت غضبوا علي ولكن لم أبال بغضبهم، فهل هنا قد عملت الخير لي وللمحسن بالله أم ظلمت أهل بيتي بالمبلغ المخصص لي وجزاكم الله الخير منا ومن المسلمين جميعاً
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أنك مأجور على ما قمت به من إنفاق المال الذي تسلمته. فقد قال الله تعالى: وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا{المزمل:20}، وقال تعالى: وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ {البقرة:272}، وقال صلى الله عليه وسلم مخاطبا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فم امرأتك. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
ومع هذا، فإنك لو أمسكت مما خصص لك قدرا تسد به حاجتك وحاجة أهلك، كان ذلك خيرا لك.
فقد أخرج البخاري وغيره من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول. قال العيني في عمدة القاري: والمعنى أن شرط التصدق أن لا يكون محتاجا ولا أهله [محتاجين] ولا يكون عليه دين، فإذا كان عليه دين فالواجب أن يقضي دينه. وقضاء الدين أحق من الصدقة والعتق والهبة، لأن الابتداء بالفرائض قبل النوافل. وليس لأحد إتلاف نفسه وإتلاف أهله وإحياء غيره، وإنما عليه إحياء غيره بعد إحياء نفسه وأهله، إذ هما أوجب عليه من حق سائر الناس. أهـ
والله أعلم.