عنوان الفتوى : لا مؤاخذة في الكره القلبي للأهل بسبب تصرفائهم المؤذية
أنا فتاة مقبلة على الطلاق، لدي بنتان صغيرتان. أهلي أكبر ابتلاء لي بالحياة، لديهم سوء طباع، وسوء لسان، وفتنة، وشر، وحسد، وكره، وبالأخص أمي سيئة الطبع، مع أن أهلي عائلة محافظة دينياً، ولكن يعاملونني بسوء، وأكرههم بشدة، وأكره أمي كثيراً، إلا أني أعاملهم جيداً؛ لإرضاء ربي، ولكن في فترة طلاقي، وبعد أن تعرضت لعملية قلب مفتوح، حتى مع وقوفهم بجانبي، فعلوا لي السوء بشدة، لم أعد أطيق الحياة معهم، أتمنى الزواج، والانفصال عنهم مدى حياتي، أنا، وبناتي. لم أعد أستطيع تحملهم. سؤالي، هل هذا حرام؟ مع أني أسرّه في نفسي، وأنا أحاول أن أكون أفضل منهم، ولكن لم يعد جسدي، وقلبي يتحمل الكسرات، والخيبات، والظلم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الكره القلبي للتصرفات السيئة التي تصدر من أهلك تجاهك لا مؤاخذة عليك فيه؛ لأن هذه الأمور القلبية لا اختيار لصاحبها فيها، قال -تعالى-: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب: 5}، وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم يتكلموا، أو يعملوا به.
وإن كان الأمر كما ذكرتِ فننصحك بالسعي في سبيل إصلاح الحال بينك، وبين أهلك، واستعيني بالله -رب العالمين- بدعائه، والتضرع له، وهو قد وعد بإجابة من دعاه، وتعلق قلبه به، ورجاه، فقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر: 60}، واحرصي على مناصحتهم، ولو بطريق غير مباشر، كالاستعانة بمن لهم وجاهة عندهم. واحرصي على التماس الأسباب التي جعلت الأمر بينك، وبينهم على هذه الحال، واعملي على علاج كل سبب بما يناسبه، ونرجو في نهاية المطاف أن يتيسر لك ذلك.
والسعي في الزواج أمر مهم على كل حال، فاستعيني في ذلك بالثقات من قريباتك، وصديقاتك، والمرأة يجوز لها شرعا البحث عن الأزواج، بل وعرض نفسها على الرجل الصالح الذي ترغب فيه زوجا في حدود أدب الشرع، وقد بينا ذلك في الفتوى: 108281. ولو قدر لك الزواج، فاحذري قطيعتهم، واحرصي على برهم بما هو ممكن من وجوه الصلة، ولا بأس بترك السبيل الذي قد تجدين فيه الأذى، كالزيارة مثلا. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 222433، والفتوى: 348340.
والله أعلم.