عنوان الفتوى : لا تعارض بين قوله تعالى: وما هم بخارجين من النار، وبين قوله: ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

كيف نجمع بين قول الله تعالى: {وما هم بخارجين من النار}، وبين قوله: {ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم}؟
فالآية الأولى تنفي خروجهم من النار، والثانية تثبت أنهم يخرجون منها، ثم يرجعون إليها.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الآية الأولى تؤكد خلود الكفار في النار، وأنهم لا يخرجون منها.

قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى: " وما هم بخارجين من النار" دليل على خلود الكفار فيها. وأنهم لا يخرجون منها. وهذا قول جماعة أهل السنة؛ لهذه الآية. اهـ.

أما الآية الثانية فالمرجع المذكور فيها معناه الانتقال من حالة إلى حالة، على وجه الاستعارة، وليس معناه الخروج من النار، ثم العود إليها بعد مفارقتها.

قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: والمرجع: مكان الرجوع، أي: المكان الذي يعود إليه الخارج منه بعد أن يفارقه.
وقد يستعار للانتقال من حالة طارئة إلى حالة أصلية، تشبيها بمغادرة المكان ثم العود إليه.

وكذلك ينبغي أن يفسر الرجوع في الآية؛ لأن المشركين حين يطعمون من شجرة الزقوم ويشربون الحميم، لم يفارقوا الجحيم. فأريد التنبيه على أن عذاب الأكل من الزقوم والشراب من الحميم زيادة على عذاب الجحيم، ألا ترى إلى قوله: إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم، فليس ثمة مغادرة للجحيم حتى يكون الرجوع حقيقة. اهـ.

وقال الألوسي في تفسيره: ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ: أي مصيرهم، لَإِلَى الْجَحِيمِ: أي إلى مقرهم من النار؛ فإن في جهنم مواضع أعد في كل موضع منها نوع من البلاء، فالقوم يخرجون من محل قرارهم حيث تأجج النار، ويساقون إلى موضع آخر مما دارت عليه جهنم، فيه ذلك الشراب؛ ليرِدوه ويسقوا منه. ثم يردون إلى محلهم، كما تخرج الدواب إلى مواضع الماء في البلد مثلا لترده، ثم ترد إلى محلها.

أو المراد: ثم إن مرجعهم إلى دركات الجحيم، فهو يرددون في الجحيم من مكان إلى آخر أدنى منه. وقيل: إن الشراب يقدم إليهم قبل دخول النار فيشربون، ويصيرون إلى الجحيم، وهذا يحتاج إلى توقيف، وإلا فهو خلاف الظاهر. اهـ.

فلا تعارض إذا بين الآيتين.

والله أعلم.