عنوان الفتوى : المشاركة في مسابقات القرآن الكريم وأخذ الجوائز عليها... رؤية شرعية

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل يجوز الاشتراك بمسابقات القرآن الكريم وأخذ الجوائز على ذلك؟؟؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فقد اتفق الفقهاء على جواز بذل العوض وأخذه في سباق الخيل والإبل والسهام، إذا كان ‏العوض من أحد المتسابقين أو من أجنبي عنهما، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا ‏سبق إلا في نصل أو خف أو حافر" رواه الترمذي والنسائي وأبو داود.‏
واختلفوا فيما عدا هذه الثلاثة، مثل السباق على الأقدام، والمسابقة بالفيلة والبغال ‏والحمير، والسباحة والمصارعة والمغالبة برفع الأثقال.‏
كما اختلفوا في بذل العوض في المسابقات الدينية، كالمسابقة على حفظ القرآن الكريم، ‏وحفظ مجموعة من الأحاديث النبوية، أو كتابة بحث علمي، فذهب جماعة من أهل العلم ‏إلى الجواز، وهو الراجح إن شاء الله.‏
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه: " الفروسية" ( المسألة الحادية عشرة: المسابقة على ‏حفظ القرآن والحديث والفقه وغيره من العلوم النافعة، والإصابة في المسائل، هل تجوز ‏بعوض؟ منعه أصحاب مالك وأحمد والشافعي، وجوزه أصحاب أبي حنيفة وشيخنا، ‏وحكاه ابن عبد البر عن الشافعي، وهو أولى من الشباك والصراع والسباحة، فمن جوز ‏المسابقة عليها بعوض فالمسابقة على العلم أولى بالجواز، وهي صورة مراهنة الصِديق لكفار ‏قريش على صحة ما أخبرهم به وثبوته، وقد تقدم أنه لم يقم دليل شرعي على نسخه، وأن ‏الصديق أخذ رهنهم بعد تحريم القمار، وأن الدين قيامه بالحجة والجهاد فإذا جازت المراهنة ‏على آلات الجهاد، فهي في العلم أولى بالجواز، وهذا القول هو الراجح) انتهى. وقال في ‏موضع آخر من كتابه ( وإذا كان الشارع قد أباح الرهان في الرمي والمسابقة بالخيل ‏والإبل، لما في ذلك من التحريض على تعلم الفروسية وإعداد القوة للجهاد فجواز ذلك في ‏المسابقة والمبادرة إلى العلم والحجة التي بها تفتح القلوب ويعز الإسلام وتظهر أعلامه أولى ‏وأحرى.‏
وإلى هذا ذهب أصحاب أبي حنيفة وشيخ الإسلام ابن تيمية).‏
وفي تبيين الحقائق من كتب الحنفية (وعلى هذا: الفقهاء إذا تنازعوا في المسائل وشرط ‏للمصيب منهم جعل جاز ذلك إذا لم يكن من الجانبين على ما ذكرنا في الخيل، لأن المعنى ‏يجمع الكل، إذ التعليم في البابين يرجع إلى تقوية الدين وإعلاء كلمة الله.)‏
وفي الإنصاف من كتب الحنابلة : ( والصراع، والسبق بالأقدام ونحوهما طاعة إذا قصد ‏بهما نصر الإسلام، وأخذ العوض عليه أخذ بالحق. فالمغالبة الجائزة تحل بالعوض إذا كانت ‏مما يعين على الدين، كما في مراهنة أبي بكر الصديق رضي الله عنه. واختار هذا كله ‏الشيخ تقي الدين -رحمه الله- وذكر أنه أحد الوجهين عندنا، معتمداً على ما ذكره ابن ‏البنا، قال ( ابن مفلح) في الفروع (فظاهره جواز المراهنة بعوض في باب العلم، لقيام الدين ‏بالجهاد والعلم.‏
وهذا ظاهر اختيار صاحب الفروع وهو حسن) انتهى الإنصاف للمرداوي.‏
والحاصل أنه يدل على الجواز أمران: ‏
رهان أبي بكر رضي الله عنه، وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم، وقياس السباق في ‏المسائل العلمية على ما نص عليه في السباق في الخيل والإبل والسهام.‏
والجامع في ذلك: تقوية الدين وإعلاء كلمة الله.‏
ولا شك أن رصد بعض الجهات جوائز لمسابقات القرآن الكريم مما يحفز الهمم ويشجع ‏المسلمين على حفظ كتاب الله تعالى، وفي ذلك حفظ للدين.‏
والله أعلم.‏