عنوان الفتوى : معنى حديث "رؤيا المؤمن جزء من.."
ما معنى الرؤية جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة أرجو التفصيل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما جاء في سؤال السائل الكريم فقرة من حديث صحيح رواه البخاري ومسلم وغيرهما بألفاظ مختلفة، ومن ألفاظ البخاري: رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة.
قال بعض العلماء: إن وقعت الرؤيا من النبي صلى الله عليه وسلم فهي جزء من أجزاء النبوة على الحقيقة، وإن وقعت من غيره فهي جزء من أجزاء النبوة على سبيل المجاز. وقيل: المعنى أنها جزء من علم النبوة لأن النبوة وإن انقطعت فعلمها باق.
وأما بخصوص العدد فإن حقيقة الأجزاء لا تُدرَى على الحقيقة لأن الروايات الواردة فيها مختلفة أقلها: جزء من ستة وعشرين، وأكثرها من ستة وسبعين، وبين ذلك أربعين، وخمسة وأربعين، وستة وأربعين، وسبعة وأربعين، وتسعة وأربعين، وخمسين، وسبعين.
والحديث قيل معناه على الرواية التي بين أيدينا: .... جزء من ستة وأربعين... إن عمر النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر الروايات الصحيحة كان ثلاثا وستين سنة، وكانت مدة نبوته منها ثلاثا وعشرين سنة... وكان في أول الأمر يرى الوحي في المنام ودام ذلك نصف سنة (ستة أشهر) ثم رأى الملك في اليقظة، فإذا نسبت مدة الوحي في النوم وهي نصف سنة إلى مدة نبوته وهي ثلاث وعشرون سنة كانت نصف جزء من ثلاثة وعشرين جزءاً، وذلك جزء واحد من ستة وأربعين جزءاً.
وقد فسر العلماء الروايات الأخرى ووجهوا الأعداد الواردة فيها بتوجيهات لا يتسع المقام لذكرها، والحديث بمختلف رواياته يدل على تأكيد أمر الرؤيا وتعظيم منزلتها.
والناس في الرؤيا على ثلاث درجات: الأنبياء ورؤياهم كلها صدق، وقد يقع فيها ما يحتاج إلى التعبير.
والصالحون: والأغلب على رؤياهم الصدق، وقد يقع فيها ما لا يحتاج إلى تعبير.
ومن عداهم: يقع في رؤياهم الصدق والأضغاث، وهم ثلاثة أقسام:
مستورون: فالغالب استواء الحال في حقهم.
وفسقة: والغالب على رؤياهم الأضغاث، ويقل فيها الصدق.
وكفار: ويندر في رؤياهم الصدق.
ويشير لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثاً. رواه مسلم.
ورؤيا المؤمن الصالح الصادق هي التي تنسب إلى أجزاء النبوة، وقيل تعد من أقصى الأجزاء... والمسلم الصادق هو الذي يناسب حاله حال الأنبياء ويتحلى بأخلاقهم ويهتدي بهديهم.. فهذا يكرم بنوع مما أكرم به الأنبياء وهو الرؤيا الصادقة والاطلاع على بعض المغيبات.
وأما الكافر والفاسق والمخلط... فلا، ولو صدقت رؤياهم أحياناً فقد يصدق الكذوب وليس كل من حدث عن غيب أو أخبر به يكون خبره من أجزاء النبوة، فالكاهن والمنجم والعراف... ربما أخبرتهم شياطينهم ببعض المغيبات، فالعبرة بالاستقامة واتباع هدي الأنبياء، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 5416، والفتوى رقم: 7314.
والله أعلم.