عنوان الفتوى : كيف يتوب من وصف والديه بالجنون بسبب تشاجرهما؟
أحد أقاربي تزوج اليوم، وهذه ليست المرة الأولى له، وكان قريبا لأمي، فقالت أمي لأبي: إنه تزوج؛ فانهار أبي سبًّا وقذفًا لأمي من غير سبب، وكان يقول إنه غبي لأنه لم يطلق أمي، ويتزوج أخرى. فَسَبَّ أُمَّ أمي كثيرا من غير سبب أيضا، مع أنها كانت صالحة -رحمها الله- فقالت له أمي: بل أمك أنت؛ فضرب أبي أمي ضربًا عنيفا، وسبها، وقذفها، وهي فعلت كذلك، ولكن ليس بقدره. وكان يكسر الزجاج على الحائط.
كنت أحاول أنا وإخوتي إبعاد أحدهما عن الآخر، ودار الشجار هكذا لفترة طويلة، فقال أبي لي: فلتفعل شيئا وأبعدها عني؛ فقلت له: أنتم مجانين، تحاربون بعضكما هكذا. ثم أكمل كل منهما سب الآخر، حتى طفح الكيل بأبي، وأخذ ملابسه وذهب، وحدث كل هذا قبل أن أكتب هذه الفتوى بدقائق.
فهل ما قلته كان عقوقًا لهما؟ مع العلم أني قلته منفعلا، ومتوترا، ومرتبكا بسرعة، ولم أفكر فيه. فهل هذا عقوق للوالدين؟ وكيف أصلحه؟ وماذا أفعل حتى يغفر الله لي هذا؟
وإن كنتم تعلمون كيف أصلح خطئي؛ فأبلغوني.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تلفظت بهذه العبارة؛ بغير إدراك؛ فلا شيء عليك.
وأمّا إذا كنت مدركا لما تقول؛ فهي إساءة للوالدين غير جائزة، فحقّ الوالدين عظيم، ولا يسقط حقهما بظلمهما أو فسقهما. وراجع الفتوى: 114460
وإذا كانا تَأَذَّيَا من هذه الإساءة تأذيًا شديدا؛ فهي داخلة في العقوق المحرم؛ وكفارتها أن تتوب إلى الله وتستغفره، وتستسمح والديك.
وعليك الاجتهاد في بر والديك، ومن أعظم أنواع البر بهما: أن تجتهد في نصيحتهما، وأمرهما بالمعروف ونهيهما عن المنكر؛ وحثّهما على التوبة النصوح، والمعاشرة بالمعروف، مع مراعاة الرفق والأدب معهما.
ومن وسائل استصلاح أبيك وإعانته على التوبة والاستقامة: الاستعانة بالله تعالى، والتوكل عليه. وتوسيط بعض الصالحين من الأقارب أو غيرهم ممن يقبل قولهم؛ لينصحوه ويحثوه على مصاحبة الصالحين، وحضور مجالس العلم والذكر، وسماع المواعظ النافعة، مع كثرة الدعاء له بالهداية.
والله أعلم.