عنوان الفتوى : بيع السراويل القصيرة التي تظهر ما فوق الركبة
أتاجر في السراويل الرجالية التي تصل فوق الركبة فقط، والتي تظهر العورة، وكثير من الشباب يستخدمها في الخروج، وكنت لا أعلم حرمة التجارة فيها، وقد علمت، والآن عندي منها مخزون، بمبلغ كبير من المال، فماذا أفعل في ذلك المخزون بعد أن علمت حرمة التجارة فيه؟ وقد دفعت قيمة ذلك المخزون، ولا أستطيع إرجاعه للمصنع، فماذا أفعل؟
وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحكم بكون الفخذ عورة، هو قول جمهور الفقهاء، وهو المفتى به عندنا، وراجع في ذلك الفتويين: 15390، 403153.
ويبدو أن السائل فرع سؤاله على هذا الرأي، ولكن قوله: وكثير من الشباب يستخدمها في الخروج - يقتضي أن بعضا منهم يستعملها داخل البيوت، أو على وجه مباح، وإن كان كذلك، فلا يتعين استعمال هذا السروال القصير على هيئة محرمة، وما كان كذلك، فلا يطلق الحكم بحرمة بيعه، وإنما يحرم بيعه لمن علم أنه سيستعمله على وجه محرم، أما إذا لم يعلم ذلك؛ فالأصل جواز بيعه.
قال ابن حزم في المحلى: لا يحل بيع شيء ممن يوقن أنه يعصي الله به، أو فيه، وهو مفسوخ أبدا، كبيع كل شيء ينبذ، أو يعصر، ممن يوقن بها أنه يعمله خمرا... أو كبيع الحرير ممن يوقن أنه يلبسه، وهكذا في كل شيء؛ لقول الله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ـ والبيوع التي ذكرنا تعاون ظاهر على الإثم، والعدوان، بلا تطويل، وفسخها تعاون على البر والتقوى، فإن لم يوقن بشيء من ذلك، فالبيع صحيح؛ لأنه لم يعن على إثم، فإن عصى المشتري الله تعالى بعد ذلك فعليه. اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: بيع العصير لمن يعتقد أنه يتخذه خمرا محرم، وكرهه الشافعي... إنما يحرم البيع ويبطل، إذا علم البائع قصد المشتري ذلك، إما بقوله، وإما بقرائن مختصة به، تدل على ذلك، فأما إن كان الأمر محتملا، مثل أن يشتريها من لا يعلم، أو من يعمل الخل، والخمر معا، ولم يلفظ بما يدل على إرادة الخمر، فالبيع جائز... وهكذا الحكم في كل ما يقصد به الحرام. اهـ.
وعلى ذلك؛ فيسع السائل أن يبيع ما عنده لمن لا يعلم حاله، أو يبيع المخزون جملة لتاجر يتولى هو بيعه لآحاد الناس، والأفضل أن يتورع عن ذلك، ويحتفظ بالمخزون الذي عنده، ويتولى هو بيعه لمن يعلم أنه لا يعصي الله به.
والله أعلم.