عنوان الفتوى : حكم أخذ العوض على المباريات
أخوكم في الله من الجزائر, أنا شاب أبلغ 21 سنة, و أنا والحمد لله قد من الله علي و هداني بعد أن كنت في ضلال مبين وقد التزمت منذ حوالي سنتين ونصف, أنا لاعب في أحد الأندية المشهورة لكرة اليد في الجزائر وأنتم تعلمون كيف صارت هذه الألعاب يكتسب منها الناس. و أنا والله منذ التزامي وسماعي لقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }, ومنذ أن سمعت قوله صلى الله عليه وسلم: [ يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة, والذي نفس محمد بيده, إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه عمل أربعين يوما, و أيما عبد نبت لحمه من سحت فالنار أولى به ] فما سكن لي بال و لا توقفت عن التفكير ولا هدأ ضميري و لا استراح قلبي هل الكسب من الكرة حلال طيب أم كسب خبيث حرام، وقد أرسلت إلى بعض العلماء فيجيبونني بالحديث الذي في معناه أنه لا عوض في المسابقات إلا الرياضات التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم مثل ركوب الخيل و السباحة و الرمي ولم يشرحوا لي الحديث ولم أفهم الفتاوى .و أخبركم عن كيفية مشاركات الأندية حتى تتمكنوا من معرفة كل شيء لتسهل عليكم الإجابة والإفتاء, أقول إن الفرق المشاركة في البطولة يجب عليها دفع مبلغ الاشتراك ولكن أجور اللاعبين التي يتقاضونها ليست من تلك الاشتراكات , مثلا عند الفوز بالمباريات النادي هو المكلف بدفع أجرة الفوز وكذلك الأجور الشهرية و إنما هناك ميزانية خاصة تصرف إلى النادي من الدولة مثل الولاية و البلدية أو ممول خاص بالفريق. فهل هذا الكسب طيب و حلال أم خبيث حرام وهل هذا قمار? و أنا توقفت عن ممارسة الكرة واللعب لما وجدته من منهيات شرعية مثل كشف العورات و الكلام السيئ في الملاعب و أصبح الحب والبغض في غير الله...,وسمعت قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ) و أنا مازلت أملك أموالا اكتسبتها من الكرة فإن كان هذا الكسب حراما , فما أفعل بها هل يجوز التصدق منها و الأكل منها أم علي التخلص منها بإعطائها للفقراء أو لمدرسة من المدارس ولا تكون صدقة علي وهل كل ما تصدقت به سابقا منها غير مقبول? وكذلك سمعت حديثا في معناه أنه من كان ملبسه من حرام لم تقبل صلاته مادام عليه, كيف و أنا جميع ملابسي اشتريتها من نقود الكرة , فماذا أفعل هل أتخلص من كل ما عندي من الألبسة , وصلاتي التي صليتها بتلك الألبسة هل هي باطلة و هل أعيدها ? وأخيرا أتمنى أن توضحوا وتشرحوا لي جيدا في فتواكم. وأخبركم أن الكثير من الشباب مثلي تقلقهم هذه المسألة و أنا لي أصدقاء مثلي ضميرهم غير مرتاح فأفتونا جزاكم الله كل خير وبارك فيكم وجعله في ميزان حسناتكم يوم القيامة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجزاك الله خيرا لحرصك على تحري الحلال فنسأل الله أن يرزقنا وإياك رزقا حلالا طيبا مباركا.
أما عن سؤالك فقد اشتمل على عدة أمور":
الأمر الأول: حكم لعب كرة اليد: وذلك جائز من حيث الأصل، لكن لا بد من اجتناب المحاذير الشرعية التي قد تصاحب تلك الرياضات، ومن ذلك كشف العورات وتضييع الصلاة وإهمال الواجبات والتلفظ بالألفاظ الممنوعة والتعصب البغيض.
والأمر الثاني: حكم أخذ العوض على ذلك، ولذلك حالتان: الأولى: أن يكون العوض من قبل المتبارين أنفسهم أو من قبل أنديتهم بحيث إن من فاز يكسب العوض ومن خسر لا يأخذ شيئا، فهذا هو القمار المحرم.
والثانية: أن يكون العوض عبارة عن هبة من الدولة أو النادي فلا حرج عليهم في قبول ذلك .
والأمر الثالث: معنى حديث: لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر رواه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي.
والمراد به أن العوض في المسابقات لا يحل إلا في سباق الجمال أو الخيل أو الرمي، وهل يلحق بها غيرها مما في معناه؟ في ذلك تفاصيل تجدها في الفتوى رقم: 11604.
الأمر الرابع: حكم ما اكتسبته من أموال سابقة من كرة اليد وذلك راجع إلى ما سبق في حكم أخذ العوض على ذلك:
ففي حالة ما إذا كان المال المكتسب عبارة عن هبة من الدولة أو النادي فلا حرج عليك في تملكها.
وفي حالة ما إذا كان من القمار فيجب عليك رد المال إلى أصحابه، فإذا لم تستطع أن تعلم من هم بعد البحث والسؤال فتصدق به في وجوه الخير ومصالح المسلمين، ولا يلزمك حينئذ بيع ما اشتريته بذلك المال لأن الحق تعلق بذمتك لا بالنقود المأخوذة، فالنقود لا تتعين في مذهب الجمهور .
والأمر الخامس: ما سمعته من بطلان صلاة من ملبسه حرام، وذلك غير صحيح، بل صلاته صحيحة ولا يلزمه إعادتها ولا قضاؤها لكنه يأثم بلبس الحرام.
أما عن الحديث المذكور فقد روى البزار عن علي رضي الله عنه مرفوعا: من أصاب مالا من حرام فأنفقه لم يؤجر عليه، وإن ادخره كان زاده إلى النار، ومن أصاب مالا من حرام فلبس جلبابا -يعني قميصا- لم تقبل صلاته حتى ينحي ذلك الجلباب عنه، إن الله تبارك وتعالى أكرم وأجل من أن يتقبل عمل رجل أو صلاته وعليه جلباب من حرام. قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه البزار وفيه أبو الجنوب وهو ضعيف.
وعلى فرض صحته فالمنفي هو القبول لا الصحة، كما في صلاة شارب الخمر.
والله أعلم.