عنوان الفتوى : هل يصدق إذا طلق ثم ادعى أنه لا يقصد الطلاق
كيف يا شيخ نجمع بين فتوى الإمام مالك في الطلاق في أنه يؤخذ الناس بأقوالهم ولا تنفعهم فيه نياتهم و بين ما جاء في المغني في من تكلم بالطلاق ويعلم من نفسه أنه لا يريده فلا تلزمه. و كيف نحكم بالقرينة التي تدل على أن المتلفظ لا يريد معنى الكلمة. وبما تنصح من يطلب العلم الشرعي ويريد أن يتخصص في الفقه. وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن السائل الكريم لم يميز لنا المغني الذي يسأل عن الجمع بين كلامه وبين كلام الإمام مالك، فالمغني اسم لكثير من الكتب، وعلى حل حال، فقول ابن قدامة في المغني إن من قال لزوجته أنت طالق، ثم قال أردت من وثاقي أو قال أردت أن أقول طلبتك فسبق لساني فقلت طلقتك ونحو ذلك دين فمتى علم من نفسه ذلك لم يقع عليه الطلاق فيما بينه وبين ربه.
فإذا كان السائل يقصد هذا الكلام فنقول له أولا: ابن قدامة ليس مالكيا حتى يطلب الجمع بين كلامه وكلام الإمام مالك، بل هو حنبلي، وبالتالي، فلا عجب ولا غرابة إذا أتى بكلام يخالف كلام مالك وخصوصا في الأمور التي يسوغ الاجتهاد فيها.
على أننا نقول: الظاهر أنه لا تعارض بين كلام صاحب المغني هذا وبين كلام الإمام مالك المذكور.
ووجه ذلك أن كلام الإمام مالك مقيد بعدم وجود قرينة تدل على صدق الدعوى، فإن وجدت قرينة تشهد لما ادعى من أتى بلفظ الطلاق عمل بمقتضاها وصدق في دعواه وترك لدينه. قال الإمام مالك يؤخذ الناس في الطلاق بلفظهم ولا تنفعهم نياتهم إلا أن يكون جوابا لكلام قبله، وذلك مثل أن تكون المرأة موثقة فيقول لها زوجها أنت طالق ثم يقول أردت من وثاق، فهذا ينفعه كونه لم ينو الطلاق ولم يرده، وهذا ظاهر، والقرائن التي تدل على أن المتلفظ لا يريد معنى الطلاق شرعا باللفظ الذي نطق به كثيرة، ومنها على سبيل المثال ما ذكر في كلام المغني والقرينة التي تفيد هي القرينة الصارفة عن معنى اللفظ الشرعي لكون المرأة مثلا في وثاق ونحو ذلك مما هو مذكور في كتب الفقه، وبالعكس ما لو كانت هناك قرينة تدل على إرادته الطلاق وعدم صدقه في دعوى غير الطلاق ككونه في حالة مشاجرة أو غضب مع زوجته أو سألته الطلاق ونحو ذلك.
وقد سبق لنا فتوى رقم: 2410 تفيد طالب العلم، فنحيل السائل عليها.
والله أعلم.