عنوان الفتوى : تفاوت أهل الجنة في الدرجات لا يمنع تزاورهم

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

لقد قرأت أن أرواح المؤمنين تتزاور في حياة البرزخ وقرأت أيضا أن الذين في الدرجات العليا هم الذين ينزلون ولكن إخوانهم من الدرجات الدنيا لا يستطيعون أن يصعدوا لرؤية إخوانهم ,, فهل هذا ينطبق على رؤية الرسول - صلى الله عليه و سلم - إذا أراد المؤمنون من الدرجات الدنيا أو العليا أن يزوروه وهو في الرفيق الأعلى من الجنة وهي أعلى منزلة في الجنة ؟؟؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

 

فإن الأرواح لها تصرفات بعد الموت لا يعلم كنهها إلا الله، وقد دلت بعض النصوص على شيء من هذه التصرفات، كما بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24989، 15281، 14369، 14368.

 

وما ذكرته من نزول أهل الدرجات العليا لزيارة أهل الدرجات الدنيا لم نجد ما يدل عليه من القرآن أو السنة، لكن الوارد هو أن أهل الجنة لا يشعرون بهذه الفروق، وقد نزع الله من قلوبهم الحسد والبغضاء فقال تعالى: [وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ] (الحجر:47). وقال: [وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ]. (الطور: 25-28).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين على إثرهم كأشد كوكب إضاءة، قلوبهم على قلب رجل واحد، لا اختلاف بينهم ولا تباغض. رواه البخاري.

بل ثبت في السنة أن أهل الجنة الذين هم في درجة أدنى من إخوانهم يرون من فوقهم دون أن يؤثر ذلك في نفوسهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أهل الجنة ليتراءون في الغرفة كما تتراءون الكوكب الشرقي أو الكوكب الغربي الغارب في الأفق الطالع في تفاضل الدرجات، فقالوا يا رسول الله: أولئك النبيون؟ قال: بلى، والذي نفسي بيده أقوام آمنوا بالله ورسوله وصدقوا المرسلين. رواه الترمذي، وقال حسن صحيح، وصححه الألباني.

أما عن رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة، فقد قال الله تعالى: [وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً] (النساء:69).

فقد دلت هذه الآية على أن من أراد أن يكون مع هؤلاء فليلزم طاعة الله ورسوله، قال القرطبي رحمه الله: أي هم معهم في دار واحدة ونعيم واحد، يستمتعون برؤيتهم والحضور معهم، لا أنهم يساوونهم في الدرجة، فإنهم يتفاوتون، لكنهم يتزاورون للاتباع في الدنيا والاقتداء، وكل من فيها قد رُزق الرضا بحاله، وقد ذهب عنه اعتقاد أنه مفضول. اهـ.

والله أعلم.