عنوان الفتوى : العقود القائمة على الإكراه غير معتبرة
كان والدي وجدتي رحمها الله وعمي يملكون عقارا ً قديما ً في بيروت في زمن الحرب ولضرورات عائلية اضطروا لهدم البناء وإعادة تشييد آخر حديث مكانه فيه طبقات وشقق متعددة ، وكان في البناء ستة مستأجرون العديد منهم من أتباع بل وأفراد الميليشيات المسلحة ولما كان الزمن زمن حرب كما أسلفت اتفق المستأجرون جميعاً على رفض إخلاء المأجورات إلا بعد عقد اتفاق لدى دائرة كاتب العدل على تمليك كل واحد منهم في العقار المزمع إنشاؤه ، منزلاً أو محلاً بدل الذي كان يستأجره. وبعد أن أسفرت المفاوضات عن فشل في تغيير رأي المستأجرين ، اضطر الوكيل عن المالكين أن يوقع العقود المطلوبة بموافقتهم لكن طبعاً بإرادة غير سليمة ولكن تحت نوع من الإكراه حتى لا يتعرقل المشروع الذي كانت قد بدأت إجراءاته ومصاريفه بالفعل . كان ذلك منذ عام 1981 ميلادية أي منذ حوالي 24 عاما ً . تم الهدم وتشييد البناء الجديد واستلم كل غاصب من المستأجرين قسمه , وقام الوكيل بوكالته بتسجيل كل قسم على اسم شاغله من المستأجرين القدم . إلا أن أحد غاصبي المحلات توفى وترك 10 ورثة لم يتفقوا فيما بينهم ، فأرسل لهم والدي رحمه الله محذراً أنه غير مستعد لنقل الملكية لهم بالأصالة عن نفسه (وشقيقه ووالدته طبعاً )، وأن صلاحية وكالة الوكيل شارفت على الانتهاء . إلا أنهم لم يتفقوا فيما بينهم وانتهت وكالة الوكيل ، والآن جاء الورثة ليطلبوا منا أن نسجل لهم القسم ، لكن القانون وكأنه جاء هذه المرة لينصفنا ويعيد لنا حقنا ، فإن حقهم بمطالبتنا بالتسجيل ( حسب القانون ) قد سقط بالتقادم ، والاتفاقية لدى كاتب العدل كذلك سقطت بالتقادم . فالوضع الآن هو أننا لو تمسكنا بعدم التسجيل عاد المحل لنا وليس لهم شيء بسبب التقادم وإهمالهم . فما رأي الشرع لوسمحتم ؟ هل نستعيد حقنا بالتمسك بالتقادم ؟؟؟ وجزاكم الله خيراً .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي فهمناه من سؤالك هو أن والدك قد وافق على تسجيل الشقق باسم هؤلاء خوفا من أن يضروه لأنهم كانوا من المليشيات المسلحة. فإذا كان الأمر كذلك فإن هذا التسجيل غير معتبر، وما زال الملك لأبيك لأن العقود القائمة على الإكراه غير معتبرة، فالرضا شرط في صحة العقود والتبرعات، قال تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188}. وقال صلى الله عليه وسلم: إنما البيع عن تراض. أخرجه ابن ماجه في السنن، وابن حبان في الصحيح. ومن حق والدك أن يرفض تسجيل الشقة باسم ورثة من ذكر من المليشيات، بل من حقه أن يأخذ الشقق من كل من ملكهم بغير رضا منه. ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 4429
والله أعلم.