عنوان الفتوى : رَفضُ الزوجة سَكن أخي الزوج معها في مسكن مُشترك المَرافِق، للشَّرْع مُوَّافِق
أنا متزوجة، وزوجي له أخ متزوج عاطل عن العمل، وكنا نسكن في بيت مكون من غرفة واحدة، ثم انتقلنا إلى منزل آخر مكون من غرفتين، فجاء أخو زوجي وزوجته، كي يسكنا معنا، وكنت غير مرتاحة في ذلك الوضع، مع العلم أنهم لا يحترمون الخصوصية كثيرا، فحينما أكون خارج غرفتي في المطبخ -مثلا- يدخلون إلى غرفتي.
تحدثت مع عمي، كي يخرجوا من منزلي، ولكنهم رفضوا في البداية، وأخذت زوجته تخطئ في حقي، من خلال الواتس، بأنني فتنت بين الإخوة، فلم أقصر معها، بل رددت عليها بما أسكتها هي وزوجها، وأظهرتهم هم وزوجي فقط، فتضايقت، وسافرت، أما زوجها فبقي، وهذا يضايقني أكثر؛ لأن ذلك لا يجوز، فزوجي يذهب إلى العمل من: 9 صباحا، ويعود بعد منتصف الليل، فسافر بعد أن رفضت أن أعد الطعام، وكنت دائما في غرفتي، ثم عاد بعد: 5 أشهر وحده دون زوجته، لأنها كانت عند أهلها متضايقة منه، لأنه صعب المراس، فبقي هنا، وعمل مع زوجي، في البداية رضيت، لأنه كان يعمل، ولا يبقى في المنزل، ثم رفض الذهاب إلى العمل، وبقي في المنزل، وكنت قد أنجبت طفلي، وعدت إلى منزل زوجي بعد شهر من الولادة، وبقي شهرا لا يخرج، وأنا متضايقة، ثم كتبت رسالة له أن يخرج من منزلي، ويسلم من الشر، فغادر، وإلى الآن زوجي غاضب مني.
فهل تلعنني الملائكة؟ وهل ما فعلته صحيح؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حقّكِ على زوجكِ أن يسكنكِ مسكنا مستقلا مناسبا، لا تتعرضين فيه لضرر، ولا حقّ له في إجباركِ على السكن مع أحد من أهله في مسكن مشترك، إلا إذا رضيتِ بذلك.
قال الكاساني -رحمه الله- في بدائع الصنائع: ولو أراد الزوج أن يسكنها مع ضرتها، أو مع أحمائها -كأم الزوج، وأخته، وبنته من غيرها، وأقاربه- فأبت ذلك؛ عليه أن يسكنها في منزل مفرد؛ لأنهن ربما يؤذينها، ويضررن بها في المساكنة، وإباؤها دليل الأذى والضرر. انتهى.
أمّا السكن مع أخي الزوج في مسكن مشترك المرافق؛ فهو غير جائز، سواء رضيتِ، أم أبيتِ، ولا يجوز لزوجك أن يرضى بهذا.
قال الماوردي–رحمه الله- في الحاوي الكبير: وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ الدَّارُ ذَاتَ بَيْتٍ وَاحِدٍ، إِذَا اجْتَمَعَا فِيهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ لَا تَقَعَ عَيْنُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَسْكُنَ مَعَهُ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ، أَوْ نِسَاءٌ ثِقَاتٌ: لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تُحْفَظُ عِنْدَ إِرْسَالِهَا. انتهى.
وعليه؛ فرفضكِ بقاء أخي زوجكِ معكِ في البيت؛ تصرف صحيح موافق للشرع، لكن كان ينبغي أن تكلمي زوجك في ذلك، لا أن تراسلي أخاه، وتطلبي منه الخروج، لكن غضب زوجكِ منكِ بسبب رفضكِ سكن أخيه معكِ؛ غضب بغير حق، ولا إثم عليكِ بسبب غضبه منكِ، ولا يلحقكِ الوعيد المذكور لمن هجرت فراش زوجها؛ فغضب.
قال الحافظ ابن حجر: وَلَا يَتَّجِهُ عَلَيْهَا اللَّوْمُ، إِلَّا إِذَا بَدَأَتْ هِيَ بِالْهَجْرِ، فَغَضِبَ هُوَ لِذَلِكَ، أَوْ هَجَرَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ، فَلَمْ تَسْتَنْصِلْ مِنْ ذَنْبِهَا وَهَجَرَتْهُ، أَمَّا لَوْ بَدَأ هُوَ بِهَجْرِهَا ظَالِمًا لَهَا، فَلَا. انتهى.
وراجعي الفتوى: 129984
ونصيحتنا لك أن تتفاهمي مع زوجك، وتبيني له عدم جواز بقاء أخيه في البيت على وجه تحصل فيه الخلوة، أو الاختلاط المريب، وأنّك ما قصدتِ الإساءة إلى أخيه، أو السعي للقطيعة بينهم، ولكنكِ قصدتِ الوقوف عند حدود الشرع، والمحافظة على نفسكِ.
والله أعلم.