عنوان الفتوى : الآثار الضارة المترتبة على غياب دور الأب والأم في التربية

مدة قراءة السؤال : 5 دقائق

سيدي المحترم إني لأحتار كيف لي أن أبدأ رسالتي هذه ..ولكني مضطرة فمشكلتي لم يجد حتى الكبار لها حلا ..أنا فتاة في العشرين من العمر لي ابنة خالة في نفس عمري وهي صاحبة المشكلة الأساسية وهنا سأتحدث بلسانها سيدتي " ابنة خالتي هي من تتحدث "لي أخت تكبرني بخمس سنوات ومنذ عرفت نفسي وهي تتسبب لي بالمشاكل منذ أن بلغت سن المراهقة وهي تحدث لنا كعائلة من العار والفضائح ما قد كفاني ..تقول أنها لم تعط أحدا أكثر من ساعات متعة ولم تتخل عن عذريتها أبدا "اعذرني إن كانت كلماتي تفتقد الأدب المطلوب خاصة أن هذه هي أول مرة أكتب لك "حين كانت في الثالثة عشر من عمرها كنت أنا طفلة وكنت أراها وهي تستقبل أصدقاءها في المنزل، أمي امرأة قد فعلت بها الأيام الكثير وهي لا تعلم الكثير من القصص لأنني حين كنت صغيرة كنت أخاف منها والآن أصبحت أخاف أن أفقد أمي أو أبي من جراء ما تفعل في المرة الأخيرة فعلت فعلتها مع الشخص الذي كان على وشك خطبتي وتخليصي من جحيم جعلته هي سمة لحياتي وبالطبع تخلى عن الفكرة بمجرد أن عرف أن أختي على ذلك النمط ..وأخذت الكثير من الوقت قبل أن أتمكن من نسيان ما حدث وقد تناسيته مؤخرا خاصة أنني وجدتها قد أصلحت نفسها كثيرا فقد تحجبت أتعلم معنى أنها تحجبت حتى من زوج خالتي الذي رباها ورباني وعاد الجميع ليحترمها من جديد وتغيرت صورتها أخيرا وما عدنا نفكر بها تلك الأفكار السوداء التي كانت تراودنا كلما جاء ذكرها ..ومنذ فترة سافرت أمنا إلى مسقط رأسها بلدها فنحن مغتربين في المملكة العربية السعودية في مدينة صغيرة تنتشر فيها الأخبار والأقاويل بسرعة البرق وكان أبي بالمستشفى يصارع جلطة ألمت بقلبه أي أنه اقترب كثيرا من الموت وكنا نحن في بيت خالتي الذي لايبعد عنا الكثير وخرج أبي من المستشفى وقد عافاه الله وعدنا إلى بيتنا منذ يومين تقريبا ويومها نمنا أنا وإخوتي الصغار نوما غريبا ليس في موعد نومنا ليس ناتجا عن تعب أو إرهاق ولو لم يكن بعض الظن إثم لجزمت أنها قد وضعت لنا المنوم في الأكل أو في العصير واستيقظت بعد فترة أظنها فترة انتهاء مفعول الدواء لأجد سريرها مرتبا كما كان قبل أن أنام وبحثت عنها في البيت ووجدتها في أقصاه وقد أغلقت الباب بالمفتاح أثار الوضع شكي وريبتي وبعد " " سيناريو " طويل أظنك تفهمه فتحت لي الباب وهي في غاية الارتباك ووجدتها قد خبأته .. رجل غريب في بيتنا وهي في وضع مخزي تلبس ما لا يجوز لها لبسه سوى لزوجها ..أتتخيل ياسيدي موقفي وأنا أرى أختي التي تكبرني وهي في هذا الوضع وأختي الثانية التي تصغرني وتصغرها تخرج ذلك الرجل وفي عيناها آلاف الأسئلة كيف ستمسح الصورة من عينيها أو من عيني لا أدري ..ولم أجد سوى خالتي لأستنجد بها وجاءت خالتي ومعها زوجها وبما أن أبي كان في عمله فقد كان ذلك في صالحه وصالحها وصالحنا فإن أخبرناه ثق أنه سيموت دون أدنى شك لن يحتمل أن يعرف ذلك عن ابنته ..سيدي قد خرجت عن الملة أمام أعيننا جميعا قالت " لا أؤمن بالرب أو بمحمد "قالتها سيدي ثم تأتي وتقول لنا لم أكن بوعيي .. تكفر وهي ليست بوعيها .. تخطئ وهي ليست بوعيها .. تكره الجميع وهي ليست بوعيها ..أيعقل ذلك .. لا أظن ..سيدي ..لا أعرف كيف أتصرف ماعدت أرى شيئا في الحياة سوى ما أرتني إياه أختي ..اؤمن بالله وأعلم أنه القدر ولكنني قد كنت رمزا للعفة وها هي تغير حتى صورتي في أمام المجتمع ..سيدي ..أريد حلا سريعا .. سيدي .. كان ذلك بوح ابنة خالتي بعثته إليك علنا نجد الحل فيما ترد به علينا سيدي ..قد فوضنا أمرنا لله ..واتكلنا عليه ..ولكننا أردنا أن نأخذ بمشورتك .. في انتظار ردك ..دمت بخير وسعادة تقبل تحياتي ..

