عنوان الفتوى : الزنا بالخطيبة كالزنا بالأجنبية
الحمد لله وحده، أما بعد: لقد تقدمت في الفترة الأخيرة لخطبة فتاة، وتم ذلك وتعاهدنا على الزواج مهما كانت العراقيل والصعوبات، لكن وضعي المالي صعب ولم أتمكن من الزواج في الوقت الراهن مما دفعنا أن نرتكب الزنى، علما بأني خطبتها خطبة رسمية، وتمت قراءة الفاتحة، لكن بعد ذلك ندمنا على هذا الفعل، ولم نستطع أن نبتعد عنه خوفا من أن يقع كل منا في فعل ذلك مع غيرنا، مع العلم بأننا لم نقم بهذا الفعل إلا مع بعضنا فقط بدافع المحبة الكبيرة، هل هذا الذنب من كبائر الذنوب، هل هو يخفف بنية التحصن من أن تكبر المسألة وتتجاوزنا ونقع في الرذيلة وهي الممارسة في نطاق أوسع وخاصة أني أنا أثق فيها وعاهدتها على الزواج، وهي كذلك، نحن في ظروف صعبة أرشدونا جزاكم الله خيراً، فنحن في هم وغم وحيرة بين الدنيا التي تجذبنا إليها بكل قوة ونحن في خوف منها والآخرة التي نطمح أن تكون خيراً، ونجاة من النار مع أني أأوكد أننا متعاهدون، وأننا في خوف من أننا إذا لم نمارسها مع بعضنا أن نمر بلحظات ضعف ونقع فيها مع غيرنا؟ مع الشكر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان قصدك بالخطبة الرسمية وقراءة الفاتحة هو حصول العقد الصحيح، إن كان ذلك هو قصدك فاعلم أن هذه المرأة تعتبر زوجة لك يجوز لك منها ما يجوز للزوج من زوجته، ولا عبرة بكون الزفة أو الدخول العلني لم يحصل، وكما لا عبرة أيضاً بكونك لم تدفع لها المهر بعد.
وأما إن كان ما حصل مجرد خطبة فقط فالمرأة ما زالت أجنبية عليك، فاتق الله تعالى في مخالطتها وراقبة سبحانه وتعالى، وعليك أن تتذكر وقوفك بين يديه وأنت على هذه الحالة من ارتكاب أقبح الفواحش التي نهاك الله عنها بقوله: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32]، وتذكر ما توعد الله به الزناة من العذاب الأليم، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 26237.
واعلم أخي أن الشيطان قد لبَّس عليك فأوقعك في الفاحشة، ثم صور لك أن الزنا بهذه المرأة الأجنبية التي خطبتها ليس كالزنا بغيرها من الأجنبيات، وهذا التصور باطل، بل فعلك مع هذه المرأة كبيرة من كبائر الذنوب، وفعل من أقبح الأفعال، وعموما فنذكرك بما يعرفه العقلاء من أن متاع الدنيا وشهواتها لا تستحق أن يضحي الإنسان من أجلها بدينه وعفته فيحرم الخير ويغمس في الجحيم جريا وراء سراب تذهب لذته وتبقى حسرته.
ولذا فإن عليك التوبة والندم والإقلاع عما أنت عليه فوراً، واشغل وقتك بالطاعة وتلاوة القرآن والقراءة في سير الصالحين الصابرين والتفقه في أمور الدين. وفقك الله لما يحب ويرضى وجنبك الزلل وسوء العمل، وراجع الفتوى رقم: 6263، والفتوى رقم: 18062.
والله أعلم.