عنوان الفتوى : حكم المطالبة بزيادة على المال المغتصب مقابل استثمار الغاصب له
سؤالي إلى أهل العلم، وطلب الفتوى فيه: منذ حوالي 22 سنة اشتريت من أحد تجار الذهب في الرياض 18 كيلو ذهب على أن يسلمني الذهب في البحرين وأعطاني اسم البنك الذي سوف أستلم فيه الذهب وهو عبارة عن 18 كيلو صافي خام كامل، المعروف (أربع تسعات)، ولكن البنك اعتذر اعدم امتلاكه لهذا الصنف وأنه لا يوجد لديه، ولكنه يوجد لديه صنف ثاني وهو ما يرمز له بـ (تسعتين وخمسة)، أي أقل قيمة من المتفق عليه بـ 5 جرام في كل كيلو يعني بناقص 90 جرام من الذهب الذي اشتريته منه، فرفضت أن أستلمه وقلت للبنك سوف أتصل على الذي باعني الذهب وأتفاهم معه بخصوصه، فاتصلت على التاجر في الرياض بالهاتف وأخبرته بما حصل، فانزعج مما سمع وقال لي: اذهب إليهم في الغد وسوف أتصل عليهم لكي يسلموك ما اتفقنا عليه، وهم مجبورون، ولكن اتصل علي قبل ذهابك إليهم بخمس دقائق لكي أستطيع الاتصال عليهم، فعملت بما قال واتصلت عليه وذهبت إلى البنك وساعة دخولي للبنك وجدتهم يتحدثون معه بالهاتف، فأعطاني المسؤول في البنك سماعة الهاتف وقال لي تكلم مع عميلك فسلمت عليه وبادرني قائلاً: هل هذه آخر مرة سوف تتعامل معي فأجبته قائلاً: لماذا هذا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فسؤالك قد اشتمل على عدة أمور: الأمر الأول:
ما يتعلق بما تم بينك وبين هذا التاجر من شراء الذهب على أن يسلمك الذهب في بلد آخر بعد أجل، وقد تقدمت لنا فتاوى كثيرة في أن هذه المعاملة لا تجوز وقد اشتملت على ربا النسيئة، لأن من شروط بيع الذهب بالنقود التقابض في مجلس العقد، وراجع على سبيل المثال الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3079، 43746، 41159.
والأمر الثاني: ما يتعلق بالمطالبة بزيادة على المال المغتصب مقابل استثمار الغاصب له، وهذا راجع إلى مسألة هل الربح تابع للجهد أم للمال؟ وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة إلى قولين:
الأول: أن الربح يتبع رأس المال، ولا يتبع الجهد المبذول إذا كان أخذ بغير إذن مالكه، وليس لآخذه منه شيء، وهذا قول أبي حنيفة وأحمد في ظاهر المذهب، وهو مذهب ابن حزم أيضاً.
الثاني: أن الربح تبع للجهد المبذول، لا لرأس المال، ومن ثم يكون الربح الناشىء في استثمار المال الحرام للآخذ وليس لرب المال، وهذا قول المالكية، والشافعية، مستدلين بقول النبي صلى الله عليه وسلم: الخراج بالضمان. رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه ابن القطان.
والأولى في مثل هذه المسألة هو الرجوع إلى المحكمة الشرعية لأن حكم القاضي يرفع الخلاف.
الأمر الثالث: ما يتعلق بحديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة وفيه: أن أحدهم نمى أجر العامل حتى أصبح على ما هو عليه.... إلخ الحديث، وليس في هذا الحديث دليل لما ذكره السائل لأن الرجل فعل ذلك تبرعاً وتفضلاً حيث لا يجب عليه إلا الأجرة فقط، قال الحافظ في الفتح: وإنما اتجر الرجل في أجر أجيره ثم أعطاه له على سبيل التبرع ، وإنما الذي كان يلزمه قدر العمل خاصة.
والله أعلم.