عنوان الفتوى : حكم منع الولد لأبيه من زيارته في بيته لتجنب الضرر
والدتي متوفاة، ووالدي ما زال على قيد الحياة، وأنا متزوج، وعندي أسرة، وأعيش في منزل أنا، وأسرتي، ويأتي والدي؛ ليزورني، وأسرتي كل فترة غالبا في الأسبوع الواحد مرتين، أو ثلاث. تسبب لي والدي في مشاكل كثيرة بسبب تصرفاته الطفولية، فهو لا يحسن القول، أو التصرف، ويكثر القيل، والقال، وينقل كل أسرار عائلتي، وما يراه في بيتي إلى الخارج، ويتحدث عن هذا، وذاك، ويتحدث عن أسرار أسرتي إلى كل الناس، بالإضافة إلى إزعاج الجيران الذين اشتكوا منه. وضقت ذرعا به، وبتصرفاته، فطلبت منه أن لا يأتي إلى منزلي نهائيا، وأني سوف أرسل له مبلغا نقدا كل شهر، يكفيه مصروفات الحياة. فهل أنا مذنب؟ علما أني أرسل إليه شهريا مبلغا يكفيه، ويفيض عن حاجاته بشكل منتظم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحق الوالد على ولده عظيم، وإساءة الوالد إلى ولده، أو سوء تصرفه، لا تُسقط حقّه على ولده، ولا تبيح الإساءة إليه، أو الجفاء معه، وراجع الفتوى: 114460
ومنع الولد أباه من دخول بيته، والاكتفاء بإرسال المال إليه؛ فيه إساءة، ونوع من الإهانة له، وإذا تأذى الوالد من ذلك؛ فهذا داخل في العقوق المحرم الذي هو كبيرة من الكبائر.
ومع هذا، فمن حق الولد أن يجتنب الضرر من أبيه، وليس من حقّ الأب أن يضر ولده، أو يؤذيه، قال القرافي -رحمه الله- في الفروق، عند كلامه على حقوق الوالدين: ...وَكَمَا نَمْنَعُهُ مِنْ إذَايَتِهِمَا، نَمْنَعُهُمَا مِنْ إذايَتِهِ. انتهى.
فالذي نراه؛ ألا تمنع أباك من زيارتك في بيتك؛ ولكن تستعمل الحكمة، والمداراة معه؛ بحيث تتحاشى المفاسد التي تحصل من زيارته من غير أن تمنعه بالكلية؛ فتقللها بالقدر الذي لا يضرك، وتخفي عنه ما تقدر على إخفائه من أمور بيتك، ويجوز في مثل هذه الأمور أن تسلك سبيل الحيل، وتستعمل المعاريض، والتورية، وانظر الفتوى: 328750
والله أعلم.