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن قول الفتاة: لا أومن بالرب أو بمحمد صلى الله عليه وسلم، هو عين الردة والكفر الصريح المخرج من الملة.

وأما قولها: إنها لم تكن بوعيها لما تلفظت بهذه الكلمات، فإننا لا نعلم صدقه من كذبه، وإن الواجب عليها التوبة إلى الله تعالى من هذا القول، والندم على تفريطها في جنبه، وعقد العزم على عدم العودة لذلك أبدا، فإنها لا تدري متى يحين أجلها، ولربما قبضت روحها على إثر ردتها دون إمهال للتوبة، نسأل الله حسن العاقبة، وراجعي الفتوى رقم: 17875، والفتوى رقم: 16362.

وأما خلوتها مع الرجل الأجنبي وكشف عورتها أمامه فإنه لا يدل وحده على أنها ارتكبت جريمة الزنا الموجب للحد، فإن الزنا لا يثبت إلا بأمور انظريها في الفتوى رقم:7940.

وبالنسبة لقول الفتاة: إنها لم تتخل عن عذريتها أبدا، فإنه استخفاف بحق الله تعالى وجهل فاضح بشرعه، فكأنها تعتقد أن ما حرمه الله فقط هو حقيقة الزنا الذي هو الوطء في الفرج، وكأن أي عمل دون ذلك مباح.

وإن الله تعالى عندما حرم الزنا حرم أيضا مقدماته، وما يؤدي إليه، فحرم الخلوة والاختلاط، وحرم المصافحة والنظر والكلام بدون حاجة بين الجنسين، وأمر المرأة بالحجاب وبالقرار في البيت، وشرع غير ذلك من التدابير الواقية من الزنا، وراجعي الفتوى رقم: 11038.  

هذا؛ وإن العجب لا ينقضي من غياب دور الأب والأم في تربية وتقويم ابنتهما، فإن الله قد ولاهما أمرها واسترعاهما إياها ووعد على تربية البنات الأجر الكثير، فقال صلى الله عليه وسلم: من عال ثلاث بنات فأدبهن ورحمهن وأحسن إليهن فله الجنة. رواه أحمد بإسناد صحيح. وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: إنما سموا الأبرار لأنهم بروا الآباء والأبناء، كما أن لوالديك عليك حقا، كذلك لولدك عليك حق. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل في أهله راع ومسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسئولة عن رعيتها.... متفق عليه. وقال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ{التحريم:6}.  

ولقد حذر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من تضييع الأمانة التي وكلها الله للآباء فقال: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه مسلم.

وإن والدي الفتاة ـ كما يظهر من السؤال ـ قد ضيعا الأمانة وغشا رعيتهما، دل على ذلك سماحهما لابنتهما أن تستقبل زملاءها من الشباب في البيت وهي في سن الثالثة عشرة، وكذلك تأخرها في لبس الحجاب، ولم يظهر دورهما عندما تحرشت بخطيب أختها حتى ترك الخطبة.

وعلى هذا؛ فإن الواجب عليهما أن يتوبا إلى الله تعالى من تضييعهما للأمانة الملقاة على كاهلهما، والعمل على استدراك ما فاتهما في تربية الأبناء فيأمران البنات بالحجاب، وبكل واجب، وينهيانهن عن كل محرم. وعليك أن تخبري والد الفتاة بالخبر الذي ذكرتيه في سؤالك، ولك أن تترفقي به خوفا على صحته، لأنه هو المسئول الأول عن ابنته، وعنده من الصلاحيات التي أعطاها الله له ما يمكنه من تربية أبنائه على الوجه المطلوب.

ومما ينبغي التنبه له أن زوج الخالة ليس من المحارم، وعلى ذلك فالواجب الاحتجاب منه حتى ولو كان مشاركا في تربية بنات أخت زوجته، فإنه أجنبي عنهن.

والله أعلم.