عنوان الفتوى : تعقيب على من يفتي بجواز شراء المنازل بالربا في دار الكفر
الرجاء إيفادنا بالإجابة على هذه الأسئلة أفادكم اللهأنا مقيم في المملكة المتحدة منذ 9سنوات وأسكن بالإيجار وأرغب في شراء منزل لي ولكنني لم أفعل ذلك لأن القرض من المصرف الربوي حرام ثم ذهبت إلى المصرف الإسلامي ولكني صدمت بأنهم يستغلون الموقف و يطلبون أكثر من المصرف الربوي بكثير جدا.ماهو رأيك في هذه المسألة؟المسألة الثانية هي الاستثمار في المصارف الربوية وهي عبارة عن الودائع المصرفية وتسمى بالإنجليزي بوند الشير في المصارف مع العلم أن المصرف أكد لي بأنهم لن يستعمل في أي شيء محرم إسلاميا كالخمر والدخانشاكرا لكم حسن تعاونكمصلاح التويجري لقد قمت بسؤال أحد أعضاء الإفتاء بأوروبا وأفتى بجواز ذلك وقد أرسل لي نسخة من هذه الفتوى، أفيدونا أفادكم الله الأخ المكرم صلاح التويجريعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ج1 بخصوص شراء منزل للسكن عن طريق البنك الربوي، فأحيلك على فتوى المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث بهذا الخصوص والتي ترى نسخة مرفقة منها، وأنا مع خلاصة الفتوى في جواز شراء السكن عن هذا الطريق مع مراعاة عدم قدرتك على الشراء نقداً.وقضية ما أشرت إليه بخصوص المصارف التي تتعامل بصيغة شرعية، فأنا شخصياً لا أراها البدائل الحقيقية للمعاملة الربوية، لما أشرت إليه من الاستغلال، ولذا لا أرى وجودها يمنعك من الشراء عن طريق القرض العقاري.ج2 بحسب ما شرحته عن طبيعة الاستثمار، وأنا كانت لي بعض المداولات مع بعض البنوك بهذا الخصوص ولم يظهر لي إشكال شرعي في التعامل مع البنك في ذلك، فلا أرى مانعاً من الإقدام عليه إذا كنت ترى مصلحتك فيه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا حكم شراء منزل عن طريق قرض ربوي في الفتوى رقم: 1986 ، والفتوى رقم: 6689 ، والفتوى رقم: 15092 ، وقلنا هناك بحرمة هذا الأمر، لحديث جابر رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. رواه مسلم . وأدلة أخرى تجدها في الفتاوى المشار إليها.
وسبق أن بينا أيضا أن حرمة الربا في ديار الكفار كحرمته في ديار الإسلام كما في الفتوى رقم: 20702 ، وسبق كذلك أن بينا أنه لا يجوز للمسلم أن يتعامل مع البنوك الربوية عن طريق الودائع المصرفية ، لأن ذلك عين ربا الجاهلية الذي حرمه الله ورسوله، وراجع الفتوى رقم: 36738.
أما بخصوص الفتوى المذكورة في السؤال بجواز شراء المنازل عن طريق الربا، والفتوى الأخرى الخاصة بجواز التعامل مع البنوك الربوية بالودائع المصرفية، فكل عالم من العلماء مهما كانت منزلته في العلم والفضل يؤخذ من قوله ويترك؛ إلا النبي صلى الله عليه وسلم، لأن كل من عدا النبي صلى الله عليه وسلم من أهل العلم حسبه أن يجتهد ويستفرغ وسعه في الوصول إلى الحق، فيصيب ويخطئ وهم يترددون بين الأجر والأجرين، للمصيب منهم أجران وللمخطئ أجر واحد، إذا كان مهيأ للاجتهاد، فإن لم يكن مستوفيا الشروط فقد عرض نفسه لخطر عظيم، ونحن نرى أن ما جاء في هذين الفتويين اجتهاد غير صحيح، لأن الربا حرام ومن القواعد المقررة عند أهل العلم أن المحرم لا يستباح إلا لضرورة؛ لقوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [سورة الأنعام: 119] وليس من الضرورة عدم قدرتك على الشراء النقدي أو أن بعض البنوك الإسلامية يستغل حاجة الناس، ما دمت تستطيع الاستغناء عن شراء هذا المنزل بالاستئجار.
وأما التعامل مع البنوك الربوية بالودائع المصرفية، فقد تتابعت المجامع الفقهية على القول بحرمته، وأول مجمع صرح بحرمة ذلك هو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر في سنة 1965، وقد حضره عدد من كبار العلماء وجاء فيه: أن فوائد البنوك هي الربا الحرام.
والحكم ذاته أقره مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، ومجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي.
ونسأل الله أن يوفقنا وإياك وجميع المسلمين إلى ما يحبه ويرضاه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.