عنوان الفتوى : حكم إجازة الولي النكاح بعد عقده
إني أيها الشيخ الفاضل شاب مسلم وهناك قضية التبست فيها الفتوى بين العلماء والشيوخ الذين هم بمرتبة الإفتاء بشأنها فأود لو أنك تستطيع الجزم بأمرها وفي البداية لو تسمح أن أعرض عليك القضية على شكل قصة وهي: هناك شاب وفتاة مسلمان أحبا بعضهما بصدق وأرادا أن يتزوجا وفي العرف أنه يجب على الشاب أن يتقدم إلى أهل الفتاة ويطلبها للزواج ففعل ذلك مع العلم بأن الشاب والشابة بالغان واعيان وفي السن القانوني للزواج، ومع العلم بأن الشاب شاب مثقف ومتدين وذو أخلاق حسنه وحميدة، وبحالة مادية لا بأس بها (مستور الحال) إلا أنه قوبل بالرفض من قبل والد الفتاة لسبب المهر حيث إن الوالد طلب مهراً فاحشاً لا يقدر ذلك الشاب أن يقدمه على العلم بأن الفتاة ترغب بالزواج من هذا الشاب فما كان من هذين الشابين إلا أن اتفقا على الزواج بدون موافقة والد الفتاة فتواعدا واتفقا أن يحضر الشاب معه أخته وأن يهربا ويتزوجا ففعل ذلك، جاءت أخت الشاب وهو في سيارة وركبت هي السيارة وذهبا إلى منزله (مع علم أهل الشاب والشابة على معرفة ببعضهم لأنهم يعيشون بمجتمع قروي صغير الكل يعرف بعضهم البعض)، وأودع الشاب الفتاة بالمنزل هو وأخته لوحدهما أما هو فغادر المنزل تلك الليلة، في اليوم التالي أحضر ذلك الشاب المأذون والشهود وعقد قرانه على الفتاة على سنة الله ورسوله ومع ذلك لم يدخل عليها تلك الليلة إلى أن أخبر والد الفتاة ووضعهم أمام الأمر الواقع أنه قد تزوجها في نفس الليلة جهز المنزل لحفل الزواج وحضر المدعوون من أهل العريس وتمت تهنئتهما بحفل الزفاف، فإني أسالك أيها الشيخ الفاضل: هل هذه الطريقة في الزواج شرعاً هي طريقة حرام وإذا كانت حراماً لماذا؟ وما حكم الشاب والفتاة عندها هل هما زوجان شرعيان مع العلم أنهما أنجبا الأطفال وأن أهل الفتاة وافقا على الشاب في النهاية أمام ضغط الأمر الواقع؟ وتقبل مني فائق الاحترام والتقدير، وشكراً للمساعدة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذا الزواج ليس على الطريقة الشرعية لأنه افتقد شرطاً من شروط صحة النكاح ألا وهو الولي، فقد جاء في الحديث: لا نكاح إلا بولي. رواه أبو داود والترمذي، وفي الحديث الآخر: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، باطل، باطل، فإن أصابها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له. رواه أحمد وأبو داود.
وعلى هذا.. فالنكاح بدون موافقة ولي المرأة باطل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ويجب فسخه ولو أنجب الزوجان منه الأولاد ولو أجازه وليها بعد ذلك. قال الشيخ محمد عبد الله المعروف بالخرشي في شرحه لمختصر الشيخ خليل: فلو عقد النكاح بولاية العامة مع وجود الولي الخاص وهو مجبر كالأب في ابنته... فإن النكاح لا يصح ولا بد من فسخه أبداً ولو أجازه المجبر. انتهى كلامه، لكن إذا حكم بصحته قاض يرى عدم اشتراط الولي فإنه يصح حينئذ، وإذا فسخ هذا النكاح وأراد الزوجان أن يتزوجا من جديد، فلا حرج لكن لا بد من موافقة الولي وتوفر ما في شروط صحة النكاح...
والله أعلم.