عنوان الفتوى : النية معتبرة في وقوع الطلاق من عدمه
تشاجرت أنا وزوجتي شجارا كبيرا، وقالت لي وقتها كلاما أغضبني: كطلقني، لا أريدك، أكرهك جدا، ومن شدة غضبي كسرت شاشة التلفاز، وأرادت وقتها أن تخرج من المنزل، فقلت لها: إن خرجت من المنزل أنت طالق بنية التهديد؛ لأني خفت عليها أن تركب السيارة، وهي غاضبة فتعمل حادثا -لا سمح الله- وكان قصدي إن خرجت وقت المشكلة وليس كل الوقت - ففتحت باب المنزل، وتناولت حذاءها من المدخل الخاص بمنزلنا، وهو مدخل خاص بمنزلنا فقط، ورجعت إلى المنزل، ولم تغادره في هذه اللحظة، وبعد أن تصالحنا، وتصافينا، أذنت لها بالخروج فخرجت من المنزل . فهل تعتبر طالقا؛ لأني سمحت لها بالخروج بعد ذلك وخرجت، حيث كانت نيتي منعها من الخروج؛ خوفا عليها وقت المشكلة فقط وليس كل الوقت؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحقيقة هذا اللفظ الذي صدر منك أنه تعليق لطلاق زوجتك على خروجها من المنزل، ويقع الطلاق بحصول المعلق عليه في قول جمهور الفقهاء سواء قصد الزوج الطلاق، أو قصد مجرد التهديد والمنع، واختار ابن تيمية: عدم وقوع الطلاق في حال قصد الزوج مجرد التهديد والمنع، وقول الجمهور: هو الذي عليه الفتوى عندنا، وانظر الفتوى: 17824.
ويبقى النظر فيما ذكرت، من كون نيتك منعها من الخروج خوفا عليها من قيادة السيارة وقت المشكلة، وأثناء الغضب فيصيبها ضرر، فإذا كان الأمر كذلك، فإن النية لها اعتبارها في وقوع الطلاق من عدمه، فلا حرج في خروجها بعد ذلك، ولا يقع به الطلاق.
قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له....... ومنها: أن يحلف على فعل شيء، أو تركه مطلقا، وينوي فعله، أو تركه في وقت بعينه..... انتهى.
وننبه إلى بعض الأمور:
الأول: أن الغضبان مكلف، إلا إذا وصل به الغضب إلى حد لا يعي فيه ما يقول، وراجع الفتوى: 337432. وينبغي الحذر من الغضب، فله آثاره السيئة في الغالب.
الثاني: الحرص على حسن العشرة بين الزوجين، وأن تسود بينهما الألفة والمودة، وأن يحرصا على كل ما يكون سببا لاستقرار الأسرة.
والله أعلم.