تعريف الصيام وحكمه والحكمة من مشروعيته
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
تعريف الصيام وحكمه والحكمة من مشروعيته أحكام الصيام (1)
الحمد لله الذي فرض على عباده الصيام، وجعل لهم فيه زادًا من التقوى كلَّ عام، وأثاب الصائمين على صيامهم فأدخَلهم دار السلام.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
وبعد:
فهذا مختصر جامع لأحكام الصيام وما يتعلق بشهر رمضان، قصدتُ فيه التيسير على طلبة العلم، وانتفاع عامة الناس به، واللهَ - سبحانه وتعالى - أسالُ أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وما كان فيه من صواب فمن الله عز وجل، وما كان فيه من خطأٍ فمنِّي ومن الشيطان.
تعريف الصيام:
لغة: الإمساك، قال أبو عبيدة رحمه الله: كل ممسك عن الطعام أو كلام أو مَسِير، فهو صائم.
وقال النابغة:
خيلٌ صيامٌ، وخيلٌ غيرُ صائمَة
تحتَ العجاج، وأُخرى تعلُكُ اللُّجُما
يريد بصائمة: مُمسِكة عن الحركة والجوَلان.
وشرعًا: قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: إمساكٌ مخصوص، في زمن مخصوص، من شيء مخصوص، بشرائطَ مخصوصةٍ.
• أما الشخص المخصوص: فهو المسلم العاقل غير المرأة الحائض والنفساء.
• أما الزمن المخصوص: فهو من طلوع الفجر الثاني إلى دخول وقت صلاة المغرب.
• أما الأشياء المخصوصة: فهي مبطلاتُ الصوم، فيجب الإمساك عنها، وهي المُفطّرات، وهناك مكروهات فيُمسِك عنها.
حكم صيام شهر رمضان:
وصوم رمضانَ فرض واجب، وهو ركن من أركان الإسلام، وقد فرَض الله سبحانه الصوم في السَّنة الثانية للهجرة في شهر شعبان، كما قال ابن حجر الهيثمي في شرح الأربعين، فصام رسول الله تسعة رمضانات.
أدلة وجوب الصيام:
من الكتاب قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].
وقال تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].
ومن السنَّة قوله صلى الله عليه وسلم: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا))؛ رواه البخاري.
الإجماع: أجمعت الأمةُ على وجوب صيام رمضان على المسلمين، وأن مَن أنكر وجوبَه كفَر.
حكم تارك الصيام:
قال شيخ الإسلام رحمه الله: إذا أفطر في رمضان مستحلاًّ لذلك، وهو عالِم بتحريمه، استحلالاً له، وجَب قتله، وإن كان فاسقًا عُوقِب عن فطره في رمضان.
الحكمة من مشروعية الصيام:
للصيام حِكَم كثيرة، نذكُرُ منها:
1- أن فيه تضييقًا لمجاري الشيطان في بدن الإنسان، فيَقيه غالبًا من الأخلاق الرديئة.
2- فيه تزهيد في الدنيا وشهواتها.
3- فيه باعث للعطف على المساكين والإحساس بهم.
4- فيه تعويد النفس على طاعةِ الله جل وعلا بترك المحبوبِ تقرُّبًا لله.
قال بعض الأدباء: الصوم حرمانٌ مشروع، وتأديب بالجوع، وخشوعٌ لله وخضوع.
5- الصوم يربِّي في الإنسان قوةَ الإرادة، وصِدق العزيمة، والتغلُّب على تحكُّم العادات في نفسه، وتحمُّل الآلام والمصاعب بصبر وجَلَد.
6- الصوم قد يكون سببًا في تقوية البدن، واكتساب الصحة، والشفاء من بعض الأمراض؛ حيث إن السمنة وما ينتج عنها من أمراض كالسُّكَّر وضغط الدم وأمراض القلب والشرايين، وما ينتج عنها من كسل وآلام - إنما هي واحدة من آثار الأكل الكثير؛ فالصوم يحمي الجسم من السُّمنة وآثارها، ويمنَحُه الصحةَ الجيدة، كما يعوِّد الصائمَ على الاعتدال في الأكل؛ ليصبح ذلك عادة له أثناء الصيام وبعده.
7- الصوم يغرس الإخلاص والتَّقوى في القلوب؛ كما قال تعالى: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].
8- الصوم دواء للشهوة، فبسبب ترك الطعام والشراب يُضعف الصوم القدرات الجنسية للصائم، ويضعف نشاط الجسم، والقوة الدافعة للشهوة.
وإلى لقاء آخر إن شاء الله!