عنوان الفتوى : معنى الخضوع بالقول
أريد وضع فيديوهات لوَصْفات طبخ في أحد التطبيقات المشهورة، وأعرف أن الخضوع بالقول حرام، وعند تكلّمي لا أعرف كيف أميّز بين الخضوع بالقول والكلام العادي، فأنا فتاة أمازيغية، وصوتي عند تكلّمي الأمازيغية عادي، وليس برقيق، وعندما أتكلّم باللغة العربية يصبح صوتي كأنه رقيق وهادئ، خاصة عند تحدّثي في الهاتف، وكأن نبرة الصوت تلك لا إرادية، خاصّة عند التكلم بالإنجليزية، والفرنسية، فهل هذا خضوع بالقول، وفيه تليين؟ وكيف أستطيع التمييز بينه وبين الصوت العادي؛ لأتجنب الخضوع بالقول عند تسجيل الفيديوهات؟ وشكرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجملة أقوال المفسرين في معنى الخضوع بالقول، المنهي عنه في قوله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ {الأحزاب:32}، تدور على أن المرأة منهية عن أن تليِّن قولها، أو تُكَسِّره، أو تُرقِّقَه على وجه يطمع فيها الذي في قلبه فجور وزنى؛ بل ينبغي لها أن تغلظ كلامها، وتخشِّنه عند مخاطبة الرجال، جاء في تفسير السمعاني -رحمه الله-: وَقَوله: {فَلَا تخضعن بالْقَوْل}. أَي: لَا تلن فِي القَوْل، وَلَا ترققن فِيهِ. وَيُقَال: الخضوع فِي القَوْل أَن تَتَكَلَّم على وَجه يَقع بِشَهْوَة الْمُرِيب. اهـ.
وفي تفسير ابن عطية -رحمه الله-: ثم نهاهن الله تعالى عما كانت الحال عليه في نساء العرب من مكالمة الرجال برخيم القول، و«لا تخضعن» معناه: ولا تلن، وقد يكون الخضوع في القول في نفس الألفاظ ورخامتها، وإن لم يكن المعنى مريبًا. اهـ.
وفي تفسير القرطبي -رحمه الله-: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْل} أَيْ: لَا تُلِنَّ الْقَوْل، أَمَرَهُنَّ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُنَّ جَزْلًا، وَكَلَامُهُنَّ فَصْلًا، وَلَا يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ يُظْهِرُ فِي الْقَلْبِ عَلَاقَةً بِمَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ مِنَ اللِّينِ. اهـ.
وفي تفسير ابن كثير -رحمه الله-: قَالَ السُّدِّي، وَغَيْرُهُ: يَعْنِي بِذَلِكَ: تَرْقِيقَ الْكَلَامِ إِذَا خَاطَبْنَ الرِّجَالَ...
وَمَعْنَى هَذَا: أَنَّهَا تُخَاطِبُ الْأَجَانِبَ بِكَلَامٍ لَيْسَ فِيهِ تَرْخِيمٌ، أَيْ: لَا تُخَاطِبِ الْمَرْأَةُ الْأَجَانِبَ كَمَا تُخَاطِبُ زَوْجَهَا. اهـ.
وفي تفسير القاسمي -رحمه الله-: "فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ"، أي عند مخاطبة الناس، أي: فلا تجبن بقولكن لينًا خنثًا، مثل كلام المريبات، والمومسات، "فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ"، أي: ريبة، وفجور، "وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا" أي: بعيدًا من طمع المريب بجدٍّ، وخشونة، من غير تخنيث، أو قولًا حسنًا مع كونه خشنًا. اهـ.
وقال ابن القيم في مفتاح دار السعادة: قوله: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب:32]، أي: لا تَلِنَّ بالكلام فيطمعَ الذي في قلبه فجورٌ وزنى، قالوا: والمرأةُ ينبغي لها إذا خاطبت الأجانبَ أن تُغْلِظَ كلامَها، وتقوِّيه، ولا تُليِّنه وتكسِّره؛ فإنَّ ذلك أبعدُ من الرِّيبة، والطمع فيها. اهـ.
هذا، ويجدر التنبيه إلى أن المرأة مطالبة في حال مخاطبتها للرجال الأجانب عند الحاجة أن لا تليِّن صوتها، أو ترققه، بل ينبغي لها أن تغلظه -خصوصًا- إن كان رقيقًا في طبيعته، وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 426283، 257527.
والله أعلم.