عنوان الفتوى : مطالبة أهل القتيل بالدية بعد التنازل
وقع من والدي قتل خطأ لأحد أصدقائه, وقد عرض والدي على أولاده دفع الدية, وأصروا على محاكمته أمام القضاء, وحكم على والدي وقتها بأربع سنين سجنا، وبعد أن أمضى والدي السنوات الأربع مسجونا خرج من السجن وبدأ ورثة المقتول يطالبونه بالدية، هل يحق لهم أخذ الدية بعد هذا الحكم, وهل إذا تنازل ورثة المقتول عن الدية هل يحق لهم المطالبة بها بعد أن أسقطوها عن القاتل مختارين، حتى ولو لم يقدم إلى القضاء، هل يجب على والدي دفع الدية وهل يأثم إذا لم يدفعها لهم، هل على والدي صيام شهرين متتابعين أم لا، وإذا كان لا يستطيع الصوم فهل يوجد ما هو بديل عن الصوم، أفتونا مأجورين؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن القتل الخطأ يوجب أمرين: أحدهما: الدية المخففة على العاقلة.
وثانيهما: الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب المخلة بالعمل والكسب، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، ودليل ذلك قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92}، فهذا هو الواجب في حق القاتل خطأ، ولا يتغير هذا الحكم بما تعرض له أبوكم من المحاكمة والسجن.
وإذا عجز عن أداء الكفارة على الوجه الذي بينته الآية الكريمة فإن جمهور أهل العلم على أنه لا يجب عليه غير ذلك، وقال البعض بوجوب الإطعام، وراجع في هذا فتوانا رقم: 5914.
وإذا تنازل أصحاب الحق عن الدية بعد موت مورثهم فإنهم لا يمكنون من المطالبة بها بعد ذلك، لأنهم أسقطوا حقهم في الدية فلا يعود كما هو مقتضى القاعدة المشهورة (الساقط لا يعود) وسواء في ذلك أرفعوا الأمر إلى القضاء أم لا، إلا أن يكون من بينهم من لا تمضي تصرفاته للصغر أو السفه ونحوه، فإن نصيب أولئك من الدية لا يسقط عن عاقلة القاتل، وراجع في هذا فتوانا رقم: 51560.
والله أعلم.