عنوان الفتوى : لا تأذن المرأة لأحد في دخول بيت الزوج إلا بإذنه
طردني زوجي من بيتي في منتصف الليل بعد أن أنكر قبولي لاستضافة ابن أختي. علما بأني أخبرته بمغادرته بعد صلاة الفجر فقط سيبقى أربع ساعات. لكنه تجبر عليَّ، وبصق بوجهي، وهددني بالطلاق، ثم أجبرني على المغادرة بثياب المنزل عند منتصف الليل، وأنا في بلد غريب، وبيت أخي يبعد عني ساعتين ونصف، ولا أملك مالا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلم يتضمن ما أوردت سؤالا معينا. وتعليقا عليه نقول: إن أصل هذه القصة هو استضافتك ابن أختك في البيت، فإن كنت تعلمين كراهة زوجك لذلك، لم يكن لك استضافته بغير إذنه، وهو -أي ابن أختك- وإن كان من محارمك، إلا أن الحكم يشمله، ثبت في صحيح مسلم في حديث جابر -رضي الله عنه- الطويل في خطبة حجة الوداع، حيث جاء فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: وهذا حكم المسألة عند الفقهاء أنها لا يحل لها أن تأذن لرجل، أو امرأة، ولا محرم، ولا غيره في دخول منزل الزوج، إلا من علمت، أو ظنت أن الزوج لا يكرهه؛ لأن الأصل تحريم دخول منزل الإنسان حتى يوجد الإذن في ذلك منه، أو ممن أذن له في الإذن في ذلك، أو عرف رضاه باطراد العرف بذلك، ونحوه... اهـ.
وإن أخطأت الزوجة من هذه الجهة، فإن هذا لا يسوغ للزوج أن يقوم بأفعال فيها أذية لزوجته، وتعريض لها للخطر، وفيها أيضا نوع من سوء العشرة. والشرع إنما أمر بحسن العشرة، كما قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}.
قال الجصاص في أحكام القرآن عند تفسير هذه الآية: أمر للأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف، ومن المعروف أن يوفيها حقها من المهر، والنفقة، والقسم، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراض عنها، والميل إلى غيرها، وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب، وما جرى مجرى ذلك، وهو نظير قوله تعالى: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. اهـ.
ونوصي بتدخل العقلاء للإصلاح بينك وبين زوجك. وينبغي أن يكون بينكما تفاهم على أسس تعين على استقرار حياتكما الزوجية كالاحترام المتبادل، وانتهاج مبدأ التفاهم والحوار، والعفو عن الزلات والتغاضي عن الهفوات، والاعتذار عن الخطأ، وقبول الطرف الآخر للاعتذار.
والله أعلم.