عنوان الفتوى : التحذير من ترك إنكار المنكر حال تعينه
لدي جارات أكبر مني سنا، وهن يشاهدن بعض المسلسلات التي فيها بعض النواهي شرعية، مثل: المغازلات بين الرجال، والنساء، والأغاني، وغيرها، فأنا أريد نصحهن، ولكنني أتردد في ذلك، مع أنني أبغض فعلي هذا، وفي كل مرة آتيهن أريد أن أفعل، لكنني أتردد خوفا من أن تحدث مشكلة أكبر.. فأصبحت أخلو في غرفة مجاورة لهن عندما يفتحن الأغاني، وهذا ربما ل5 دقائق فقط، لأنهن سوف ينادينني، وأصبحت الآن أتحايل مع نفسي قليلاً، فبدل أن أقول لهن أغلقن الأغاني أصبحت آمرهن بخفض الصوت... فماذا أفعل؟ وهل تصرفي صحيح؟ أريد أن تعطوني بعض ما ورد عن ترك النهي عن المنكر، ترهيبا لي، فربما أتعظ.
وبارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يستعملك في طاعته، وأن يوفقك لمرضاته، ثم اعلمي ـ بارك الله فيك ـ أن النهي عن المنكر، فرض كفاية، وقد يتعين على الشخص في بعض الأحوال، وانظري في هذا الفتويين: 180123، 124424.
وترك إنكار المنكر حال تعينه، محرم، وفيه وعيد شديد، ففي مسند الإمام أحمد، وصحيح ابن حبان، عن قيس بن أبي حازم، قال: قام أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم {المائدة: 105} وإنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه، أوشك أن يعمهم الله بعقابه.
وفي مسند الإمام أحمد، وسنن ابن ماجه، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحقرن أحدكم نفسه، إذا رأى أمرا لله عليه فيه مقالا، فلا يقول به، فيلقى الله، وقد أضاع ذلك، فيقول: ما منعك؟ فيقول: خشيت الناس، فيقول: أنا كنت أحق أن تخشى. وحسنه ابن حجر في الأمالي المطلقة، وصحح إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة.
وقد عد بعض العلماء ترك إنكار المنكر من كبائر الذنوب، وانظري الفتويين: 350050، 28638.
ومجرد أمرهن بخفض الصوت لا يكفي، بل ينبغي نهيهن عن مشاهدة تلك المسلسلات، وأن تبيني لهن حرمتها شرعا حسب استطاعتك، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه، مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
وانظري الفتويين: 1791، 282082.
والخجل المانع من النهي عن المنكر، ضعف، وخور، مذموم شرعا، وليس من الحياء المحمود، وراجعي في علاجه الفتويين: 433114، 188687.
والله أعلم.