عنوان الفتوى : لا حرج في القصاص من المعتدي والعفو أفضل
عمي اعتدى عليَّ، فاعتديت عليه. ما حكم الدين في ذلك؟
مع العلم أنه يوجد خلاف بين زوجته وأمي، وهو يظن أنني السبب، وأننا أخذنا حقه.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلم تبين لنا حقيقة الاعتداء الذي حصل من عمّك، وكيف رددت عليه!
وعلى كل حال؛ فنقول لك أولًا: إنّ العفو عن المعتدي أفضل من رد الإساءة إليه، والعفو أقرب للتقوى، وفيه أجر كبير. قال تعالى: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة:237}، وقال تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [الشورى: 40]، وقال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى: 43].
قال القرطبي -رحمه الله-: قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: من ترك القصاص، وأصلح بينه وبين الظالم بالعفو " فأجره على الله" أي إن الله يأجره على ذلك. قال مقاتل: فكان العفو من الأعمال الصالحة. انتهى.
وتتأكد أفضلية العفو؛ إذا كان المعتدي عمّك ذا رحم لك؛ فإنّ له عليك حقًّا كبيرًا، وبعض ذوي الأرحام صلته واجبة.
وإن أَبَيْتَ إلا أن ترد على المعتدي، فإن كان عمّك اعتدى عليك -بغير حقّ- بالسبّ أو الضرب؛ فرددت عليه بمثل ما اعتدى عليك دون زيادة، ولم يكن فيه معصية لله؛ فلا حرج عليك في ذلك، قال تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [البقرة: 194].
قال القرطبي -رحمه الله-: فمن ظلمك، فخذ حقك منه بقدر مظلمتك؛ ومن شتمك، فرد عليه مثل قوله؛ ومن أخذ عرضك فخذ عرضه، لا تتعدى إلى أبويه، ولا إلى ابنه أو قريبه. وليس لك أن تكذب عليه، وإن كذب عليك، فإن المعصية لا تقابل بالمعصية، فلو قال لك مثلا: يا كافر، جاز لك أن تقول له: أنت الكافر. وإن قال لك: يا زان، فقصاصك أن تقول له: يا كذاب، يا شاهد زور. ولو قلت له: يا زان، كنت كاذبا، وأثمت في الكذب....انتهى.
ولمزيد من الفائدة، راجع الفتويين: 348340 ، 228394.
والله أعلم.