عنوان الفتوى : هجر جميل خير من مخالطة مؤذية.
ما حكم من قاطع صاحبه عن الكلام والسلام بسب أنهما إذا كانا متصالحان يعملان المنكر والسوء لا محالة وإذا تفرقا يعملان الخير ويبتعدان عن المعاصي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل أنه يحرم هجران المسلم فوق ثلاث إلا لوجه شرعي، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم" لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام". رواه البخاري. ولكن أهل العلم رخصوا في الهجر إذا اقتضى مصلحة أو دفع مفسدة. قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصا على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه. فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. ومما يشرع من الهجر فوق ثلاث هجران أصحاب المعاصي المجاهرين بها، كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم المتخلفين عن غزوة تبوك من غير عذر.
وبناء على هذا فإنه يجوز الهجر والقطيعة بين ذينك اللذين ذكرت أنهما يكونان في معصية كلما اصطحبا، ويستقيمان كلما تقاطعا. بل إن القطيعة بينهما تصير هي الواجب على كل منهما لأن تجنب المعاصي واجب، وما لايتم الواجب إلا به فهو واجب.
والله أعلم.