عنوان الفتوى : بين حرمة الإقراض بالربا وجواز الاقتراض بالربا للضرورة
المؤتمر التاني لمجمع البحوث الإسلامية في القاهرة عام 1965 متل خمسة وثلاثين دولة وخرج بالمقررات: 3:_ الاقراض بالربا محرم لا تبيحه حاجة ولا ضرورة, والاقتراض بالربا محرم ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه الضرورة، وكل امرئ متروك لدينه في تقدير ضرورته. أريد توضيحا صريحا لهذه الفتوى وبيان التناقض الموجود بها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمعنى هذا القرار أن الإقراض بالربا حرام مطلقا، وأن الاقتراض بالربا يجوز عند الضرورة، ويكون الإثم حينئذ على المقرِض لا المقترض.
والضرورة الشرعية هنا هي أن يبلغ الشخص مبلغا بحيث لو لم يأكل من الربا لهلك أو قارب على الهلاك، ومعرفة كون الشخص قد بلغ هذا الحد أو لم يبلغه الأمر فيه راجع لدين الشخص ومعرفته بحاله.
وليس هناك تناقض في هذا القرار، وبيان ذلك: أن هناك فرقا بين الإقراض والاقتراض، فالمقرِض هو من يعطي المال، والمقترض هو من يأخذ المال.
فالمقرض لا يجوز له أخذ الربا بحال، أما المقترض فيجوز له الاقتراض بالربا إذا لم يجد من يقرضه بغير ربا وكان في اضطرار لهذا القرض، ويرتفع عنه الإثم حينئذ، لأن الضرورات تبيح المحظورات، ولا يرتفع عن المقرض، لأنه إما أن يقرضه بدون ربا أو لا يقرضه، إذ لا ضرورة لأخذه الربا، ومثل ذلك أيضا الرشوة، فهي محرمة الأصل، إلا أنه إذا اضطر الإنسان إليها لأخذ حقه أو دفع الظلم عن نفسه فلا حرج عليه في اللجوء إليها ولا إثم عليه حينئذ، ويأثم الآخذ لأنه مطالب بأن يعطي الحق لأهله، وأن يرفع الظلم عن المظلوم بدون رشوة.
لكن هناك أمر ذكر في القرار قد يكون محل إشكال، وهو قولهم: الإقراض بالربا محرم لا تبيحه حاجة. ووجه الإشكال هو أن الضرورة لا تتصور في الإقراض بالربا، إذ كيف يكون الإنسان مضطرا إلى أن يقرض ماله للآخرين بفائدة؟! ولعل المراد هو أنه لا توجد ضرورة ولا حاجة لمثل هذا حتى تبيحه، وهذا استعمال لغوي معروف، وهو أن يعبر عن عدم وجود المسبِّب(بكسر الباء) بنفي المسبَّب(بفتح الباء)، ومن هذا القبيل قول امرئ القيس الكندي:
على لاحب لا يهتدي بمناره * إذا سافَهُ العود النباطي جرجرا
والمعنى لا يوجد له منار حتى يهتدي به.
والله أعلم.