عنوان الفتوى : التوقيع على الكمبيالات قبل عملية الشراء
بسم الله الرحمن الرحيم سؤالي هو عن شبهات البنوك الإسلامية وخاصة البنك الإسلامي في الأردن وتتلخص فيما يلي: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال "لا تبع ما ليس عندك" هم يقولون أننا نتملك البيت قبل بيعه لك, نقول لهم إنكم تقومون بإلزامنا بالشراء قبل تملككم للبيت فيقوم البنك بتوقيع الشخص على الكمبيالات قبل تملك البيت, وهذا يفسد البيع؟ يقولون إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر ولا ضرار فلا يعقل أن نشتري بيتا ثم يتراجع الآمر بالشراء عن ذلك البيت، قلنا لهم سبحان الله تطبقون الحديث الثاني للرسول صلى الله عليه وسلم وتخالفون الحديث الأول, قالوا كثير من أهل العلم الثقات أجازوا هذه المعاملات بعد جهود مضنية ودراسات كبيرة وهؤلاء يشهد لهم بالورع والتقوى فهم أعلم منا نحن العوام, قلنا لهم وكثير من أهل العلم الثقات لم يجيزوا هذه المعاملات وهؤلاء يشهد لهم بالورع والتقوى ولم يصدروا فتواهم بغير علم, قالوا إذاً في الأمر فسحة وهذا الخلاف يجيز التعامل على الإطلاق لأنه تقليد للمجيزين, فهل يجوز للشخص أن يقوم بشراء بيت عن طريق البنك الإسلامي ويقلد المجيزين رغم أنه في العادة يقلد غير المجيزين للتعامل، ثم إنهم يتهمونا! بأن هؤلاء العلماء يحرمون الكثير من المعاملات العصرية ولا يضعون بدائل عنها رغم أهميتها وهذا يضعفنا من الناحية الاقتصادية فمثلاً لا يمكن لأحد له شركات عديدة أن يستغني في معاملاته عن البنوك الإسلامية فما الحل ثم إنه من الأفضل التيسير للعوام بدلا من ذهاب هؤلاء للتعامل مع البنوك الربوية وذلك بزعمهم كلهم سواء! والله المستعان؟ بارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور:
الأول: حكم بيع المرابحة، قال ابن قدامة في المغني: هو البيع برأس المال وربح معلوم، ويشترط علمهما برأس المال، فيقول: رأس مالي فيه، أو هو علي بمائة، بعتك بها وربح عشرة، فهذا جائز لا خلاف في صحته، ولا نعلم فيه عند أحد كراهة. انتهى.
وجواز بيع المرابحة ثبت بالنص العام والقاعدة الكلية، أما النص: فقوله تعالى: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ {البقرة:275}، وأما القاعدة فهي: الأصل في المعاملات الإباحة.
وقد أصدر المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي سنة 1403هـ/1983م قراراً بعد بحث موضوع بيع المرابحة للآمر بالشراء، وهذا نصه: يقرر المؤتمر أن المواعدة على بيع المرابحة للآمر بالشراء بعد تملك السلعة المشتراة للآمر وحيازتها، ثم بيعها لمن أمر بشرائها بالربح المذكور في الوعد السابق، هو أمر جائز شرعاً، طالما كانت تقع على المصرف الإسلامي مسؤولية الهلاك قبل التسليم، وتبعة الرد فيما يستوجب الرد بعيب خفي. انتهى من كتاب الاقتصاد الإسلامي للدكتور علي السالوس، وقد سبق بيان شروط المرابحة وضوابطها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1608، 6014، 5706.
والثاني: مسألة الوعد والتوقيع على الكمبيالات قبل عملية الشراء:
وذلك جائز ما لم يكن ذلك هو العقد، ولكن هذا الوعد لا يلزم الآمر بالشراء أن يشتري على مذهب الجمهور، وذهب المالكية إلى أنه ملزم لأن الموعود دخل بسبب الوعد في التزام، وإذا أخذ البنك المذكور بقول المالكية في ذلك وهو لزوم الوعد ليضمن حقه فلا شيء في ذلك.
أما إذا كان التوقيع على الكمبيالات هو نفس عقد الشراء فهو عقد باطل لأن البنك قد باع ما لا يملك ولا يجوز الإقدام على ذلك حينئذ.
الأمر الثالث: تقليد من يجيز شيئاً من أهل العلم ممن يوثق بعلمه ودينه وهذا جائز بل إن العامي واجبه هو سؤال من يثق في دينه وعلمه والأخذ بفتواه ومخالفة غيره له من أهل العلم لا تحرم عليه تقليده، ولكن لا يجوز له أن يتتبع الرخص.
والأمر الرابع: مسألة البديل الإسلامي للمعاملات المعاصرة:
حيث إنه من المهم إيجاد البديل الإسلامي لذلك لكن هذا لا يعني أن كل ما هو موجود في المعاملات المعاصرة له بديل إسلامي من نوعه فقد لا يوجد البديل فما على المسلم إلا السمع والطاعة والانقياد والتسليم.
والله أعلم.